التاريخ

حركة التنوير الفلسفية وتطور فلسفة علم النفس

1995 أمراض لها تاريخ

حسن فريد أبو غزالة

KFAS

علم النفس حركة التنوير الفلسفية التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

غير أنه في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، شهد العالم الأوروبي حركة فلسفية جديدة، تزامنت مع حركات التحرر التي تزعمتها الثورة الفرنسية عام 1789، وأطلقوا عليها اسم حركة التنوير الفلسفية أو حركة التبصر الفلسفية.

كان من ضمنها اتجاه نفر من الأطباء نحو إعادة النظر في الأمراض العقلية، وظهور المدرسة الجديدة في علوم النفس والأمراض العصبية، كان رائدها طبيب فرنسي  اسمه "فيليب باينيل Philllip Pinel" أصيب صاحب له كان يعمل مع الثورة الفرنسية المتقلبة الأطوار والأمزجة، فانتابته لوثة في عقله.

قيدوه بعدها وزجوا به في سجن مظلم تحت الأرض، لقد عز على الدكتور "فيليب باينيل" أن يعامل هؤلاء الناس الذين على حد قناعته مرضى يستحقون العطف والحرية، فطالب بفك القيود عنهم، وإطلاق سراحهم عام 1793 بالنسبة للرجال ولما حققت قناعته نجاحاً، اتبعها بمطالبة فك قيود النساء المريضات عام 1795.

إذا كان "فيليب بانيل" هذا رائداً في فرنسا فقد سجلت حركة التنوير الفلسفية رواداً  آخرين مثل ابراهام جولي Abraham Joly من جنيف بسويسرا عام 1787 وفنسينزو شياروجي Vincenzo Shiarugi من توسكانا بوسط إيطاليا عام 1788 حيث فلورنسا بلد الفن والثقافة وبيزا المشهور، وكذلك من أطلقوا عليه اسم المشعوذ "وليام توك Willaim tuke" من يورك بانجلترا عام 1796. 

جميع هؤلاء كانوا رواداً في الثورة الطبية في حقل الأمراض العقلية ضمن فلسفة التنوير التي اجتاحت المفاهيم في القرن الثامن عشر والتاسع عشر. 

 

ثم أعقبتهم ظهور المدرسة الحديثة في علم النفس، التي يعدون "سيجموند فرويد" أهم روادها، وقد بنى نظرياته على أن محور السلوك الإنساني هو الغريزة الجنسية، وإن الأسطورة الإغريقية التي حكاها الشاعر الإغريقي القديم "سوفوكليس".

وهي عقدة أوديب هي أساس المعاناة البشرية عند كل الناس، وإن كلامنا يحمل داخله شخصية أوديب ومعاناته ويحاول كبتها، فالأسطورة الإغريقية تروي أن ملك "طيبة" واسمه "لايوس" كانت زوجته "جيوكوستا" حاملاً حين تنبأت العرافات لها بأنها سترزق بولد جميل قوي حقاً،.

ولكنه سيقتل أباه ليتبوأ الملك من بعده، ومن ثم يتزوج أمه دون أن يدري أو يعلم، لقد حاول الملك أن يأخذ حذره من ابنه الشرير المنكود، فما أن ولد حتى عمد إلى ربط يديه وقدميه وإلقائه في البركة عند سفح جبل "سيشرون" ليموت أو تأكله الوحوش تفادياً للنبوءة المشؤومة، غير أن المصادفة شاءت أن يمر مزارع فقير ليحمل الولد المشؤوم الذي أطلق عليه اسم "أوديبوس" وهي تعني باليونانية (ذو القدم المتورمة) حيث تورمت اقدامه بسب الرباط المشدود عليها.

ثم كان أن نقله إلى ملك "كورينثيه" الذي تبناه وعاش أوديبوس في كنفه وكأنه ابنه وعندما سمع أوديبوس بالنبوءة هرب من القصر ظناً منه أن ملك كورشيه هو أبوه الحقيقي، وتستطرد الأسطورة فتقول إنه سار هائماً على وجهه حتى اقترب من مدينة طيبة، فلقى في طريقه وحشاً على هيئة أبي الهول يقطع الطريق ويسال عن الحيوان الذي يمشي صباحاً على أربع، وظهراً على إثنتين، ومساء على ثلاث، وكان يرمي من يجهلون الجواب في البحر ومر "أوديب".

 

فقال إنه الإنسان فالقى الوحش بنفسه في البحر، وانطلق أوديبوس فلقى رجلاً مهيباً رفض أن يوسع له الطريق، فكانت بينهما مشاجرة انتهت بأن يقتل أوديبوس ذلك الرجل المهيب الطلعة الذي لم يكن سوى ملك طيبة والد أوديبوس نفسه.

لهذا فقد اعتلى عرش طيبة، ومن بعدها تزوج زوجة الملك التي هي أمه ولكنه لم يكن يعلم ولا هي تعلم، وعندما علما فقد قلع أوديبوس عينيه وهام في الطرقات متشرداً فيما انتحرت أمه أيضاً… لقد صدقت النبوءة!!

إذن !!!!

هذا موجز الأسطورة التي يرى فيها "سيجموند فرويد" إنها مزروعة في نفوس كل البشر، وهي التي تتحكم في مصائرهم، لهذا نجد الولد يحب أمه فيما  يكره أباه، والبنت تحب أباها وتكره أمها على حد زعم فرويد وفلسفته.

هكذا تطورت فلسفة علم النفس حتى انتهت إلى القناعة بأن الأمراض العقلية ما هي إلا خلل في التراكيب الكيماوية للخلايا العصبية، وإن ما كانوا يسمونه بالجنون إنما يستحق تحديداً أدق وأكثر عمقاً، فصار في علم طب الأمراض العصبية والنفسية مرض اسمه "الفصام" أو "الشيزوفرينا" وصار مرض اسمه "الاكتئاب" عنواناً للأمراض العقلية، فيما كان القلق من نصيب الأمراض النفسية وهكذا.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى