العلوم الإنسانية والإجتماعية

تأثير الأزمةُ الاقتصادية على مجالي العلم والتقانة والتعليم لدول أمريكا اللاتينية

1998 تقرير1996 عن العلم في العالم

KFAS

الأزمةُ الاقتصادية العلم والتقانة التعليم لدول أمريكا اللاتينية العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة

إن الأزمة الاقتصادية التي تفشت في الثمانينات أثرت في التطور اللاحق لدول أمريكا اللاتينية.

وكما هو مبين في (الجدول 2)، فقد رافق انخفاض مستوى المعيشة الذي حدث خلال ذلك العقد تضخمٌ وانخفاضٌ في الاستثمارات التي بإمكانها إحداث وظائف إنتاجية.

وفي الحقيقة، فإذا قارنا البيانات التي نشرها بنك التنمية للدول الأمريكية (1993)، والتي تعود لعقدي السبعينات والثمانينات، يتضح أن متوسط النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي لكل فرد انخفض من %3.3 إلى %1.1 -في الوقت نفسه الذي انخفض فيه متوسط النمو السنوي للاستثمار المحلي الإجمالي من %7.2 إلى %3.0- إضافة إلى ذلك فقد كان معدل التضخم السنوي في بعض الدول يمثّل بعدد مؤلف من ثلاثة أرقام.

وهكذا فقد ووجهت دول أمريكا اللاتينية بمواقف معقدة جدًا تجلت بضغوط خارجية ونزاعات محلية نتيجة عدم تلبية طلبات قطاعات واسعة من الناس في مجالات التربية والصحة والإسكان والخدمات العامة.

هذا وإن البحث عن موارد مالية وتوفير الطلبات الملحة للناس الذين تحولوا إلى فقراء نتيجة هذه الظروف كانا الشغل الشاغل لحكوماتهم.

فكان على هذه الحكومات ادخار معظم طاقاتها للتعامل مع الأزمة يوميًا مما يجعلها تهمل تطبيق سياساتها الطويلة والمتوسطة الأجل التي كانت الضمان الوحيد لإنجاز تطوير متوازن وعملي.

 

وكان للتطبيق الطويل الأجل لاستراتيجية التبادل في الاستيراد (ISS) التي استمرت حتى نهاية السبعينات آثارٌ حاسمةٌ في القدرة التنافسية العالمية لاقتصادات دول أمريكا اللاتينية.

وقد سمحت هذه الاستراتيجية لاقتصادات المنطقة بأن تحقق معدلات نمو عالية. بيد أن الافتقار إلى عناصر العلم والتقانة اللازمة للانتقال إلى المرحلة التالية من الإنتاج المحلي للسلع والتجهيزات المصنعة سرعان ما أصبح أمرًا واضحًا.

وكانت النتيجة التي تمخضت عن هذه الحقائق هي أنه فيما كانت أمريكا اللاتينية تدخل في عقد الثمانينات، فإن جميع دول المنطقة، حتى تلك التي كانت أقدر على تطبيق الاستراتيجية ISS، عانت ركودًا في النمو الاقتصادي، كما فقدت في الوقت نفسه حصتها في سوق التجارة الدولية، وزاد اعتمادها على التقانات المستوردة.

وقد أدت الامتيازات التي قُدِّمَتْ لحماية الأسواق المحلية إلى إضعاف رجال الأعمال وتثبيط روح التنافس والتجديد في المشروعات الحديثة.

ويمكن لهذه الحقائق أن تفسر، ولو جزئيًا على الأقل، الصدمة القوية التي سببتها الليبرالية الاقتصادية وانتهاج سياسات تجارية تحررية في معظم مشروعات أمريكا اللاتينية.

إن برامج التعديلات الحديثة التي يجري تصورها كحلول للأزمة أخفقت في توفير نمو اقتصادي طال انتظاره. بل إن ما حدث هو العكس.

 

فالأزمة المكسيكية في الشهور الأولى من عام 1995، والأثر الذي خلفته في بقية الاقتصادات الإقليمية، بيّنت هشاشة الحلول التي قُدِّمت من قِبَل البلدان المعنية لتلافي الأزمة.

وقد أوضحت الأزمة أيضًا كلاً من الطبيعة الاستراتيجية لقطاعات التعليم والعلم والتقانة في معرض إسهامها في التطوير، والحاجة إلى تحديثها كي تصبح هذه القطاعات قادرة على تلبية متطلبات اقتصادات أمريكا اللاتينية.

هذا وإن التطور الحديث في الاقتصادي العالمي، الذي يتجلى في العولمة الاقتصادية والمالية والتقانية، يضع أمريكا اللاتينية في مواجهة تحدٍ كبير فيما تواصل هذه الدول بذل الجهود لتغيير دورها التقليدي في التجارة العالمية، والذي ما زال يستند أساسًا، في القسم الأكبر منه، إلى تصدير السلع والبضائع الرخيصة.

ويتعين على دول أمريكا اللاتينية أن تستبعد دورها الحالي وأن تُحِلَّ محلَّه دورًا يتميز بخاصةٍ أكثر تنافسية مبنيًا على صادرات ذات قيمة أعلى، وهذا أمر يتطلب من قطاعات التعليم والعلم والتقانة أن تؤدي دورًا رياديًا.

 

ولسوء الحظ، فإن الوضع الاقتصادي المتدهور في عقد الثمانينات، والذي أشرنا إليه، أسفر عن إنفاق متواضع على التعليم وعلى العلم والتقانة في جميع أرجاء المنطقة.

وفي ضوء التغيرات التي تحدث حاليًا في العالم، فإن على حكومات المنطقة أن تُجري تقييمًا لقطاعات التعليم والعلم والتقانة والصناعة تحدد من خلاله نواحي القوة والضعف. وسيكون هذا التقييم صالحًا أيضًا كأساس لإجراءات الإصلاح كي نضمن إسهامًا فعالاً من قبل جميع القطاعات للتواصل إلى أهداف التطوير المرجوة.

وكما أشار (Papon and Barré, 1993)، فإن الدور الرئيسي للحكومات الوطنية فيما يتعلق بأنظمة العلم والتقانة هو دور "المنظم" regulator.

فالحكومات تقوم بإجراء التحليل الاستراتيجي والتنبؤات على المستوى الوطني، وكذلك تقييم عمل مراكز البحوث، ومتابعة وضع الحدود الفاصلة بين النظام الوطني للعلم والتقانة من جهة وبين قطاعي التعليم والصناعة من جهة أخرى، وكذلك وضع الحدود بين سلطات الدولة وبين المجتمع بشكل عام.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى