العلوم الإنسانية والإجتماعية

حقوق المرأة في المعاملات العلاجية وأهمية تقديم المشورة والنصح للزوجين حول عملية الإنجاب

1996 تقنيات الطب البيولوجية وحقوق الإنسان

الدكتور يوسف يعقوب السلطان

KFAS

العلوم الإنسانية والإجتماعية الطب

الحساسية العاطفية للمرأة الحامل والمرأة العقيم

تنطبق علاقة التفاعل بين الطبيب والمريض على جميع الاستخدامات العلاجية لتقنيات الطب البيولوجية. 

فغالبا ما تكون النساء في مواجهة المولدين وأطباء أمراض النساء من الرجال على وجه الخصوص أكثر حساسية وإظهارا للحرج والتلطف الراسخ فيهن عندما يتعلق الأمر بوظائفهن التناسلية. 

فالنساء الفقيرات وغير المتعلمات يقفن في موقف ضعيف في تعاملهن مع الأطباء بسبب الفجوة الكبيرة التي تفصلهم عنهن ليس فقط من حيث المعلومات المتخصصة بل أيضا من ناحية المكانة والوضع الاجتماعي. 

 

وكما قالت إحدى نساء جاميكان لا تستيطع المرأة أن تتحدث معه على طبيعتها، لأنه عال جدا، (برودي Brody 1981/أ).  وتأتى حساسية حقوق المرأة في المعاملات العلاجية نتيجة تلهفها ومخاوفها، على اعتبار أنها طالبة مساعدة ومتوسلة من الطبيب المعالج الذي له إلى جانب علمه الاكثر، سلطة أو قوة اجتماعية، كما أنه بالمقارنة لا يعاني من الألم والخوف. 

فضلا عن أن الطبيب هو الحكم أو الوسيط المجاز اجتماعيا وثقافيا وخلقيا للأمور الصحية وله دور قد يؤثر في سلوكه كحارس لبوابة تقنيات منع وإنهاء الحمل أو الإجهاض، وغير ذلك من الوسائل القليلة والمحدودة للعمل في طلب العقم، على أنه مرض من الامراض. 

ويبلغ التعرض للمتاعب العاطفية أقصى مداه حينما لا يكون لدى المرأة علم تام وكاف بحالتها الخاصة.  ويبدو أن المعلومات العامة لدى النساء عن وظائف أعضاء الخصوبة والإنجاب، وكيفية مواجهة مشاكلها قاصرة للغاية حتى في الدول المتقدمة. 

 

ففي دراسة قامت بها الكلية الأمريكية للتوليد وأمراض النساء (جالوب Gallup، 1985) تبين أن الغالبية العظمى من النساء الأمريكيات تنقصهن بشدة المعلومات الكافية عن أمن اساليب منع الحمل المتوافرة وبخاصة الحبوب ومدى فعاليتها.

أما النساء اللائي يعتبرن غير خصبات او عقيمات، وحاولن بكل الوسائل أن يحملن، يصبحن بلا حول ولا قوة ويشعرن بالعجز التام والإحباط أمام الاطباء الذين لا يقدمون المساعدة، رغم امتلاكهم لمفاتيح السعادة لهؤلاء النسوة عن طريق تحقيق الأمومة لهن. 

ويلاحظ هذا بصفة خاصة في دول العالم النامي حيث تكون القيمة المنظورة للمرأة وكذلك تقديرها لذاتها مرتبطين في أغلب الاحيان بإنتاجها للأطفال. 

وبسبب الضغوط النفسية والمالية فيما يتعلق بالإخصاب في الأنابيب ذات الاحتمالات الإيجابية الضعيفة، فقد أصبح واضحا أن تقييم وضع الأبوين المتوقعين تقييما نفسيا سليما، وكذا إمكانية تقديم النصيحة والمشورة لهما، من الأمور الضرورية لاحترام حقوقهما الإنسانية. 

 

ولقد اعترف مكتب الكونغرس الأمريكي للتكنولوجيا والقياس بصفة رسمية بأن النصح والمشورة امر مهم للغاية ولكنه أحد المكونات التي تستخدم غالبا أقل مما ينبغي في علاج العقم أو عدم الخصوبة (الكونجرس 1988/ب، ص7). 

لقد نشرت الحكومة الاسترالية منذ مدة اوضح اعتراف بالضغوط التي يسببها الإخصاب في الأنابيب للنساء ولأزواجهن (المجلس القومي للاستشارات النسائية، 1986).  وبناء عليه صدرت توصية بضرورة تقديم المشورة النفسية بمجرد اكتشاف العقم، وكذلك في فترات الازمان. 

ويجب ان يكون المستشارون من المتخصصين المدربين ويكونوا ايضا مستقلين عن البرامج التي تعالج المرأة أو الزوجان في إطارها.

 

ولقد أصبحت الحاجة إلى النصح والمشورة أمرا واضحا خاصة بالنسبة لعامة الجماهير فيما يتعلق بالأمومة المستعارة.  حيث يتحتم تقديم المشورة القانونية والطبية في مثل هذه المواقف. 

ولقد ازداد وضوح أهمية الاستشارة مع التوسع في الإعلان عن الحالات التي لم ترغب الأم المستعارة فيها في التنازل عن الطفل الذي حملته، حتى في حالات الجنين المنقول الذي لم يكن لها أي دور في تخليقه الوراثي. 

 

فحملها له مضغة ثم تحوله إلى جنين في داخل جسدها والشعور به يتحرك في داخلها وما يترتبط بذلك من متعة، وكذا الشعور بالتغيرات الفسيولوجية في مختلف مراحل الحمل، ثم تجربة الوضع، تؤدي جميعها إلى ارتباط عاطفي ذي قوة كافية تفوق الالتزام التعاقدي المجرد بمنح رحم يتم فيه تطوير ونمو بيضة مخصبة تعود إلى امرأة أخرى. 

ويثير استخدام تقنيات التناسل هذه بعض التساؤلات عن الحد الأدنى من متطلبات الارتباط ومعنى العلاقات بين الوالدين والطفل، وما يجب أن تكون عليه هذه العلاقات، (الكونجرس، 1988/ب).

 

الأطباء كحراس

اصبحت وسائل منع الحمل الحديثة متوافرة في الصيدليات في معظم الديمقراطيات الصناعية، ولكن يتطلب الحصول عليها في كثير من الدول الاتصال بالاخصائيين الصحيين. 

اما عن الانتفاع بأحدث تقنيات التناسل ذاتها فما زال تتم من خلال العيادات والأقسام المتخصصة في المستشفيات. 

وفي هذه الحالة نجد أن السياسة الاجتماعية، كما هي في حالات أخرى من تقنيات الطب البيولوجية، تقتضي التوسط على المستوى الشخصي اي مع المرأة شخصيا، من خلال تعاملها المباشر مع الاطباء والممرضات والأخصائيين الاجتماعيين، والاخصائيين النفسيين وغيرهم من العاملين في المواقع الطبية شخصيات. 

 

ويعتبر الطبيب هو القائد، وهو الحارس في معظم امور تقنيات التناسل، وهو الذي يصف العلاج ويقدم النصيحة حينما تكون لدى المراة شكوك حول ما تستخدمه من وسائل. 

وحتى في حالات الأمومة المستعارة حيث تكون المسائل المتعلقة بقانونية التعاقد، وحقوق الملكية، هي الاساس الاكثر اهمية من القضايا التقنية.

فإن الطبيب في هذه الحالات يتدخل على أنه الحارس على صحة الأم المستعارة أثناء فترة ما قبل الولادة، وهو المفسر، والمتنبئ بكل ما ينتظر من نتائج بالنسبة للأبوين، باعتبار ما سيكون، المتعاقدين معها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى