علوم الأرض والجيولوجيا

جيوكيمياء مياه البحار

1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الثاني

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

جيوكيمياء مياه البحار مياه البحار البحار علوم الأرض والجيولوجيا

تتراوح كمية الأملاح المذابة في مياه المحيطات المفتوحة بين 32 ألف و 37 ألف جزء في المليون. يعكس هذا المدى تخفيف مياه البحار بوساطة الأمطار وكذلك التركيز بوساطة البخر.

وتسود أملاح البحار أيونات الكلوريد، الصوديوم، الكبريتات، المغنسيوم، الكلسيوم والبوتاسيوم (جدول 1) توجد جميع هذه الأملاح ما عدا الكالسيوم، بنسب ثابتة تقريباً في كل المحيطات.

وتظهر عناصر أخرى مثل البورون، البروم والفلورين بسنب ثابتة بالنسبة للكلوريد، ولكن نسب الكلوريد إلى عناصر عديدة أخرى تختلف بشكل محسوس.

 

ترجع معظم الاختلافات في تركيب مياه البحار إلى إزالة بعض العناصر بوساطة الكائنات الحية التي تعيش في المياه السطحية للبحار، وإلى إطلاق سراحها بعد ذلك عندما تتحطم الحبيبات الحيوية المتكونة عندما تغطس إلى المياه العميقة.

ويستثنى من هذه القاعدة الغازات المذابة التي يزداد ذوبانها وتركيزها في مياه البحار السطحية بانخفاض درجات الحرارة.

يمكن للنباتات البحرية أن تعيش فقط في المياه السطحية البحرية ، حيث يتوافر الضوء الكافي لعملية البناء الضوئي . وتعطي هذه الكائنات الحية الأكسجين وتستخرج ثاني أكسيد الكربون والنيترات المذاب والفوسفات من مياه البحار لتكوّن المواد العضوية.

 

وبالإضافة إلى ذلك فإن بعض  النباتات تفرز حبيبات صلبة من كربونات الكالسيوم (CaCa3) أو السيليكا الآبالية SiO2-(H2O)n .

وتستهلك الحيوانات النباتات البحرية . ويستخرج بعض هذه الحيوانات الكالسيوم المذاب والبيكربونات  والسيليكا لعمل الأصداف والأجزاء الصلبة الأخرى .

وعند موت هذه الأحياء تتحطم المواد العضوية بفعل البكتيريا ، ويطلق سراح النيتروجين والفوسفور وثاني أكسيد الكربون مرّة أخرى من الحيوانات الميتة إلى عمود الماء في الأعماق ويستهلك الأكسجين المذاب .

 

وتفتقر مياه المحيطات في السيليكا الأوبالية ، وتذاب بعض هذه الحبيبات ويطلق سراح السيليكا المذابة عند موت الكائن الحي الحامل لها ويتجمع البعض الآخر عند قاع البحار مكوناً تجمعات نزرية أو أوزرية (Oozes) سيليكاتية .

أما الحبيبات الكربوناتية فإنها تكون ثابتة في المياه السطحية فوق المشبعة ، وتتجمع في المياه الضحلة في قاع البحار ، بينما تكون المياه العميقة غير مشبعة نظراً لازدياد الضغط ، وعند عمق حوالي 4 كيلومترات تكون درجة عدم التشبع عالية ، بما يكفي للإذابة السريعة للكربونات .

وعلى هذا فإنه يحدث افتقار كامل في النيتروجين والفوسفور والسيليكون في المياه السطحية استجابة للعوامل الحيوية ، ويحدث ازدهار للنباتات البحرية فقط في وجود تيارات تنقية من القاع لتجديد المياه السطحية ، وتزويدها بالعناصر التي تجدد الحياة فيها.

 

وتوجد العناصر التالية بكميات ضئيلة جداً في المياه السطحية – الكربون ، النحاس ، النيكل ، الكادميوم ، الكلسيوم ، الاسترنشيوم ، الباريوم ، والراديوم .

وتفتقر مياه قاع البحار للأحواض المغلقة وغير المتجددة كلية إلى الأكسجين المذاب .

فالتنفس اللاهوائي في المياه غير المؤكسدة يختزل الكبريتات مكوناً كبريتيد الهيدروجين ، ويصبح الحديد والمنجنيز أكثر ذوباناً ويزداد تركيزهما بينما تترسب بعض الفلزات الأخرى مثل النحاس على شكل كبريتيدات .

 

موازنة الكتلة  Mass Balance  :

فسرت الوفرة النسبية المنتظمة للمواد المعدنية في رواسب المتبخرات البحرية الحديثة والقديمة ، بمعنى أن تركيزات المكونات الرئيسية في مياه البحر نادراً ما تكون أكثر من ضعف أو أقل من نصف تركيزاتها الحالية خلال 700 x 10 6 عام مضت . 

فلقد اعتبرت المحيطات في البداية نظاماً في حالة استقرار بمعنى أن معدل إزالة عنصـر مذاب ما يتساوى مع معدل الإضافة لهذا العنصـر من القارات ومن الجو ومن قاع البحر .

وينعكس معدل دورة عنصـر ما في المحيطات على زمن بقائه في الماء (زمن الاستضافة) والذي يتمثل في معدل مدى الزمن لذرة العنصـر الذي يقضيه في البحر ، من وقت دخوله ووقت خروجه من المياه .

 

ويمكن حساب زمن البقاء بقسمة الكتلة الكلية للعنصـر (بالجرام) في المحيطات على معدل ما يضاف منه أو على معدل ما يزال منه (جرام في السنة) .

ويقاس زمن البقاء الطويل لعناصر الصوديوم والكلور والبروم بحوالي 810 عام ، والزمن الأقل لعناصر الألومنيوم والحديد والتيتانيوم بحوالي 10 2 عام .

ويقدر عمر المحيطات بحوالي 3,5 x 910 عام على الأقل وبالتالي فهو أعلى من أي زمن استضافة أو بقاء للعناصر . ولا يختزن ماء البحر المكونات المذابة القادمة إليه إلى مالا نهاية . ولكنه يعمل ببساطة كمحطة مؤقتة للمواد المارة خلال الغلاف المائي .

 

ويمكن التوصل إلى قياس معقول لحساب موازنة الكتلة الجيوكيميائية للمحيطات وذلك من واقع معدل اضافة المواد من القارات والغلاف الجوي إلى المحيطات ويساعد في ذلك أننا نتفهم الآن معظم العمليات التي تؤدي إلى إزالة العناصر من مياه البحر. 

مثلاً تتم إزالة بعض من السيليكا المذابة والكلسيوم وبعض العناصر الأخرى بصفة دائمة من مياه البحر بالترسيب الحيوي للسيليكا الأوبالية وكربونات الكلسيوم ، في حين يتركز النيتروجين والفوسفور والنحاس مباشرة بوساطة الكائنات الحية في المواد العضوية ، ويمكن أن تتجمع على هذه الصورة في الرواسب البحرية .

كذلك فإن كمية كبيرة من الفلزات الثقيلة تزال من المياه بامتصاصها على سطح حبيبات عضوية أو أكاسيد المعادن . كما تزال كل المكونات المذابة بدرجات متفاوتة عندما تحبس مياه البحر في مسامات الرسوبيات البحرية أثناء الترسيب .

 

ومن بين العمليات غير المفهومة تماماً والتي تنظم موازنة الكتلة للمحيطات ، تلك العمليات التي تتحكم في إزالة العناصر ذات زمن البقاء الطويل في المياه مثل الكاتيونات الرئيسية التي تشمل الصوديوم والبوتاسيوم والمغنسيوم .

وفي أوائل الستينيات كان يعتقد أن تركيب مياه البحر يتحكم فيه الاتزان الديناميكي الحراري بين الغلاف الجوي ومياه البحر ، وكربونات الكلسيوم ومجموعة من أطوار المعادن السيليكاتية .

وقد أدى ذلك إلى افتراض آخر وهو أن إزالة الكاتيونات الرئيسية والسيليكا المذابة والبيكربونات تتم بصفة مستمرة بواسطة عملية "التجوية العكسية " ، التي يتم خلالها تفاعل هذه المكونات مع معادن سيليكات الألومنيوم القادمة مع الحمل المعلق في الأنهار ، مكونة ايليت وكلوريت ومونتموريلونيت

 

وهذا التفاعل بالضـرورة يجب أن يكون عكس التفاعل رقم (4) المشار إليه سابقاً . وقد أخفقت الدراسات الحقلية والمختبرية في التعرف على التجوية العكسية كعملية مؤثرة .

ويعتقد الآن أن تفاعل معادن السيليكات مع مياه البحر في ظروف درجات الحرارة البحرية العادية (2-30°س)

بطيء جداً لدرجة تجعله قد لا يؤثر في تركيب مياه البحر . ومن التفسيرات الأخرى والأكثر احتمالاً للتفاعل بين السيليكات ومياه البحر أن مرتفعات وحواف وسط المحيط تعتبر الأماكن الأكثر احتمالاً لحدوث تفاعل مؤثر بين مياه البحر والمعادن السيليكاتية.

 

حيث تتسبب درجات الحرارة المرتفعة في إحداث تيارات حمل لمياه البحر إلى أسفل وإلى أعلى خلال الصخور البازلتية المتكونة حديثاً .

وتزداد معدلات التفاعل تحت ظروف الحرارة المرتفعة ، وتزال بعض العناصر مثا المغنسيوم والقلويات من مياه البحر بينما تضاف عناصر أخرى مثل الألومنيوم والكلسيوم . وتلعب العمليات تحت البحرية هذه دوراً رئيسياً في موازنة الكتلة في المحيطات .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى