الدكتورة مريم أحمد علي الكندري باحثة كويتية تجدِّد الفكر الفقهي والسياسي
الفائزة بجائزة جــابر الأحمد للباحثين الشــباب للعــام 2024 في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية
في كل عام، تفتح جائزة جابر الأحمد للباحثين الشباب آفاقًا علمية جديدة أمام الباحثين الكويتيين الشباب، تشجيعًا لهم على التميز والابتكار في مختلف مجالات المعرفة. وفي دورتها الخامسة والثلاثين للعام 2024، تألقت الدكتورة مريم أحمد علي الكندري، الأستاذة المشاركة في قسم الفقه المقارن والسياسة الشرعية بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية – جامعة الكويت – لتحصد الجائزة عن جدارة في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية.
النشأة الأكاديمية وبدايات المسيرة
وُلِدت الدكتورة مريم الكندري في العام 1987، ونشأت في بيئة علمية شجعتها على التفوق والبحث. بعد إتمام دراستها الجامعية في الكويت، توجهت إلى الأردن لتحصل على درجة الدكتوراه من الجامعة الأردنية، وهي من أعرق الجامعات العربية في مجال الدراسات الشرعية. ساعدها هذا التكوين المتين على تطوير فكر نقدي عميق، ومهارات بحثية متقدمة في الفقه المقارن والسياسة الشرعية.
المجال البحثي والتخصص
تتمحور أبحاث الدكتورة الكندري حول الفقه المقارن الذي يدرس اختلافات المذاهب الإسلامية في مسائل الفقه. وتتناول كذلك السياسة الشرعية، وهي فرع في الدراسات الإسلامية يعنى بتنظيم شؤون الدولة والمجتمع وفقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية. وقد استطاعت – عبر مسيرتها العلمية – أن تقدم قراءات معاصرة تُرسِّخ مفاهيم العدالة والمصلحة العامة، مع مراعاة التغيرات الاجتماعية والسياسية في العالم العربي والإسلامي.
الإنتاج العلمي: 23 بحثًا علميًّا مُحَكَّمًا
تُعد الدكتورة مريم الكندري من الباحثين النشطين في النشر الأكاديمي؛ حيث نشرت 23 بحثًا علميًّا مُحَكَّمًا في مجلات علمية متخصصة، داخل الكويت وخارجها. وتنوعت موضوعات أبحاثها بين قضايا المرأة في الشريعة، ومفاهيم العدالة والمصلحة في الفقه، ودور الشريعة في تطوير السياسات العامة، إضافة إلى قضايا معاصرة، مثل: العقود الحديثة، وأخلاقيات العمل، ونظم الحوكمة في الفقه الإسلامي.
التميُّز الأكاديمي والجوائز السابقة
في العام 2021 – 2022 حصلت الدكتورة مريم الكندري على جائزة «أفضل باحث من الشباب في جامعة الكويت»، وهي جائزة تُمنَح لأعضاء هيئة التدريس المتميزين في النشر العلمي وجودة الأبحاث. هذا الإنجاز كان تمهيدًا طبيعيًّا لفوزها بجائزة جابر الأحمد للباحثين الشباب للعام 2024، خاصة بعد حصولها على أعلى النقاط، وهو ما يعكس جودة إنتاجها الأكاديمي.
دورها في التعليم والتأثير على الطلبة
إلى جانب نشاطها البحثي، أسهمت الدكتورة مريم الكندري في إعداد أجيال جديدة من الباحثين والدارسين في مجال الشريعة، من خلال عملها أستاذة جامعية. وقد عُرِفت بأسلوبها القريب من الطلبة، وتشجيعها لهم على التفكير النقدي والحوار العلمي، كما أنها تهتم بدمج الأبحاث في التعليم؛ فتدفع الطلبة إلى المشاركة في المشروعات البحثية والنشر العلمي.
المشاركة في المؤتمرات العلمية
لم تقتصر مساهمات الكندري على النشر العلمي، بل شاركت في عدد من المؤتمرات المحلية والإقليمية؛ حيث عرضت أبحاثها وناقشتها مع باحثين من مختلف الدول. وتناولت مشاركاتها موضوعات حيوية تتعلق بتجديد الفقه، والمواءمة بين النصوص الشرعية والتحديات المجتمعية المعاصرة، مثل: البيئة والمرأة وحقوق الإنسان والإدارة العامة.
جهودها في تطوير السياسة الشرعية
من أبرز إنجازات الدكتورة مريم الكندري هو تركيزها على تطوير مفاهيم السياسة الشرعية من منظور معاصر؛ فهي تؤمن بأن الفقه الإسلامي قادر على تقديم حلول عملية وعادلة لقضايا العصر، إذا ما أُعيد تأصيله بطريقة علمية تدمج بين الأصالة والمعاصرة. وقد تناولت في أبحاثها موضوعات، مثل:
• ضوابط القرار الإداري في الشريعة.
• توازن السلطة والمسؤولية في النظم الإسلامية.
• العلاقة بين مقاصد الشريعة والسياسات العامة.
• حقوق المرأة بين الفقه والسياسة.
مساهمتها في خدمة المجتمع
تؤمن الدكتورة مريم الكندري بأن دور الباحث لا يقتصر على الجامعة، بل يمتد إلى خدمة المجتمع؛ لذلك فقد حرصت على المشاركة في ورش عمل، وحلقات نقاشية مفتوحة، وإعداد دراسات استشارية تخدم مؤسسات حكومية وهيئات مجتمعية. كما أسهمت في مراجعة تشريعات ومشروعات قوانين؛ لضمان اتساقها مع المبادئ الشرعية والعدالة الاجتماعية.
تحديات الباحثات في المجال الشرعي
في بيئة يغلب عليها الطابع الذكوري، برزت الدكتورة مريم الكندري كمثال مشرف للمرأة الكويتية في العلوم الشرعية. وعلى الرغم من التحديات الثقافية والمؤسسية، استطاعت أن تثبت كفاءتها بفضل عملها الجاد ومثابرتها، وهو ما جعلها قدوة للعديد من الباحثات الشابات الطامحات إلى العمل الأكاديمي والبحثي.
أهمية فوزها بجائزة جابر الأحمد
يُعد فوز الدكتورة مريم الكندري بجائزة جابر الأحمد تتويجًا لمسيرتها العلمية، ودعمًا معنويًّا مهمًّا يدفعها إلى الاستمرار في العطاء؛ فالجائزة لا تكرم الإنجاز فقط، بل تفتح آفاقًا جديدة للباحث لتوسيع نطاق أبحاثه، وتعزز من حضوره العلمي داخل الكويت وخارجها. كما أن الجائزة تسلط الضوء على أهمية العلوم الاجتماعية والإنسانية في بناء المجتمعات، ودورها في دعم القرار والسياسات العامة.
تطلعات مستقبلية
تطمح الدكتورة الكندري إلى توسيع نطاق أبحاثها لتشمل دراسات مقارنة بين الشريعة والقوانين الوضعية؛ خاصة في مجالات العدالة الاجتماعية والتعليم والاقتصاد الإسلامي. كما تسعى إلى إنشاء مركز بحثي يُعنى بتجديد الفكر الشرعي من منظور مؤسسي تشاركي، ويجمع بين الباحثين وصناع القرار.
كلمة أخيرة
تمثل الدكتورة مريم الكندري نموذجًا للباحثة الكويتية الشابة التي تجمع بين الكفاءة العلمية والانفتاح على قضايا العصر، مقرونًا بروح المسؤولية تجاه الوطن والمجتمع. ويأتي فوزها بجائزة جابر الأحمد للباحثين الشباب 2024 ليحمل رسالة ملهمة لكل الباحثين الناشئين بأن الاجتهاد والالتزام بالعلم يثمران دومًا نجاحًا وأملًا جديدًا.