علم الفلك

ظاهرة نودان القمر : تعريفها وأنواعها وأهميتها

2013 دليل مراقب القمر

بيتر غريغو

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علم الفلك

يحافظ القمر أثناء دورانه حول الأرض على نفس الوجه – الجانب القريب – المتجه نحونا. وبسبب ظاهرة تعرف بـنودان القمر – وهي حركة اهتزاز ظاهرية إلى الأمام والخلف لكرة القمر التي تبدو أبطأ بكثير من أن تلاحظ في نفس الوقت خلال جلسة المراقبة – والتي تعني أنه يمكن من الناحية النظرية مشاهدة 59% من سطح القمر إجمالاً من الأرض من وقت لآخر

وتشكل النسبة المتبقية 41% الجانب البعيد الدائم من القمر، المحجوب دائما عن المراقب الأرضي. وتُعرف المناطق المحاذية لخطوط الطول90° شرقاً و90° غرباً بمناطق نودان القمر، والأشكال التي تحتل هذه المناطق تنود غالباً بعد حافة قرص القمر، مما يجعل مراقبتها من الأرض غير ممكنة.

هناك نوعان مختلفان أصلاً من النودان – بصري وحركي/ مادي. يشكل النودان البصري عموماً الاختلاف الأكبر لما يمكن مشاهدته، وينجم عن العرض الدائم التغير لوجه القمر بالنسبة للمراقب الأرضي، إلى جانب الموقع الذي يشاهد فيه القمر من الأرض.

والنودان الحركي هو تمايل القمر حول مركز جاذبيته الخاص به، وهوحركة نوسان صغيرة للغاية. والأثر الأكثر وضوحاً للنودان البصري هو على الموقع الظاهري للأشكال القريبة من حواف قرص القمر. وهناك ثلاثة أنواع: النودان الطولي، النودان العرضي والنودان اليومي (النهاري).

النودان الطولي هو نتيجة لسرعة القمر الزاويّة المتغيرة مع حركته على المدار الإهليلجي حول الأرض، ولكن يحافظ على معدل ثابت من الدروان على محوره الخاص. وعندما يكون معدل دوران القمر حول محوره وتقدمه على المدار حول الأرض «خارج الطور»، يستطيع المراقبون رؤية مسافات أبعد حول حافة قرص القمر الشرقية أو الغربية.

إذا كانت الإضاءة صحيحية سينتهز المراقبون بالتليسكوب فرصة تسجيل ظهور أشكال يقع بصرهم عليها بنتيجة ذلك. في كل شهر لا قياسي (وهو الشهر القمري الذي يقاس من الحضيض إلى الحضيض)، يكون النودان الطولي في حافة قرص القمر الشرقية، يتبعها نودان مفضل لحافة قرص القمر الغربية بعد 14 ليلة، مما يسبب إزاحة مركز قرص القمر بمقدار + ‘ 54 7غرباً وشرقاً على التوالي.

النوع التالي من النودان ينشأ لأن محور دوران القمر ليس متعامداً مع مستوي مداره حول الأرض: يميل قطبان القمر قليلاً فعلياً. وهذا يمكن المراقب في كل شهر لا قياسي أن يرى أبعد قليلاً فوق حافة قرص القمر الشمالية، وأن يرى بعد 14 ليلة أبعد قليلاً تحت حافة قرص القمر الجنوبية. يسبب النودان العرضي، كما تسمى هذه الظاهرة، إزاحة المركز الوسطي لقرص القمر إلى الشمال، ومن ثم إزاحته إلى الجنوب بعد 14 ليلة،بمقدار+ ‘ 51 6o.

إضافة إلى النودان الطولي والعرضي، تتغير نظرة المراقب للقمر لأن الأرض نفسها تدور، حاملة المراقب معها على مدى ليلة كاملة. ويعتمد مقدار ما يسمى بالنودان «اليومي» على الموقع الأرضي للمراقب على الكرة الأرضية؛ ويمكن مراقبة القدر الأكبر من النودان اليومي من المناطق الاستوائية حيث يمكن رؤية المزيد من حافة قرص القمر الشرقية أو الغربية عند شروق القمر وغروبه (حوالي درجة واحدة إضافية على كل جانب).

تجتمع الأسباب الثلاثة للنودان البصري لتسبب نشوء منطقة نودان، تتألف من 18% من مساحة سطح القمر. يتحرك الجزء المرئي من هذه المنطقة باتجاه عقارب الساعة حول حافة قرصه مرة كل شهر، رغم أن المناطق الدقيقة التي يقع النظر عليها تختلف من إقمار إلى آخر.

جميع الأشكال ضمن منطقة نودان القمر تظهر في نهاية المطاف بمرور الوقت على حافة قرص القمر. ويظهر جزء ضيق من منطقة النودان على شكل الهلال لجهة الأرض في غالبية الأوقات، رغم أن هذه المنطقة لا تُرى دائماً لأنها قد تقع في الظلومن الغريب التفكير أن القمر «الوسطي» – وهو قمر يكون له خط الطول 90° متوضعاً تماماً حول حافة قرص القمر المرئية، كما هو مصور على معظم الخرائط القمرية والأطالس – هو نادراً ما نراه.

يأخذ مراقبو القمر النودانات البصرية بعين الاعتبار لأنها تحدد قابلية الرؤية العملية للأشكال الواقعة قرب حافة قرص القمرإن التقصير الزائد عن اللزوم للأشكال الواقعة قرب حافة قرص القمر تمنع المراقبة المفيدة. فليس جيداً مثلاً التخطيط مسبقاً لمراقبة القمر الشرقي، الذي يقع بعد مسافة كبيرة عن خط العرض 90° قرب حافة القمر الجنوبية الغربية، دون معرفة ما إذا كان النوذان سيظهره أم لا.

وبالمثل من الأفضل التخطيط لمراقبة الأشكال الواقعة عند حافة الجانب القريب من القمر عندما تظهر بشكل مفضل. وهناك منطق ضعيف مثلاً في محاولة مراقبة أرضية (قاع) الحفرة البركانية غاوس المنبسطة ذات الجدران، والتي تقع قرب حافة قرص القمر الشمالي الشرقي من الجانب القريب عندما يكون هناك نودان قوي في جانب حافة قرص القمر الجنوبية الغربية.

 

غالباً يُظهر النودان تلك الأماكن في المناطق القطبية الشمالية والجنوبية التي تحتوي الترسبات الجليدية التي اكتشفها مسبار القمر بروسبكتور في عام 1998. وانتهزت فرصة مشاهدة منطقة القطر الشمالي للقمر التي ظهرت بشكل جميل للناظرين مباشرة بعد بضع ساعات على إعلان وكالة الفضاء الأمريكية ناسا لهذا الاكتشاف المذهل.

ورغم عدم إمكانية مشاهدة الوجوه الداخلية لهذه الفوهات البركانية مباشرة – حيث تكون الأرض الجليدية في الظل بشكل دائم – يمكن بسهولة مشاهدة الحواف المستطيلة للعديد من الفوهات البركانية القطبية التي تحتوي ترسبات جليدية أثناء النودان الجيد.

لا تتأثر الأشكال القريبة من مركز قرص القمر كثيراً بالتغير في الشكل الظاهري ولكن تتأثر بقربها إلى خط الفصل على القمر، وكذلك أوقات ظهورها الفردية من ليلة القمر ودخولها فيها. تحتوي تقويمات فلكية عديدة جداول لحساب النودانوالعديد من البرامج الفلكية الجيدة المتوفرة على الحواسيب الشخصية قادرة على عرض النودان والأطوار القمرية بشكل رسومات بيانية باقتطاع العمليات الرياضية المعنية التي تستغرق وقت في حساب ورسم خط فصل «فردي».

إن الآثار المشتركة للنودان في كافة أشكاله لها مضامين عميقة بالنسبة لمراقب القمر بالتليسكوب. فعند مشاهدتها من سطح القمر، تظهر الأرض معلقة بشكل سرمدي في نفس المنطقة من السماء، وتنتقل ببطء حول هذا الجزء من السماء استجابة لنودانات القمرتخيل المشهد في منتصف القرن التالي – مئات هوائيات (انتينات) الأطباق الصغيرة عبر سطح القمر في الجانب القريب، جميعها تقوم بنودانات متزامنة قصيرة خاصة بها لتحافظ على توافقها مع الأرض.

 

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى