الفيزياء

علم الحركة “الديناميكا”

1995 العلوم والمعارف الهندسية

جلال شوقي

KFAS

علم الحركة الديناميكا الفيزياء

فهم علماء العرب والمسلمين "الحركة" بمعنى شمولي هو "تبدُّل حال الذات"، بيد أننا سنقصر دراستنا هنا على حركة الانتقال من موضع إلى آخر.

ومن ثم فقد عرض العرب والمسلمون بالتفصيل لعناصر الحركة وأنواعها من انتقالية ووضعية وطبيعية وقسرية، ويمكننا أن نوجز إسهامات علمائنا في هذا المجال على النحو الآتي:

1- تحليل سرعة الجسم المصادم إلى "قسطين"، أي إلى مركبتين، وقد ورد ذلك في معرض شرح الحسن بن الهيثم لسلوك الجسم الساقط على سطح مستو وارتداده عنه.

2- وضع قوانين تصادم الأجسام الصلبة.

3- تعيين صلابة الجسم بقياس مسافة الارتداد لكرة صغيرة معدنية ملساء عن سطح مستو للجسم وتقابل هذه الطريقة مقياس شور (Shore Scleroscope) في عصرنا الحالي، ويرجع الفضل في ابتداع هذه الطريقة للحسن بن الهيثم .

 

4- الوقوف على معنى كمي في المتحرك يتوقف على سرعة حركته، وعلى كمية ما به من مادة، ويعزى هذا المفهوم للحسن بن الهيثم الذي أسماه "بقوة الحركة"، كذا "باعتماد الحركة".

5- سَبْق الشيخ الرئيس ابن سينا إلى ما نعرفه اليوم بالقانون الأول للحركة، وذلك في كتابه "الإشارات والتنبيهات"

6- وقوف هبة الله بن ملْكا البغدادي (54/480 – 47/560 هـــ) = (62/1087-52/1165م) على معنى تناسب القوة مع تسارع الحركة، أو بتعبيرنا المعاصر مع معدل تغير السرعة بالنسبة للزمن إذ يقول ابن ملكا في كتابه "المعتبر في الحكمة": "وكل حركة ففي وكان لا محالة، فالقوة الأشدية تحرك أسرع، وفي زمان أقصر.

فكلما اشتدت القوة ازدادت السرعة، فقصر الزمان، فإذا لمتتناه الشدة لم تتناه السرعة، وفي ذلك أن تصير الحركة في غير زمان أشد، لأن سلب الزمان في السرعة نهاية ما للشدة".

لو كان ابن ملكا قال : "سلب الزمان في المسافة" لظنناه يقصد السرعة (معدل تغير المسافة المقطوعة بالنسبة للزمن) بيد أنه قصد معنى آخر هو "سلب الزمان ف السرعة"، أي "معدل تغير السرعة بالنسبة للزمن"، وهو ما نسميه اليوم "التسارع".

وعلى ذلك يمكننا القول بأن ابن ملكا البغدادي قد توصل إلى مفهوم القانون الثاني للحركة وإن لم يضع الصيغة الرياضية التي تعبر عنه.

 

7- ورد القانون الثالث للحركة – وهو القائل بأن لكل فعل ردَّ فعل مساو له في المقدار ومعاكس له في التأثير – وذلك في كتابات كل من ابن ملكا البغدادي في كتابه "المعتبر في الحكمة"، والإمام فخر الدين الرازي (544-606هـــ) = (1150-9/1210م)  في كتابه "المباحث المشرقية في علم الآلهيات والطبيعيات".

8- دراسة التساقط الحر للأجسام "تحت تأثير جاذبية الأرض"، وتقرير أن الأجسام الساقطة تسلك أقصر طريق، وأن سرعة سقوطها لا تعتمد على كتلتها، فلولا مقاومة الهواء لتساقطت الأجسام المختلفة بنفس السرعة.

 

9- دراسة معاوقات الحركة الطبيعية منها والقسرية، ومنها مقاومة الهواء وشكل الجسم المتحرك، وفي هذا المعنى يقول ابن ملكا البغدادي في كتابه "المعتبر في الحكمة": "وأيضاً لو تحركت الأجسام في الخلاء لتساوت حركة الثقيل والخفيف، والكبير والصغير، والمخروط المتحرك على رأسه الحاد، والمخروط المتحرك على قاعدته الواسعة، في السرعة والبطء، لأنها إنما تختلف في الملاء بهذه الأشياء بسهولة خرقها لما تخرقه من المقاوم المخروق كالماء والهواء وغيره.

فإن المخروط المتحرك على رأسه يخرق أسهل من المتحرك على قاعدته.."

 

10- استحالة الحركة الدائمة، يحث يقرر الشيخ الرئيس ابن سينا في كتابه "الإشارات والتنبيهات" : "لا يجوز أن يكون في جسم من الأجسام قوة طبيعية تحرك ذلك الجسم بلا نهاية".

هذا هو بعض جهد علماء العرب والمسلمين في علمي السكون والحركة (الميكانيكا)، يتضح منه السبق الواضح إلى أساسيات هذين العلمين، ولقد آن الأوان لكي تُصحَّح نسبة مفاهيم وقوانيك ثيرة إلى علماء الحضارة الإسلامية.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى