البيولوجيا وعلوم الحياة

الكانولا الكندية والأضرار المترتبة على زراعتها في حال هندستها وراثياً

2014 البذور والعلم والصراع

أبي ج . كينشي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

البيولوجيا وعلوم الحياة

الكانولا هي منتج كندي بدعم حكومي لبرنامج تربية النباتات للفترة من ستينات وسبعينات القرن الماضي، الذي تمّ فيه بنجاح تحويل بذور اللفت (Rapeseed) إلى بذور زيتية صالحة للاستهلاك البشري، وأُطلق عليها تسمية كانولا (Canola)(9).

ونتيجة لهذه العملية شهدت صناعة بذور اللفت تحوّلاً دراماتيكياً هائلاً، إذ "تغيرت من كونها صناعة صغيرة، ومنتجات متخصصة تنتَج في عدد قليل من البلدان النامية، إلى ثالث أكبر مصدر لزيت الاستهلاك البشري، ينتج ويستخدم في العديد من الأمم الزراعية المتقدمة" (Phillips and Isaac 2001, 244).

فالكانولا اليوم واحدة من أكثر زيوت الطهي شعبية، وواحدة من أكثر المحاصيل الرئيسية المنتجة في البراري الكندية. فالكانولا مهمة بشكل كبير، إذ تدرُّ ربحاً سنوياً لدعم الاقتصاد الكندي بما يقدر بحوالي أربعة عشر مليار دولار (Canola Council of Canada 2008). و

تعتبر كندا لحد الآن من أكبر مصدّري الكانولا، باستثناء الصين التي تفوقها بإنتاجه ولا تصدر منه إلا نسبته قليلة. واستناداً إلى منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، تُعتبر فرنسا ثاني أكبر مصدّرٍ لبذور اللفت وبذور الخردل (بما في ذلك فئة الكانولا في هذه الاحصاءات)، فهي تصدر أقل بقليل من نصف ما تصدره كندا، وعليه فإن كندا هي البلد الأكثر اعتماداً عليه في تصدير الكانولا من بين كل منتجيها في العالم. حيث أنتجت كندا عام 2004م ما يقارب 9.86 مليون طن من الكانولا، وصدّرت منه ما يقارب 86% (Phillips and Isaac 2001, 247).

منذُ أن تمّ لأول مرة التعريف بالكانولا المهندسة وراثياً في كندا خلال منتصف تسعينات القرن الماضي، فإن معظم المزارعين الكنديين قد تبنّوا استخدامها بشغف، ومع عام 2009م كان ما يقارب 93% من الكانولا المزروعة والمنتجة في كندا مهندس وراثياً (James 2009).

 

ففي أواخر تسعينات القرن الماضي وأوائل العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، كان على الرغم من [انتشار الكانولا المهندسة وراثياً] هناك عدد محدود من المزارعين يقوم بزراعة الكانولا التقليدية (زراعة الكانولا غير المهندسة وراثياً).

وعليه، فقد كان عملياً من المستحيل لهؤلاء المزارعين تجنّب التلوّث، الذي فرض مجموعة متنوعة من التهديدات، بما في ذلك اتهام [المزارعين العضويين] بانتهاك براءة الاختراع (براءة اختراع حفظ البذور المهندسة وراثياً)، وخسارتهم في بيع منتجاتهم العضوية إلى البلدان التي لا تتقبل الأغذية المهندسة وراثياً.

هذه الوقائع تختلف طرقها نوعاً ما كثيراً عن تلك التي كانت في حالة الذرة المكسيكية. فعلى الرغم من الأهمية الاقتصادية للكانولا، إلا أنها لا تمتلك الأهمية التاريخية والبيئية والثقافية التي كانت للذرة المكسيكية.

علاوةً على ذلك، إن الكانولا الكندية المهندسة وراثياً غير محكومة بتنظيمات وقيود، فلذلك حين يحدث أي تلوث، يكون هذا التلوث جزءاً من الأصناف المعتمدة، وهذا مخالف لما حدث في الذرة المكسيكية المهندسة وراثياً التي لم يتم الموافقة على زراعتها لأغراض تجارية.

تنتشر حبوب الكانولا الصغيرة بين الحقول من خلال حملها بواسطة الهواء أو سيارات التحميل أو الحيوانات، كما أن حبيبات تلقيح الكانولا يمكنها أن تمتدّ في الحقول لمسافات طويلة. فاختلاط  (Promiscuity) الكانولا قد أدّى إلى تلوث إمدادات البذور.

فلا وجود لفحص جيني لبذور الكانولا المحوّرة وراثياً، ولحدّ الآن هناك دراسات أظهرت انتشار التلوث الوراثي على نطاق واسع (Downey and Beckie n. d.; Friesen, Nelson, and Van Acker 2003).

إضافة إلى ذلك، فإن الدراسات المختبرية قد حصلت على أدلة تشير أن حبيبات اللقاح قد تتدفق في المزارع الكندية لمدى قد يصل ما بين 366 متراً (Stringam and Downey 1982)، وإلى أربعة كيلومترات في المملكة المتحدة (Thompson et al. 199).

 

وفي عام 2002م درست مجموعة من الباحثين الأستراليين تدفّق حبيبات اللقاح المستخدمة، مؤكدين من خلال البيانات المختبرية تدفق حبيبات لقاح الكانولا في المزارع التجارية لمسافات طويلة(Rieger et al. 2002). وعُثر على كمية من الحبيبات اللقاحية كانت قد انتقلت بواسطة الهواء والحشرات من مصدرها لمسافة تصل إلى ثلاثة كيلومترات.

لقد علّق أحد مؤلّفي هذه الدراسة الأسترالية بقوله إنه بسبب كميات الجين المتدفّقة لمسافات طويلة التي لم تكن بتلك الكمية الكبيرة، فينبغي أن لا يشكّل ذلك مشكلة للحفاظ على مستويات المواد المهندسة وراثياً الداخلة في تكوين المحاصيل العضوية بما هو أقل من 1% (مستوى التلوث المقبول من قِبل سلطات المراقبة الأسترالية) (Stokstad 2002).

كما أوضحت النتائج بعض الصعوبات (إن لم تكن مستحيلة) في منع التهجين تماماً للمحاصيل المهندسة وراثياً وغير المهندسة منها بمجرد إطلاقها في البيئة. فالمزارعون الذين لا يرغبون في زراعة الكانولا المهندسة وراثياً والمستهلكون الذين يرغبون في الأغذية غير المهندسة وراثياً، قد تكون اختياراتهم محدودة بشكل متزايد.

تماماً كما في المكسيك، كانت النِّزاعات في كندا حول الكانولا المهندسة وراثياً قد أخذت مكانها في إطار الإصلاحات الزراعية الليبرالية الجديدة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى