العلوم الإنسانية والإجتماعية

استراتيجية تنسيب الخبراء الخارجي إلى لجنة التعاون البيئي

2014 البذور والعلم والصراع

أبي ج . كينشي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

العلوم الإنسانية والإجتماعية البيولوجيا وعلوم الحياة

قد لا يكون من غير المألوف أن تدعو مجموعات النشطاء خبراء أنداد، أو استخدام الدراسات العلمية كمصادر لفرض النفوذ.

فالعلماء المعارضون أنفسهم بدأ عددهم يتزايد للتحالف مع الحركات الاجتماعية؛ كما بدأوا أيضاً بإنشاء مؤسسات غير حكومية بديلة مثل «اتحاد العلميين المهتمين»(Concerned Scientist Union).

ففي الولايات المتحدة الأميركية، تشكلت المنظمات غير الحكومية مثل «العلم من أجل الشعب» (Science for the People) واتحاد العلميين المهتمين اللتين تأسستا في ستينات وسبعينات القرن المنصرم على التوالي – من أجل توفير الوسائل ليقدّم العلميون خبراتهم في خدمة تلك الصراعات السياسية (Moore 1996, 2008).

وفي الآونة الأخيرة، في المكسيك أنشأت مجموعة من الباحثين اتحاد العلماء الملتزمين اجتماعياً (UCCS) واتخذوا مواقف قوية ضد الذرة المهندسة وراثياً وضد السياسات المكسيكية للتكنولوجيا الحيوية.

فاتحاد العلماء الملتزمين اجتماعياً، مثل اتحاد العلميين الملتزمين في الولايات المتحدة الأميركية، يقدم وجهات النظر العلمية المعارضة ويضعها أمام الرأي العام، ويقوّض ادعاءات الحكومة القائلة إن سياستها مبنية على العلم السليم.

وكان هؤلاء الخبراء يعتبرون مصدر نفوذ أيضاً في كندا، ففي النزاعات حول الكانولا المهندسة وراثياً، قام الباحثان الكنديان فان آكر وفريسين وأحد العلميين الدوليين من المنظمة اتحاد العلميين الملتزمين، ومعهد العلم في المجتمع، بعرض تقيماتهم الخبيرة التي تدعم المزارعين في صراعهم مع شركات التكنولوجيا الحيوية.

 

لقد بيّنتُ في الفصل الثالث أن نشطاء القاعدة الشعبية، والمنظمات غير الحكومية عبر الحدود الوطنية، والمنظمات الدولية والخبراء العلميين قد شكّلوا نوعاً جديداً من العلاقة، التي أطلقت عليها الارتداد المعرفي.

فالارتداد المعرفي يشمل الضغط من مجموعة من العلميين الخبراء على الحكومة الوطنية التي قد تغفل  عن النشطاء المحليين.

فقد أعرب النشطاء المحليون المناهضون للتكنولوجيا الحيوية عن شكواهم لفريق استشاري دولي، والذي بدوره قام بترديد هذه الشكاوى مرة أخرى للحكومة المكسيكية على شكل تقرير أو توصيات.

لقد وُضع هذا الضغط على الحكومة المكسيكية من أجل تغيير سياساتها بشأن الذرة المهندسة وراثياً، لكن هذا الضغط ضعف نتيجة الاعتراضات التي مارستها الولايات المتحدة الأميركية وكندا.

ففي بداية الأمر ناشد النشطاء لجنة التعاون البيئي لتأطير الجينات الناشزة باعتبارها تهديداً للسلامة الإحيائية، وخطراً على التنوّع البيولوجي للذرة يمكن تقييمه من خلال التحليل العلمي.

كما تمكّن النشطاء المناهضون للتكنولوجيا الحيوية أيضاً من فتح مجال غير متوقع للتعبير عن المظالم بشأن وسائل التغيير التكنولوجي، والسياسات الزراعية، واتفاقيات التجارة التي تهدّد جميعها سبل العيش الريفية وثقافات الشعوب الأصلية.

 

وعليه فتنسيب التخريج (Externalization) إلى لجنة التعاون البيئي قد ولّد فرصة للطعن بالعلمائية (Scientization) السياسية المكسيكية بخصوص التكنولوجيا الحيوية، من خلال تشجيع المشاركة العامة، وتوسيع نطاق المعايير الخاصة لتقييم تقبل المحاصيل المهندسة وراثياً.

التصميم التنظيمي للجنة التعاون البيئي جعلها بشكل خاص قابلة لعملية الارتداد المعرفي الموصوفة أعلاه. فهناك عدد قليل من المنظمات الدولية الأخرى – إن وجدت – التي تلتزم بشكل واضح بتقديم توصيات الخبراء، وتسهيل مدخلات المجتمع في المسائل الخلافية ذات العلاقة.

ومع ذلك، فإن عدداً متزايداً من المؤسسات الدولية ومنظمات المجتمع المدني العابرة للحدود الوطنية، من المرجّح، أن تعتمد الارتداد المعرفي في ظروف أخرى.

فالمنظمات غير الحكومية بدأت تشارك فعلاً بصورة متكررة في العديد من اللقاءات الفنية التي تنظمها الأمم المتحدة، بما فيها على سبيل المثال، «الهيئة الفرعية للمشورة العلمية والتكنولوجية» (Subsidiary Body for Scientific and Technological Advice) المنبثقة من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن متغيرات المناخ (Miller 2001)، كما أن ما يسمى بالعمليات القائمة على أساس المشاركة للمنظمات الدولية الأخرى، لديها أيضاً إمكانية تعبوية لتوليد الارتداد المعرفي.

 

فعلى سبيل المثال، يتولّى البنك الدولي مشاورات عامة حول مشاريع مثل «السدود الكهرومائية الجديدة» (New Hydoelectric Dams)، وعلى الرغم من انتقاد ما يحدث في مناقشات هذه الجلسات (Goldman 2004, see alo Cook and Kothari 2001)، إلا أن مثل هذه اللقاءات من المرجح أن تعدّ تعبئةً شبيهة بما لاحظناه من تعبئة في حالة الذرة المكسيكية.

مع ذلك، لعله من المهم أن ندرك أن العلميين كثيراً ما كانوا يجدون مصداقيتهم موضع تساؤل، عندما يتخذون مواقف بشأن المسائل السياسية الخلافية. وعلى الأرجح يكون هذا في السياقات التي يفترض أن تتطلب فيها مصداقية أن تكون على مسافة بعيداً عن النشاط السياسي، وهذا قد يختلف باختلاف الثقافات والنظم السياسية.

فالحالات التي تمت دراستها هنا تشير بالتاكيد إلى أن الدول والصناعات المقاومة لتلك الضغوط النابعة من الحركة الاجتماعية قد استفادت من إدامة فكرة أن المشورة العلمية يجب أن لا تكون «ملوّثة» (Tainted) بالمخاوف الاجتماعية.

وعليه فحينما يكسب النشطاء نجاحاً في دعم المهنيين العلميين يواجه هؤلاء الحلفاء بالضغوط للظهور بمظهر محايدٍ سياسياً.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى