الرياضيات والهندسة

عامية المهندسين وبلاغتهم

2014 أبجدية مهندس

هنري بيتروسكي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الرياضيات والهندسة الهندسة

عامية المهندسين وبلاغتهم (Slang And Euphemisms Of Engineers). للمهندسين، مثلهم مثل الكثير من الجماعات، لغتهم الدارجة وكلماتهم الخاصة. ومن بين التعبيرات الدارجة التي رددت مرة ولا تزال تردد على الأرجح، وخاصة في كليات المهندسين، نجد:

مصفوف تفي (Diffy Cue). وهو تعبير عامي دارج للدلالة على المعادلات التفاضلية العامة، وهي مادة رياضية متقدمة يدرسها طلاب الهندسة تُهجّى بأشكال مختلفة. وقد يعود اللفظ على الأرجح إلى الحروف المفردة للكلمة الثانية من الاختصار التقليدي لاسم المادة (Diff. Eq.).

إي المضاعفة (Double E). وهو اختصار لهندسة الكهرباء أو لمهندس الكهرباء(Electrical Engineering) (EE) التي تلفظ عادة "دبل إي". وهناك اختصارات لفروع أخرى من الهندسة مثل (M.E.) للإشارة إلى الهندسة الميكانيكية (Mechanical Engineering)، إلا إذا كان الالتباس ممكنناً. وهكذا فإن الاختصار C.E. للدلالة على الهندسة المدنية (Civil Engineering)، وهو اختصار استعمل لفترة طويلة للإشارة إلى كل هندسة غير عسكرية. ولكن الميدان الجديد لاختصاص الهندسة الكيميائية لم يستعمل الاختصار نفسه ولكنه استخدم Chem.E. أو Ch.E.، والأخير يلفظ بحروفه الثلاثة المقطعة. ولكن أحداً من اختصاصي هندسة الطيران أو الهندسة المعمارية لم يكن لديه ادعاء سابق لاختصار أبسط، لذا اضطر كل منهما لتوسيع مختصره ليكونا على التوالي: Aero.E. وArch.E..

يشار إلى المعهد البريطاني لمهندسي الكهرباء والإلكترونيات (Institution of Electrical Engineers) بالمختصر IEE الذي يلفظ "آي دبل إي"؛ أما المعهد الأميركي لمهندسي الكهرباء والإلكترونيات(Institute of Electrical and Electronics Engineers)، الذي قال عن نفسه إنه "أكبر جمعية مهنية في العالم لتطوير التكنولوجيا" فيشار إليه بالمختصر IEEE الذي يلفظ عالمياً على النحو: "آي تربل إي".

بيت المحرك (Engine House). كان هذا يوماً اسماً مستعاراً غير شائع لمبنى الهندسة في حرم كلية أو جامعة. وقد تكون أصول هذا التعبير في الواقع مستقاة من أن أبنية الهندسة الأولى في الحرم الجامعي كانت فعلاً تضم أنواعاً من المحركات التي يدرسها الطلاب ويجرون عليها التجارب. وقد أمضيت الكثير من وقتي في الكلية في بيت المحرك – وهو مرآب تحول إلى بيت محرك حيث كانت الصفوف مجاورة لمختبر مفتوح ممتلئ بالآلات ومضخات ومحركات مختلفة الأنواع التي يمكن إجراء القياسات عليها.

حلقة بحث التخمّر (Fermentation Seminar). هذا التعبير المجازي اللطيف هو للارتخاء والاستراحة في بعد ظهيرة يوم الجمعة مع بعض الجعة بين الأصدقاء والزملاء، وهو ما أصبح شعبياً بين مهندسي البيئة، الذين يعرفون عملية التخمّر لا في معالجة النفايات فقط ولكن في صنع النبيذ وتخمير الجعة.

علبة ضبط السرعة (Gearhead). وهي كلمة عامية للإشارة إلى طالب الهندسة، ولهذه الكلمة ارتباطات إسقاطية بينة عن طريقة تفكير المهندسين.

تولي (Toolie). وهي كلمة دارجة في معهد ماسّاتشوستس للتكنولوجيا، استخدمت في ثمانينات القرن الماضي، مشتقة من فعل Tool بمعنى "يصنع باستخدام أداة"، وتفيد بمعنى الدراسة بجد، وشيء ما "يستخدم الأداة" هي لمن اعتاد وألِف الفعل. وهذه المصطلحات كانت تُضخّم في بعض الأحيان لتصبح "أداة قوة" أو تصغّر لتصبح "تولي". وبين طلاب بعض معاهد التعلم العالي، كلمة "تولي" يمكن أن تعني مهندساً أو علمياً، كمعاكس لمحور دراسة رئيسي في الفنون الحرة، الذي يُطلق عليه العبارة الدارجة "الفنوني المهنوني" (Artsy Craftsie). (كان التعبير الدارج في جامعة كارنجي – ملون في ثمانينات القرن الماضي يفصل الطلاب في فئات خاطئة سياسياً اليوم بين "الخضار" و"الفاكهة"). وعلى الطلاب "التولي" أن يتبعوا دروس في "مدارس الأدوات" بالطبع. يمكن العودة إلى كتاب ستيفن كلاركToolies: The Official :(Stephen Clark) Hand­book of Engineers and Applied Scientists, or Fun, Wealth, and Artsy-Craftsies: What They Are and How to Avoid Them (Norfolk, Va.: Donning, ca. 1988) حيث تقدّم نظرة دعابة عن التوليين. وللمزيد عن تعابير معهد ماسّاتشوستس للتكنولوجيا العامية يمكن العودة كتابPepper White, The Idea factory (New York: Dut­ton, 1991), p. 289.

المسطرة الانزلاقية الحاسبة (Slide Rule). ويسميها طلاب الهندسة "العصا المنزلقة" عندما كانوا يستخدمونها. طُوّرت هذه المسطرة في عشرينات القرن السابع عشر من قبل وليام أوترد (William Oughtred) (1574-1660)، وهو رياضي إنجليزي وكاهن. وقد بُنيت المسطرة على أساس فكرة جون نابيير في اللوغاريتم (John Napier's Idea of Logarithms)، التي تعود إلى عام 1614، ومنه الاسم المستعار لآلة الحساب عظام نابيير (Napier's bones). ويقوم مبدأ عملها على حقيقة أن الضرب والقسمة لعددين يتحوّلان إلى جمع وطرح للوغاريتم العددين نفسهما. (بعكس الرأي الجاهل، بأنه لا يمكن جمع أو طرح عددين على مسطرة انزلاقية حاسبة). ومع مرور الوقت، ظهرت مساطر انزلاقية حاسبة منها الدائري والاسطواني ونماذج عديدة تحمل تدريجات وسلالم متخصصة ليستخدمها الطلاب والمهندسون الممارسون على حد سواء. والمسطرة الانزلاقية الحاسبة ذات السبعة أقدام كان من الشائع وجودها معلّقة فوق السبورة في الصفوف الهندسية، وكانت تستخدم لتعليم الطلاب على كيفية تشغيلها.

أصبح للمسطرة الانزلاقية تصميم معياري للتدريجات وضعه نحو 1850 طالب فرنسي اسمه فيكتور ماير أميدي مانهايم (Victor Mayer Amédée Mannheim) (1831-1906) والذي أصبح اسمه يشير إلى طراز المسطرة. ومسطرة مانهايم لها تدريجات على جانب واحد، في حين أن المساطر الانزلاقية المزدوجة مدرجة من الوجهين. أما مسطرة ثاكر الحاسبة الانزلاقية الاسطوانية (Thacher Calculating Instrument) فتعود إلى مخترعها إدوار ثاكر (Edward Thacher) (1839-1922)، "وهو مهندس مدني أميركي كان من أنصار المسطرة الانزلاقية الحاسبة المتحمسين في الولايات المتحدة في فترة بداية دخولها إلى أميركا في القرن التاسع عشر". وصنّعت المسطرة الانزلاقية الحاسبة من قِبل شركة كوفل وإيسر (Keuffel & Esser Co.) التي عرضتها على أنها "أداة ثاكر للحساب". وتعود المسطرة الأسطوانية ذات الثماني عشرة بوصة طولاً والأربع بوصات قطراً إلى بداية ثمانينات القرن التاسع عشر، عندما استصدر ثاكر براءة اختراع لها وبقيت تباع في الأسواق حتى منتصف القرن العشرين. انظر:Wayne E. Feely, "Thacher Cylindrical Slide Rules," The Chronicle of the Early American Industries Association, December 1997, pp. 125-127.

كانت شركة كوفل وإيسر (K&E)، الكائنة في مدينة هوبوكن (Hoboken) في ولاية نيوجرسي، لسنوات عدة المصنّع الرائد والمستورد لمواد الرسم وأدوات المسح وأشرطة القياس وكانت أوّل مصنّع للمساطر الانزلاقية الحاسبة تجارياً في الولايات المتحدة. وحتى انتشار آلة الجيب الحاسبة الإلكترونية واعتمادها الواسع في سبعينات القرن الماضي، كانت شركة كوفل وإيسر معروفة لدى معظم المهندسين بأنها صانعة المساطر الانزلاقية الحاسبة الممتازة، مع تدريجات خاصة للاستخدام في ميادين خاصة من الهندسة. وأكثر النماذج الشعبية والأكثر انتشاراً لربما، كان النموذج المتعدّد الاستعمالات المسمّى لوغ لوغ دوبلكس ديسيترغ(Log Log Duplex Decitrig). وفي الخمسينات والستينات كانت هذه المسطرة رفيقة طالب الهندسة المألوفة، وغالباً ما كانت تُحمل في علبة جلدية مصبوغة ذات حواف برتقالية اللون ترتبط بحزام صاحبها. كان لمسطرتي الانزلاقية الحاسبة المصنوعة في الشركة السابقة (رقم طرازها 4081) تدريجات محفورة على الجانبين، وكان فيها تدريجات مثلثاتية مدرجة بالدرجات وعُشر الدرجة، ومنه جاءت كلمة ديسيترغ (Decitrig). كان ثمنها نحو عشرين دولاراً في الستينات، وكانت هذه المسطرة تمثّل استثماراً مالياً كبيراً بالنسبة للعديد من الطلاب الذن يشقون طريقهم في الكلية.

المسطرة الحاسبة الثانية في الشهرة لدى طلاب الهندسة كانت مسطرة فيرسالوغ (Versalog) التي كانت تصنعها شركة فريدريك بوست (Fredric Post). كانت هذه المسطرة مصنوعة من البامبو الذي "اختير لقدرته على مقاومة التقلص والتمدد بتأثير الظروف الجوية"، وهذا ما يزيد من مرونة حركة جزء المسطرة المتحرك. وبحسب إحدى أدلة الاستخدام فإن لـ "البامبو زيوتاً طبيعة لا يُشعر بها عند اللمس تقوم بتزييت دائم للسطوح الحاملة وتسمح بسلاسة الاستخدام غير المتوفرة في أي مادة خشبية أخرى، وهذا إيحاء موجّه للمساطر الانزلاقية الحاسبة التي تصنعها الشركة المنافسة K&E التي تستخدم خشب الماهوغاني (Mahogany) ذات الوجه السِيلُّولْويدي (Celluloid-Faced)، ومسطرة شركة بيكت (Pickett) ذات الجسد المصنوع من الألمنيوم. ومع أن مسطرة الفيرسالوغ ذات الثلاثة والعشرين تدريجاً وعلبتها البنية القاتمة لم تكن بشعبية مسطرة لوغ لوغ دوبلكس ديسيترغ، ولكن كان لها مستخدميها المخلصين، وكذلك كان الأمر بالنسبة للمساطر التي صنعتها شركة أوجين دايتزغن (Eugen Dietzgen) التي كانت مألوفة لدى المهندسين باعتبارها مصنّعة للمساطر الانزلاقية الحاسبة، ولورق الرسم البيني، والتي كانت مساطرها تشبه مساطر شركة كوفل وإيسر، ومساطر شركة بيكت المصنوعة من الألمنيوم كانت متميزة أيضاً بتدريجاتها المحفورة على خلفية صفراء مريحة للنظر.

ارتبطت المسطرة الانزلاقية الحاسبة، وخاصة تلك التي لها عشر بوصات من الطول والموضوعة في علبة جلدية تتدلّى من حزام صاحبها، بطالب الهندسة التي أصبحت واحدة من صوره ولا يمكن تخيل مهندس من دون مسطرته الانزلاقية الحاسبة. أما المساطر الأصغر التي كانت بطول ست بوصات فكانت تُحمل في جيب السترة أو القميص مع الأقلام وأقلام الرصاص غالباً في جيبٍ بلاستيكي واقٍ. ومن بين العلامات الأخرى الخاصة بالمهندسين هناك المسطرة الحاسبة الصغرية التي اشتهرت كمشبك لربطة العنق في خمسينات القرن الماضي. وكان من الممكن رؤية بعض المهندسين الأكبر سناً يتقلدون مثل هذه الممتلكات الشخصية في نهاية القرن العشرين. وفي مطلع سبعينيات القرن الماضي، ومع دخول الحاسبات الإلكترونية، التي سمُيت في بدايتها الأولى بالمسطرة الانزلاقية الحاسبة الإلكترونية، أصبحت المسطرة الحاسبة بسرعة شيئاً متخلفاً. وفي حدود عام 1975 أصبحت المساطر الحاسبة اليدوية غير موجودة فعلياً؛ ولكن الكثير من كبار المهندسين سناً استمروا في الإبقاء على مساطرهم الحاسبة في أدراج مكاتبهم. وفي النهاية فقد أصبحت المسطرة الانزلاقية الحاسبة مصنوعاً قديماً غامضاً لا يعرف طريقة تشغيلها المهندسون الشبان الذين عايشوا الآلات الحاسبة الإلكترونية.

تظهر المساطر الانزلاقية الحاسبة على شعارات جمعيات الهندسة مثل المعهد البريطاني للمهندسين الميكانيكيين ومعهد المهندسين في ماليزيا. وتظهر رسوم متحركة جو مينر (Joe Miner)، الذي يُعتبر تعويذة جامعة ميسوري للعلوم والتكنولوجيا، يحمل معولاً ومسدساً ومسطرة انزلاقية حاسبة على كتفه. كما عنون المهندس الكاتب نيفل شوت (Nevil Shute) سيرته الذاتيةSlide-Rule: The Autobiography of an Engineer (New York: Morrow, 1954) . أما جمعية أوترد، التي يعود تاريخ إقامتها لعام 1991، فهي منظمة من الأفراد المهتمين في جمع المساطر الانزلاقية الحاسبة، وتهدف إلى الحفاظ على تاريخ ذلك الجهاز.

كانت المسطرة الانزلاقية الحاسبة يوماً صورة أيقونية للهندسة التي غالباً ما استخدمت كلما أو حيثما رغب شخص ما في ذكر المهنة. وقد عرفت قاعة غلن ل. مارتن (Glenn L. Martin) ، وهي إحدى أبنية الهندسة في الحرم الجامعي لجامعة ماريلاند (University of Maryland) باسم المسطرة الانزلاقية الحاسبة، وذلك بسبب مبناها المنخفض والطويل الذي يشبه المسطرة الحاسبة، حتى في التناسب الإسقاطي الذي يوحي بالمنزلقات. وتم إنشاء هذا البناء بهبة قدّمها رائد الطيران غلن مارتن (1886-1955)، الذي أسس شركة الطائرات التي تحمل اسمه والتي كان مقر رئاستها في بالتيمور (Baltimore) القريبة. وقيل إن مارتن أراد صورة المسطرة الانزلاقية الحاسبة للتأثير في عمارة مجمّع أبنية الهندسة والعلوم التي بُنيت بتمويل منه. وإذا كان هذا صحيحاً، فإن شركة سكيدمور (Skidmore) وأوينغس (Owings) وميريل (Merrill) للعمارة والهندسة لبّت بالتأكيد رغباته في تصميم هيكل جرى في منتصف القرن العشرين.

 

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى