العلوم الإنسانية والإجتماعية

أهم ما جاء به الإعلانُ العالميُّ لـ”حقوقِ الإنسان”

1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثامن

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة

يُقْصدُ بحقوقِ الإنسانِ أنَّ الإنسانَ، لِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ إنساناً، عليهِ حُقوقٌ طبيعيّةٌ.

وهو يَملكُ هذهِ الحُقوقَ دونَ النظرِ إلى جِنسيتهِ أو أصله أو دينِهِ أو عِرقِهِ، والإنسانُ له هذهِ الحُقوقُ حتى قبلَ أن يكونَ عُضواً في مُجتمَعٍ مُعيَّنٍ.

وقد بدأتِ الدعوةُ، في العصر الحديث إلى احترامِ حُقوقِ الإنسانِ بصفةٍ خاصّةٍ في هذا القَرْنِ بعدَ انتهاءِ الحرب العالمية الثانية.

 

ففي هذه الحربُ كانت هناك انتهاكاتٌ بربريّةٌ، فكان من ضحاياها نُزلاء في مئاتِ السُجونِ والمُعتقلاتِ النازيّةِ.. فانتشرتْ جرائمُ القتلِ والتّعذيبِ والاضّطهادِ.

وبعدَ انتهاءِ الحربِ أعلنَتْ الدِولُ قيام الأُممِ المُتحدةِ في عام 1945، فاعتنى ميثاقُ الأُممِ المُتحدةِ بموضوعِ حُقوقِ الإنسانِ، ووافقتْ الأممُ المتحدةِ على إصدار الإعلان العالميّ لحقوقِ الإنسان عام 1948.

وكانَ هذا الحدثُ بمثابةِ أهمِّ ما توصّلت إليه البشرية. وقام الكثير من الدولِ بتبنِّي المبادئ التي يحتوي عليها هذا الإعلانُ في قَوانينِها ودَساتيرها.

 

والإعلانُ العالميُّ لِحقوقِ الإنسان قد حوى الكثيرَ من المبادئ الرئيسية التي جاءتْ لِتَضَعَ أهمَّ الحُقوقِ للفردِ لكونِهِ إنساناً وبَشراً.

فنصَّ الإعلانُ على الاعترافِ بالكرامة لجميعِ أعضاءٍ الأسرة البشريةِ، وبِحُقوقِهِم المُتساوية. وأكَّدَ أنَّ جميعَ الناس مُتساوون في الكَرامةِ ويولَدونَ أحراراً، ويجبُ أنْ يُعاملَ بعضُهَم بَعضاً بروحِ الإخاءِ.

وانَّ لِكُلِّ إنسانٍ حقُّ التمتُّعِ بكافةِ الحقوقِ دونُ تمييزٍ بسبب العُنصر أو اللونِ أو الجِنسِ أو اللغةِ أو الدَّينِ أو الرأيِ السياسيَّ. وانَّ لِكلِّ فردٍ الحقُّ في الحياةِ والحريةِ وسلامةِ شَخْصِهِ.

 

ولا يجوزُ استرقاقُ أو استعبادُ ايَّ شخصٍ. وأكدَّ الإعلانُ أنّهُ يجبُ ألاّ يتعرَّضُ أيُّ إنسانٍ للتعذيبِ، ولا إلى العُقوباتِ أو المعاملةِ القاسيةِ أو الوحشيةِ، وأنَّ جميعَ الناسِ سواسيةً أمامَ القانونِ، وقَرَّرَ كذلك مبدأً هامّاً: وهو أنّهُ لا جريمةَ ولا عُقوبةَ إلاّ بِنصَّ القانون.

ولم يغفل هذا الإعلانُ عن المسائلِ المتعلّقةِ بحياةِ الشخصِ الاجتماعيّةُ، فأكَّد حُرمةَ المسكنِ والمراسلاتِ، وأنَّ الفَردَ حُرُّ في الانتقالِ من مكانٍ إلى أخرَ.

كما أنَّ لِكُلَّ فردٍ الحقَّ في أنْ يلجأَ إلى دولةٍ أخرى هَرباً من الاضطهادِ، وأنَّ من حَقَّ الشخصُ التمتّع بجنسيتِهِ. ولا يجوزُ حرمانهُ مِنها تَعسُّفاً أو إنكاراً.

 

وشددَّ الإعلانُ أيضاً على حقوق الأسرةِ، فقررَّ أنَّ للرّجُلِ والمرأةِ متى بلغا سنَّ الزواجِ حقَّ التزوُّجِ وتأسيسِ أسرةٍ، دونَ أيَّ قَيْدٍ بسببِ الجِنسٍ أو اللونِ.

وكَفِلَ الإعلانُ حقَّ الفَردِ في التعبيرِ عن رأيِهِ دونَ تقييدٍ بالحُدودِ الجغرافيةِ، وبأيّةِ وسيلةٍ كانت، وحُريتُهُ في مُمارسةِ شعائِرِهِ وطُقوسِهِ الدينيةِ.

وكذلك قرَّر الإعلانُ أنَّ لِكُلَّ شَخصٍ حقُّ التملُّكِ بمفردِهِ أو بالاشتراكِ مع غيْرِهِ، وأنَّه لا يجوزُ تجريدُ أحدٍ من مُكلِهِ تَعسُّفاً. ومنَ الضماناتِ التي جاء بها هذا الإعلان: حَقُّ الإنسانِ في العملِ، فالشخصُ حُرُّ في أنْ يَختارَ نوعَ العملِ الذي يَرغبُ فيهِ.

 

ومنْ حَقَّهِ كذلكَ أن يَحصُلَ على أجرٍ مُقابِلَ هذا العملِ، وأنَّ من حقِّ الإنسانِ أن يحصُلَ على راحةٍ خِلالَ فتراتِ العملِ، وأنْ تكونَ لهُ عُطلاتٌ دوريةٌ بأجُرٍ.

وأخيراً نصَّ الإعلانُ العالميُّ لِحقوقِ الإنسانِ على أنّ للطفولةِ والأمومةِ الحقَّ في مُساعدة ورعايةٍ خاصَّتَيْن.

وأنَّ من حقِّ كُلِّ الأطفالِ أنْ يَنْعموا بهذه الرّعايةِ دون تمييزٍ، وأنَّ لِكلِّ شَخصٍ الحقَّ في التَّعليم، ويجبُ أن يكونَ التّعليمُ في مَراحِلِهُ الأولى إلزامياً ومجّانياً.

 

وعلى الرّعمِ من أنَّ إصدار الإعلان العالميَّ لحقوقِ الإنسانِ يُعدُّ حدثاً تاريخياً في هذا القرنِ، ويُساعد في رُقيِّ وتَطوُّرِ البشريِّةٍ، يجبُ أن نشيرَ إلى أنَّ هذه المبادئ قد نصَّ عليها دينُنا الحنيفُ.

فالشريعةُ الإسلاميةُ المتمثلةُ في كِتابِ الله عزَّ وجلَّ وسُنَّةِ نبِيِّهِ محمّد، صلّى الله  عليه وسلّم، لم تُغْفِلْ مِثل هذهِ الحُقوق والمبادئ.

فيقول اللهُ تباركَ وتعالى في كِتابِهِ الكريم: قال تعالى( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات 13.

 

وَيَقولُ الرسولُ، صلّى الله عليه وسلّم: "لا فَضلَ لِعربيَّ على أعجميَّ، ولا أبيضَ على أسودَ، إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم". ويقولُ المصطفى، عليه أفضلُ الصلاةِ والسلامِ: "الناسُ سواسيةُ كأسنانِ المشطِ".

ونستذكرُ هنا قصَّةَ الخليفةِ العادِلِ عُمر بن الخطاب، رضيَ الله عنه، وابن عمْرو ابن العاص، والتي فيها قال الفاروقُ قَوْلتَهُ المشهورة: "إضْرِبْ ابنَ الأكرمينَ، متى استعبدتم الناسَ وقدً ولدتهم أمهاتُهُم أحراراً".

 

ولا يغيبٌ عن أذهاننا أنه حتى الآن، أي بعدَ مُرورِ اكثرَ من خمسين عاما على صُدورِ الإعلانِ العالميَّ لحقوقِ الإنسان.

هُناك دول ما زالتْ لا تعترِفُ بِحقوقِ الإنسان، وفي هذه الدول ليستْ للإنسانِ قيمةُ تُذكرُ، فيتعرضُ للتعذيبِ والاضطهادِ، ولا يستطيعُ أن يُعبّر عنْ رأيِهِ بِحريَّةٍ وبِصِدقٍ، فَنحنُ لا نعيشُ في مجتمعٍ دوليَّ مثاليَّ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى