علوم الأرض والجيولوجيا

الألواح الجيولوجية المتواجدة في القشرة الأرضية

1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الخامس

ترجمة أ.د عبد الله الغنيم واخرون

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الألواح الجيولوجية القشرة الأرضية علوم الأرض والجيولوجيا

أ- بنية الألواح الجيولوجية: Plate Structure

يوضح شكل (1) قطاعاً سيزمياً مثالياً لجزء من القشرة المحيطية، ونظام بناء قشرة الأرض وفقاً للنتائج السيزمية المتاحة.

ويمثل حد موهو قاعدة القشرة الأرضية حيث تبدأ عنده سرعة الموجات الزلزالية في الزيادة التدريجية تبعاً لاختراقها مواد «الوشاح» الأعلى كثافة.

ولكن عند عمق يتراوح بين 70 – 80 كم من سطح الأرض تنخفض سرعة الموجات الزلزالية، ويعزى هذا الانخفاض إلى أن جزءاً من مواد «المانتل» عند هذه الأعماق يكون في حالة شبه منصهرة.

 

ويطلق على قشرة الأرض والقسم الأعلى الجامد من مواد "المانتل" معاً تعبير الغلاف الصخري (Lithosphere).

أما القسم الأسفل من مواد «الوشاح» شبه المنصهرة فتعرف باسم الاثينوسفير (Asthenoshere).

وإذا كان سطح الأرض يتحرك بصورة منفصلة تماماً عن باطن الأرض، فإن الحد الفاصل بين الغلاف الصخري الجامد والاثنوسفير شبه المنصهر، يعد هو المنطقة المناسبة لحدوث الانفصال بين قشرة الأرض وباطنها.

 

أو بمعنى آخر فإن القشرة الخارجية للأرض في هذه الحالة تكون مرتبطة بشدة بالقسم الأعلى الجامد من مواد «الوشاح» وأنهما معاً يتحركان فوق مواد الوشاح شبه المنصهرة.

وقد اقترح الأستاذ «هيس» (Hess) وبعض الجيولوجيين الأوائل من قبل أن للأرض قشرة خارجية جامدة محدودة السمك، ومرتبطة ببقية الغلاف الصخري للأرض (الليثوسفير).

وتنقطع هذه القشرة الأرضية في بعض الأجزاء مكونة الألواح الجيولوجية الجامدة (Rigid Plates)، وقد يفسر لنا ذلك أسباب عدم تغيير أو إعادة تشكيل مساحات واسعة تقدر بآلاف الكيلومترات المربعة من القشرة المحيطة، وأن أجزاء من هوامش القارات لا تزال حتى الآن يمكن أن تتداخل فيما بينها.

 

وعلى ذلك فإن قشرة الأرض هي عبارة عن القسم الأعلى للألواح الجيولوجية، وعند تحرك الأخيرة فإنها تحمل معها أجزاء القارات التي تمثل أعالي القشرة الخارجية للأرض.

ويعد سمك القشرة القارية (Continental Crust) أكبر بكثير منه في حالة القشرة المحيطية (Oceanic Crust) للأرض.

فبينما يبلغ سمك الأولى نحو 35 فإنه يصل في الثانية إلى نحو 8.9 كم فقط، كما أن القشرة القارية أقل كثافة (متوسط كثافتها 2.85جرام/ سم3، بينما تبلغ في القشرة المحيطية نحو 3 جرام/ سم3). 

ونتيجة لذلك فإن أجزاء من الألواح الجيولوجية التي تتغطى بالقشرة الأرضية تكون شديدة التماسك وقابلة للطفو بدرجة أكبر من تلك الأجزاء من الألواح الجيولوجية، التي تقع فوقها أجزاء من القشرة المحيطية فقط (تقع الألواح الجيولوجية تحت القشرة المحيطية والقشرة القارية للأرض على السواء).

 

وعندما تقع تكوينات القشرة القارية فوق الألواح الجيولوجية فإن الأخيرة تعرف باسم «الألواح الجيولوجية القارية» (Continental Plates).

أماتلك الألواح الجيولوجية التي تتوج بأجزاء من القشرة المحيطية فقط فتعرف باسم «الألواح الجيولوجية المحيطية» (Ocenaic Plates).

وبسبب صلابة الألواح الجيولوجية القارية وقدرتها على الطفو، فإنها تقاوم فعل الانغماس والانزلاق إلى أسفل في مواد الوشاح، ومن ثم نلاحظ أن العمر الجيولوجي لقشرة الأرض القارية يقدر بنحو 1000 مليون سنة، وقد يزيد عمرها إلى أكثر من 4000 مليون سنة مضت.

أما القشرة المحيطية للأرض المحدودة السمك فإنه يمكن لها أن تنزلق إلى أسفل وتنغمس في مواد «الوشاح» وتنصهر فيها، ومن ثم فإن أقدم صخور القشرة المحيطية لا يعود عمرها أبعد من 200 مليون سنة فقط.

 

ب- حدود الألواح الجيولوجية وأبعادها: Plate Boundaires

تبعاً لعظم السمك النسبي للألواح الجيولوجية فإنها تعد متماسكة وجامدة، وتتعرض هوامشها عند تحركها لقوى الضغط الشديد التي تؤدي بدورها إلى ثني التكنوينات ورفعها أو إلى تصدعها.

وتحدث عمليات الرفع إذا كانت قوى الضغط محدودة، أما إذا كانت هذه القوى شديدة فتؤدي إلى حدوث التصدع وانفصال التكوينات الصخرية على طول أسطح الصدوع، (الانكسارات) وقد يؤدي إلى حدوث موجات اهتزازية فجائية.

ويدل نظام الموجات السيزمية المسجلة على خصائص عمليات انفصال التكوينات الصخرية على طول أسطح الصدوع الجوفية.

 

ويوضح (شكل 3 ) كيفية انكسار التكوينات الصخرية وفقاً للاختلافات في عمليات انضغاط الصخور أو شدها، وتوضح الأسهم في هذا الشكل اتجاهات حركة التكوينات على طول أسطح الصدوع.

وأن لكل نوع من هذه الأنواع المختلفة من الصدوع شكله السيزمي الخاص به، ومن ثم فإن تحليل أنماط الموجات السيزمية يسهم في معرفة أنواع الصدوع التي تحدث في نطاق الألواح الجيولوجية.

ويمكن القول إن نظرية «هيس» الخاصة باتساع أرضية المحيطات تعد صحيحة ومقبولة علمياً. ولكن ينبغي أن ندرك أنه ليست قشرة الأرض فقط هي التي تتعرض للتكسر عند مناطق الحواجز المحيطية الوسطى والخنادق المحيطية العظمى، بل إن كل كتلة الألواح الجيولوجية في منطقة الليثوسفير تتعرض هي الأخرى لهذه العملية كذلك.

 

ومن ثم فإن من الضروري الإشارة إلى نظام بناء الألواح الجيولوجية ومعرفة أبعادها. ويمكن أن نميز ثلاثة أنماط مختلفة من الحركة على طول أسطح الصدوع الجوفية، تعرف بصدوع الشد (Tension). 

اي شد التكوينات الصخرية في اتجاهين متضادين، وصدوع الضغط (Compression) أو ضغط أو دفع التكوينات الصخرية في اتجاهين متقابلين، وصدوع الانزلاقات الأفقية (Torsion)، أي تحرك التكوينات الصخرية على طول أسطح الصدوع تحركاً جانبياً أو أفقياً.

وتبعاً لنظرية اتساع أرضية المحيطات، فإنه كان من المتوقع أن نجد صدوع الشد في مناطق الحواجز المحيطية الوسطى. وكما أظهرت الدراسات السيزمية فإن تكوينات الاثنوسفير تقترب من السطح على طول هذه الحواجز المحيطية الوسطى عنها في اي منطقة أخرى.

 

وتدعم هذه الملاحظة فكرة أن الحواجز المحيطية الوسطى تتركز مواضعها عند خطوط تعرض الصهير لحركات الدفع من أسفل إلى أعلى، كما أنها تفسر كذلك أسباب ارتفاع الحرارة الجوفية ( أنظر شكل 3 ) والعمق المحدود للمراكز الداخلية للزلازل عند منطقة الحواجز المحيطية الوسطى.

ويلاحظ أن معظم قمم الحواجز المحيطية تتعرض لأخاديد صدعية تعزي نشأتها إلى الصدوع البسيطة، كما تشاهد الصدوع الجانبية على طول أسطح الصدوع التي تقطع الحواجز المحيطية عرضيا (شكل 3).

وعلى الرغم من أن الألواح الجيولوجية في كلتا الحالتين يتباعد بعضها عن بعض عند النقطة (Y) وتحدث في منطقتين مختلفتين في الحواجز المحيطية الوسطى، فإنه تبعاً لعلميات التصدع فإنها تنزلق تحت بعضها وتتغير معاً وتكونان حركة واحدة مرتبطة الأجزاء، ومن ثم يطلق عليها في هذه الحالة الصدوع المتغيرة (Transform Fault).

وإذا تحرك جزءان من الألواح الجيولوجية في اتجاهين متقابلين فإن أحد الألواح الجيولوجية سوف يركب فوق الآخر (شكل 4).

 

وقد يتألف من تكوينات القشرة القارية أو تلك المحيطية للأرض. ولكن يغلب على الألواح السفلية التي تقع أسفل الألواح الراكبة فوقها أن تكون من نوع القشرة المحيطية.

وتسهم الدراسات السيزمية في معرفة الكثيرة من خصائص مناطق تراكب الألواح الجيولوجية عند تقابل بعضها مع بعض.

 

وعلى الرغم من أن الحركة الرئيسية للصدوع هنا هي من نوع صدوع الضغط (في اتجاهين متقابلين) إلا أنه يمكن تمييز عدة حركات ثانوية منها:

1- عندما تنثني التكوينات الصخرية أسفل الخوانق المحيطية العظمى تتكون صدوع الشد (W) Tensional Faults في القسم الأعلى منها.

2– تتكون صدوع الانزلاقات الجانبية (Strike Slip Faults) عندما تنزلق التكوينات الصخرية أسفل تكوينات أخرى (X).

3- تتكون صدوع الشد (T) عندما تنزلق الألواح الجيولوجية إلى أسفل وتتعرض للتكسر إلى أجزاء مختلفة.

4- بعض الأجزاء المتكسرة التي انفصلت عن بعضها قد تتعرض لصدوع الضغط. كما توضح منطقة الاضطرابات السيزمية التي تنتهي عند عمق 710 كم من السطح أن الألواح الجيولوجية أسفل هذا العمق تكون منصهرة ومتداخلة أو منغمسة تماماً مع مواد الوشاح.

 

ج- حركة الألواح الجيولوجية: Plate movement

يقصد بحركة الألواح الجيولوجية انسيابها وانتقالها أسفل القشرة الخارجية للأرض في اتجاه محيط الكرة الأرضية.

وعندما يتحرك لوحان جيولوجيان في اتجاهين متضادين فإنهما يبتعدان عن بعضهما بالنسبة للخط الفاصل لحركتهما، أو ما يعرف باسم محول الحركة أو الدوران (Axis of rotation)

ويوضح شكل (5) انقسام قارة افتراضية إلى قسمين هما A، B وأن الحاجز المحيطي الأوسط هو الذي يمثل خط الانفصال بينهما، ويتألف بدوره من أجزاء الحواجز المحيطية والصدوع المتغيرة.

 

ويظهر أن أجزاء الحواجز المحيطية تقع موازية لخطوط طول تمتد عمودية على محور الحركة. أما الصدوع المتغيرة (Transform Faults) فتقع على خطوط عرض حول هذا المحول أي موازية لحركة دوران الألواح الجيولوجية.

وعلى ذلك فإن الحركة على طول الصدوع المتغيرة تحتفظ بموضع واتجاهات الحواجز المحيطية.

ويظهر كذلك أن مدى اتساع ارضية المحيطات بالقرب من المناطق القطبية (أطراف) لمحور الحركة أ، تكون أيضاً بالنسبة للمناطق الاستوائية Q ويتراوح مدى اتساع أرضية البحار من 2 سم إلى 6 سم في السنة على كل جانب من جوانب الحواجز المحيطية الوسطى.

 

د- ميكانيكية حركة الألواح الجيولوجية: Drining Mechanisms

إن القوى المسؤولة عن حركة الألواح الجيولوجية اسفل القشرة الخارجية للأرض حول محيط الكرة الأرضية لا تزال واضحة تماماً. واقترح العلماء الكثير من الافتراضات لتفسير تلك القوى.

ومن بين أقدم هذه الافتراضاتتلك التي اقترحت أن قشرة الأرض رفعت ونقلت عن طريق حركة التيارات الساخنة الصاعدة الحرارية (Thermal Currents) في مواد الوشاح (شكل 6) .

ولكن بعد أن العلماء الخصائص التفصيلية لنظام بناء مواد باطن الأرض، فقد تبين أن انسياب مواد باطن الأرض يرتبط بنطاق الاثينوسفير (شكل 6 ).

 

ومعنى ذلك أنه ينبغي أن نفترض أن نطاق التيارات الساخنة كان أعظم سمكاً بنحو 200 مرة عما كان عليه، ومثل هذه الحالة لا يمكن وجودها بهذه الصورة.

والواقع أن هناك ارتباطاً كبيراً بين كل من الحواجز المحيطية الوسطى والخنادق المحيطية العميقة، ومن الصعب اعتبار أن نشأة أي منهما مسؤولة عن نظام بسيط في حركة التيارات الساخنة الصاعدة.

ومن ثم اقترح بعض العلماء أن الألواح الجيولوجية هي أجسام طافية تتحرك بمساعدة خلايا التيارات الصاعدة الصغيرة الحجم جداً، والتي تنشأ أصلاً في مواد المانتل على تيارات حرارية جوفية دوامية الحركة(Greothermal Turbulence) (شكل 6).

 

وقد يؤدي الثقل الناتج عن قارة ما خاصة عند أحد أطرافها إلى تحرك الألواح الجيولوجية. ومع ذلك لا يمكن أن تفسر هذه الافتراضات كل حركة الألواح الجيولوجية أسفل قشرة الأرض.

وتقترح إحدى النظريات الأخرى أنه عندما اندفعت الماجما على طول خطوط امتداد الحواجز المحيطية الوسطى، امتصت معها بعض المياه ونتج عن ذلك زيادة حجمها مما أدى بها إلى دفع الألواح الجيولوجية إلى الحركة (شكل 6 د ).

ولكن من دراسة نظام بناء الألواح الجيولوجية يتبين أنها تأثرت بعمليات الشد (Pulling) أكثر من تأثرها بعمليات الدفع (Pushing).

 

وتفترض إحدى النظريات الحديثة كذلك أن الألواح الجيولوجية هي ببساطة عبارة عن الأسطح العلوية للحركات الانسيابية للتيارات الساخنة الصاعدة في مواد الوشاح.

وأن هذه الحركات لا تحدث عن طريق الخلايا الحرارية البسيطة، ولكن وفقاً لنظام انسيابي معقد من التيارات الساخنة الصاعدة.

فعندما ترتفع مواد الاثينوسفير إلى أعلى عند مناطق الحواجز المحيطية الوسطى تتعرض للبرودة والتجمد (كمثل القشرة التي تتكون عند برودة المواد المنصهرة للشمعة) وعند تشتت المواد الانسيابية (إلى الشرق وإلى الغرب من منطقة الحواجز المحيطية الوسطى) تتعرض أعاليها للبرودة ثم إلى التماسك.

 

وكلما بعدت الألواح الجيولوجية عند الحواجز المحيطية الوسطى تصبح أكثر برودة وأعظم سمكاً وأعلى كثافة، ومن ثم تصبح موادها في حالة عدم استقرار. وتسترد هذه المواد حالتها المستقرة من جديد عندما تتعرض الألواح الجيولوجية للتكسر أو عندما تنغمس أحد أطرافها إلى أسفل وينزلق في مواد الوشاح.

وقد ينتج عن ثقل الكتل الهابطة شد الألواح الجيولوجية التي خلفها وسحبها إلى أسفل، وينجم عن ذلك نشوء حركة ميكانيكية جديدة فيها.

وأخيراً قد تكون حركة الالواح الجيولوجية ناتجة عن فعل كل هذه العوامل مجتمعة، ولم يأت الوقت حتى الآن لكي نحدد تماماً وعن يقين القوى الميكانيكية المسؤولة فعلاً عن ترحك الألواح الجيولوجية.

 

وكما سبقت الإشارة من قبل فإن الألواح الجيولوجية تتميز بتماسكها وصلابتها، ولكن عندما تتأثر بعمليات قوى الضغط المختلفة (Stress) فإنه قد تتعرض للتصدع (Faulting)، أو تتغير موادها وتصبح في حالة لدنة (Elastic) وقابلة للطي والدفع إلى أعلى (Uplifting Folding).

وتحدث عملية الضغط هذه في الألواح الجيولوجية بصور مختلفة، منها شد في اتجاهين متضادين (Tension) أو ضغط أو دفع في اتجاهين متقابلين (Compression) أو انزلاق جانبي أفقي (Torsion).

 

ويمكن أن تحدث حالات الضغط في الألواح الجيولوجية عند هوامشها، وكذلك عندما تتداخل بعض الألواح الجيولوجية بعضها في بعض.

وعلى ذلك فإن كلا من مناطق هوامش الألواح الجيولوجية وداخلها تعرض للتمزق والتغير بأغشية تكتونية (Membrane Tectonics) يظهرها شكل (7) وأن تركز الحرارة الجوفية محلياً أي في جزء محدد من الألواح الجيولوجية عند تدفق انتفاخات من مواد «الوشاح» فيها قد يؤدي بدوره إلى حدوث أنواع مختلفة من أشكال الضغوط.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى