علم الفلك

تفسير ظاهرة “الحيود الكوني نحو الأحمر”

1996 نحن والكون

عبد الوهاب سليمان الشراد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

ظاهرة الحيود الكوني نحو الأحمر علم الفلك

ويبدو أن اكتشاف تمدد الكون قد ساهم في إلمامنا بمعضلة أوبلرز ، فعندما نتجه بأبصارنا نحو الفضاء السحيق إلى المجرات هناك سنجد أن ضوءها يزيد من حيوده نحو الأحمر

وإذا ما كانت الأرصاد تجري للمسافات الأبعد فسنرى أن الضوء يحيد من الأطوال الموجبة الضوئية الى الأطوال الموجبة لتحت الحمراء والراديوية غير المرئية ، أو يمكن ملاحظة أن بصرنا ستلاقى في الفضاء بأسطح بعض النجوم عالية اللمعان ، وسندرك أن ضوءها يعاني من حيود نحو الأحمر يصل إلى الأطوال الموجبة غير المرئية .

وبذلك يمكن تبين السبب الذي يؤدي إلى ظلمة السماء في الليل، وذلك ولا شك لأننا نعيش في كون متمدد 

 

عند عملية رصد مجرة بعيدة ما سنرى أن ضوءها يحيد نحو الأحمر وذلك يرجع إلى أنها تنطلق بسرعة مبتعدة عنا ، وربما تبلغ سرعة ابتعادها مقدارا ً يمكن مقارنته بسرعة الضوء.

وفي حالة تواجد كائنات ذكية على كوكب ما في تلك المجرة النائية ، فإنها لن تميز أو تلاحظ أي شيء غير معتاد يحدث لديها ، فكل شيء من حولها سوف يبدو اعتيادياً هادئاً ، فهم لم يندفعوا نحو أي مكان ، بل إن أرصادهم لمجرتنا التبانة ستكشف لهم أننا نندفع بعيداً عنهم بسرعة هائلة .

 

وعندما ينظرون إلى نجومهم وفناراتهم ومصابيحهم سيجدون أنها تبعث إشعاعاتها على الأطوال الموجبة المعتادة ، بدون حيود ، ولكنهم سيجدون أن الضوء القادم إليهم من مجرتنا قد ناله الكثير من الحيود نحو الأحمر .

إن ذلك التشبيه والافتراض للوضع يتشابه تماما مع المبدأ الكوني ، أو بمعنى آخر أن كل ما يمكن ذكره وفقا للقوانيين الفيزيائية التي تحكم الكون ((هو أن كوكبنا لا يعد أفضل من أي كوكب آخر)). و

 

لكي يمكننا إدراك وتفهم الحيود نحو الأحمر من خلال نظرة أكثر تمعنا ، يتوجب أن نواصل البحث والتركيز على ذلك الحيود ، فمع الزمن الذي يقترب به الضوء القادم من مجرة بعيدة إلينا ، يكون الكون آخذا بالتمدد.

وسيحدث التمدد استطالة في الطول الموجي Wave length لإشعاع الضوء القادم لنا ، وتتضح من خلال ذلك نتيجة تعني أنه ((كلما ازداد طول مسار الضوء يزيد مقدار الاستطالة في الطول الموجي))

فالضوء القادم من المجرات القريبة يبلغ الأرض في زمن قصير نسبيا ، وخلال مسيرته التي استغرقها لبلوغ الأرض لم يتمدد الكون كثيرا ، بمعنى أن الموجات الضوئية لم تمد كثيرا جدا ، وبذلك سيتم رصد حيود ضئيل نحو الأحمر .

 

ولكن الضوء القادم من مجرة مبتعدة بسرعة عنه سيتطلب زمنا طويلا جدا في طريقة جدا في طريقة نحو الأرض، وخلال هذه المدة سيتوفر للكون ما يتطلبه من الزمن ليتمدد كثيرا .

وسنلاحظ أيضا أن الموجات الضوئية ستتمدد كثيرا خلال رحلة الضوء البعيدة ، وفي تلك الحالة ستظهر ارصادنا حيودا نحو الأحمر ، يطلق عليه الحيود الكوني نحو الأحمر  Cosmological red shift .

وبالرغم من أننا قد تعرضنا كثيرا للمجرات القريبة والأخرى البعيدة ، إلا أن تأثيرات تمدد الكون لا تبدو جلية إلا مع أرصاد المجرات البعيدة جدا .

 

فالمجرات المجاورة لنا مثل مجرة المرآه المسلسة An- dromeda قريبة جدا لنا حتى أن تمدد الكون لن يكون له أي ظهور مميز خلال المدة التي يستغرقها الضوء في مسيرته باتجاهنا

وفي حالة مجرتنا السابقة فإن الضوء يستغرق نحو مليوني سنة لبلوغ الأرض.

ومع ذلك فإن حيودات دوبلر الاعتيادية الحادثة نتيجة الحركة الذاتية لبعض المجرات القريبة تفوق كثيرا في تأثيرها حيود الكون نحو الأحمر الواقع نتيجة تمدده

 

ونجد مثالا على ذلك أن مجرة المرآة المسلسة تقترب منا بسرعة ٢٦٠ كم / ثانية ، وهذه السرعة هي أعلى بكثير من السرعة المنفردة الحادثة نتيجة تمدد الكون .

وفي الواقع فإن طيف مجرة المرآة المسلسلة يظهر به حيود نحو الأزرق.

وإذا كنا بصدد حيود كوني نحو الأحمر فيتوجب علينا أن نمد بصرنا بعيدا جدا فيما وراء جيراننا في المجموعة المحلية local group .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى