العلوم الإنسانية والإجتماعية

أبرز محطات ندوة لجنة التعاون البيئي في إقليم أواكساكا

2014 البذور والعلم والصراع

أبي ج . كينشي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

العلوم الإنسانية والإجتماعية البيولوجيا وعلوم الحياة

كان ضمن جدولة أعمال لجنة التعاون البيئي عقد ندوة في آذار/ مارس 2004م بإقليم أواكساكا، حيث أُلقيت فيها ورقة بحثية أساسية على الحاضرين، لغرض أن يكون أعضاء اللجنة الاستشارية قادرين على إصدار صياغة توصيات تتعلق بسياسة [الذرة]، لأن الانفتاح المؤسساتي للجنة التعاون البيئي لمشاركة المجتمع المدني قد وفر للنشطاء شعور بحقهم في أن يكون لهم وزنٌ ما في تلك القضية، وحقهم في تغيير مسار خطط اللجنة إذا لزم الأمر.

لقد كان الاعتقاد السائد عندي، أن تلك الندوة كان المقصود منها أن تكون مفتوحة وواضحة في عام 2007م، عندما كنتُ أتقاسم نتائج هذه الدراسة [هذا الكتاب] مع أحد المنظمين الأساسيين لأحداث الاحتجاجات التي كانت تحيط بعمل لجنة التعاون البيئي.

فقد أعربتْ عن دهشتها عندما أشرت إلى ندوة لجنة التعاون البيئي ووصفتها بأنها "لقاء علمي" (Scientific Meeting). فقد كان التصوّر (بخلاف غيرها من العلميين المشاركين، كما مبين أدناه) منذُ أن اتخذت منظمتها ونشطاء آخرين زمام المبادرة في أحداث عملية التقييم للجنة التعاون البيئي حول الذرة المهندسة وراثياً. وقد كانت الندوة فضاءً ملائماً للاحتجاج بحق، ومطرحاً للمحتجين والمواطنين للإدلاء بشهاداتهم الحية.    

أخبرني النشطاء، أن ذلك التقارب الذي حصل في ندوة أواكساكا مثّل نقطة تحول، عندما اتخذت المعارضة للذرة المهندسة وراثياً شكل الحركة الشعبية التي تقودها المجتمعات الأصلية ومنتجو الذرة الصغار، بعد أن كانت قد بدأت كحملة احتجاج قادها البيئيون.

فاعتراضاتهم على الذرة المهندسة وراثياً تجذّرت لتكون نقداً أوسع من انتقاد الزراعة الصناعية، والليبرالية الجديدة، وفقدان التقاليد الثقافية [للمجتمعات الأصيلة]. فمع حلول نهاية 2003م كانت منظمة السلام الأخضر ومنظمات من أقليم أواكساكا قد خططت مسبقاً تحويل لقاء لجنة التعاون البيئي إلى فرصة رئيسية لحركة [الذرة] لاتخاذ موقف ضد الذرة المهندسة وراثياً. 

 

لقد عقد النشطاء الوطنيون للدفاع عن الذرة ندوة في مدينة مكسيكو سيتي خلال كانون الثاني/ ديسمبر 2003م، حيث دعا نشطاؤها البيئيون للمشاركة في اللقاء بأواكساكا خلال ندوة لجنة التعاون البيئي في مارس/ آذار لجعلها مظاهرة كبرى [لمناهضة الذرة المهندسة وراثياً]. وقبل يوم من ندوة لجنة التعاون البيئي، عقد المحتجّون لقاءً تحت شعار "الدفاع عن ذرتنا حماية للحياة".

أكثر من 380 شخصاً سجّلوا لحضور ندوة لجنة التعاون البيئي، وعلى الرغم من هذا الحضور، إلا أن عالمة الجغرافيا الثقافية كاثلين ماكافي التي حضرت الندوة، قد لاحظت أن حضور 380 شخص هو مجرّد رقم، حين فقدت لجنة التعاون البيئي سياق العد.

فمن هؤلاء المسجلين كان هناك 280 مكسيكياً لكن الذين حضروا فعلاً قد جاوزوا العدد المدوّن من قِبل اللجنة(Secretariat of the Commission for Environmental Cooperation 2004). لقد قابلت العديد من العلميين الذين ساهموا في كتابة ورقة أساسية أو خدموا في اللجنة الاستشارية، وكان كلٌّ من هم يشير إلى كونهم لم يكونوا مستعدين للحشود المعبأة تلك، خلال ندوة أواكساكا.

كما لاحظت ماكافي (McAfee 2008, 153)، "كان واضحاً من المناقشات التي كانت تحدث في الممرات أن بعض أعضاء اللجنة وبعض الاستشاريين لم يكونوا قد استوعبوا في السابق الأهمية الاقتصادية لتكييف الأصناف المحلية للذرة، ولا الأهمية المركزية الثقافية للذرة والهوية الريفية المكسيكية.

حتى إن بعض الخبراء ممن يميلون كثيراً إلى اليسارية شعروا بعدم الارتياح لانحرافهم [في الندوة] عن مخطّط عرض التقرير ودهشوا من التصريحات التي أدلى بها المحتجون". فأحد علميي الولايات المتحدة الأميركية (Telephone Interview, May 30, 2007) الذي يصف نفسه بـ "الأكاديمي الليبرالي" (Liberal Academic) قال، بالمقارنة مع ما أحدثه المحتجون شعرت وكأني "عالم أمبريالي"(An Imperialist Scientist) ، فاشستي (Fascist) اختبأ في عمق جزمة.

 

الإقبال الجماهيري للمتظاهرين، وشهادة السكان الأصليين الحية غير المتوقعة بخاصة قد تحدّيا توقعات الفريق الاستشاري لماهية الندوة وما المفترض إنجازه فيها. وعليه فقد وصف اعترافه الفيلسوف كونراد برينك (Conrad Brunk 2006, 181) الذي عمل كخبير في الفريق الاستشاري للجنة التعاون البيئي بقوله "نقص في المعرفة باتجاهين" (Two-Way Knowledge Deficit) بين خبراء اللجنة والناس الذين حضروا للإدلاء بشهاداتهم.

ما كان أكثر وضوحاً في شهادات المزارعين ليس عدم الثقة بالعلم فحسب، بل كونهم يعتبرون في الحقيقة أن العلم لا علاقة له بالموضوع. وفي قضية تعتبر كبرى بالنسبة إليهم فإن العديد من المتحدثين أعرب صراحة بشأن حقيقة الأوراق الأساسية وبيانات المؤلفين وأعضاء اللجنة، واصفاً إياهم كلهم ببساطة بأنهم لم يعالجوا همومهم…. فوجود الجين المحوّر وراثياً من نوع BT في الذرة لم يكن خطراً تتعرّض له قيمهم الثقافية فحسب، بل هو الضرر ذاته.

فهو فعلاً لوّث التراث الثقافي بمادة غريبة، مادة لا يمكن عرضها إلا من خلال واسطة غريبة وغير ملائمة ثقافياً (مصدر سابق، 182).

 

نتيجة لهذه المواجهة [ما بين اللجنة الاستشارية والمواطنين] أدرك بعضهم بشكل ملحوظ أن الاجتماع كان ينبغي أن يخدم هدفاً مختلفاً. فعالم أميركي آخر(Telephone Interview, September 8, 2008) أكد مضيفاً، في شرحه لي للإدراك، مذكراً بـ "أتوقع أنها دورين ستانبنسكي (Doreen Stabinsky) (من السلام الأخضر) هي التي قالت شيئاً من هذا القبيل "كما تعرف، ربما يكون ذلك على الأرجح غير مريح حقيقة لكل العلميين، لكن هي تلك الديمقراطية"، ولربما شيئاً من هذا القبيل.

فهي قالت بشكل أساسي، كما تعلم أن هذا جزء من حياتنا ولا بد من أن تسمعه، وكما تعلم أنه ذلك ما نشعر به بالفعل. فشعرت أنني أوافقها، وعليه سنقوم فقط بتغيير اللقاء مراراً  ولعله [في النهاية] يقدم خدمة تؤدي وظيفة مختلفة، على أية حال نبقى مستمعين فقط".

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى