الطب

طريقة “الإشراط المضاد” في علاج حالات “فقدان الشهية العصبي”

1997 فقدان الشهية العصبي

الدكتور أحمد محمد عبدالخالق

KFAS

طريقة الإشراط المضاد في علاج حالات فقدان الشهية العصبي الطب

العلاج السلوكي

يركز العلاج السلوكي Behavior therapy على علاج أعراض السلوك المضطرب، دون بحث عن الأسباب التي أدت إليه، ودون محاولة لاستقصاء المحددات التي أفضت إليه.

كما لا يفترض المعالج السلوكي قوي داخلية لدى المضطرب أو "عملية مرضية" عنده. ولكنه يعتقد أن الأعراض كفقدان الشهية العصبي أو المخاوف الشاذة أو الأفعال القهرية موجودة لأنه تم اكتسابها عن طريق التعلم Learning، وهي تختفي بعد أن يتم تعلم التخلص منها. فالعرض هو المرض، والتخلص من العرض يخلص المضطرب من الاضطراب أو المرض.

الاضطراب النفسي إذن – من وجهة نظر العلاج السلوكي – تعلم حدث تبعاً للقوانين المعروفة للتعلم الشرطي (أي التعلم بشروط معينة)، وحدث لهذا التعلم نوع من أنواع التدعيم Reinforcement اي التقوية والتعزيز نظراً لتخفيفه للقلق، أو للتغلب على مختلف المواقف العصيبة، أو للمكسب الذي يجنيه المريض من ورائه.

ولا يتصور القارئ أن هذا النوع من التعلم مرغوب محبوب، فإن التعلم يرتبط في أذهاننا بتغير إلى الأحسن، ويرتبط كذلك بالعلم وبتلقيه والاسنفادة منه. ولكن الحق ان هذا النوع من التعلم (تعلم الأعراض) تعلم مرضي خاطئ وغير تكيفي Maladapitve.

 

ويعمل العلاج السلوكي على التخلص منه، وعلى أن يستبدل به تعلم مناسب ومرغوب أو على الأقل يلغي التعلم الخاطئ، ويعمل العلاج السلوكي بإيجاز على تغيير السلوك وتعديله في الاتجاه المرغوب.

وقد نجح العلاج السلوكي في علاج طائفة عريضة من اضطرابات السلوك مثل المخاوف المرضية، وفقدان الشهية، وزيادة الشهية، والتدخين، هذا فضلاً عن تعلم أنماط السلوك التكيفي كتكوين صداقات جديدة، وكيف تكون حازماً مع البائع اللحوح، بالإضافة إلى علاج أعراض الاضطراب النفسي العديدة.

وللعلاج السلوكي طرق كثيرة، ورد طريقتين هما: الإشراط المضاد، والمكافآت، مع بيان تطبيقاتهما في علاج حالات فقدان الشهية العصبي.

 

الإشراط المضاد

الإشراط Conditioning نوع من التعلم يتم بشروط معينة، كأن يدق جرس قبل أن يتناول الحيوان الطعام، وعندما تتكرر هذه العملية مرات عديدة، وعند توافر شروط معينة يصبح الجرس وحدة كافياً لإسالة اللعاب لدى هذه الحيوان، نظراً للرابطة المستحدثة بين الجرس والطعام.

ويشبه هذا التعلم الشرطي – على المستوى الآدمي – أن يضرب الوالد ابنه بالعصا نظراً لتلفظه ألفاظاً بذيئة قبيحة، وعند تكرر هذه العملية عدة مرات يكفي التهديد بالعصا (وليس الضرب) لمتنع الطفل عن هذا السلوك. بعد ذلك – وبمرور الوقت – يمتنع الطفل عن هذا السلوك حتى دون تهديد.

عندئذ يمكن القول بأن الإشراط المضاد Counterconditionting قد حدث، والإشراط المضاد هو إشراط جديد، ومعاكس في اتجاهه للإشراط الأول غير التكيفي، والذي نرغب تغييره.

ومن بين الطرق الأساسية المستخدمة في الإشراط المضاد طريقة التحصين أو تقليل الحساسية.

 

التحصين التدريجي

عندما يتلقى أي منا تطعيماً ضد نزلات البرد أو حمى القش، فإن ذلك يعني تعاطي جرعات متزايدة من مادة مثيرة للحساسية.

وينسحب ذلك على مجال العلاج السلوكي باستخدام التحصين التدريجي المنظم، والذي عرفه "وولبي" Wolpe وهو أحدأعمدة العلاج السلوكي المعاصرين ومبتكر طريقة التحصين التدريجي كما يلي:

"إذا أمكن إحداث استجابة تكف القلق، في حضور منبهاب مثيرة للقلق، فإن ذلك من شأنه أن يضعف الرابطة بين هذه المنبهات وبين استجابات القلق".

 

وهذا هو مبدأ الكف المتبادل Reciprocal inhibition. وهناك منبهات كثيرة يمكن أن تكف استجابات القلق أهمها ما يلي:

1- استجابات الاسترخاء.

2- الاستجابات الجنسية.

3- توكيد الذات.

4- الاستجابات التنفسية.

وتعتمد الطريقة العلاجية التي تستخدم التحصين Desensitization التدريجي – في معظم الحالات المرضية – على ثلاثة أساليب فنية هي: الاسترخاء، وتكوين مدرج القلق، وتنفيذ عملية التحصين. ونفصلها فيما يلي:

 

التدريب على الاسترخاء

يتعلم المريض الاسترخاء Relaxation، ويتم ذلك في بضع جلسات، تبدأ بإدراكه لفكرة الشد Strain في العضلة مقابل إرخائها، ويبدأ التدريب بعضلات أحد الذراعين، حتى تشمل جميع المجموعات العضلية في الجسم بما فيها الوجه.

 

تكوين مدرج القلق

مدرج القلق Anxiety hierarchy هو قائمة الأشياء أو المواقف التي تثير القلق لدى المريض، يكونها المعالج مع المريض، ثم يرتبانها معاً على شكل هرمي متدرج، يبدأ من أقلها إثارة للقلق وينتهي بأشدها إثارة للقلق.

ولا شك أن مرضى فقدان الشهية العصبي سيتركز عدد لا بأس به من مخاوفهم حول الطعام. ويبين جدول (8) نموذجاً لمدرج قلق لمريض بفقدان الشهية العصبي، ويبدأ بأقل درجة من القلق وينتهي بأعلاها.

 

تنفيذ عملية التحصين

يطلب من المريض في بداية الجلسة الأولى المخصصة لتنفيذ عملية التحصين أن يراجع تمرينات الاسترخاء التي يكون قد أتقن تعلمها. ثم يطلب منه أن يتخيل بوضوح، الموقف أو المنظر الأول (قراءة معلومات عن الطعام) في مدرج القلق وهو أقلها إثارة للاضطراب. ويطلب المعالج منه أن يرفع يده إذا كان المنظر مؤلماً.

ولا يسبب المنظر الأول من مدرج القلق في العادة قلقاً كثيراً، فهو أقلها إثارة له. ويستمر المريض في تصور هذا الموقف بضع ثوان حتى ينتقل إلى الموقف الذي يليه … وهكذا.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى