الطب

طرق الوقاية من ألم أسفل الظهر للإنسان خلال مراحل عمرية مختلفة

2008 آلام أسفل الظهر

سعاد محمد الثامر

إدارة الثقافة العلمية

طرق الوقاية من ألم أسفل الظهر للإنسان الطب

أولاً- الوقاية في مرحلة الطفولة

إن وقاية العمود الفقري من الانحرافات والعيوب، وكذلك تقوية العضلات المحيطة به، تبدآن من أيام الطفولة الأولى، ففي الشهر الثالث تقريباً يجب على الأم أن تقلب طفلها لينام تارة على ظهره وتارة أخرى على وجهه في وضع الانبطاح (الاستلقاء على البطن). 

ففي وضع الانبطاح يحاول الطفل رفع رأسه والجزء العلوي من صدره ليشاهد وليكتشف ما يقع من حوله.  ومن هنا تبدأ مجموعة عضلات الظهر والرقبة بالانقباض لتتقوى وتتشكل. 

ثم تأتي مرحلة أخرى بعد الشهر السابع أو الثامن من عمر الطفل وهي مرحلة الزحف والحبو على أربع.  وحركات الزحف والحبو هذه تتطلب جهداً عضلياً قوياً يشمل الفخذين والذراعين ومجموعة عضلات الظهر. 

 

وفي هذه المرحلة يكون التأسيس والإعداد للمرحلة التي ستأتي بعدها، وهي مرحلة التوازن لنصب القامة.

ومن هنا يمكننا أن ندرك الخطأ الكبير الذي يرتكبه الوالدان بمحاولاتهما جعل طفلهما يتخذ وضع الوقوف، ودفعه إلى السير في وقت مبكر قبل الزحف والحبو. 

وهما يقومان بذلك بدافع السعادة والفرحة برؤيته وهو يمشي، ولكنهما يجهلان بالطبع أنهما بعملهما هذا يتسببان في تقوس الساقين والفخذين وفي تشوه الفقرات، ولا سيما إذا كان طفلهما يعتمد على الحليب المجفف (أو الصناعي) ولا يأخذ كفايته من الفيتامينات والأملاح المعدنية.

 

ومن الطبيعي جداً أن يكون للسرير دور مهم في هذه المرحلة، حيث يقضي الطفل فيه معظم الوقت خلال أشهره الأولى.  فالسرير الصغير نسبة لطول الطفل والفراش (المرتبة) غير المستوى لهما تأثير سيئ في النمو وتشكل الجسم، وبالطبع سوف يتأثر العمود الفقري بدرجة كبيرة تبعاً لذلك.

كما أن عربة الطفل السيئة الصنع والشكل – التي يحشر فيها الطفل خارج المنزل ساعات النزهة أو التسوق الطويلة وهو مقوس الظهر والكتفين – لا بد أن يكون لها حتماً تأثير سيء وإسهامٍ فعال في ظهور التشوهات أو الانحرافات وبخاصة في عموده الفقري.

كما أن الطفل في المدرسة يمكن أن يسيء إلى ظهره وهو في هذه المرحلة من النمو، حينما يعتاد على حمل حقيبة المدرسة الثقيلة أو جرها بإحدى ذراعيه دون الأخرى، فيسبب بذلك – بدون أن يشعر أو يدرك بالطبع – ميلاً في عموده الفقري إلى الناحية الأخرى. 

 

لذا فإنه من الأفضل لتلاميذ المدارس استخدام حقائب الظهر – على ألا تكون ثقيلة الوزن – عوضاً عن حقائب اليد وتعليقها بطريقة صحيحة على الظهر، بعد وضع الكتب فيها بطريقة مرتبة ومنظمة، لتكون معلقة بشكل متوازن على جانبي العمود الفقري.

ومن المؤسف حقاً أن المختصين في المدارس ومدرسي التربية البدنية وحتى أولياء الأمور لا يبدون أي اهتمام بتعليم الأطفال طريقة الجلوس المثايلة أثناء المذاكرة، سواء في الفصل أو في المنزل، وهي التي تحفظ جميع مفاصل جسمه بوضع صحيح بدون شدّ أو ضغط.

كما لوحظ أن الكراسي المدرسية التقليدية عامل رئيس في نشوء متاعب الظهر وألمه لدى تلاميذ المدارس في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، وذلك لعدم توافر الشروط والمقاييس الصحية اللازمة.

 

إن الاهتمام الذي يبديه مدرسو التربية البدنية من غرس للعادات الصحيحة أولاً في أساليب العناية بالعمود الفقري – التي يتم تعليمها للأطفال منذ نعومة أظفارهم خلال نشاطات الحياة اليومية من وقوف وجلوس ونوم ورفع وحمل وغيرها من المهارات.

المحافظة على القامة السليمة – سوف يقلل من تعرضهم للإصابات والانفتاق الغضروفي ويجنبهم ألم أسفل الظهر والمفاصل بشكل عام خلال سنوات نمومهم ويعزز اللياقة البدنية لديهم، لذا يجب على الوالدين والقائمين على المدرسة والمهتمين بالتربية البدنية ضرورة مراعاة هذه الأمور المهمة لأبنائهم منذ الصغر لتجنيبهم الأضرار في الكبر.

 

الغذاء الجيد وأثره في الوقاية:

تأتي التغذية الجيدة للطفل في مقدمة أسباب وقاية الهيكل العظمي بصورة عامة.  فالفيتامينات الموجودة في الطعام الجيد، وبخاصة الفيتامين "د"، تؤدي دوراً أساسياً في تكوين العظام وتقويتها، كما أن الأشعة فوق البنفسجية الموجودة في ضوء الشمس تساعد الجسم على الاستفادة من هذا الفيتامين.

ومعلوم أن نقصان الفيتامين "د" في الجسم يتمثل بأعراض سلبية كثيرة، منها: التعب وفقدان الشهية وكثرة التعرض واضطراب الاستقلاب (الأيض) الغذائي بشكل عام.

 

وغيرها من الأعراض السريرية المتمثلة بنقصان الأملاح المقوية والداعمة للنسيج العظمي، مثل الكالسيوم والفسفور، الأمر الذي ينتج عنه ليونة في العظام، ويظهر أثرها واضحاً في الطرفين السفليين بتقوس الفخذين والساقين، وكذلك في كبر الرأس وضخامته.

وهناك أملاح معدنية أخرى تفيد في وقاية العمود الفقري للطفل، الذي هو في طور النمو، منها الأغذية المحتوية على المغنيسيوم والنحاس والفلور، فهذه الأملاح تقوي الأربطة الموجودة بين الفقرات.

 

ثانياً- الوقاية خلال فترة الحمل

أوضحنا فيما سبق أن ألم أسفل الظهر عند الحوامل شيء طبيعي، نتيجة التغيرات البيولوجية العديدة التي تحدث في أوتار الحوض وأربطته ومفاصله في هذه المرحلة.

والحقيقة التي يجب أن تعرفها كل النساء أنهن معرضات للإصابة بهذا الألم حتى بعد سنتين من الوضع.  ومن هذا المنطلق لا بد من إجراء طرق الوقاية وممارسة الرياضة المنتظمة لاستعادة نشاط العضلات وعملها.

 

ولتقليل ألم الظهر ننصح الحامل بالآتي:

1) حافظي على لياقة جسمك واستقامة عمودك الفقري بممارسة شيء من الرياضة الخفيفة والمعتدلة بشكل منتظم، كالمشي والسباحة وركوب الدراجة، بالإضافة إلى ممارسة تمرينات تعديل القامة وذلك أثناء الحمل وبعد الولادة.

2) تجنبي رفع الأشياء الثقيلة.  وإذا دعت الضرورة لرفع أشياء خفيفة نسبياً فعليك أن تثني ركبتيك وتنزلي بجسمك مع المحافظة على استقامة ظهرك، ثم أمسكي بالشيء لرفعه بحذر.

 

3) تعلمي التقنية السليمة لميكانيكية الجسم أثناء الجلوس والوقوف والمشي وغيرها من أنشطة الحياة اليومية وذلك لتجنب حدوث ضغوط زائدة على الظهر.

4) تجنبي حمل طفلك، وبخاصةً إذا كنت في الأشهر الأخيرة من الحمل، فذلك يضيف ضغطاً غير متوازن على العمود الفقري المجهد بالحمل.

 

5) تجنبي الأعمال المنزلية المرهقة.

6) يستحسن أن تنامي على جنبك الأيمن ما استطعت، مع استخدام عدة وسائد توضع خلف ظهرك ووسادة بين ركبتيك وأخرى تحت بطنك، لتحقيق الإسناد الكافي والشعور بالراحة التامة.

 

7) حاولي الاسترخاء بعد فترات العمل الطويلة باتخاذ الوضع الذي ترينه مريحاً لك مع مراعاة استخدام وسادة صغيرة تحت الركبتين عند الاستلقاء على الظهر.

8) تجنبي استخدام الأحذية ذات الكعب المرتفع حفاظاً على سلامة ظهرك وساقيك من الآلام.

 

9) يمكنك تخفيف نوبة الألم بوضع كمادة دافئة على منطقة أسفل الظهر فترة تمتد من ربع إلى نصف ساعة لبث الراحة والاسترخاء في العضلات المتقلصة.

10) احرصي على اتباع نظام غذائي متوازن أثناء الحمل وفي مرحلة الرضاعة.

 

11) حافظي على وزنك بعدم تجاوز الزيادة الطبيعية خلال أشهر الحمل.

12) لا تبالغي في لبس "الكورسيه" بعد الولادة، بل ركزي اهتمامك في عمل التمرينات الرياضية لتقوية عضلات البطن، بدلاً من شدّها بـ "الكورسيه" الذي يسبب ضعف العضلات، ومن ثم ترهلها.

 

13) احرصي على عدم تكرار الحمل في فترات متقاربة.

14) اطلبي الاستشارة من طبيبك قبل البدء بعمل أي نوع من التمرينات البدنية أثناء فترة الحمل، وذلك للتأكد من عدم وجود أي حالات مرضية لديك تحول دون قيامك بأي مجهود.

 

فإذا تم وصف بعض التمرينات البدنية المناسبة لك فعليك بالآتي:

أ‌- اختاري الوقت المناسب لأداء التمرينات وتجنبي عملها بعد تناول الطعام مباشرة.

ب‌- من الأفضل أداء التمرينات على الأرض مستعينة ببطانية.

 

ت‌- استعيني بتمرينات التنفس حتى تحصلي على الاسترخاء الذي يساعدك على مواصلة التمرين.

ث‌- ابدئي بعدد قليل، ثم قومي بتكرار التمرين على نحو متزايد بالتدريج كل يوم بحسب طاقتك وقدرتك.

 

ج‌- توقفي عند أداء التمرين الذي يسبب لك الشعور بالتعب.  خذي قسطاً من الراحة، ثم عودي للتمرين إن استطعت.

ح‌- ابدئي بالتمرينات بالتدريج من وضع الرقود، ثم من الجلوس، ثم من الوقوف.

 

ثالثاً- الوقاية عند كبار السن (هشاشة العظام osteoporosis)

نعرف أن نقص الكتلة العظمية الداخلية للعظام هو تغير طبيعي يحدث مع التقدم في العمر، إلا أن هناك  بعض العوامل المساعدة على ازدياد هذا الفقد بدرجة غير طبيعية، ما يتسبب في ظهور مرض هشاشة العظام، لكن بتجنب هذه العوامل يمكننا أن نؤخر مرض الهشاشة.  ومن هذه العوامل:

 

1) الكسل (قلة النشاط الحركي)، ولذلك ننصح دائماً بضرورة ممارسة الرياضة بصفة يومية ولو رياضة المشي. 

ولأهمية الرياضة في مقاومة ضعف العظام نلاحظ أن مرض هشاشة العظام يحدث في سن مبكرة نسبياً بين المرضى الذين يضطرون إلى الراحة التامة في السرير وعدم الحركة فترات زمنية طويلة.

 

2) نقص (أو سوء) التغذية وبخاصة نقص الكالسيوم، ولذلك ننصح مع التقدم في السن بزيادة الاهتمام بتوفير حاجة الجسم من العناصر الضرورية لبناء العظام، مثل الكالسيوم والفيتامين "د". 

وذلك بتناول الجبن الأبيض والروب (اللبن الرائب) والحليب وسائر منتجات الألبان بصفة يومية.  وكذلك الإكثار من تناول الخضراوات العريضة الأوراق كالسبانخ.

 

3) الإساءة إلى العمود الفقري، وذلك من خلال اتخاذ وضعات مغلوطة تعرضه للإجهاد الزائد، سواء عند المشي أو الوقوف أو الجلوس فترات طويلة، أو عند رفع الأشياء الثقيلة. 

وهذا يشير إلى ضرورة الالتزام بالحركة والوضع الصحيح حفاظاً على سلامة وقوة العمود الفقري لأطول فترة ممكنة من العمر.

 

ولأن انقطاع الطمث (ما بين سن 45 إلى 55 سنة تقريباً) يُعد سبباً رئيساً لضعف العظام وهشاشتها عند المرأة، لتوقف إنتاج هرمون الأستروجين من المبيضين وهو الهرمون المعروف بمفعوله المقاوم لعملية هدم العظام. 

لذا يجب على المرأة أن تعمل على تعويض غياب هذا الهرمون بتناول الكالسيوم بصفة يومية، ولو حتى بشرب كوب من الحليب يومياً. 

كما ينصح بتناول فول الصويا وبعض الأعشاب المعروفة باحتوائها على مواد لها مفعول مشابه لهرمون الأستروجينن مثل عرق السوس – الشمر – الينسون – الحلبة، هذا إضافة إلى الاهتمام بممارسة المشي والأنشطة الرياضية.

 

وعلى الفتاة ما قبل سن الأربعين أن تحرص على مزاولة الأنشطة الرياضية، كرفع الأثقال الخفيفة التي تناسب بنيتها وقوتها. 

فهناك اعتقاد مغلوط ساد بين الناس بأن رياضة الأثقال هي رياضة الرجال دون النساء، لاعتقادهم بأن هذه الرياضة تبني العضلات وتزيد من حجمها وأن هذا لا يتناسب مع طبيعة المرأة وأنوثتها. 

 

ولكن في حقيقة الأمر أن الرياضة الجمبازية هي التي تفيد في تقوية العضلات بنسبة أكبر من تقوية العظام، في حين أن رياضة رفع الأثقال هي الأكثر فعالية في تقوية العظام.

فإذا استخدمت الفتاة الأوزان التي لا تتعدى قوة تحملها، فإنها سوف تقوي بنية عظامها بدون زيادة في حجم عضلاتها، وبذلك تكون قد استعدت لمواجهة ما سوف تتعرض له من هشاشة العظام واحتمالات التعرض للإصابات والكسور فيما بعد سن الأربعين وانقطاع هرمون الأستروجين.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى