الدكتور علي حسين منصور ذياب باحثٌ في خدمة المجتمع والصحة العامة
الفائز بجائزة جابر الأحمد للباحثين الشباب للعام 2024 في مجال العلوم الطبية والطبية المساعدة
في ظل تسارع التحديات الصحية إقليميًّا وعالميًّا، تبرز الحاجة إلى علماء وباحثين يمتلكون رؤية عميقة وخبرة ميدانية وقدرة على الربط بين المعرفة النظرية والتطبيق العملي. ويأتي الدكتور علي حسين منصور ذياب، الفائز بجائزة جابر الأحمد للباحثين الشباب للعام 2024، في مجال العلوم الطبية والطبية المساعدة، مثالًا واضحًا لهذا النموذج العلمي المتميز الذي يوظِّف علمه في خدمة المجتمع وتحسين صحة الأفراد.
النشأة العلمية والطريق نحو التميز
وُلِد الدكتور علي ذياب في الكويت، في العام 1982، ونشأ في بيئة تقدّر التعليم والبحث. بدأ مسيرته العلمية بشغف كبير نحو علوم الصحة العامة، وهو ما قاده لاحقًا لنيل درجة الدكتوراه في الصحة العامة من جامعة ساوث كارولاينا بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي من الجامعات الرائدة في هذا المجال؛ حيث تخصص في طب المجتمع والعلوم السلوكية.
هذا التخصص الفريد يجمع بين الفهم الطبي والصحي، ودراسة السلوك الإنساني والمجتمعي؛ مما يؤهله للعمل في الخطوط الأمامية لوضع سياسات صحية مستدامة وفعالة للمجتمع.
العمل الأكاديمي في جامعة الكويت
يشغل الدكتور علي ذياب اليوم منصب رئيس قسم (بالتكليف)، وأستاذ مشارك في قسم طب المجتمع والعلوم السلوكية في كلية الطب بجامعة الكويت.
ويُعد من الأسماء البارزة التي أسهمت في تحديث التعليم الطبي في هذا القسم وتطويره؛ بما يتماشى مع احتياجات المجتمع وتوجهات الصحة العالمية.
وقد تميَّز بأسلوبه التفاعلي مع الطلاب، وميله إلى دمج الجانب التطبيقي مع الجانب الأكاديمي؛ ما جعل من محاضراته مصدرًا للإلهام والتحفيز العلمي.
مسيرة بحثية غنية: 59 بحثًا علميًّا مُحكَّمًا
يُعد الدكتور علي من أنشط الباحثين الكويتيين في مجال الصحة العامة؛ فقد نشر 59 بحثًا علميًّا في مجلات طبية مُحكَّمة، تناول فيها موضوعات حيوية، منها:
• الأمراض المزمنة وأنماط انتشارها في الكويت.
• أثر السلوكيات الصحية على الصحة العامة.
• فعالية البرامج التوعوية في الوقاية من الأمراض.
• دور الرعاية الصحية الأولية في خفض أعباء المستشفيات.
• العوامل النفسية والاجتماعية المؤثرة على المرضى.
وتعكس أبحاثه اهتمامًا خاصًّا بترجمة البيانات الطبية إلى توصيات يمكن تطبيقها ميدانيًّا لتحسين جودة حياة الأفراد.
مشاركات إقليمية ودولية
لم تقتصر مساهمات الدكتور علي على الساحة المحلية، بل امتدت إلى المؤتمرات العالمية والإقليمية؛ حيث شارك فيها عبر نشر الأوراق العلمية والملصقات، وتقديم المحاضرات المتخصصة. هذه المشاركات فتحت له أبواب التعاون مع مؤسسات بحثية وصحية مرموقة، وأسهمت في تبادل الخبرات وتوسيع دائرة الأبحاث متعددة الجنسيات التي تتناول قضايا صحية مشتركة في منطقة الخليج والعالم العربي.
خبرته في الصحة المجتمعية والسلوك الإنساني
يتميز الدكتور علي ذياب بتخصصه النادر الذي يدمج بين الطب وعلم النفس والسلوك؛ فالصحة – كما يؤمن بها – ليست فقط في العلاج، بل في الوقاية والتوعية والتدخل السلوكي المبكر. وقد تركّزت أبحاثه على أنماط الحياة غير الصحية في المجتمعات الخليجية، مثل: قلة النشاط البدني، وانتشار التدخين، والعادات الغذائية الضارة؛ فسعى إلى تقديم حلول عملية قائمة على أدلة علمية.
نقاط التقييم وقرار لجنة الجائزة
في تقييم لجنة جائزة جابر الأحمد، حصل الدكتور علي ذياب على نقاط كانت الأعلى تقييمًا بين الفائزين لهذا العام؛ ما يعكس التفوق الكمي والنوعي لأبحاثه، وتأثيرها في الميدان الطبي. وقد جاء قرار اللجنة بمنحه الجائزة نتيجة إسهاماته العلمية الغزيرة، وانخراطه المباشر في تطوير الصحة العامة في الكويت.
العمل المجتمعي والتوعية الصحية
إيمانًا منه بأهمية رفع وعي المجتمع بالصحة، شارك الدكتور علي في العديد من الحملات الصحية التوعوية، التي استهدفت فئات متعددة، مثل: طلاب المدارس وكبار السن والعاملين في المهن الشاقة. كما تعاون مع وزارة الصحة وعدد من الجهات المدنية في إعداد برامج تثقيفية تركز على التغذية السليمة والحركة والنوم والوقاية من الأمراض المعدية والمزمنة.
التحديات التي يواجهها الباحث في مجال الصحة العامة
في مقابلاته ومداخلاته العامة، تحدث الدكتور علي ذياب عن التحديات التي تواجه الباحثين في القطاع الصحي، ومنها: محدودية التمويل البحثي، وصعوبة جمع البيانات الميدانية، وتفاوت الوعي المجتمعي بأهمية الوقاية. ومع ذلك فإنه يعتبر أن هذه التحديات تُحفّز الباحث المتميز على الإبداع والابتكار في طرق العمل والنشر.
تطلعات مستقبلية
يأمل الدكتور علي ذياب في توسيع نطاق أبحاثه مستقبلًا؛ لتشمل قضايا الصحة النفسية، خاصة بعد أن كشفت جائحة كوفيد-19 عن أهمية الصحة العقلية بوصفها جزءًا لا يتجزأ من الصحة العامة. كما يسعى إلى تعزيز التعاون البحثي بين كليات الطب في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، وتطوير قاعدة بيانات صحية موحدة تدعم اتخاذ القرار.
أهمية الجائزة في مسيرته
فوز الدكتور علي ذياب بجائزة جابر الأحمد يمثل تتويجًا لمسيرته وجهوده العلمية، ورسالة تقدير من الدولة لدوره في خدمة المجتمع من خلال البحث العلمي. كما أن الجائزة تعزز من مكانته الأكاديمية، وتوفر له دعمًا معنويًّا ومهنيًّا لمواصلة العطاء.
كلمة أخيرة
الدكتور علي حسين منصور ذياب هو نموذج للمعالِج الذي لا يكتفي بتشخيص المرض، بل يسعى إلى فهم جذوره المجتمعية والسلوكية، ويعمل على تقديم حلول شاملة مبنية على العلم والمعرفة. وفوزه بجائزة جابر الأحمد للعام 2024 هو تكريم مُسْتَحَق، وإضاءة على أهمية البحث في ميادين الصحة العامة لخدمة الإنسان والمجتمع.