علوم الأرض والجيولوجيا

أدوات الملاحة وطرق تحديد البحارة خطوط طول وعرض اتجاهات مواقعهم

2016 عصر الثورة العلمية

جون كلارك

KFAS

علوم الأرض والجيولوجيا

يحتاج طاقم البحارة على ظهر السفن في عرض المحيط معرفة اتجاه سيرهم وكذلك موقعهم بالتحديد.

يمكن للبوصلة تحديد الاتجاه، ولذلك شاع استخدامها منذ القرن الثاني عشر الميلادي. لكن لتحديد الموقع بشكل دقيق نحتاج معرفة خطوط الطول والعرض، وهي مسألة أثبتت التجربة صعوبتها البالغة.

تُمثل خطوط عرض المواقع بدلالة المسافة شمالاً أو جنوباً عن خط الإستواء وتقاس بالدرجات: على سبيل المثال تقع مدينة فيلادلفيا في الولايات المتحدة عند خط عرض ٤٠٠ شمالاً.

ويمكن تحديد خط عرض موقع ما بقياس الزاوية التي يرتفع بها جرم سماوي عن الأفق ومن ثم الرجوع إلى الكتب أو الجداول أو التقاويم (الزيج) ذات الصلة. ويمكن قياس زاوية النجم القطبي فوق الأفق ليلاً كما يمكن الاستعانة بزاوية الشمس فوق الأفق وقت الظهيرة نهاراً ومقارنة هذه القياسات بتلك المدونة في الجداول الفلكية لتحديد خط العرض.

 

كان للبحارة الأقدمين آلات عدة لقياس هذه الزوايا. فباستخدام السارية المتعارضة، كان البحارة يمعنون النظر على طول سارية بطول ثلاثة أقدام (متر واحد) وفي الوقت نفسه يحركون قطعة متعارضة أخرى إلى أن يتوازى الجزء السفلي منها مع خط الأفق والجزء العلوي مع خط رصد النجم أو الشمس.

ويمكن للبحارة قراءة الزاوية بهذه الطريقة مباشرة من على السارية التي تمت معايرتها من قبل. يعتبر الفلكي الفرنسي ليفي بن جرشوم (١٢٨٨ – ١٣٤٤) أول من شرح طريقة قياس زاوية الارتفاع (لمعرفة خط العرض) وذلك عام ١٣٣٠ واستمر استخدامها حتى القرن الثامن عشر.

ابتكر البحار الإنجليزي جون ديفس (حوالي ١٥٥٠ – ١٦٠٥) عام ١٥٩٤ السارية الخلفية والتي كانت تشير إلى الاتجاه المعاكس وبذلك لم يكن العامل على تحديد زاوية الشمس فوق الأفق ينظر إلى الشمس مباشرة في قيامه بعمله.

كما أن آلة ذات الربع تشبه في عملها لتحديد الزوايا أسلوب استخدام السارية، كما استخدمها الفلكيون والرماة لتحديد الزوايا المناسبة لإطلاق القذائف لإصابة الأهداف.

 

في عام ١٧٣١ اخترع عالم الرياضيات الإنجليزي جون هادلي (١٦٨٢ – ١٧٤٤) آله ذات الثمن، التي سميت خطأ وقتها بآله الربع لهادلي. من جانبه ابتكر المخترع الإنجليزي – الأمريكي توماس غودفري (١٧٠٤ – ٤٩) من مدينة فيلادلفيا، وبشكل مستقل، آلة تكاد تكون متطابقة مع آله هادلي.

يستند عمل آلة الثمن على وجود ذراع مرتكزة يمكن تحريكها حتى تأخذ صورة الشمس وضعاً على خط مرآة أخرى تسقط عليها صورة الأفق. وكان أقصى زاوية يمكن لآلة الثمن قياسها هي ٤٥°.

قرر مؤتمر عالمي عام ١٨٨٤ اتخاذ الخط المار بمرصد غرينتش بلندن خط زوال رئيسي (خط الطول ٠°) . لكن إيجاد خط طول أي موقع آخر – شرق أو غرب خط زوال غرينتش – (خط الطول ٠°) – كان أصعب بكثير من مسألة حساب خطوط العرض.

فلقرون طويلة اعتمد البحارة في هذا المضمار على قياس الزاوية بين القمر وجرم سماوي آخر ومن ثم الرجوع إلى الجداول الفلكية (الزيج) التي تبين مواقع القمر يوما بيوم. وقد قام الفلكي الألماني يوهان ميوللر (١٤٣٦ – ٧٦) ، المعروف أيضا بلقب ريجومونتانوس، بوضع أول جدول فلكي لمواقع القمر عام ١٤٧٤.

 

ونشرت هذه الجداول عام ١٧٦٦ ضمن كتاب التقويم العُقدي لمعده الفلكي الإنجليزي نفل ماسكلين (١٧٣٢ – ١٨١١) ونقحت هذه الجداول بعد ذلك بشكل سنوي.

يعتمد حل معضلة تحديد خطوط الطول على إيجاد طريقة لمعرفة الوقت عند موقع ما بدقة متناهية، والذي يعتمد بدوره على مقدار خط الطول. فعندما تكون الساعة في لندن بإنجلترا، مثلا، الثانية عشرة ظهرا يكون الوقت في مدينة فيلاديفيا بنسلفانيا السابعة صباحا (خط طول ٧٥° غرباً تقريبا).

وبذلك لو علمنا الوقت في أي موقع آخر عند زمن الزوال في لندن تمكنا من حساب خط طول ذلك الموقع. ولهذا الغرض نحتاج إلى كرونوميتر، ساعة غاية في الدقة. وضعت الحكومة البريطانية عام ١٧١٤ جائزة مقدارها ٢٠,٠٠٠ £ للشخص الذي يبتكر مثل هذا الموقت الدقيق.

 

وكان الشرط الرئيسي لكسب الجائزة أن لا تفقد أو تكتسب «الساعة البحرية» أكثر من دقيقتين خلال رحلة بحرية بين بريطانيا وجزر الهند الغربية والعودة ثانية التي تستغرق مدة ستة أسابيع .

قبل صانع الساعات الإنجليزي جون هاريسون (1693 – 1776) هذا التحدي وابتكر عام 1735 أول كرونوميتر.

لكن محاولته الرابعة عام 1759 هي التي أكسبته الرهان والجائـزة (حصل هاريسون على نصف الجائزة فقط إذ أمسكت الحكومة البريطانية النصف الآخر بدعوى الحاجة إلى برهان بإمكانية تصنيع نسخ متطابقة). لم يتسلم هاريسون بقيه الجائزة حتى عام 1773 عند ترافع الملك جورج الثالث دفاعا عن قضيته.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى