العلوم الإنسانية والإجتماعية

القوانين الخاصة بقضايا التناسل في العديد من الدول

1996 تقنيات الطب البيولوجية وحقوق الإنسان

الدكتور يوسف يعقوب السلطان

KFAS

العلوم الإنسانية والإجتماعية الطب

نظام المشاركة بين الحكومات: حقوق المرأة في الإعلان العالمي

تضمنت الإعلانات العديدة للأمم المتحدة عن حقوق المرأة (انظر الفصل الأول) وحلقة الدراسات التي نظمتها اليونسكو عام 1985 (الملحق 1)، قيم الفردية التي تسود في العالم الغربي والتي تؤكد الاستقلالية الذاتية للمرأة في المسائل المتعلقة بالإنجاب. 

وتنظر الأمم المتحدة إلى حرية الفرد في تحديد خصوبته على أنها أساسية للاستمتاع بحقوق أخرى.  وفي نفس الوقت فإن حلقة الدراسات التي نظمتها اليونسكو، في إشاراتها إلى أهمية الأسرة أكدت أن القيمة الجماعية يجب أن تؤخذ أيضاً في الاعتبار. 

وتتمثل القيمة الجماعية في كثير من الثقافات في قيادة الذكور الأبوية للأسرة سواء في شكلها المركزي المحدود أو في شكل الأسرة الممتدة، فلقد لوحظ على سبيل المثال أن تأثير تقنيات الإنجاب على حقوق المرأة والقضايا الاجتماعية والعلاجية والأخلاقية المحيطة بها لها مساس قريب بالأسر والأفراد. 

 

ومع أخذ هذا الأمر في الاعتبار صدرت توصية بأنه فيما يتعلق بالمعالجات والتعاملات الوراثية والإنسال الصناعي يجب أن يترك أمر القرارات النهائية للفرد وللأسرة ولمن يختارونه للمشورة، وليس للوكالات الحكومية (اليونسكو، Unesco 1985 ، ص3). 

ولا توجد إشارات مرجعية عن إعطاء أولوية نسبية لحقوق أي من البالغين أو الأطفال أو الأمهات أو الأجنة، وتبعا لذلك تستبعد الدولة أو التعليمات الجماعية من أن تكون ضمن مرجعيات المشورة ويترك أمر النصح والمشورة لمن يختاره الفرد أو الاسرة.

بيد أن قوة بعض الثقافات المعنية غالبا ما تتفوق على إعلانات الامم المتحدة ذات الأهداف العامة والدولية. 

 

فعلى الرغم من أن ممثلي المجتمعات التقليدية الأبوية التي تنتمي غالبا إلى حكومات فردية مستبدة قد أعلنوا انضمام حكوماتهم إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948 ثم وثيقة نيروبي لسنة 1985 التي صدرت بمناسبة نهاية عقد المرأة، إلا أن النوايا الفعلية لتغيير وضع المرأة كانت غير مؤكدة. 

هذا ولم يمكن تماما مواجهة درجة التصادم بين القيم التي دعمتها الأمم المتحدة وبين قيم الاسرة الابوية في الثقافات التقليدية، وما قد يترتب على ذلك من صراع بين المرأة وبين الأعضاء الذكور في الاسرة. 

فالمرأة في المجتمعات التقليدية وبخاصة في دول العالم النامي خاضعة عموما لتبعية الرجل وتجد مقاومة وصعوبة في الوصول إلى الأساليب التي تتحكم بها في نسلها من منطلق الثقافة التقليدية. 

 

كما أن النساء في تلك الاقطار أقل تعليما وأكثر أمية من نساء المجتمعات التي تتميز بالمساواة بين الرجل والمرأة.  ولكن من الواضح أنه على الرغم من المقاومة فإن زيادة القضاء على الأمية وتعليم المرأة، والتحديث، والوعي بالإمكانيات التقنية المتوافرة، تسهم في الزيادة التدريجية لحرية المرأة في اختيارها وتحركها. 

وعلى النقيض من ذلك نجد في الولايات المتحدة التي تعتبر من الناحية الرسمية دولة علمانية أن الميل نحو زيادة حرية المرأة في اختيار ما يتعلق بضبط نسلها قد تعرضت للخلل نتيجة أخلاط عديدة من المعارضات السياسية والدينية والميتافيزيقية الفلسفية.

وفي بعض أقطار معينة هناك تقبل لحق التناسل أكثر من حق الحرية التناسلية العامة وحق تحكم الفرد في خصوبته، باستخدام مختلف الوسائل، ومنها إنهاء الحمل أو الإجهاض (برودي، 1976). 

 

هذا ولا يتضمن دستور الولايات المتحدة أي نص معين على حق التناسل.  وبمراجعة قرارات المحكمة العليا بالولايات المتحدة (الكونجرس Congres 1988/أ ص1 و 1988 / ب) لم يعثر فيها على أي نص على حرية التناسل ولا على منع ذلك سواء عن طريق الجماع أو بطرق أخرى غير الجماع.

كما لم يعثر على أي نص بمنع المعاشرة الجنسية سواء كانت مع نفس النوع أو مع النوع الآخر.  أو بقاء الإنسان عزبا، فجميعهم يستطيعون تحقيق الإنسان بأي طرق صناعية.

فإذا انتقلنا إلى المستوى العالمي نجد الخلاف مستمرا داخل الأمم المتحدة وخارجها، حول كيفية تحقيق التوازن بين المطالبة بحق الإنجاب مقابل أي احتياجات أو حقوق أخرى.  أما عن الإجهاض الإجباري (الذي تتم به مثلا حكومة جمهورية الصين الشعبية، وحكومة التبت الخاضعة لها)، أو التعقيم الإجباري (الذي كان يتم في الماضي على من يوصمون بالخلل العقلي في الولايات المتحدة – انظر الفصل 1 , 2، ريلي Railly، 1991)، فليس هناك خلاف على أنه يعد انتهاكا لحقوق الإنسان. 

 

ولا تعتبر الإجراءات نفسها هي القضية ذات الخطورة، بل تكمن الخطورة في الإجبار عليها وكونها بذلك اعتداء مباشرا على المرأة، واعتداء غير مباشر على اسرتها وعلى المجتمع وعلى الثقافة. 

ومع ذلك فإن الإدانة الدولية لممارسة هذه الأعمال قد لا تعترف بقبولها من الناحية الثقافية كما هو الحال في الصين مثلا. 

 

ففي مقاطعة جانسو لم يلق القانون الذي صدر عام 1988 وينص على تحسين نوعية السكان، عن طريق تعقيم الأشخاص الذين تقل نسبة ذكائهم عن 49، أي معارضة حقيقية في الصين، حيث أن القيمة الكبرى تعطي هنالك لما هو في صالح الجماعة أكثر مما تعطي لما هو في صالح الفرد (كريستوف Kristof، 1991). 

وهناك مقاطعات اخرى عديدة لديها مثل هذه القوانين بما في ذلك تعقيم الأشخاص المتزوجين ممن يثبت إصابتهم بأمراض ورثية خطيرة بما فيها التخلف العقلي.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى