التاريخ

إسهامات العالم “الخازن” في عدد من الجوانب الفيزيقية

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني

صبري الدمرداش

KFAS

الخازن واسهاماته في مجال الفيزيقيا التاريخ الفيزياء

كان الخازن فيزيقياً من طراز رفيع . وقد أبدع على وجه الخصوص في كل من علم الحركة (الديناميكا) وعلم السوائل الساكنة (الهيدروستاتيكا) إبداعاً أدهش من لحقه من الباحثين.

ولا تزال نظرياته حية وصحيحة حتى اليوم، مثل نظرية الميل والانحدار ونظرية الاندفاع، وقد لعبت هاتان النظريتان دوراً هاما في علم الحركة .

وجدير به أن يُكنَّى بأبي علمي الحركة وتوازن السوائل، كما كُنِّي : ابن الهيثم بــأبي علم المناظر، والخوارزمي بأبي علم الجبر، والبتاني بأبي علم المثلثات، وثابت بن قرة بأبي علم الهندسة.

وكانت الفترة ما بين 1115 و1121م هي فترة ازدهار عالمنا وتألقه.  وهو يعتبر بحق من الذين لهم اليد الطولى في تطوير نظريات الجاذبية والثقل النوعي، كما كان له السبق في أمور فيزيقية كثيرة.

 

يقول عبدالحليم منتصر في كتابه "تاريخ العلم ودور العلماء العرب في تقدمه" : " لقد سبق الخازن  توريشيلي في الإشارة إلى أن للهواء وزنا وقوة دافعة كالسوائل ، وأن وزن الجسم في الهواء ينقص عن وزنه الحقيقي ، وأن هذا النقص يتوقف على كثافة الهواء.

وبين أن قاعدة ارشميدس لا تسري على السوائل فحسب وإنما تشمل الغازات أيضا . وكانت مثل هذه الدراسات هي التي مهدَّت لاختراع البارومتر (ميزان الضغط) ومفرغات الهواء والمضخات وما أشبه . وبهذا يكون الخازن قد سبق كلا من توريشيلى وباسكال وبويل وغيرهم" .

ولهذا يميل كثير من مؤرخي تاريخ العلوم إلى اعتبار الخازن أستاذ الفيزيقا لجميع العصور ، وقد أجمعوا على أنه فاق في ذلك اساتذته العظام : ابن سينا والبيروني وابن الهيثم ! .

 

وفيما يلي نلقي ضوءاً على إسهامات الخازن في بعض المفاهيم الفيزيقية:

– الخازن وقوة التثاقل

أفرد الخازن جانباً كبيراً من جهوده في الفيزيقا في دراسة جاذبية الأرض ومركز الثقل وسلوك الأجسام الساقطة تحت تأثير الجاذبية الأرضية. يقول عالمنا عن مركز الثقل : "كل جسمين ثقيلين بينهما واصل يُحفظ وضع احدهما عند الآخر ولمجموعهما مركز ثقل هو نقطة واحدة فقط .

وإذا تعادل جسمان بثقلهما في نقطة مفروضة فإن نسبة ثقل احدهما إلى ثقل الآخر كنسبة قسمي الخط  الذي يمر بتلك النقطة ويمر بمركزي ثقلهما" . كما يقول : " الأجسام المتساوية في القوة والحجم والشكل والبعد عن مركز العالم متساوية .

وكل جرم ثقيل معلوم الوزن لبعدٍ مخصوص عن مركز العالم تختلف زنته بحسب اختلاف بعده عنه ، فكلما كان أبعد كان أثقل وإذا قرب كان أخف، لهذا تكون نسبة الثقل إلى الثقل كنسبة البعد إلى البعد".

وإذا ما قارنا هذا القول بما نعرفه اليوم عن قوة الجذب والتي تساوى حاصل ضرب الكتلتين ك1، ك2 مقسوما على مربع المسافة ف بينهما ، أي أن: 

اتضح لنا أن الثقل يتناسب عكسياً مع مربع بعد الجسم عن المركز. وعليه يكون قول الخازن بتناسب الثقل طردياً مع البعد هو قولٌ جانبه فيه التوفيق.

 

– الخازن والثقل النوعي

أولى الخازن جانباً كبيراً من دراساته في الفيزيقا لتعيين قيم الثقل النوعي لكل من المواد الصلبة والسائلة.

فبالنسبة للمواد الصلبة، من معادن وأحجار كريمة، عيَّن قيم الثقل النوعي لها بدقة فائقة. ويتضح من شكل رقم (134) أن قيم الخازن لكل من الزئبق والنحاس والكوارتز ( البلور ) أكثر صحة من مثيلاتها التي عينها استاذه البيروني.

وقد استعمل الخازن في هذه القياسات جهازاً مشابهاً للجهاز الذي سبق أن استخدمه البيروني في تعيين الثقل النوعي للمواد الصلبة، ويستخدم هذا الجهاز على النحو التالي: يملأ الوعاء المخروطي بالماء حتى فوهته. توزن المادة المراد تعيين ثقلها النوعي وزناً دقيقاً.

يلقى بالمادة برفق إلى داخل الوعاء . عند إتمام انغمار المادة في ماء الوعاء يكون حجم الماء المزاح الذي ينسكب من الميزاب مساوياً لحجم المادة الجاري تعيين ثقلها النوعي وبذلك يكون قد تم قياس حجمها. يوزن الماء الذي قام الجسم المغمور بإزاحته من الإناء المخروطي.

 

يحسب الوزن النوعي للمادة بإيجاد النسبة بين وزن الجسم ووزن كمية الماء التي أزاحها عند تمام غمره في ماء الإناء.

وبالنسبة للسوائل، فقد استعمل الخازن ميزان الهواء Aerometer لتعيين الثقل النوعي للسوائل بدقة.

وبمقارنة النسب التي توصل إليها عالمنا في هذا الخصوص بالنسب الحديثة التي حصل عليها علماء العصر الحديث مستخدمين الأجهزة العلمية المعقدة، لتبين لنا قلة الخطأ الذي وقع فيه الخازن رغم بدائية أدواته وأجهزته.

هذا، وقد اخترع الخازن ميزاناً خاصاً لتعيين وزن الأجسام في كلٍ من الهواء والماء . ويتميز الميزان بأن له كفاتٍ خمساً تتحرك إحداها على ذراع مدرَّجة . شكل رقم (135) .

 

كما يوضح شكل رقم (136) أنواعا مختلفة من الموازين التي استعملها العلماء المسلمون.

وفضلاً عن هذا فقد ابتكر الخازن معادلة دقيقة تعطي الوزن المطلق والثقل النوعي لجسمٍ مكون من مادتين، وهي:

حيث أ = الوزن المطلق للجسم المركب، ك = الثقل النوعي له، ب1= كثافة المادة الأولى ، ب2= كثافة المادة الثانية ، س= الوزن المطلق المطلوب.

 

ومن هذه المعادلة يمكن بسهولة إيجاد الوزن المطلق والثقل النوعي لجسمٍ مكون من مادتين مركبتين ! .

– وفي دراسة الخازن لموضوع السوائل الساكنة اهتم بمسألة المقاومة (الدفع) التي يلاقيها الجسم من أسفل إلى أعلى عندما يغمر في سائل. وقد بين هنا أمرا هاما، وهو أن قاعدة ارشميدس لا تنطبق على السوائل فحسب ولكنها تشمل الغازات أيضا .

وفي ذلك يقول: "الأجرام الثقال يعاوقها الهواء ، وهي في الحقيقة أكبر من ثقلها الموجود في ذلك. وإذا انقلبت إلى هواءٍ ألطف كانت أثقل وعلى خلافه إذا  انقلبت إلى هواءٍ أكثف كانت أخف" .

– وعن مقاومة السوائل للحركة، بين الخازن أنه "إذا تحرك جسم ثقيل في أجسام رطبة (سائلة)، فإن حركته فيها تكون بحسب رطوبتها ، فتكون حركته في الجسم الأرطب أسرع" .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى