العلوم الإنسانية والإجتماعية

القيمة الجوهرية للطبيعة في مجتمع السوق النابض بالحياة

2014 مجتمع السوق

سبايز بوتشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

العلوم الإنسانية والإجتماعية التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

تماشياً مع الرأي القائل بأن التمييز بين الجنسين يرتبط جزئياً بعدم الاعتراف بوجهات نظر النساء وتقييمها، تُشير الناشطات في مجال البيئة إلى ضرورة تقييم البيئة وفقاً لشروطها، وليس من خلال صكوك الإنتاج الصناعي. وبالمثل، يُفيد علماء البيئة بأن للطبيعة قيمة جوهرية، وبالتالي ينبغي أن تُثمّن على ما هي عليه وليس لأنّها ضرورية لبقاء الإنسان. إذ يدعو العلماء البيئيون إلى وضع أخلاقيات جديدة، مبنية على هذه القيم، لتوجيه المجتمعات نحو التركيز على البيئة (Merchant 1992). تتحدى هذه المقاربة وجهات النظر القائمة على السوق فضلاً عن النظريات الماركسية والكينزية الحريصة على المحافظة على البيئة لأنها أمر أساسي لتكاثر المجتمع البشري فقط لا غير.

وتتبنّى الشعوب الأصلية التي أصبحت جزءاً من المناقشات البيئية منظوراً مشابهاً، مما يشكل تحدياً للأنماط الفكرية التقليدية في الغرب. وكانت الشعوب الأصلية في طليعة العديد من الحملات الهادفة إلى حماية البيئة. وغالباً ما كانت مثل هذه الحملات ضروريةً لحماية سبل كسب عيشهم وطريقة حياتهم في وجه الإجراءات التي تتخذها الشركات والدول. على سبيل المثال، ساعدت الحملات التي أطلقها السكان الأصليون لمنع قطع الأشجار في غابات الأمازون، على الاعتراف بوجهات نظر الشعوب الأصلية وممارساتهم على نطاقٍ عالمي.

تحمل البيئة قيماً مقدّسة بالنسبة إلى العديد من المجتمعات الأصلية، ولا ينبغي تقويضها لأغراض اقتصادية قصيرة الأجل. فعادةً ما تكون الممارسات الاقتصادية للشعوب الأصلية أقل عقلنةً من تلك التي تقوم بها مجتمعات السوق. وقد لاحظ الكثيرون، على سبيل المثال، أن مقاربات الشعوب الأصلية في كلّ أنحاء العالم هي في طبيعتها أكثر شموليةً مقارنةً بالفلسفات الغربية المهيمنة (Knudtson & Suzuki 1992). ويعني ذلك في الكثير من الأحيان أنّ ممارسات الشعوب الأصلية هي أكثر استدامةً، لأنهم يركزون على القيم غير الاقتصادية بدرجة أكبر ويعكسون بذلك مبادئ الكفاف التي تهدف إلى الحفاظ على مستويات المعيشة بدلاً من تحقيق النمو المستمر.

وقد انتقد بعض الاقتصاديون البيئيون "نموذج النمو" المتجذّر فيقلب معظم التقاليد الاقتصادية.  ومن جهته، استند نيكولاس جورجيسكو ريغين (Nicholas Georgescu-Roegen) (1971) إلى الفيزياء والقوانين الديناميكية الحرارية من أجل وضع مفهوم جديد للاقتصاد يستند إلى سلسلة مخازن وتدفقات الطاقة. وتميل الاقتصادات الصناعية إلى الاعتماد على تدفقات الطاقة النابعة من الأرض (بدلاً من الطاقة الشمسية) التي تخلق مخزونات كبيرة من الإنتروبي (الطاقة غير المفيدة للإنتاج). وبما أنّه من غير الممكن صناعة المواد ضمن هذا النظام، يؤدي الإنتاج الاقتصادي في الاقتصادات المتقدمة إلى نضوبٍ تدريجي للمخزون المحدود.

التصدي للأضرار البيئية

تعكس وجهات النظر البديلة حول كيفية معالجة المشاكل الناجمة عن الممارسات البيئية غير المستدامة الآراء المتنوعة حول طبيعة المشكلة البيئية. ويؤيد الاقتصاديون الكلاسيكيون الجدد مجموعة من الحلول التي تحدد ثمن البيئة وتخضعها لتنظيم السوق. وتسعى المقاربات الأخرى الداعمة لوجهات النظر الكينزية والديمقراطية الاجتماعية إلى تعزيز التدخل المباشر للدولة. وهذا من شأنه الاعتماد على التنظيم السياسي (بدلاً من تنظيم السوق) والحدّ من اعتماد الأفراد على البيئة، ما يعكس كيف أن أحكام دولة الرفاه تحدّ من انخراط الأفراد في الحياة الاجتماعية. وأخيراً، ترفض المقاربة الراديكالية الإنتاج الرأسمالي وتقترح إعادة تنظيم مجتمع السوق بطريقةٍ تجعل النظم البيئية أكثر مركزيةً بالنسبة إلى النظام الاقتصادي.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى