علم الفلك

المسبار القمري “لونا”: أنواعه واستخداماته

2013 دليل مراقب القمر

بيتر غريغو

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علم الفلك

أصبحت دراسة القمر بواسطة المركبة الفضائية أولوية لكل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي. وقد علمتنا المسبارات القمرية الآلية (الروبوتية) وبعثات مركبة الفضاء أبولو في العقود الأربعة الأخيرة من القرن العشرين حول القمر أكثر مما تعلمناه خلال القرون الأربعة السابقة من مراقبة القمر.

تم تنفيذ برنامج القمر السوفيتي بشكل رئيس عبر سلسلة من المسبارات التي حملت الاسم لونا (رغم أن المسبارات الثلاثة الأولى سميت لونك). وقد أطلقت دزينتان منها بين يناير / كانون الثاني 1959 وأغسطس / آب 1976، بدءاً بالمسبارات القمرية الأساسية التي تطير حول القمر، وانتقالاً إلى المسبارات التي هبطت على القمر بدون طاقة، إلى العربات المتحركة وبعثات القمر التي عادت بعينات.

أطلق المسبار لونا 1 في يناير / كانون الثاني 1959. لم يكن الإطلاق في هذا الحدث التاريخي لإطلاق أول مسبار للقمر سيئاً – فقد حاد المسبار لونا 1 عن الهدف بمسافة 5000 كم فقط. وأصبح المسبار لونا 2 بعد تسعة شهور أول مسبار يصيب القمر، مفجراً فتحة بحجم 10م بين الفوهات البركانية أوتوليكوس وأرخميدس، تبعته بعد ذلك بوقت قصير المرحلة الأعلى للصاروخ. ولتشريف الجنس البشري بأول اتصال حقيقي بين الكواكب، سميت منطقة الارتطام بالخليج القمري (Sinus Lunicus) من قبل الاتحاد الفلكي الدولي في عام 1970. ويسهل تحديد موقع المنطقة عبر التليسكوبات الصغيرة، رغم أن الفوهات القمرية التي تعلم حدود الارتطامات أصغر بكثير من أن ترى.

وبعد شهر حصل المسبار لونا 3 على أولى الصور للجانب البعيد للقمر، حيث أظهرته على أنه يختلف جذرياً عن الجانب القريب. فلم تُرَ فيه سهول بحرية معتمة كبيرة، إنما مجرد بقع مظلمة قليلة بحجم الفوهات البركانية وسط مساحة مبقعة مشرقة مترامية الأطراف. فقام علماء الفلك السوفيت بتحليل الصور المغبشة وتم إعداد خريطة تجسدت عليها مئات الأشكال التضاريسية على الجانب البعيد، مع وضع تسميات للتشكيلات الـ 18 الأبرز. والجدير بالملاحظة بحر موسكو (بحر موسكو) والسهل المنبسط الكبير ذو الأرضية المعتمة المسمى تزيولكوفسكي (على اسم مُنظر الرحلات الفضائية الروسي) بجباله المركزية البارزة. ونظراً لأن الخرائط الأولى اعتمدت على صور رديئة، فإن العديد من الأشكال التضاريسية التي تصورها لا توجد فعلياً، وأبرزها سلسلة الجبل السوفيتي على امتداد 2000 كم والتي ظهر لاحقاً بأنها توضع متسلسل غامض من البقع.

تحقق نجاح الهبوط الهادئ في شهر فبراير/ شباط 1966، بعد سلسلة من المحاولات الفاشلة، عندما هبطت مركبة الفضاء لونا 9 على بعد حوالي 40 كم شمال شرق فوهة كافاليريوس في محيط العواصف. وسميت منطقة الهبوط باسم بلانيتيا ديسنسوس (سهل الهبوط) للاحتفاء بالحدث. ويسهل تحديد موقع سهل الهبوط عبر تليسكوب باعتباره يقع في منتصف المسافة الفاصلة بين غاما راينر الرائعة والحافة الشمالية لفوهة كافاليريوس. وكان بيرنارد لوفيل أول من أعلن صورة مركبة لونا 9 في مرصد إذاعة بنك/ مصرف/ جودريل في انكلترا، حيث تم اعتراض (التنصت على) عمليات إرسال المركبة. أظهرت المركبة لونا 9 أن سطح القمر (على الأقل في المنطقة المجاورة للمركبة) ليس كما نظَّر بعض علماء القمر مغطىً بطريقة سميكة من الغبار القادر على احتواء مركبة فضاء أثقل بالكامل – وهذا خبر جيد لمخططي رحلة أبولو.

أصبحت مركبة لونا 10 أول تابع اصطناعي للقمر في أبريل/ نيسان 1966. وحصلت المركبة المحلقة على مدارها على بيانات علمية قيمة خلال رحلتها الممتدة على اكتشاف أحزمة إشعاع. وتحقق نجاح مشابه في المدار القمري ضعيف، ولم يتم اكتشاف أحزمة إشعاع. وتحقق نجاح مشابه في المدار القمري لمركبات الفضاء لونا 11 ولونا 12، وكلاهما أطلقتا في وقت لاحق تلك السنة. وفي ديسمبر / كانون الأول 1966، هبطت مركبة لونا 13 بهدوء في محيط العواصف، على بعد 40 كم جنوب شرق الفوهة سيليوكوس، وحصلت على صور تلفزيونية عالية الدقة وعمليات مسح بانورامية للمشهد القمري. وقامت أذرع المسبار القابلة للامتداء بجمع عينات من تربة القمر (الثَّرى). وقد تم اختبار الثرى بمطرقة متفجرة ووجد بأنها تشبه كثافة تربة الأرض. وكانت التضاريس بالقرب من المركبة منبسطة ودراسة، حيث لا يُرى فيها إلا فويهات بركانية صغيرة.

هبطت المركبة لونا 16 بهدوء في سبتمبر / أيلول 1970 شمال شرق بحر الخصوبة. وقامت آلية سحب عينات الثرى المربوطة بذراع طويل قابل للامتداء بحفر ثقوب في السطح، وتم وضع عينات بوزن 100 غ في القسم الأعلى من المركبة وأطلقت القسم الأعلى باتجاه الأرض بعد يوم واحد تاركاً وراءه القسم السفلي ليتابع إجراء القياسات على سطح القمر. وكانت تلك أول رحلة آلية (بوبوتية) ناجحة تعود بعينات.

تم نقل عربة كبيرة جوالة مؤتمتة اسمها لونوخود إلى القمر في نوفمبر/ تشرين الثاني 1970 على متن المركبة لونا 17، التي هبطت على بُعد 60 كم جنوب شرق برومونتوريوم هيركاليديس في بحر الأمطار. وكان يتحكم بالعربة الجوالة ذات العجلات الثمانية فريق صغير موجود على الأرض كان يتحرى العقبات بواسطة نظام تلفزيوني أساسي. وقد أعطت كاميرات التلفاز الأربعة ذات الدقة العالية مشاهد رائعة لتضاريس القمر. قطعت العربة لونوخود في يومها 322 من الرحلة 10.5 كم، متجهة جنوباً عبر السهول وعائدةً إلى منطقة الهبوط، حيث التقطت 20.000 صورة و 200 صورة بانورامية.

تحطمت المركبة لونا 18 في النجود الواقعة شمال شرق بحر الخصوبة في سبتمبر أيلول 1971. وهبط المسبار التالي بنجاح، لونا 20، بعد خمسة شهور على بُعد بضعة كيلومترات من موقع تحطم المسبار الذي سبقه، وعاد إلى الأرض بـ 30 غراماً من التربة. وقام المسبار لونا 21 في يناير / كانون الثاني بوضع العربة لونوخود 2 على القاع الجنوبي للفوهة البركانية لومونييه، المجاورة لبحر الصفاء. وكانت العربة لونوخود 2 نسخة أكثر تطوراً من العربة الجوالة الأولى بأهداف إضافية تضمنت دراسات مغناطيسية ودراسات قياس الضوء. قطعت العربة لونوخوند 2 في عمرها الذي امتد أربعة شهور 37 كم إلى الأسوار الجنوبية لفوهة لومونييه وجالت حول حافة الفوهة، عائدةً ببيانات قمرية قيّمة. وكانت أخر رحلة ناجحة في السلسلة رحلة المسبار لونا 24، الذي عاد بعينة من تربة القمر أخذت من عمق مترين تحت سطح بحر الأزمات، قرب الفويهة البركانية بيكارد X في أغسطس / آب 1976.

 

 

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى