العلوم الإنسانية والإجتماعية

التقنيات المستخدمة لمنع الحمل النسائية

1996 تقنيات الطب البيولوجية وحقوق الإنسان

الدكتور يوسف يعقوب السلطان

KFAS

العلوم الإنسانية والإجتماعية الطب

كما سبق أن ذكرنا في الفصل الأول، نص تقرير الأمم المتحدة (UN) عن عقد المرأة 01985/ب) على أن قدرة المرأة على التحكم في خصوبتها يعد أساسا هاما لاستمتاعها بحقوق الإنسان، ولقد دافعت النساء على مدى التاريخ عن أنفسهن ضد أخطار وأعباء كثرة الحمل، وذلك باللجوء إلى الإجراءات والمواد الشعبية المستخدمة في تنظيم النسل. 

ولئن كانت هذه الطرق في أغلب الأحيان مشكوكا في فعاليتها إلا أنها أعطت للنساء خبرة مباشرة، وإن كانت محدودة، في التحكم في أجسامهن وأشخاصهن وما زالت العقبات الرئيسية التي تواجه تنظيم النسل هي الأمية، ومعارضة الرجال الذين ينتمون إلى ثقافات تعزو المكانة الاجتماعية لعدد الأطفال. 

ففي رواندا على سبيل المثال، حيث نجد أكثر من نصف النساء أميات ومعدل الخصوبة فيها من أعلى المعدلات العالمية، نجد أن اتجاه الرجل هو (تقديس الذات)، كما تصفه إحدى الممرضات في إحدى عيادات منع الحمل (بيرليز Perlez، 1992).

 

ولقد أدى ظهور تقنيات منع الحمل النسائية إلى حدوث بعض التغيرات في الوظائف الأسرية لأنها أصبحت تسمح للنساء بترك المنزل والخروج إلى ميدان العمل. 

وأدت نتائج تلك التغيرات من رعاية وتربية الأطفال التقليدية وأدوارهن في بناء الاسرة إلى تحول في المسئوليات الأبوية والمؤسسية وفقا لظروف الأسرة والمجتمع.

ولكن، هناك مؤشرات تدل على أن كفاءة وسائل منع الحمل لا تتحسن حتى في دول العالم الصناعية، بل ربما كانت في حقيقة الامر تسوء وتنخفض (جونز وفورست Jones and Forrest، 1992). 

 

ففي الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر حبوب منع الحمل هي أكثر الوسائل القابلة للعكس فعالية "أي التي تحمل المرأة إذا توقفت عن استعمالها" حيث أن 8% فقط من مستخدماتها يحملن بالصدفة، وتأتي الحوائل المطاطية أو القراب الذكري في المرتبة الثانية مع احتمال فشل يصل إلى 15%

أما استخدام طريقة العزل الدوري أو وضع مبيدات النطف فإن نسبة الفشل فيها تصل إلى 25%.  وتبلغ أقصى درجات الفشل بصفة عامة في أوساط الصغيرات من النساء غير المتزوجات والفقيرات، وبنات الأقليات العرقية أو الثقافية.

وهناك انتهاك معاصر ظاهر للإعلان العلامي الذي يؤيد حق الانتفاع بالعلم، وحق المرأة في التحكم في خصوبتها، يتعلق بأخذ حبة الإجهاض أو عقار (ميفبريستون، Ru-486 Mifepristone)  كما سبق ان ذكرنا في الفصل الأول. 

 

فيمكن استخدام هذا العقار دون تدخل من الطبيب أو اي مسئول اجتماعي مكلف بالرقابة.  ونظرا لأن استخدام هذا العقار يخضع كلية لإرادة المرأة شخصيا، فإنه يمنح المرأة التي ترغب في إنتاج جنين من أجل التبرع به إمكانية تحديد موعد الإجهاض ليناسب المستوى اللازم من تطور الجنين، ولأول مرة نجد أن الاحتياجات الطبية للمرضى تتعرض لمعوقات بسبب المعركة السياسية والاقتصادية التي تتعلق بمن لا يولدون (ريجلسون وآخرون Regelson et al  1990). 

وبالإضافة إلى ذلك فإن هناك مواجهة لقضية الصراع بين الاطباء وغير المهنيين من أجل التحكم في توفير العقاقير الطبية فالعقار الذي نتعرض له هنا بالاتحاد مع أحد أشباه البروستاجلاندين يتدخل في عملية الغرس السليم للبويضة المخصبة مؤديا إلى نجاح إنهاء الحمل في 96% من حالات استعماله بعد 49 يوما أو أقل من توقف الحيض (سيلفتر Silvestre et al. 1990). 

 

ولم يكن هذا العقار متوافرا في كل أنحاء العالم لأنه يعد في نظر بعض الأوساط مسببا للإجهاض.  ولقد توقف منتجوه عن تسويقه في السوق العالمية خوفا من مقاطعة الجماعات المضادة للإجهاض لشركاتهم، وإن كانت الحكومة الفرنسية قد فرضت استخدامه في داخل فرنسا. 

ونتيجة التشريعات في أنحاء أخرى من العالم إلى السماح باستخدامه، وإن لم تتخذ الأمم المتحدة ووكالتها المتخصصة الممثلة في منظمة الصحة العالمية أي موقف إزاءه.  ومع ذلك يرى الكثيرون أن في مقاطعته انتهاكا لحقوق المرأة التي تحتاجه. 

وإسهاما في انتشار الإجهاض غير الطبي أو المخالف للقانون وما يترتب عليهما من خمج أوعدوى قد تؤدي إلى العقم أو إلى الموت، وإلى خفض المستوى العالمي للصحة العامة.

وبعد مسألة الإجهاض فإن هذا العقار السالف الذكر يعد من العقاقير الثابتة الفعالية أو ذات القيمة في حالات مرض كوشنج Cushing والأورام السحائية وسرطان الثدي.

 

ويؤكد هذا النص التالي:

لا يثير عقار Ru-486 (ميفيبريستون) أي قضايا دينية أو أخلاقية بالنسبة للمريضات من غير الحوامل أو اللاتي لا يردن الحمل، أو غير القادرات على الحمل.

ويمكن القول بأن المقاطعة الذاتية للعقار (من جانب المنتج) جاءت لأن قضية الإجهاض ومنع الحمل يجب أن تستبعد من الدراسات الخاصة بتطبيقاته الطبية، فيجب توفير عقار ميفيبريستون هذا للدراسة من أجل الخروج من أزمة تقويمه بالنسبة للمرضى ذوي العمر المحدود، أو ذوي الحياة الحرجة ممن لا تتصل أحتياجاتهم الطبية له بالإجهاض أو منع الحمل. 

 

ويجب أن يتم تحديد قيمة الميفبريستون في المجال العلاجي بمعرفة الأطباء المعالجين.  ولقد حان الوقت للمشاركة في الحوار العام حول أخلاقيات منع عقاقير عن الأحياء بسبب المذهب السياسي المتشدد حول الأجنة التي لم تولد (ريجلسون وآخرون، Regelson et al 1990، ص 1026 إلى 1027).

ولقد أدت العوامل التي ساعدت على وصف الولايات المتحدة الأمريكية على أنها بيئة معادية لبحوث منع الحمل إلى تأخير الموافقة لعدة سنوات على الاستخدام الطبي لموانع الحمل الطويلة المفعول القابلة للحقن مخزن بروفيرا Depo-Provera في حين أنها مستخدمة على نطاق واسع في بقية أجزاء العالم (شارو Charo 1991).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى