المحطات الفضائية المستقبلية
مع اقتراب محطة الفضاء الدولية من نهاية عمرها التشغيلي، تدرس وكالة ناسا خطواتها التالية
أكثر من 280 رائد فضاء من 23 دولة مختلفة.
بقلم: أندرو ماي
طوال أكثر من عقدين من الزمن، تضمنت الغالبية العظمى من البعثات الفضائية المزودة بطاقم زيارات إلى محطة الفضاء الدولية International Space Station (اختصاراً: المحطة ISS). تمثل المحطة مورداً فريداً من نوعه في تاريخ البشرية، فهي موقع بحثي علمي مشغول باستمرار في مدار الأرض. إن غياب الجاذبية الملموسة يمكّن العلماء ورواد الفضاء الموجودين على متن المحطة من إجراء تجارب قد يستحيل تنفيذها على الأرض، سواء في مجال العلوم الأساسية أم فيما يتعلق بالتطبيقات المحتملة لتطوير التكنولوجيا، وكذلك بحث آثار الرحلات الفضائية الطويلة على الجسم البشري.
ضمت إحدى محطات
الفضاء السوفييتية مسدساً
”للدفاع عن النفس“
ولدت محطة الفضاء الدولية في البداية من مزيج من مشروعين مستقلين: المشروع الذي اقترحته روسيا كخليفة للمحطة ”مير“، وخطط وكالة ناسا لإنشاء محطة مماثلة خاصة بها. وإضافة إلى هذين المتنافسين السابقين في الحرب الباردة، انضمت إلى فريق محطة الفضاء الدولية كندا واليابان ووكالة الفضاء الأوروبية، مما جعلها جهداً دولياً حقيقياً. أطلقت أولى وحدات محطة الفضاء الدولية في نوفمبر 1998، وبعدها بسنتين استقبلت المحطة أول أفراد طاقمها للإقامة لفترة طويلة. وظلت مأهولة باستمرار منذئذ.
”لسوء الحظ، لن تستمر محطة الفضاء الدولية إلى الأبد“
مع الأسف، كما هي الحال مع أي هيكل مشيّد آخر، فإن محطة الفضاء الدولية لن تستمر إلى الأبد. لقد مددت فترة عملها عدة مرات بالفعل، لكن من غير المرجح أن يتغير تاريخ خروجها من الخدمة المخطط له حالياً وهو عام 2030، حيث لا يوجد ضمان لأن تظل آمنة بعدئذ. تدرس وكالة ناسا خليفة محتملاً، أو على الأرجح عدة خلفاء. إحدى المشروعات التالية الجاري العمل عليها بالفعل هي محطة غيتواي Gateway الفضائية، التي تحتاجها وكالة ناسا كجزء من برنامج آرتميس Artemis program لإعادة البشر إلى القمر. ستكون هذه في الأساس نسخة أصغر من محطة الفضاء الدولية، لكنها ستدور حول القمر وليس الأرض. وباعتبارها أقرب إلى الأرض، قدمت وكالة ناسا أموالاً لشركتين خاصتين لاستكشاف خيارات الجيل التالي من المحطات الفضائية التي تدور حول الأرض في إطار مبادرة تعرف بـ”الوجهات التجارية في مدار أرضي منخفض“ Commercial Destinations in Low Earth Orbit.
لماذا ستُستبدل محطة الفضاء الدولية؟
كانت الأبحاث التي أجريت على محطة الفضاء الدولية ذات قيمة كبيرة – سواء من حيث فهم بيئة الفضاء أو في تطوير التقنيات التي تفيدنا هنا على الأرض – لدرجة أن وكالة ناسا تريد مواصلة هذا إلى أجل غير مسمى. لكن للقيام بذلك، سيلزم إيجاد بديل لمحطة الفضاء الدولية. المشكلة هي أن محطة الفضاء الدولية، كما هي الحال مع السيارات أو الطائرات القديمة، تحتاج إلى صيانة متزايدة لمجرد الحفاظ على سلامتها. من المعروف أن البيئة المدارية لا ترحم، حيث تتأرجح درجات الحرارة لأكثر من 200°س في كل مرة تمر فيها المحطة دخولاً أو خروجاً من ضوء الشمس. وكذلك تنجم أضرار مادية عن الأشعة فوق البنفسجية، والتي تفوق ما نتعرض له على مستوى الأرض، إضافة إلى الضغط المستمر الناتج من التحام المركبات الفضائية بالمحطة وانفصالها عنها. كل هذا يؤثر سلباً في هيكل المحطة، والذي يرجّح أن يعاد إلى الأرض ضمن عملية إعادة دخول محكومة ولكنها محمومة في وقت ما بعد عام 2030.
لمحطة الفضاء الدولية
1998
أطلقت أول وحدتين بمحطة الفضاء الدولية، زاريا Zarya ويونيتي Unity، من قبل روسيا وأمريكا على التوالي وانضمتا إلى المدار.
2000
الطاقم الأول لمحطة الفضاء الدولية، المكون من رائدي فضاء روسيين ورائد فضاء من وكالة ناسا، أقام في المحطة لمدة 4 أشهر.
2001
ركبت وحدة المختبر الرئيسية الأمريكية، ديستني Destiny، من قبل طاقم مكوك الفضاء أتلانتس Atlantis.
2008
أضيف المختبر الأوروبي كولومبوس Columbus في فبراير، وتلاه المختبر اليابانيكيبو Kibō في مارس.
2010
ركّبت كوبولا Cupola، وهي قبة مراقبة الأرض البانورامية في محطة الفضاء الدولية.
2016
أضيفت إلى محطة الفضاء الدولية وحدة جديدة قابلة للنفخ، وهي وحدة بيغلو للأنشطة القابلة للتوسيع Bigelow Expandable Activity Module، أو BEAM اختصاراً.
2026
تخطط شركة أكسيوم سبيس Axiom Space الخاصة لإضافة مجموعة من الوحدات الإضافية إلى محطة الفضاء الدولية ISS.
2031
ستُخرج محطة الفضاء الدولية ISS من مدارها وتُسقط عمداً في بقعة نائية من المحيط الهادي، مما يمثل نهاية عقود من الخدمة.
أوربيتال ريف Orbital Reef
بلو أوريجين Blue Origin
جارٍ تنفيذ مشروع آخر كجزء من مبادرة الوجهات التجارية في مدار أرضي منخفض لوكالة ناسا، ويديره ائتلاف من الشركات الخاصة بقيادة شركة بلو أوريجين Blue Origin المملوكة لجيف بيزوس Jeff Bezos، والتي تشتهر حالياً برحلاتها السياحية الفضائية دون المدارية. مثل محطة الفضاء الدولية، تتسم أوربيتال ريف بتصميم مؤلف من وحدات يمكن بناؤها بمرور الوقت، لكن يُتوقع أن تستهدف نطاقاً أوسع من المستخدمين، بما في ذلك الشركات التجارية وكذلك وكالة ناسا. تصف شركة بلو أوريجين هذه المحطة الفضائية من الجيل التالي بأنها ”مجمع أعمال متعدد الاستخدامات على بعد 250 ميلاً فوق الأرض“. على الرغم من أن وظيفتها الأساسية ستكون البحث العلمي على غرار محطة الفضاء الدولية، إلا أن أوربيتال ريف ستوفر بيئة أكثر فخامة، مع وحدات أوسع، وكثير من النوافذ الكبيرة، وأماكن منفصلة للاستخدام الشخصي والتجاري. يُخطط حالياً لإطلاق الوحدات الأولى منها في عام 2027.
1 الترتيب الأولي Initial Configuration
في البداية، ستحتوي أوربيتال ريف على عدد قليل من الوحدات للأبحاث والإقامة.
2 الترتيب النهائي Final Configuration
بمرور الوقت، ستضاف وحدات أخرى لتوسيع قدرات المحطة.
البوابة القمرية (لونار غيتواي)
وكالة ناسا NASA
في حين تتركز معظم الإثارة حول برنامج آرتميس لوكالة ناسا على هبوط الطاقم على سطح القمر، إلا أن لديه هدفاً ثانوياً يتمثل في إنشاء محطة فضائية تشبه محطة الفضاء الدولية في مدار القمر. سيكون هذا المشروع، المعروف باسم ”غيتواي“ Gateway، بمثابة مشروع دولي مثل محطة الفضاء الدولية، بمشاركة مُساهمين من اليابان وكندا وأوروبا والإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى وكالة ناسا نفسها. ستعمل غيتواي كمختبر بحثي ومركز اتصالات لبعثات آرتميس، وستدور في مدار بيضاوي واسع حول القمر. عند أقرب نقطة لها، ستتواجد على بعد يزيد قليلا على 900 ميل من سطح القمر، لكن على مسافة تصل إلى 43,000 ميل (692,016,2 كم) في أبعد نقطة لها. جار بالفعل تنفيذ أنشطة البناء في العنصرين الأولين للمحطة – واحد للطاقة والدفع والآخر للسكن والخدمات اللوجستية، ومن المقرر إطلاقها في عام 2027.
1 كبسولة أوريون Orion Capsule
سيصل رواد الفضاء إلى غيتواي في مركبة أوريون الفضائية Orion spacecraft التابعة لوكالة ناسا.
2 تصميم مؤلف من وحدات Modular Design
ستتكون المحطة الفضائية من عدة وحدات مختلفة، على غرار محطة الفضاء الدولية.
ستارلاب Starlab
نانوراكس Nanoracks
أحد المشروعين اللذين ترعاهما وكالة ناسا. وكما هي الحال مع أوربيتال ريف Orbital Reef، سيديره فريق من العديد من الشركات الخاصة، بقيادة نانوراكس Nanoracks في هذه الحالة – وهي مورّد موثوق به لوكالة ناسا فقد وفرت قطعاً مختلفة من الأجهزة لمحطة الفضاء الدولية. من حيث المفهوم، يختلف مختبر ستارلاب Starlab بوضوح عن أوربيتال ريف ومحطة الفضاء الدولية، وكلاهما يتطلب نشاطاً إنشائياً كبيراً في الفضاء. وبدلاً من ذلك، سيجمّع ستارلاب هنا على الأرض ويُطلق بكامله في المدار برحلة واحدة لصاروخ ستارشيب Starship الضخم من شركة سبيس إكس Space X. يشبه هذا طريقة إطلاق أول محطة فضائية لوكالة ناسا، سكاي لاب، في عام 1973. هناك ميزة فريدة أخرى لستارلاب، وهو أنه مصمم ليكون ”حر الطيران“، بدلاً من أن يقيده مسار مداري ثابت مثل المحطات الفضائية الأخرى. ومن المقرر حالياً إطلاقه في عام 2028.
1 وحدة الموئل Habitat Module
واحدة من وحدتين فقط في هذه المحطة، وتُستخدم كمكان للمعيشة وكمختبر.
2 وحدة الخدمة Service Module
تزود المحطة بالطاقة عبر ألواح شمسية، إضافة إلى احتوائها على محركات للدفع.