البيئة

ظاهرة “الهجرة” وتأثيرها على البيئة والعوامل المساهمة على تفاقمها في العديد من الدول

2007 في الثقافة والتنوير البيئي

الدكتور ضياءالدين محمد مطاوع

KFAS

ظاهرة الهجرة البيئة علوم الأرض والجيولوجيا

إن المدن المكتظة بالسكانج خصوصا في الدول الأقل تطورا، وانتشار المناطق العشوائية السكنية على حدود المدن الكبرى تعد من الظواهر الشائعة في العالم الثالث، إلى جانب هذا فإن التجمعات الريفية في دول العالم الثالث تعاني من مشاكل كثيرة هي الأخرى. 

ولقد اثبتت الدراسات أن (600) مليون من سكان المدن تقريبا، وأكثر من بليون من سكان الريف في العالم الثالث يعيشون تحت ظروف تهدد حياتهم وصحتهم بالخطر.  لافتقار مساكنهم إلى مياه الشرب النقية، والصرف الصحي المناسب، مما ينعكس أثره على صحة الإنسان. 

كما تُعد المدن الكبرى بؤرة مشاكل داخل المحيط الحيوي، نتيجة استهلاكها كميات ضخمة من الطاقة والمواد التي يتخلف عنها كل أنواع المخلفات سواء كانت سائلة أو صلبة.

فالمدن الكبرى المكتظة بالسكان وبمختلف الأنشطة الصناعية ووسائل النقل والمواصلات تشبه البراكين الموقوتة، نظرا لوجود نسبة من الغبار العالق والمنتشر في سمائها، المنبعث من المداخن الكبرى للصناعات المختلفة، ووسوائل النقل. 

 

حيث يمتص هذا الغبار جزءا من أشعة الشمس، وبالتالي قد يلهب جوها,  ونظراً لأن العالم يعاني من ازدياد مطرد في أعداد المدن الكبرى المكتظة بالسكان ومختلف الأنشطة الأخرى، فإن التغيرات المناخية التي تحدث فيها قد تصبح خطرا محدقا يهدد مناخ العالم باسره. 

وتشير نتائج بعض الدراسات التي أجريت على أثر المدن الكبرى على العمليات المختلفة التي تحدث داخل نطاق المحيط الحيوي إلى ضرورة الحذر من دور هذه المدن الكبرى في إحداث التلوث البيئي إلى جانب تاثيرها السلبي على مناخ العالم.

وعلى الرغم من أن تلك المشكلة من أهم عوائق التنمية البيئية، فإنها لم تلق الاهتمام اللازم بعد (حتى يومنا هذا) ولا سيما من قبل المعنيين بالتخطيط البيئي على العرب. 

على الرغم مما لها من تأثيرات في المناخ، تشمل تغيرا في معدلات درجات الحرارة، وأنماط هبوب الرياح، وكذلك معدلات تساقط الأمطار، هذه التغيرات المناخية اثرت سلبا على البيئة بوجه عام، وعلى الإنسان بوجه خاص. 

 

ما أدى إلى ظهور تغيرات ديموغرافية للمناطق المصابة بالجفاف، وما صاحبها من آثار اجتماعية واقتصادية نتيجة هجرة البشر من المناطق المصابة بالجفاف، وما صاحبها من آثار اجتماعية واقتصادية نتيجة هجرة البشر من المناطق المصابة بالجفاف إلى مناطق أخرى.

وتعد الغمامة الآسيوية من أقوى الدلائل على الآثار التلويثية للبيئة الناجمة عن التمدين.  فالمدينة الهندية موباي – بومباي سابقاً – تعد موطناً لأضخم أحياء الصفيح في آسيا، وتعاني من أسوأ نوعية للهوءا على وجه الأرض. 

حيث يفتقد أكثر من نصف سكان المدينة لمياه الجارية أو الكهرباء، وتغص المدينة بدخان ناتج من: مواقد الطبخ البدائية، والدراجات ثلاثية العجلات، والسيارات التي تعمل بالديزل، ومحطات الطاقة الفحمية. 

ولقد اكتشفت تلك الغمامة الضخمة الكثيفة تطفو فوق آسيا معلقة بين (1,5 و 3,5) كيلومتر بين سطح الأرض، تغطي مساحةً تقارب (25) مليون كيلومتر مربع (أي ما يقارب مساحة الولايات المتحدة وأقل بقليل من مساحة ثقب الأوزون في ذروته عام 2000م)، وتظهر هذه الغمامة بشكل منتظم في صور الأقمار الصناعية.

 

إن مصدر الغمامة هو الهواء الملوث من الهند والصين، الناتج عن حرق الخشب والفحم والبترول، حيث يهب سديم كثيف باتجاه البحر خلال فترة الرياح الموسمية شتاءً.  وعندما تم اكتشاف الغمامة للمرة الأولى كان العلماء مذهولين بحجمها، وقلقين من تركيبها.

فهي تحتوي على جزيئات ايرسولية دقيقة تشمل: ضبابا كيميائيا معقدا من السخام، وأكاسيد الكبريت، والنترات، والرماد، وتتواجد بتراكيز هائلة قادرة على حجم بضوء الشمس، مما قد يتسبب بتأثير على المناخ بمقدار يقارب تأثير ثاني أكسيد الكربون. 

إن تنشق هواء مومباي يعادل تدخين (20) سيجارة يومياً.  ويشمل هذا التردي في نوعية الهواء (69) مدينة من أصل (70) مدينة هندية، وذلك وفقاً لما أظهرته دراسة هندية ضبط التلوث المركزية الهندية عام 1997م . 

فمشكلة تلوث الهواء في الهند لا تتوقف على مستوى الشارع أو على مستوى المدينة أو الإقليم أو على المستوى الوطني.

 

لقد وجد الباحثون أن سمك الغمامة الملوثة يبلغ (2) كيلومتر تقريباً، وتؤثر في كل فرد في شبه القارة الهندية على الأرجح، وهي قد تكون بالفعل عاملاً في الوفيات المبكرة لنصف مليون سنوياً من الأمهات والأطفال دون الخامسة في الهند، كما أنها تساهم سنوياً فيما يقارب (700,000) من حالات الوفيات المتصلة بالتلوث في جميع أنحاء العالم، ويمكن أن يصل هذا العدد إلى 8 ملايين بحلول عام 2020م. 

كما تقلل الغمامة من مقدار الطاقة الشمسية الواصلة لسطح الأرض بمقدار 15%.  ويمكن لهذا الأثر أن يقلل غلة الهند من الأرز بنسبة تتراوح بين (5% إلى 10%).

وتزيد الغامة من سوء المشكلات البيئية الحالية مثل: تضخيم أزمة الماء في العالم الثالث.  حيث تحجب ضوء الشمس، مما يسبب نقص معدلات التبخر من سطح المحيط. 

كما أن الغمامة لها أثر مبرد على سطح الأرض، ولكنها في الوقت نفسه تعمل على تسخين طبقات الجو.  وقد يكون لها تاثير في المناخ الإقليمي، قد يبدل بشكل دراماتيكي كامل الدورة المائية لآسيا موقعاً الفوضى في الرياح الموسمية، ومساهماً في نمط من الجفاف والعواصف والأمطار العنيفة فوق آسيا لمدة قد تدوم أكثر من عقد من الزمن، الأمر الذي يكون له أثر في الزراعة. 

 

ويتطلب مواجهة تلك الغمامة وفق حرق الغابات، والتحول إلى وقود أقلتلويثاً، واستخدام تقنيات تنقية الهواء مثل أجهزة غسل الهواء على مداخن مخطات الطاقة.  إنها أمور بسيطة من أجل حل المشكلة ولكن يصعب تطبيقها.

إن التصحر والتحضر يعدان من أهم المشكلات الرئيسة الكامنة خلف هجرة البشر من الماطق الجافة، وينبغي ألا يغيب عن الأذهان أن الهجرة وسيلة تكشف رد فعل السكان تجاه البيئة التي يعيشون فيها، حيث أنهم قد يلجؤون إلى الهجرة إلى منطقة أخرى هربا من بيئتهم المتدهورة، كما أن الهجرة الداخلية يمكن أن تتسبب في وقوع ضغوط على البيئات الريفية الهشة. 

وعند تحليل الآثار المحتمل أن تترتب في البيئة بسبب هجرة السكان، يتركز الاهتمام على الأثر الناشئ عن إزالة الغابات وما يصاحب ذلك من خسائر كبيرة تشمل التنوع البيولوجي، وتجريف التربة والاحترار العالمي. 

ويمكن القول إن أسباب  إزالة الغابات تعود، في عموم العالم، بنسبة (60%) إلى زحف المناطق الزراعية، وبنسبة (20%) إلى عمليات قطع الأشجار، وبنسبة (20%) من استخدام الأسر المعيشية للحطب. 

 

وبتباين تأثير هذه العوامل الثلاثة من منطقة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر، ولكن يظل الدور الذي تلعبه العوامل الديمغرافية في مقدمة تلك العوامل، يليه زحف المناطق الزراعية ثم استخدام الحطب.

ويصعب تحليل الصلات القائمة فيما بين السكان والهجرة والبيئة الريفية، لأن ضغط السكان وتدهور البيئة قد يكونان علة للهجرة من المواطن الأصلية وعواقب لها في المناطق المهاجر إليها. 

فمنذ أن ظهر الإنسان الذي يعيش على الصيد والقطف وهو يلجأ للهجرة من مكان استنزاف طرائده إلى مكان آخر، كآلية للتوفيق بني احتياجاته والموارد التي تناسبها. 

ويمكن وصف العوامل التي تقتلع الإنسان من موطنه بأنها عوامل "طاردة"، وهي تشمل: الكوارث الطبعية، ولتدهور التدريجي للبيئة بسبب أحد الأنشطة التي يزاولها الإنسان مثل الفيضانات الناشئة عن اجتثاث الأحراج، أو تدهور البيئة بسبب سوء استخدام الاراضي.

 

وتحد الكوارث الطبيعية المفاجئة، والتدهور التدريجي للبيئة الناجم عن أنشطة الإنسان من إنتاجية الموارد، ويحد ذلك بدوره من إيرادات السكان الذين يعيشون عليها، مما يحملهم على الهجرة من موطنهم الأصلي. 

بيد أنه يكاد لا يوجد دليل ملموس على أثر العوامل البيئية في الهجرة، إذ لا توجد اي بيانات تميز العوامل البيئية عن غيرها من العوامل الاقتصادية التي قد تسبب الهجرة. 

ومع ذلك، يظل هناك اهتمام متزايد بالهجرة الناشئة عن العوامل البيئية، ولا سيما من ناحية تأثيرها على أولئك الذين يسمون باللاجئين لأسباب بيئية، أي المهاجرون الذين ترغمهم ظروف بيئية على البحث عن ملجأ مؤقت في بلد آخر الذي يكون في الغالب لدا مجاورا يئوي "المشردين" الذين أرغمتهم الكوارث الطبيعية على الهجرة إلى مكان آخر داخل البلد نفسه. 

ولكنه لم يتسن إثبات الدور الصحيح لتلك العوامل في نشوء حركات الهجرة المذكورة، لأنها حركات ساهمت في نشوئها أيضا صراعات سياسية أو اقتصادية أو أهلية أو دينية أو عرقية.

 

وفي البلدان المتقدمة النمو، يؤدي تدهور البيئة في أغلب الحالات إلى الهجرة من المناطق الريفية.  وتتسبب التغييرات البيئية نتيجة ممارسات البشرية الجائرة في حدوث كوارث طبيعية. 

ومن أمثلة ذلك تغير المناخ الذي يترتب عليه تدني نسبة هطول الأمطار الضرورية للزراعة، ما يزيد من نشوء موجة الهجرة من السهول الكبرى في الولايات المتحدة التي شهدتها المنطقة في الثلاثينيات في حقبة "العواصف الترابية". 

وباستثناء آثار لفتها حوادث نووية وصناعية، والنفايات السامة والنفايات الصلبة، وحالات خطيرة ناجمة عن تلوث الهواء أو الماء، فإن ممارسات الإنسان هي التي تؤدي غالبا إلى تدهور البيئة تدهورا خطيرا.

 

 ومن الأمثلة الصارخة على ذلك، نضوب مياه بحر الاورال الداخلي المترامي الأطراف الموجود في آسيا الوسطى إلى النصف، بسبب الإفراط في سحب المياه لري حقول القطن مما تسبب في هجرة السكان إلى مناطق أخرى.

ولما كانت الهجرة الوافدة تزيد الكثافة السكانية في المناطق المهاجر إليها، فإنها تؤدي إلى الإضرار بالبيئة.  وعلى نحو ما تقوله نظريات مالتوس وبوسوروب وغيرهما، فإن إمكانات إيجاد حيز مكاني في المناطق المهاجر إليها تحكمها الكثافة السكانية في تلك المناطق. 

والسؤال المهم هنا هو، هل للفقراء دور خاص في الإضرار بالبيئة؟ والحقيقة أن الفقراء عادة ما يعيشون في أراض هامشية "ضعيفة القدرات" مما يقوي احتمالات تدهورها عند استخدامها.  كما يرغم الفقراء على الهجرة إلى مناطق هامشية اخرى، حيث تتكرر عملية التدهور مجددا. 

 

وبهذه العملية، يساهم المهاجرون الفقراء في إزالة الاحراج، ولكن الأسباب الأصلية تعود إلى عدم حصولهم على أراض في مواطنهم.  غير أنه، فيما يتعلق بإجمالي مساحة الأراضي المنتزعة من الغابات، يظل اصحاب الحيازات الزراعية التجارية الكبيرة هم المسؤولون عن الجانب الأعظم من إزالة الأحراش، إذ أنهم ينتزعون مساحات من الغابات لتحويلها إلى مراعي لمجابهة طلبات الاستهلاك العالمي.

وقد ركزت مجموعة من البحوث المتعلقة بآثار الهجرة على البيئة الريفية في البلدان النامية على المستوطنين المهاجرين، ودورهم في تقليص مساحة الغابات. 

ويتسبب هؤلاء المستوطنون مباشرة في إزالة الغابات، رغم أن العامل غير الديموغرافي كان في الغالب العامل الضمني الرئيس الدافع إلى ذلك.  فقد خسرت البرازيل اكبر مساحة من الغابات المطرية في العقود الأخيرة، بسبب زحف المناطق الزراعية الناشئ عن شق طريقين. 

كما سجلت أيضا حالات للهجرة إلى أطراف الغابات المطرية (أعقبها انتزاع أراض شاسعة من تلك الغابات) حدثت في بلدان منها غواتيمالا وبنما وكوستاريكا وإكوادور والمكسيك وإندونيسيا وتايلند ونيبال والفلبين ونيجيريا وجمهورية تنزانيا المتحدة والسودان. 

 

ففي غواتيمالا مثلا، أدت الهرة إلى منطة بيتان الشمالية إلى تجريد نصف مساحة الغابات من أشجارها في السنوات 1950 إلى 1985م.

وعلى غرار ما حصل في البرازيل، أدى ارتفاع معدلات نمو السكان في المواطن الأصلية (مرتفعات غواتيمالا التي تحتد فيها اوجه انعدام التكافؤ في حيازة الأراضي) إلى زيادة انتزاع أراض من الغابات غبر السنين، وزيادة تقسيم الحيازات بين الورثة من أولاد وأحفاد، مما أدى إلى تفشي الفقر في المناطق الريفية، وانعدام فرص الحصول على حيازاتن وقد ساهم ذلك في زيادة الهجرة من تلك المناطق.

وفي جنوب هندوراس، لعبت سياسات الحكومة دورا كبيرا في إقامة مراع للمواشي، ومزارع للقطن وقصب السكر لأغراض زيادة الصادرات، مما أدى إلى استيلاء كبار التجار العقاريين على أراضي السفح الجيدة. 

 

وأرغمت هذه التطورات أصحاب الحيازات الصغيرة على الهجرة إلى الأراضي القريبة الواقعة في منحدرات الجبال ليقيموا عليها مزارعهم.  وقد تسبب تجريد هذه المنحدرات من غطائها النباتي في انجراف التربة وتعرض أراضي السفح للفياضانات، مما زاد حدّة الفقر في المناطق اليفية. 

وفي بداية السبعينات، قامت بعض شركات البترول في الإكوادور بشق طرق لمد أنابيب النفط، فبدأت الهجرة شرقا باتجاه الأمازون، وصاحب ذلك إزالة كبيرة للاحراج، وسبب ذلك تدفق أعداد كبيرة من المستوطنين المهاجرين جاء ثلاثة أرباعهم من منطقة المرتفعات الريفية. 

كما خلصت دراسة عن الأسر المعيشية للمستوطنين المهاجرين شملت فترة زمنية طويلة وأجريت في عامي 1990 و 1999م، إلى أن الكثير من حيازات الأراضي في منطقة الأمازون قسمت إلى حيازات أصغر، وأن عدد المستوطنين يتضاعف كل تسع سنوات تقريبا مما سيرفع نسبة مساحة الأراضي المنتزعة من الغابات في الأصل من (46% إلى 57%).

 

وفي منطقة الهضاب الجنوبية في نيبال استقر المستوطنون بعد حملة ناجحة للقضاء على الملاريا استخدمت فيها مادة (الدي دي تي)، مما أدى إلى اقتطاع مساحات من الغابات. 

كما تعزى زيادة تواتر الفيضانات في بنغلادش في جانب منها إلى اجتثاث الأحراج على نطاق واسع وانجراف التربة، وقد حدث ذلك أيضا في مناطق بالفلبين والهند ونيبال

وقد تشجع السياسات الحكومية السكان على الهجرة من منطقة إلى أخرى.  ففي جمهورية تنزانيا المتحدة، أدى تشجيع من السيايات الحكومية زراعة المحاصيل النقدية (ولا سيما البن والقطن) إلى هجرة كبيرة، انتقل فيها المهاجرون من مناطق ريفية إلى مناطق ريفية أخرى صوب منطقة سهول أوسانغو، بجردوها من غطائها النباتي. 

وارتفع عدد سكان هذه السهول إلى خمسة أضعاف في الفترة من 1948 إلى 1988م، كما تضاعف عدد رؤوس الماشية.  بيد أن تدهور البيئة كان يعود في جانب منه إلى انعدام ضمانات حيازة الأرض، وانعدام المؤسسات الاجتماعية التي تنظم الحصول على الموارد واستغلالها. 

 

وفي نيجيريا، هاجر أفراد قبيلة الكويفار من مرتفعات جاوس استجابة لفرص متزايدة أصبح السوق يطرحها (ليس بسبب أي ضغط سكاني على منطقتهم) فتركوا سهول بينيو الخصبة وتحولوا من مزارعين ينتقلون من زراعة مساحة من الغابة تجرد مؤقتا من غطائها النباتي، إلى فلاحين دائمين متفرغين لفلاحة مزارع أسرية في مناطق انتزعت من الغابة. 

وفي جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا كان لزيادة عدد السكان والهجرة اثر كبير في استنزاف الغطاء النباتي في المناطق الجافة. 

فقد تزايد في العقود الأخيرة كثيرا عدد الرعاة وعدد رؤوس الماشية التي يعيشون عليها، مما زاد الهجرة بحثا عن أراض للمرعى، وزاد التنافس على الأرض مع السكان غير الرحل.

وتشير بعض الدراسات إلى أن الهجرة إلى المناطق الهامشية والهشة عادة ما تكون نتيجة لتدهور البيئة، إلا أنه توجد عوامل أخرى تعجل بهذه الهجرة مثل: الإجراءات الحكومية، والشركات الوطنية، والشركات المتعددة الجنسيات (ولا سيما شركات قطع الأشجار والتعدين)، وأنشطة الحيازات الزراعية الكبيرة الرامية إلى سد الطلب الوطني والدولي على الأخشاب ولحم الأبقار وغيرهما من المنتجات الزراعية. 

 

وغالبا ما كان لشق الطرق أو إقامة الهياكل الأساسية دور كبيرة في تيسير انتقال المهاجرين.  وفي الوقت نفسه، يمكن للهجرة أن تخفف الضغوط على البيئة في المناطق الأصلية للمهاجرين. 

ففي سهل كاماشو في بوليفيا، نتج عن الهجرة تخفيف الضغط على المراعي وتحسنت حالة البيئة.

ويتيح استعراض الكتابات الحديثة المتوافرة عن النمو السكاني والهجرة والبيئة الريفية أمثلة عديدة تسببت فيها هجرة العمال إلى أطراف المناطق الزراعية في إزالة الغابات المدارية وتيبس التربة في المناطق الجافة. 

وتبين هذه الأمثلة ايضا الأهمية البالغة للدور الذي تؤديه صناديق الهبات المكرسة للموارد الطبيعية، والمؤسسات، والسياسات المحلية والوطنية، وفي بعض الحالات، الأسواق الدولية والعوامل الثقافية. 

 

وبالنظر إلى أن كثيرا من المناطق التي يجري استيطانها تتسم بدرجة فائقة من التنوع البيولوجي، وأن الغابات المدارية تؤدي أيضا دورا حاسم الأهمية فيما يتعلق بأنماط المناخ في العالم ومنع الاحترار العالمي، فمن المهم أن تجري معالجة الأسباب الجذرية للهجرة المفضية إلى إزالة الغابات. 

ونظرا لأن معظم الهاجرين المعنيين يكونون من الفقراء، فإن تهيئة السبل اللازمة لمحاربة الفقر في الريف مع التشجيع في الوقت نفسه على استخدام البيئة الريفية في المواطن الأصلية على نحو أكثر استدامة يمثل واحدا من التحديات الرئيسية القائمة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى