تباطؤ وتيرة دوران اللب الداخلي للأرض
بقلم: هاري بيكر
”اللب الداخلي للأرض هو قطعة مصمتة من الحديد والنيكل“
ظل لب Core كوكبنا يدور ببطء غير معتاد على مدى السنوات الـ 14 الماضية. وإذا استمر هذا الاتجاه الغامض، يرجّح أن يؤدي ذلك إلى إطالة مدة اليوم على الأرض، على الرغم من أنه يرجّح أن تكون تأثيراته غير محسوسة بالنسبة إلينا. اللب الداخلي Inner core للأرض هو جزء بحجم القمر تقريباً مصمتة من الحديد والنيكل تقع على عمق أكثر من 3,000 ميل تحت أقدامنا. وهو محاط باللبّ الخارجي Outer core، وهي طبقة شديدة السخونة من المعادن المنصهرة تشبه تلك الموجودة في اللبّ الداخلي، ويحيط بها بحر أشد صلابة من الصخور المنصهرة المعروفة بالوشاح Mantle وكذلك القشرة Crust. على الرغم من أن الكوكب بكامله يدور، إلا أن اللب الداخلي قد يدور بسرعة مختلفة قليلاً عن الوشاح والقشرة بسبب لزوجة اللب الخارجي.
منذ أن بدأ العلماء يرسمون خرائط للطبقات الداخلية للأرض باستخدام سجلات مفصلة للنشاط الزلزالي قبل نحو 40 سنة، ظل اللب الداخلي يدور بوتيرة أسرع بقليل من الوشاح والقشرة. لكن الباحثين وجدوا أنه منذ عام 2010، يتباطأ اللب الداخلي ويدور الآن بوتيرة أبطأ بقليل من الطبقات الخارجية لكوكبنا. قال جون فيدال John Vidale، عالِم الزلازل في جامعة جنوب كاليفورنيا: ”عندما رأيت مخططات الزلازل التي ألمحت إلى هذا التغيير لأول مرة، شعرت بالحيرة. لكن عندما وجدنا 20 مشاهدة أخرى تشير إلى النمط نفسه، كانت النتيجة حتمية“.
إذا استمرت وتيرة دوران اللبّ الداخلي في التباطؤ، فقد يؤدي سحب الجاذبية Gravitational pull في النهاية إلى دوران الطبقات الخارجية لكوكبنا بوتيرة أبطأ قليلاً، مما يغير طول أيامنا. لكن أي تغيير محتمل سيكون في حدود جزء من الألف من الثانية، مما يجعل ”من الصعب جداً ملاحظته“، كما قال فيدال. ونتيجة لذلك، يرجّح ألا نضطر إلى تغيير ساعاتنا أو تقاويمنا لتعويض هذا الاختلاف، خاصة إذا كان مجرد تغيير مؤقت.
ليست هذه هي المرة الأولى التي يشير فيها العلماء إلى تباطؤ اللبّ الداخلي للأرض. وقد نوقشت هذه الظاهرة، المعروفة بـ”التراجع“ Backtracking، منذ عقد من الزمن تقريباً، لكن إثباتها كان من الصعوبة بمكان. حلّل الباحثون بيانات أكثر من 100 زلزال متكرر Repeating earthquakes، وهي أحداث زلزالية تقع بشكل متكرر في الموقع نفسه، بطول حدود الصفائح التكتونية Tectonic plate boundary في جزر ساندويتش الجنوبية South Sandwich في جنوب المحيط الأطلسي ما بين عامي 1991 و2023. مكّن كل زلزال العلماء من رسم خريطة للموقع النسبي للّب إلى الوشاح. وعن طريق مقارنة هذه القياسات، رأى الفريق كيفية تغير معدل دوران اللبّ الداخلي بمرور الوقت. قال فيدال إن هذا هو الدليل ”الأكثر إقناعا“ حتى الآن على حدوث التراجع. من غير الواضح حالياً سبب تراجع اللب الداخلي، لكن يرجّح أن يكون ناتجاً إما من ”خضّ اللب الخارجي للحديد السائل المحيط به“ أو من ”سحب الجاذبية من المناطق الكثيفة من الوشاح الصخري المغطي له“. وكذلك، فمن غير الواضح مدى تواتر حدوث التراجع. ربما كان دوران اللبّ الداخلي يتسارع ويتباطأ باستمرار، لكن يرجّح أن تحدث هذه التغييرات على مدى عقود أو أكثر. تدعو الحاجة إلى مجموعات بيانات أطول لتوصل إلى استنتاجات حول الاتجاهات الطويلة المدى.