الفيزياء

ظاهرة “الموصلات الفائقة”

1998 تقرير1996 عن العلم في العالم

KFAS

الموصلات الفائقة الفيزياء

تنطوي ظاهرة الموصلية الفائقة على الاختفاء التام للمقاومة الكهربائية عندما تبرد المادة إلى ما دون درجة حرجة معينة.

وحتى عام 1986 كانت الموصلية الفائقة تتعلق أساسًا بخواص الفلزات مثل النيوبيوم وأشاباته عند درجات حرارة تقترب من الصفر المطلق (أي درجة الصفر على مقياس كلفن، أو 273- سيلزية.

غير أنه عند هذه الدرجات المنخفضة لا يبقى في الحالة السائلة إلا الهيليوم الذي يغلي عند درجة 4.2 كلفن ويمكن استخدامه في المنظومات ذات درجات الحرارة المنخفضة cryogenic systems.

وحتى تحت هذه الظروف فإنه يتعين تبريد منشأة التبريد ذاتها إلى درجات منخفضة باستخدام النيتروجين السائل (الذي يغلي عند درجة 77 كلفن)، ليجعل منها منظومة مكلفة ومعقدة وتكتنفها المشكلات كآلة تطبيقية.

وأعلى درجات سجلت لحدوث الموصلية الفائقة في أشابة من النيوبيوم والجرمانيوم هي 23 كلفن. وقد تمكن فريق تابع للشركة IBM من تحسين هذه الدرجة برفعها بمقدار 7 درجات كلفن فقط باستخدام مادة خزفية لأول مرة وحصل على جائزة نوبل لقاء هذا الإنجاز.

وبعد ذلك اكتشفت مواد خزفية جديدة أتاحت تحقيق ارتفاعات كبيرة متتابعة في درجة حرارة التوصيل الفائق.

 

وفي الشهر 5/1993 نشر تقرير يفيد باكتشاف منظومة شبه موصلة من البزموت وأكسيد النحاس حققت درجة حرجة جيدة بلغت 133 درجة كلفن. وفي الشهر 12/1993 نشر تقرير يفيد باكتشاف منظومة للبزموت وأكسيد النحاس في فرنسا حققت درجة حرارة ممتازة بلغت 250 درجة كلفن، مقتربة بذلك من درجة الحرارة العادية. ولم يتأكد هذا التقرير حتى الآن، إلا أنه أثار موجة جديدة من الاهتمام في جميع أنحاء العالم.

فما السبب في إعطاء هذه الأهمية للموصلية الفائقة؟ أولًا، لأن تبريد المواد ذات الموصلية الفائقة إلى ما دون درجاتها الحرجة وسماحها بمرور التيار الكهربائي خلالها بمقاومة مقدارها صفر (أي دون أي مقاومة) يعني عدم فقد أي قدرة كهربائية وعدم حدوث أي ارتفاع في درجة حرارتها على مدى طولها.

وثانيًا، لأن أي مادة في حالة موصلية فائقة يمكن أن تولد خطوط دفق مغنطيسي شديد، ومن ثم يمكن أن تنفر المغنطيسات: وتعرف هذه الظاهرة باسم مفعول (أثر) ميزنر Meissner effect.

وهذه القوى المغنطيسية قوية لدرجة أنها يمكن أن ترفع قطارًا يسير بسرعة 550 كيلومترًا في الساعة من فوق القضبان. وثالثًا، لأن المواد ذات الموصلية الفائقة لها خواص إلكترونية تمكن الإلكترونيات من أن تقفز لحظيًا بين المكونات، ويطلق على هذه الظاهرة اسم مفعول جوزيفسون Josephson effect.

 

ويمكن أن تكون هذه الظاهرة أساسًا لجيل جديد من الحواسيب المحمولة، التي تفوق سرعاتها الطرز الحالية بملايين المرات. إضافة إلى ذلك، فإن هذه الخواص تتيح الكشف عن التغيرات الطفيفة في المجال المغنطيسي الخارجي، كالتغيرات التي تتولد من الموجات المرسلة من مخ الإنسان، وتستخدم في نبائط التداخل الكمومي ذات الموصلية الفائقة superconducting quantum interference devices (SQUIDS)، في التشخيص الطبي للأمراض.

وهذه النبائط مستخدمة بالفعل، وتعتمد على الموصلية الفائقة عند درجات الحرارة المنخفضة، وهي تتسم بتكاليفها العالية. غير أن التوصيل الفائق عند درجات الحرارة المرتفعة يمكن أن يخفض من تكاليف هذه الأجهزة لتتاح لجميع الأطباء خلال سنوات قليلة.

إن الموصلات الفائقة الجديدة، التي تعمل في درجات حرارة أعلى من درجة انصهار النيتروجين، قد تُمكن في حد ذاتها من تطوير هذه التقانة إلا أن الفتح العلمي الحقيقي لا يتم إلا باكتشاف الموصلية الفائقة في درجات الحرارة العادية.

فاستغلال هذا الاكتشاف، إن تحقق، سيحدث ثورة فعلية في التقانة وأسلوب الحياة، وسيوفر طاقة كهربائية كفؤة دون أي فاقد، وسيؤدي، مثلاً، إلى ظهور محركات ونبائط تشغيل صغيرة محكمة يمكن إدماجها في السلع الاستهلاكية المنزلية المعمرة، والسيارات وأجهزة توجيه العدد الآلية، ورزم التغذية powe pack واستخدامها، مثلاً للمنظومات الهيدروليكية للطائرات وفي تطبيقات أخرى لم تعرف بعد.

 

على أنه بالنظر إلى أن الأسس النظرية للموصلية الفائقة غير مفهومة في الفلزات، بل إنها أكثر غموضًا في المواد الجديدة، فليس بوسعنا التنبؤ بموعد تحقيق الموصلية الفائقة التي تعمل عند درجات الحرارة العادية.

إن أكبر المكاسب الاقتصادية التي ستتحقق على الأجل المتوسط ستكون في مجال التطبيقات المحدودة النطاق للموصلية الفائقة عند درجات الحرارة المرتفعة، ولا سيما في الآلات الصناعية المختلفة والنبائط الإلكترونية.

أما على المدى الطويل فإنه يعتقد أن الموصلية الفائقة ستؤثر بشكل كبير في توليد الطاقة والكهرباء وفي نقل الطاقة الكهربائية وتوزيعها، بما في ذلك ظهور المولدات والمحولات الكهربائية الفائقة التوصيل وتخزين الطاقة، وفي الكابلات الكهربائية وأجهزة الاندماج النووي.

 

إضافة إلى ذلك، فإن الموصلية الفائقة على استعداد لأن تؤدي دورًا في منظومات النقل العالية السرعة، ليس فقط في مجال شبكات خطوط المواصلات البرية السريعة التي تعمل بالرفع المغنطيسي، ولكن أيضًا في التطبيقات المتعلقة بالنقل البحري ودفع الغواصات والطائرات والمحطات الفضائية ومنصات القذف الكهرمغنطيسية والملاحة الفضائية والسيارات.

وسوف ترتبط بحوث الموصلية الفائقة ارتباطًا وثيقًا بإيجاد حلول للمشكلات الملحة في مجالات الطاقة والبيئة إضافة إلى المشكلات الطبية في القرن الحادي والعشرين.

وتتطلب هذه الحلول جهودًا دؤوبة طويلة الأجل من جانب الحكومات والصناعة، وهي تنطوي على مكاسب ضخمة لمن يحرز قصب السبق في الوصول إليها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى