علوم الأرض والجيولوجيا

أنواع عملية “جرف التربة” والعوامل المؤثرة بها

1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الثاني

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

عملية جرف التربة أنواع عملية جرف التربة عوامل عملية جرف التربة علوم الأرض والجيولوجيا

جرف التربة هي تلك العمليات التي يتم بها تجوية التربة وجرفها بالمياه الجارية أو نقلها بواسطة الرياح.

وتنقسم هذه العمليات إلى مجموعتين: الأولى وهي العمليات الجيولوجية،

وتضم مختلف العمليات الطبيعية التي تحدث بعيداً عن تأثير الإنسان، وهذا النوع نشط جداً ويؤدي إلى تعرية سطح الأرض وجرف ما عليه من تربات.

 

أما المجموعة الثانية فتشمل عوامل جرف التربة الناتج عن تدخل الإنسان الذي يضاعف من جرف التربة.

وهذه العمليات بنوعيها تؤدي إلى جرف التربة وما يترتب على ذلك من تهديد لموارد الغذاء في العالم. ولمكافحة ذلك ينبغي فهم مختلف العمليات التي يتم بها جرف التربة والعوامل التي تؤدي إلى ذلك.

 

أنواع جرف التربة:

يتم جرف التربة بواسطة المياه الجارية في ثلاثة أشكال هي الفيضان السطحي (Sheet Floods) والنحت الجدولي (Rill Erosion) والنحت السيلي (Gully Erosion).

1- الفيضان السطحي،

وينتج عنه كسح التربة، ويقصد به إزالة طبقة رقيقة من التربة ذات سمك منتظم تقريباً ومن مساحة كبيرة، ويحدث عادة في المناطق التي تم حرثها وإعدادها حديثاً لبذر البذور.

وقد يحدث ذلك بعد جني المحصول. ورغم أن سمك الطبقة التي تزال ليس كبيراً إلا أن فقدان هذه الطبقة الغنية في حقل بأكمله يعد أمراً خطيراً لو استمر عدة سنوات متتالية لأن هذا يترتب عليه في النهاية إزالة الطبقة السطحية للتربة التي تصلح للزراعة.

 

2- النحت الجدولي:

عندما تسقط الأمطار بغزارة تتجمع المياه وتجري في قنوات وجداول صغيرة، ومع زيادة كمية المياه وزيادة سرعتها تنحر قنوات ضيقة عميقة تسمى بالجداول (rills).

هذا النوع من النحت يستطيع إزالة كميات كبيرة من التربة ويقلل بسرعة من خصوبتها، وهو ضار بها فقد يتم تشويه الأرض، وتكرار حدوثه لنفس الأرض يؤدي إلى خسارة أكبر للتربة.

فغالباً ما تنسى هذه الأحداث بعد فترة ولا تؤخذ الاحتياطات اللازمة للمحافظة على التربة.

 

3- النحت السيلي:

ويحدث عندما تكون كمية المطر كبيرة لدرجة تستطيع معها حفر قنوات وبحار وأودية طويلة تزداد طولاً وعمقاً صوب المنابع العليا، خاصة عندما يكون الغطاء الرسوبي أو التربة مفككاً غير متماسك.

ولهذا تحتاج مثل هذه الظروف إلى اجراءات مكثفة للحد من جرف التربة، كأن يتم تدريج الأرض في شكل سلمي أو حفر خنادق لتحويل المياه، أو إقامة سدود لمنع تدفقها أو تشجير أو غير ذلك.

 

العوامل المؤثرة:

يتوقف معدل انحراف التربة على عدد من العوامل المترابطة مثل نوع التربة، درجة الانحدار، الخصائص المناخية، ونمط استخدام الأرض.

نوع التربة: 

تتفاوت خصائص التربات تفاوتاً كبيراً في الخصائص الطبيعية أو الكيماوية (نسبة الرمل، الطين، الصلصال، المواد الغروية، المواد العضوية).

وهذه جميعها لها تأثيرها في انجراف التربة إذا تحدد مدى سهولة انتزاع الحبيبات عند ارتطام قطرات مياه المطر بسطح التربة. وهذه الحبيبات تنتقل بعد انتزاعها من أماكنها الأصلية بواسطة المياه الجارية.

والتربات الرملية أو الحصوية تفتقر إلى المواد الغروية التي تعمل على تماسك حبيبات التربة وتلاحمها ولهذا يسهل انتزاع الحبيبات ونقلها. 

 

ولكن كبر أحجامها يحول دون إزالتها بسهولة. ولا تنتقل الرمال إلا بواسطة المياه السريعة الجريان على المنحدرات أو في الأنهار خلال موسم فيضاناتها.

أما الحبيبات الأقل حجماً كالطين والصلصال، وكذلك المواد العضوية فيمكن نقلها بسهولة في المياه البطيئة الجريان.

ولهذا ففي الحقول اللطيفة الانحدار تنتقل الحبيبات الدقيقة تاركة خلفها حبيبات الرمل الأثقل. وعلى أي حال فعندما تكون الأمطار غزيرة يصبح حجم الانسياب السطحي كبيراً. وتتحرك الرمال حتى على المنحدرات اللطيفة الانحدار.

 

الانحدار:

يوضح الشكل (1) العلاقة بين الانحدار وحجم النحت في أنواع مختلفة من التربات، ترتبط سرعة المياه الجارية على سطح الأرض ارتباطاً وثيقاً بدرجة الانحدار.

فكلما زادت درجة الانحدار، زادت سرعة المياه الجارية فوق السطح وازدادت قدرتها على الحمل والنقل فتحمل كميات أكبر وأحجام أكبر كذلك.

 

ولهذا فالتربات فوق السطوح شديدة الانحدار أكثر عرضة للانجراف من نظائرها فوق أراض لطيفة الانحدار، إذا ما تساوت كمية المياه الجارية فوقهما.

فالمعروف أن الجريان السطحي على السطوح اللطيفة الانحدار يكون بطيئاً لا يقوى إلا على المواد الناعمة وبكميات ضئيلة نسبياً.

 

المناخ:

يتوقف معدل انجراف التربة على المناخ، ففي المناخات الباردة تتجمد التربة وتقاوم عوامل الانجراف لعدة شهور من كل عام.

ولكن في هذه المناطق يؤدي ذوبان الثلوج بغزارة إلى انجراف التربة خاصة عندما يقترن ذوبان الثلوج بانتهاء تجميع التربة، فهذه المياه الناتجة عن ذوبان الثلوج تنحدر فوق تربة مفككة غير متجمدة مما يؤدي إلى انجراف مواد التربة صوب قواعد المنحدرات.

أما في المناخات الدافئة الرطبة التي تكثر فيها الأمطار فتتعرض التربة بشدة للانجراف في أي وقت خاصة إذا سقطت الأمطار خلال فصل الشتاء، الذي يتدهور فيه الغطاء النباتي.

 

وعلى هذا فإن كمية الأمطار الساقطة عنصـر هام في تحديد معدل الانجراف في أي أقليم.

كما أن طبيعة المطر أكثر أهمية من كميته في عملية انجراف التربة. فعندما تسقط الأمطار بمعدل 5 سنتيمتر/ ساعة يصبح انجراف التربة نحو 3 – 5 أمثال معدلها لو كانت كمية المطر 2.5 سنتيمتر/ ساعة.

 

أما في الأقاليم التي يكون معظم التساقط في صورة ضباب أو أمطار خفيفة؛ لا تتعرض التربات فيها لانجراف يذكر رغم أن الكمية الإجمالية للمطر كبيرة.

أما في المناطق الجافة حيث تصبح الرياح أهم عوامل تذرية التربة خاصة في التربات الرملية. فقد يساعد تعاقب البلل والجفاف في بعض المناطق على انجراف التربة بمعدلات كبيرة.

 

استخدام الأرض:

يؤثر نمط استخدام الأرض في تحديد مدى تعرض التربة للانجراف خاصة نوع المحصول ونظام الإدارة، فالتربات العارية (الأراضي البور) أو التي تم حرثها فيما بين محصولين قد تسمح بالانجراف بمعدل أكبر.

والمحاصيل الزراعية تزود التربة بغطاء نباتي كثيف على مدار العام، كذلك الحشائش والغابات ومن ثم يحد ذلك من انجراف التربة، بل قد يؤدي إلى توقفه تماماً.

ويتفاوت دور الغطاء النباتي في حماية التربة من الانجراف تبعاً لكثافة هذا الغطاء.

 

والجدول التالي يوضح نتائج بعض التجارب في الولايات المتحدة الأمريكية في مناطق مختلفة الاستخدام وتأثير الجريان السطحي للمياه وانجراف التربة في كل منها.

جدول رقم (1) : الجريان السطحي ونحت التربة في ظروف استخدامات مختلفة ومتوسط مطر 96 سنتيمتر.

نمط الاستخدام والمعالجة

الجريان الطمي

معدل النحت السنوي طن/ ايكر

السنوات المطلوبة لفقدان 18 سنتيمتر من سطح التربة

عمق الحرث 21 سنتيمتر(لا يوجد محصول متروكه للراحة)

 

28.4

35.7

28

عمق الحرث 21 سنتيمتر (مزروعة ذرة).

 

27.4

17.8

56

عمق الحرث 21 سنتيمتر (مزروعة قمحاً)

 

25.2

6.7

150

دورة:ذرة-قمح-برسيم أعشاب

14.1

11.6

2.3

0.3

437

3547

 

ويتزايد معدل الانجراف عندما تكون المحاصيل المنزرعة كالقمح أو القطن أو التبغ فوق التلال وسفوح المنحدرات خاصة مع وجود جريان سطحي وفير.

 

وفي بعض المناطق عندما تزرع الأرض بصفة مستمرة تصبح طبقة التربة التي يحفر فيها المحراث هي الطبقة المعرضة للنحت خلال عمر الانسان.

والأعشاب في المناطق الرطبة يغطي سطح الأرض بكثافة وتحول دون انجراف التربة أو ازالتها. أما في المنطق التي يتخلخل فيها الغطاء النباتي وتنكشف أجزاء من الأرض تؤدي الأمطار الغزيرة إلى انجراف التربة بمعدلات فائقة،

وفي مناطق الغابات التي تنمو الأشجار فيها في شكل مظلة هائلة وأرضية تغطي بفرشة من المواد العضوية المتحللة التي تغطي أرضية فتحول دون انجراف التربة.

 

نحت الرياح:

تقوم الرياح بإزالة كميات كبيرة من التربات في أجزاء عديدة من العالم خاصة في الأراضي الجافة وشبه الجافة، ويتوقف أثر الرياح على حجم حبيبات التربة.

فالحبيبات الأكبر حجماً تحملها الرياح لمسافة قصيرة بينما تنقل الرياح المواد الناعمة في صورة عالقة لمسافات طويلة تصل إلى مئات وآلاف الأميال.

وتتساقط هذه الرواسب العالقة في الهواء على سطح الأرض مرة أخرى في شكل فرشات أو كثبان تدفعها الرياح السائدة في طريقها وتظل الكثبان في حركتها حتى تصل إلى منطقة رطبة أو يمنو فوقها غطاء نباتي يعمل على تثبيها.

 

حماية التربة من الانجراف:

هناك بعض المبادئ الهامة التي تساهم في حماية التربة من الانجراف:

1- الاحتفاظ بالأرض مغطاة بمحصول ما أو بالحشائش بقدر ما نستطيع.

وقد يؤدي ذلك إلى زيادة المياه الفاقدة ويقلل الجريان السطحي للمياه. وتختلف مدى فعالية الانجراف بهذا البند تبعاً لكثافة الغلاف النباتي.

 

2– عندما تخلو الأرض من المحصول عند حصاده تترك بقاياه لتحمي التربة من الانجراف، وعدم المبالغة في حرث الأرض دون ضرورة.

 

3– تحاشي الجريان المركز، ويجب التدخل للحد من سرعة الجريان السطحي فوق المنحدرات وما يتبع ذلك من نحت سيلي. وقد يكون عمل مدرجات تنحدر بلطف أحد الحلول لجعل جريان المياه بطئياً.

 

4- الزراعة على خطوط الكنتور (عمودي على اتجاه الانحدار).

 

5- ترك جذور النبات أطول فترة ممكنة للحد من تذرية الرياح فيما بين محصولين.

 

6- نثر كتل من التربة أو تخطيط الأرض وتعريج سطحها للحد من التذرية الهوائية.

 

7- تتطلب الكثبان الرملية المتحركة غطاءً نباتياً صناعياً أو عقبات ميكانيكية على الجانب المواجه للرياح تبعاً لنوع المناخ السائد.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى