الفيزياء

التجارب التي قام بها العلماء لاكتشاف “الإلكترون”

2016 عصر الكهرباء

جون كلارك مع مايكل ألابي وإيمي جان بيير

KFAS

الفيزياء

يعرف طلاب العلوم الحديثة اليوم ما نعنيه بالإلكترون، كما يعلمون مدى أهميته لفهم الكهرباء وفيزياء الذرة. لكن الأمور لم تكن على هذا المنوال قبل 100 سنة عندما اكتشف فيزيائي إنجليزي ما عُرف حينها بأنه أصغر جُسيم مكتشف.

أدى العديد من الاكتشافات في مجال الفيزياء بنهاية القرن التاسع عشر إلى بروز حشد كبير من الأسئلة التي لم تكن إجاباتها متوفرة. وهذه عينة صغيرة من تلك الأسئلة:

يمكن شحن الأجسام بالكهرباء الساكنة ، لكن ما هو شكل هذه الشحنات؟

التيار الكهربائي المار في موصل ما ليس إلا شحنات في حالة حركة، لكن ما هي هذه الشحنات، وهل هي مختلفة عن الشحنات في الكهرباء الساكنة؟

بتطبيق فرق جهدٍ عالٍ بين لوحي قطبي أنبوب خوائي تنبعث أشعة الكاثود، لكن مم تتكون هذه الأشعة ؟ وأخيراً إذا كانت المادة مكونة من ذرات، فمم تتكون الذرة؟

اتضح فيما بعد أن الإجابة على هذه التساؤلات اعتمدت على ابتكار – المضخة الخوائية – التي مكنت العلماء من تفريغ حيّز في تجهيزاتهم من كل الهواء تقريباً.

 كان صانع الزجاج وصانع الأدوات المخبرية الألماني هنريخ غايسلر (١٨١٥ – ٧٩) من أوائل من استعانوا في تجاربهم بهذا الإختراع الجديد. ففي عام ١٨٥٠ فرّغ أنبوباً زجاجياً من الهواء وأدخل كمية يسيرة جداً من غاز خامل معين (مثل غاز النيون أو الأرجون) ومن ثم أحكم سدادة الأنبوبة وثبت قطعتين معدنيتين على طرفيها. بتوصيل القطعتين المعدنيتين إلى مصدر فرق جهدٍ عالٍ حصل على عرض ضوئي رائع بتوهج الغاز داخل الأنبوب الخوائي.

 

أصبحت أنابيب غايسلر من المبتكرات الشعبية لكنها استخدمت أيضاً في تجارب جادة على يد إثنين من الفيزيائيين الألمان: جوليوس بلكر (1801 – 68) عام 1859 ويوهان هتورف (1824-1914) عام 1869.

أكد العالمان أن الضوء ناتج عن «أشعة» تنبعث من اللوح المعدني السالب، أو الكاثود، في أنبوب غايسلر وتسير في خط مستقيم إلى اللوح الموجب، الأنود. وأكد الفيزيائي وليام كروكس (1832 – 1919) الأمر عام 1879 مقترحاً أيضاً أن «الأشعة» قد تكون جسيمات فعلاً.

وبعد 16 عاماً أجرى الفيزيائي الفرنسي جين بيرين (1870 – 1942) تجربة نتج عنها حيود أشعة الكاثود عن مسارها تحت تأثير مجال كهربائي ومغناطيسي مبرهناً بذلك على أن الأشعة ليست إلا جسيمات تحمل شحنة سالبة.

هكذا أعد المسرح لإجراء جيه. جيه تومسون (1856 – 1940) تجاربه الرائدة. جوزف جون تومسون (المعروف باسم جيه. جيه تومسون) فيزيائي إنجليزي ولد على مقربة من مدينة مانتشستر في شمال إنجلترا. وببلوغه سن الرابعة عشر بدأ تدريبه ليؤهل كمهندس للسكك الحديدية، لكنه حصل على منحة دراسية من جامعة كيمبردج التي تخرج منها عام 1880.

التحق تومسون بعد تخرجه بمختبر كافندش ليعمل تحت إشراف جون ستيوارت، لورد رايلي (1842 – 1919) وليخلفه في منصب الأستاذية عام 1884.

 

أجرى تومسون أيضاً تجاربه على حيود أشعة الكاثود مستخدماً مجالات كهربائية ومغناطيسية وقاس خلال إحداها سرعة هذه الجسيمات (مبرهناً أنها تسير بسرعة تقل كثيراً جداً عن سرعة الموجات الضوئية)، لكن الأهم من ذلك كله توصله لحساب نسبة شحنة هذه الجسيمات (e) إلى كتلتها (m) .

أدت قياسات تومسون إلى التوصل إلى أن هذه النسبة (e/m) تقل حوالي ١,٠٠٠ مرة عن النسبة نفسها لأيون (شاردة) الهيدروجين (أصغر شحنة معروفة)، وبذلك إستقرأ تومسون أن أشعة الكاثود تتكون من جسيمات سالبة الشحنة بالغة الصغر.

أعلن تومسون اكتشافه الجسيمات تحت الذرية هذه، التي أسماها «الجسيمات»، عام ١٨٩٧. وبعد سنة توصل إلى أن كتلة هذه الجسيمات تساوي حوالي جزءاً من الفين من كتلة ذرة الهيدروجين. وتجدرالإشارة إلى أن الفيزيائي الإيرلندي جورج ستوني (١٨٢٦-١٩١١) تنبأ بوجود هذه الجسيمات عام ١٨٧٤، وأطلق عليها مسمى «الإلكترونات» عام ١٨٩١.

واتضح بعد كل هذه التجارب أن الإلكترون هو الوحدة الطبيعية للشحنة الكهربائية والمسؤولة عن عملية الشحن، وهو ما كان العلماء يسعون إلى معرفته منذ وقت طويل. كما اتضح بشكل جلي أن سريان الإلكترونات داخل موصل هو ما يشكل التيار الكهربائي.

 

ونظراً لإنبعاث الإلكترونات من الفتيل المعدني للكاثود، نستنتج بأنه جزء أساسي من مكونات جميع الذرات.

استمر تومسون في أبحاثه ليركز على أشعة القناة (الأشعة موجبة الشحنة المنبعثة من أنود أنبوب التفريغ الكهربائي). أدت هذه الأبحاث إلى استنباط طريقة لفصل الجسيمات المشحونة وذلك عام 1912، والتي أدت بدورها إلى ابتكار مطياف الكتلة عام 1919 على يد الفيزيائي الإنجليزي فرانسس أستون (1877 – 1945).

عند تقاعد تومسون عام 1919 خلفه في منصبة مساعده الفيزيائي من أصل نيوزلندي إرنست رذرفورد(1871-1937). وانتهى مطاف البحث عن الإلكترون المراوغ بتقديم رذرفود نموذجاً ذرياً إشتمل على نواة مركزية. ويبقى أن نشير إلى أن سبعة من تلامذة تومسون حصلوا على جائزة نوبل في الفيزياء، وهي الجائزة التي نالها هو نفسه عام 1906.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى