الرياضيات والهندسة

شقوق وصدوع

2000 الرياضيات والشكل الأمثل

ستيفان هيلدبرانت و انتوني ترومبا

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الرياضيات والهندسة الهندسة

كثيراً ما تشاهد في الطبيعة الكسور fractures ونماذجها. ففي الصخور نرى شقوقاً، وكذلك في لحاء الأشجار القديمة وفي الدعامات الخشبية التي تسند إليها أسقف البيوت القديمة.

 

 

ومن المثير للاهتمام بوجه خاص، تلك النماذج من الشقوق الكثيرة الأضلاع التي يمكن رؤيتها في الوحل الجاف وطلاء اللوحات القديمة، وفي الطلاءات الخزفية الصقيلة، وفي الطلاء بالمينا. ونجدها أيضاً في الأسمنت والأحجار البازلتية والأحجار الكلسية، وفي المناطق القاحلة، وفي الأرض المتجمدة. وبعض النماذج مكونة من آجر دقيق، كما أن ثمة نماذج أخرى مكونة من مضلعات ضخمة. وقد أظهرت الصور الجوية للبحيرات الجافة في منطقة الحوض الكبير Big Basin في غرب الولايات المتحدة الأمريكية مضلعات عرضها يقع بين 100 قدم و300 قدم. هذا وإن الأسافين الجليدية في ألاسكا ومضلعات التندرا Tundra هي ظواهر طبيعية معروفة، وترى في الطبقة الدائمة التجمد في المناطق القطبية.

ويجمع معظم العلماء، حالياً، على أن النماذج التي هي بشكل مضلعات تحدث، على ما يبدو، في مواد تتعرض لتغيرات في الحجم بسبب الجفاف أو التبرد أو كليهما. ويقر أكثرهم حذراً بأننا لا نفهم هذه السيرورات جيداً قط. في حين يرى آخرون أن مبدأ برنولي في العمل الافتراضي يسري في هذه الأحوال. لكن النتائج المستخلصة من هذا المبدأ تختلف من عالم إلى آخر. ففي حين يدعي بعضهم أن الشقوق يجب أن تقاطع بعضها عمودياً، يرى آخرون أن مضلعات الشقوق يجب أن تكون خماسية أو سداسية الشكل، وبوجه خاص، فإن النموذج السداسي الرؤوس الثلاثية الأشعة three-rayed vertices والزوايا الثلاث التي كل منها °120 يفترض أنه ناتج من هذا المبدأ الميكانيكي. هذا ولا يمكن تغطية كل ساحة مستوية بقطع فسيفسائية سداسية الشكل لأن دستور أولر يفرض قيوداً على الترصيع tesselation بالفسيفساء ؛ لذا فإننا نجد عادة عدداً قليلاً من المخمسات بين كثير من المسدسات.

 

 كذلك، فإن الهياكل العظيمة للشعاعيات ذات الخلايا السداسية في المقام الأول لا يمكن البتة أن تكون مؤلفة من خلايا سداسية فقط. إذ إننا يمكن أن نصادف بسهولة عدداً قليلاً من المخمسات والمسبّعات.

ونعتقد بأن هذه النتائج "النظرية" ليست مقنعة ولا تستند إلى براهين قاطعة، مع أنها قد تحوي في ثناياها بعض الحقائق. وتجدر الإشارة إلى أن نظرية تمزيق وشطر المواد الشديدة اللزوجة أو الهشاشة ما زالت غير متطورة. وفضلاً على ذلك، فنحن نعلم أن الشذوذات irregularities  البالغة الدقة في مادة قد لا تكشف بالحسابات النظرية، فمثلاً، من الصعوبة بمكان تمزيق شريط ورقي ذي حافتين مستقيمتين بسحبه من طرفيه كليهما، لكن وجود ثلم عند إحدى حافتيه يجعل التمزيق عملية سهلة.

ومن المعلوم أن الشذوذات تبرز في معظم المواد، لذا، يبدو من المأمون الافتراض أن الشذوذات تقوم بدور مهم في تكوين الشقوق. وتظهر أغلبية الصدوع الأرضية موزعةً عشوائياً على اليابسة، ويظهر عادة شقٌّ جديد في منطقة كانت سابقاً خالية من الشقوق وذلك في مناطق موزعة عشوائياً على البقاع الضعيفة من الأرض. إضافة إلى ذلك، فإن الصدوع لا تظهر جميعها عادة في وقت واحد. ونجد أنه تحدث أولاً قلة فقط من الشقوق، وأن الإجهاد المماسي tangential stress على طول الصدوع في مناطق الشق ما زال هائلاً جداً، في حين أن الإجهاد العمودي perpendicular  يحرَّر بتكون الشقوق. لذا فإن شقوقاً ثانوية تتكون عمودياً على اتجاه التوتر الأكبر، ومن ثم تسعى إلى أن تقاطع الشوق الرئيسية بزوايا قائمة. وإذ ذاك تلاقي الشقوق الثلاثية الشقوق الرئيسية والثانوية بزوايا قائمة. وبهذه الطريقة، تتكون شبكة من الصدوع الموزعة عشوائياً والتي تتلاقى عمودياً. وتاريخ النمط الكسوري fractional pattern موثق تماماً. وبمقدرونا عادة تحديد الصدوع التي حدثت قديماً وتلك التي تكونت في وقت لاحق.

ومن سوء الحظ، فإن صورة الوضع العام ليست واضحة، فأولاً، هناك مواد تتشكل فيها الشقوق بزوايا قدرها °120 تماماً. (ويبين فحص دقيق صدوعاً ثانوية أضيق كثيراً تلاقي الصدوع الرئيسية بزوايا قائمة). ثانياً، بينت التحريات التي أجريت بكل عناية أن الزاوية °90 والزاوية °120 والزاوية °60 يمكن أن تظهر كلها. وعلى سبيل المثال، فإن 80% من عدد كبير من تقاطعات الشقوق في جزائر واقعة في دلتا نهر ماكنزي تقاطعات متعامدة. وتشغل الزاوية °60 المرتبة الثانية في الانتشار، لكن عثر على عدد جد قليل من التقاطعات الثلاثة الأشعة بزاوية °120

 

 

(انظر الشكل العلوي).

هناك طريقة لتفسير الزوايا التي قياسها °60 استناداً إلى مبدأ العمل الافتراضي. لنفترض أن الأرض المتجمدة بدأت بتشكيل نسق ثلاثي الأشعة بزوايا قياسها °120. ومن المحتمل عندئذ أن يكون انبساط التربة المتجمدة قد حال دون تكون الشعاع الثالث.

وإذا كان هذا التفسير كافياً، فمن الممكن أن يكون المبدأ الميكانيكي في تكون الشقوق قد حفظ. ومن ثم، فإن الشقوق تتشكل إما كشقوق منفردة (عمودية على اتجاه أكبر توتر). أو كشقوق ثلاثية بزوايا °120 في مادة متجانسة (محدثة تحريراً أعظمياً للإجهاد بجهد strain أصغري)، أو كأشكال هجينة hybrid بزوايا °60 ناتجة من "مفعول الثلم" notch effect. وتنشأ بعد ذلك شقوق أخرى، لكنها ستقاطع الشقوق السابقة بزوايا قائمة. ونحن نقترح على القراء أن يلاحظوا بعناية الشقوق الطبيعية، وأن يقوموا بصياغة نظرياتهم الخاصة حولها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى