الفيزياء

تكنولوجيا السيليكون و صناعة أنصاف النواقل

2013 الرمل والسيليكون

دنيس ماكوان

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الفيزياء

تعتمد تكنولوجيا السيليكون هذه الأيام على أنجاز جاك كيلبي (Jack Kilby) في شركة تكساس للأجهزة (Texas Instrument) عندما أمكن تصنيع كل الأجهزة اللازمة لدائرة إلكترونية، أي المقاومات والمكثفات والترانزستورات، على نفس قطعة نصف الناقل (Kliby 1959). ترسب طبقات مناسبة على سطح بلورة أحادية ويُحقق انتشار شوائب في المناطق المناسبة لتصنيع أجهزة أنصاف نواقل.

وبالتزامن تقريباً عام 1959، أنتج روبرت نويس في فيرتشيلد لأنصاف النواقل أول دائرة متكاملة باستعمال التكنولوجيا السطحية حيث تحدث تنمية أجهزة الدائرة المختلفة على بلورة سيليكون وتوصل مع بعضها بواسطة الأسلاك. ومع تطور التكنولوجيا، استُبدلت الأسلاك بالتماسات المعدنية التي تترسب على طبقة الأوكسيد الحامية التي نوقشت سابقاً.

عالجت الدوائر المتكاملة التي اخترعها كيلبي ونويس ما يسمى طغيان الأرقام. كيف يمكن تصنيع دائرة تحتاج ملايين الأجهزة بكلفة معقولة؟ لقد مكنت الدائرة المتكاملة من إنتاج كل الأجهزة بالتوازي على بلورة أحادية من السيليكون ومن تصنيع نسخ متعددة من الدائرة على نفس البلورة وفي نفس الوقت. تقاسم جاك كيلبي جائزة نوبل عام 2000 (لسوء الطالع، توفي روبرت نويس قبل أن تُقرر لجنة نوبل المنح).

خلال إثني عشر عام فقط، انتقلت فيزياء أنصاف النواقل من البرهان الأول للترانزستور، الذي أثبت إمكانية تطوير مُضخِّم الحالة الصلبة لاستبدال مصباح الفراغ، إلى الدائرة المتكاملة التي أحدثت ثورة صناعة الإلكترونيات.

وكما يشير جون أورتون (John Orton) في روايته قصة أنصاف النواقل، يعتبر التوقيت كل شيء (Orton 2004, p. 99). لم يكن إنتاج الدوائر المتكاملة في البداية اقتصادياً مقارنة مع الأجهزة التقليدية في صناعة أجهزة الإلكترونيات وكانت صناعة أنصاف النواقل الناشئة تبذل جهوداً مضنية خلال الخمسينات.

ومع ذلك، أُطلقت مركبة سبوتنيك عام 1957، وبعد سنتين، قرر الرئيس كنيدي إرسال رحلة مأهولة إلى القمر قبل نهاية العقد اللاحق. وعلى الرغم من تمويل البحوث الأولية في مختبرات بل من قبل شركة AT&T بسبب حاجتها إلى تبديل مصباح الفراغ في نظام الهاتف، فإن التمويل الحكومي هو الذي دعم تطوير تكنولوجيا السيليكون في سنواتها الأولى بسبب الحاجة إلى أنظمة الكترونية مدمجة وخفيفة لأغراض برامج الفضاء والدفاع.

 

يعتبر الرمل على شكل سيليكون حجر الزاوية في صناعة الإلكترونيات المعاصرة، ويأتي بنفس الأهمية دور الرمل على شكل أوكسيد السيليكون. ولكي تنجح تكنولوجيا السيليكون، يجب تهدئة سطوح مناطق السيليكون المُشابة بتغطيتها بالأوكسيد بحيث لا تُحتبس الإلكترونات عند عيوب السطح.

وفي نفس الوقت، تعتبر هذه الدوائر الصغيرة سهلة العطب جداً مما يجعل غشاء الأوكسيد يحميها من التضرر والتلوث الخارجي. وحتى في أكثر دوائر CMOS حداثة، استُعمِل أوكسيد السيليكون (الرمل) للفصل بين قطب البوابة والسيليكون (الشكل 5.4). كما يأتي بنفس الأهمية استعمال أوكسيد السيليكون في العملية التصنيعية التي تحدد المساحات التي ستشاب انتقائياً.

كان اكتشاف الخواص المدهشة لأوكسيد السيليكون محض صدفة، ففي الأيام الأولى لتطوير الترانزستور، كان يُحقق انتشار أجهزة الإشابة في المناطق المناسبة، وكان يُمَرر غاز الهيدروجين الحامل لعنصر الإشابة فوق السيليكون الذي كان يُسخن إلى درجة حرارة عالية لزيادة انتشار أجهزة الإشابة في السيليكون.

وفي أحد الأيام عام 1955، كان يقوم لينكولن ديريك (Lincoln Derick) وكارل فروش (Carl Frosch) في مختبرات بل بتشغيل فرن انتشار عندما اشتعل الهيدروجين بالمصادفة. وعندما يشتعل الهيدروجين يتولد الماء ويتفاعل مباشرة سطح السيليكون معه لتشكيل غشاء من أوكسيد السيليكون الذي يبدو قوياً ومستقراً وخالياً من الثقوب، الأمر الذي يعتبر حقاً مصادفة سعيدة لأن قليلاً من المواد تُشكل طبقات أوكسيد خالية من الثقوب.

مضى ديريك وفروش لتبيان كيف يمكن استعمال غشاء الأوكسيد لتحديد مساحات السيليكون التي ستشاب وبيّنا أن عدداً من أجهزة الإشابة الشائعة لا تنتشر عبر الأوكسيد وتعبر إلى السيليكون. ويمكن تحديد المساحات التي ستُشاب بواسطة حفر الأوكسيد كما سيوصف فيما يلي (Derick and Frosch 1956).

تبين هذه المراجعة الموجزة كيف يُستعمل إدخال أجهزة الإشابة بعناية في الأماكن والتراكيز الصحيحة  في السيليكون فائق النقاوة في تصنيع الدوائر المتكاملة المعاصرة. لقد كان التحكم بالسيليكون وأوكسيده، إضافة إلى تطور فيزياء أنصاف النواقل، هو ما جعل تكنولوجيا السيليكون متاحة.

ومع استمرار الصناعة الإلكترونية في الامتثال لقانون مور (Moore) في مضاعفة عدد الترانزستورات في الدائرة المتكاملة كل ثمانية عشر شهراً، فإن حجم الترانزستور يتناقص كل سنة.

كان معالج إنتل 4004 الصغري الذي ظهر عام 1971 يمتلك 2300 ترانزستور (الشكل 6.4)، بينما كان يمتلك معالج إنتل بانتيوم 4 (Pentium® 4) الذي ظهر عام 2000 ما يساوي 42,000,000 ترانزستور.

وخلال ذلك الزمن، تقلص قطب البوابة من 10 ميكرون إلى  0.18 ميكرون. وتتمثل واحدة من روائع هندسة القرن العشرين في التقدم من ترانزستور الوصلة البدائي في الشكل 3.4 إلى المعالج الصغري في الشكل 6.4، كما يتجسّد هذا التقدم في السيليكون وأوكسيد السيليكون اللذين ينطلقان رمزياً من حبة رمل ناعمة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى