التاريخ

أساطير توّضح دور الأخويات التعدينية

1999 تاريخ الكيمياء

صلاح محمد يحياوي

KFAS

الأخويات التعدينية أساطير التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

وذكر "غرابة" أن تقليداً جديراً بالملاحظة يوضح السلطة المزدوجة للحداد القادر على تسليح السيد وعلى تجريده من السلاح فجأة.

فرغبةً من الحداد في إضفاء قدرة لا تقهر على سيفي المدافع عن منطقة النفوذ، فقد كان يُعمّد السيفين بدم أبنائه، وكان السيد بعد ذلك ينتصر في جميع معاركه، ولكن الحداد ما كان ليلفظ اسم (مينغ Ming) أولاده حتى تفلت النصلتان من يدي المحارب وتطيران لتذهبا وتتوضعا بورع على الصدر الأبوي.

وهكذا كان سيد أسرار المعادن يعطي دم ذريته لتأمين انتصار سلالة السيد، وما كان ذلك ليعقل لو لم يكن للحداد نصيب في شهرة مؤسسة منطقة النفوذ، والحال أن الحداد كان يحمي قدرة الاسم السري الغامض "مينغ" لسلالته السلفية.

تتفق هذه الاستقلالية الفريدة مع السيادة الذاتية الحية للمعدن المحضر سحرياً، وهناك تقليد ملكي قديم يلقّن بمزيد من الوضوح ثلاثيات الأثافى التسع المقدسة، فقد تسلم البطل الملكي الممتاز "يو Yu" الكبير معدن الرعيان التسعة، وحفرت على جوانب القدور المعدنية التي طرقها تسعة شعارات (كسيانغ Xiang) تمثل مجموع الكائنات (وو Wu).

ومع ذلك فإن الملك على الرغم من أنه هو الوحيد ذو الحق بالاحتفاظ في خزينته بهذه الطلاسم والتعويذات التي تحمي الأسرة الملكية، إلا أن هذه الحروز الواقية – ثلاثيات الأثافي – ليست من الثروات التراثية الملكية، ذلك أن الملك قد يفقدها إذا ما نفذ نفوذ فضيلتها المشعة (داود Daode) وهو ما تنذر به مثلاً رداءة الحصاد، وتشوه المواليد، وعقم النساء، وحينئذ تفقد ثلاثيات الأثافي وزنها، وتطير جاهرة عاصمة السلالة الحاكمة المقضي عليها.

 

ويتبين بوضوح من خلال هذه الأساطير دور الأخويات التعدينية (أخويات الحدادين) البارز والخفي في آن واحد. 

ألم تكن هذه الأخويات منذ القدم البعيد هي التي تتواصل مع الأرض حيث تجتمع الفلزات وعظام السلف معاً؟ لذلك كان يُهدى إلى الأجنحة المعدنية المستخلصة من الأرض الأم، يُهدى إليها شراب الحيوانات المعظِّم والمشرِّف المحفوظ للسلف والرؤساء والمحاربين، ألا وهو غول "كحول" الأرز، وتحفظ هذه الأجنة في ظل كور الحداد، كما يمكن أن تحفظ البذور النباتية (التي فيها الحياة) حية بفضل سيدة منطقة النفوذ التي تضعها في الخدر بقرب الطبقة السيادية التي تسكنها أرواح الأسلاف.

وكانت التقنيات التعدينية إضافة إلى ذلك مؤسسة على الزواج المقدس الطقوسي في جميع النقاط القابلة للموازنة بالتقنيات التي تتيح للسيد التحالف مع "المكان المقدس" لمنطقة النفوذ، فتعيد الشباب إلى الفضيلة المشعة (داود Daode) إذ يشع هناك مبدأ حياة السلالة ومنطقة النفوذ.

وقد وجه "إلياد Eliade" الانتباه إلى أن السيمياء الصينية، هذا العلم التلقائي، تتألف من عناصر ثلاثة هي المبادئ الكونية، وأساطير الخالدين السعداء، وإكسير الخلود، وتنتسب التقنيات التي تجري وراء إطالة الحاية والتقوى الدينية والتلقائية معاً، تنتسب إلى الإرث الثقافي للتاريخ الصيني الأول.

 

هذا ويظهر ترابط هذه المواضيع الأساسية بأسلوب واضح في كتاب "سيما كيان Sima Qian" الذي يروي وصية الساحر "لي شاوجون Li Shaojun" للإمبراطور "وودي Wudi" من سلالة هان Han الحاكمة:

("ضحَوا عند الفرن (Zao) فتتمكنوا من استحضار كائنات رفيعة الشأن: وما إن تستحضروها حتى يتمكن مسحوق الزنجفر من التطافر إلى ذهب أصفر، وما إن يتكون الذهب الأصفر حتى تتمكنوا من صنع مواعين للشراب والطعام. 

وعندئذ سيطول عمركم وتتمكنون من رؤية أكثر الناس سعادة (كسيان Xian) في جزيرة "بونغلي Ponglai" الواقعة وسط البحار، فإذا ما رأيتموهم، وقدمتم الأضاحي "فنغ Fung" و "شان Shan" فإنكم عندئذ لن تموتوا").

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى