العلوم الإنسانية والإجتماعية

ادعاءات المزارعون حول الدعوى القضائية المرفوعة ضد شركات التكنولوجيا الحيوية

2014 البذور والعلم والصراع

أبي ج . كينشي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

العلوم الإنسانية والإجتماعية البيولوجيا وعلوم الحياة

وصف أحد المحلّلين دعوة المزارعين القضائية الجماعية بأنها «أداة حادة للغاية» (An Extremely Blunt Instrument) لمحاولتها الدفاع عن «القيم الاجتماعية والاقتصادية والبيئية» (Garforth and Ainslie 2006, 476).

ففي الظاهر، ركّزت قضية الدعوى القضائية على فقدانهم سوق بيع المنتجات العضوية بسبب تلوّثها، لكنه في كل المقابلات والوثائق القانونية كان واضحاً أنهم يسألون عن مسائل ذات مستوى أعمق، تتعلّق بسلطة صناعة التكنولوجيا الحيوية، ومدى كفاية النظم الناظمة على حدٍّ سواء.

قد تكون مغرية محاولة تمييز السلامة عن القضايا الاقتصادية الاجتماعية التي هي على المحك في هذه الدعوى القضائية، لكن ذلك كان غير قابلة للتجزئة، ليس في تصوّر المزارعين لقيمة الزراعة العضوية فحسب، بل في طريقة المحاكم لتقييم ما إذا كان يجب أن تتحرك الدعوى قُدُماً أم لا أيضاً.

وخصوصاً أن القاضية تفترض أن المحاصيل المهندسة وراثياً آمنة، وكانت ترى أن مظالم المزارعين الاقتصادية [والادعاء بالأذى الناتج عن تلك المحاصيل المهندسة وراثياً] غير شرعية.

ومن نفس المنطلق، كانت القاضية لا تميلُ إلى النظر إلى المزارعين على أساس أنهم فئة يمكن تعريفها بالقانون المتعلق بالبيئة، لأن مطالبهم [بالتعويض عن] خسائرهم الاقتصادية ارتكزت على مصالحهم الفردية (لا الجماعية). لذا سأتناول هذه النقاط بعد الشرح غير الطويل للادعاءات التي وضعها المزارعون.

 

لقد ناقشت مسبقاً رغبة المدعين في كبح جماح سيطرة قوة الصناعة التكنولوجيا الحيوية. ففي توليفة المطالب [التي قدّمها المدعون]، كان نقد سلامة الكانولا المهندسة وراثياً موجوداً ضمناً في تأكيدات الادعاء، بفقدان أسواق المنتجات العضوية.

فكما أشار آخرون «التساؤلات العالقة حول إمكانية أن تسبب المحاصيل المهندسة وراثياً والغذاء ضرراً للإنسان والبيئة» هي تساؤلات في قلب «لماذا رفضت معايير المنتجات العضوية اعتماد الكائنات المهندسة وراثياً أصلاً» (Garforth and Ainslie 2006, 468).

وعلى الرغم من موافقة وكالة التفتيش الغذائي الكندية (CFIA) على [إطلاق زراعة] الكانولا المهندسة وراثياً، ما زال العديد من المزارعين والمستهلكين في أنحاء العالم غير مقتنعين، أن الكانولا المهندسة وراثياً آمنة للبيئة ولصحة المستهلك.

فكما ناقشت في الفصل الثاني من هذا الكتاب، انتقدت الجمعية الملكية في كندا، وهيئات رسمية أخرى نظام المراقبة للمحاصيل المهندسة وراثياً في كندا، وهو ما ترك مجالاً كبيراً للشك بشأن تقييم المخاطر بواسطة الحكومة.

وهكذا حين ادّعى المزارعون العضويون أن التلوّث بالتعديل الوراثي قد أدّى إلى تضرر قدرتهم على إنتاج الكانولا العضوية، مما يدل على أنهم لم يكونوا مجرد شريحة من المستهلكين، الذين يفضلون زيت الكانولا غير المهندسة وراثياً، لكنهم على العكس من ذلك قلقون من أن تكون البذور المهندسة وراثياً ذات ضرر مادي ملموس. فكجزء من شكواهم هذه، تساءل المدعوّن عن سلامة الكانولا المهندسة وراثياً، وهو ما كان تحدياً مباشراً لتحديد تقييم المخاطر [الذي أقرّته] الحكومة الكندية.

 

بدأت في كانون الثاني/ يناير 2002م الإجرات القانونية، حين سجّل المزارعون العضويون في ساسكاتشوان بيان الادعاء ضد شركة مونسانتو وشركة أفنتيس (تُعرف حالياً باسم بايركروبساينس (Bayer CropScience)).

وفي وقت لاحق من نفس العام، أقدم كل من هوفمان وبودوان على حركة هدفا منها الحصول على شهادة اعتماد [للمنتجات العضوية]، وطالبا القاضية أن تعترف بهما كممثلين عن تلك الفئة المعروفة بمزارعي الحبوب العضوية في ساسكاتشوان، المعتمدة للتصديق على المنتجات العضوية منذ عام 1996م، وفي فترة الحصول شهادة الاعتراف بالفئة.

جميع أعضاء هذه الفئة [من المزارعين العضويين] جادلوا بأنهم تضرّروا سلباً بسبب إدخال الكانولا المهندسة وراثياً في البيئة. ففي بيان الادعاء القضائي هذا، ادعت لجنة حماية الزراعة العضوية (OAPF) أن شركة مونسانتو وباير كانتا مسؤولتين مسؤولية كبرى وخرقتا قوانين حماية البيئة في نواحٍ متعددة، والتي من ضمنها أنها كانت مصدر إزعاج وإهمال، وتعدٍّ على ممتلكات الغير.

لقد عبّر مزارعو العضوية عن مظالمهم بسبب صناعة التكنولوجيا الحيوية من خلال استخدامهم المفاهيم القانونية المتاحة. أما ما بعد ذلك التعبير عن المظالم، فيعود إلى قرار القاضي الذي يحدّد من خلاله في ما إذا كان أي من ادعاءاتهم يمثل سبباً معقولاً لاتخاذ إجراءات (سبب لإرسال الدعوة للمحاكمة).

 

ففي بداية الأمر اعتبر المزارعون أن المدعى عليهما شركتا مونسانتو وشركة باير قد انتهكتا القانون البيئي للأقاليم، وعليه كانتا مسؤولتين عن الأضرار الناتجة.

في مقالة للباحث القانوني جاين ماثيو جلن (Jane Matthews Glenn 2004) تناول فيها التداعيات القانونية لـ «الجين الهائم» (Wandering Gene)، جادل فيها أن المزارعين الذين يمتهنون زراعة المحاصيل غير المهندسة وراثياً، والذين عانوا من تلوّث المحاصيل المهندسة وراثياً، من المحتمل أن يكون لهم حق المطالبة بالتعويضات بموجب [المواد القانونية الخاصة] بخرق التشريعات الإقليمية لحماية البيئة.

فتحت طائلة قانون أقليم ساسكاتشوان لحوكمة وحماية البيئة يحقّ للشخص الحصول على تعويض من شخص آخر أو جهة أخرى بسبب ما لحقه من الأخير من خسارة أو ضرر نتيجة تفريغ «الملوّث» أو «جوهره» في البيئة. كما أكّد الباحث القانوني مارتن فيليبسون (Martin Phillipson 2001)، أن هذا هو السبيل الواعد للمزارعين العضويين لمتابعة قضية تلوّث المحاصيل المهندسة وراثياً.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى