شخصيّات

نبذة تعريفية عن سيدنا إسْحَاق “عليهِ السَّلامُ”

1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثاني

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

سيدنا إسحاق شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

كانَتْ ولاَدَةُ إسحاقَ عليه السَّلامُ أَمْراً عَجِيباً فإنَ أَبَاه سيِّدَنا إبراهيمَ عليه السلامُ ظلَّ سنينَ طويلةً دونَ أن يُرْزَقَ أبناءً من زوجتِه "سَارَّةَ" فقد كانتْ عقيماً لا تَلِدُ، وبلَغَتْ سِنَّ الشَيْخُوخَةِ، وكان سيِّدُنا إبراهيمُ قد وُلِدَ له من "هَاجَرَ" إسماعيلُ عليه السلامُ. مِمَّا زادَ في حُزْنِ سارَّةَ لكنَّها كانتْ صابرةً على قضاءِ اللّه.

وذاتَ يومٍ جَاءَتْ الملائكةُ إلى سيِّدِنا إبراهيمَ عليه السلامُ في صورةِ رجالٍ، فظنَّهم أضيافاً، وكانَ معروفاً بإكرامِ الضُّيــــوفِ، فـَقدَّمَ لَهمُ عِجْلاً مَشْوِيًّا.

وجاءَتْ امرأتُه "سارّةُ" لتقومَ بِخدْمَتِهِمْ، لكنَّهم لم يَمُدُّوا أَيْدِيَهُم إلى الطعامِ، لأنَّ الملائكَة لا تأكلُ ولا تشـربُ، فاستنكرَ إبراهيمُ عليه السلامُ أمرَهم، لامتناعِهم عن قبولِ ضيافتِه وخافَ مِنْهم، فقالُوا له: "لاَ تَخفْ، نحنُ رُسُلِ اللّه لتنفيذِ أَمْرِه بإهلاكِ قَوْمِ لُوطٍ عليه السَّلام، عقاباً لَهُم على كُفْرهِم وفُجُورِهْم".

 

وأخبروه أن اللّه سَيُنَجِّي لوطاً علَيه السلامُ وكلَّ مَنْ آمَن به مِن قومهِ. فزالَ الخوفُ عن إبراهيمَ عليه السلامُ وضَحِكَتْ زوجتُه سارّة فَرَحاً بقدومِهْم، فَبَشَّـروُها بأنَّها ستحملُ بولَدٍ ويعيشُ حتَّى يُنْجِبَ أولاداً.

وقد استغربَتْ هذا الأمرَ لأنَّها عقيمٌ، ولأنها جاوَزَتْ الثمانين، لكنَّ اللّه قَدِيرٌ عَلَى كل شيءٍ، وإذَا أرادَ أمراً لا بُدَّ أَنْ يَتَحَقَّقَ.

وقد بَيَّنَ اللَّهُ تعالى قصةَ البِشَارةِ بولاَدَةِ إسحاقَ عليه السلامُ في قولِه(وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ ۖ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذ فَلَمَّا رَأَىٰ أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۚ قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوب قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ)(هود: 69-73).

 

وتَسْمِيَةُ "إسحاقَ" مأخوذةٌ من الكَلِمَة العِبْريَّةِ "يَصْحَكُ" وهي لفظةٌ مشابهةٌ في النُّطْقِ والمَعْنَى للكَلِمَةِ العربيَّة "يَضْحَكُ"، لأنَّ أُمَّه "سارّة" قالَتْ: "قد صنعَ اللَّهُ لي بولادتِه أمراً كُلُّ مَنْ يسمعُه يضحك"، وذلك لغرابةِ شَأْن هذه الوِلاَدَةِ.

وعاش إسحاقُ عليه السلامُ في فلسطينَ، ويُقَالُ إِنَّه هو الذي قامَ بِبِناءِ المَسْجدِ الأقصـىَ في القُدْسِ لأولِّ مرةٍ، 

قبلَ أن يجدِّدَ بناءَه سليمانُ عليه السلامُ. ويؤكِّدُ هذا ما ثَبَتَ في الحديثِ عن رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللّه عليه وَسَلَّمَ، أنَّ بناءَ المسجدِ الأقصـىَ كانَ بَعْدَ أربعين سنةٍ من بناءِ المَسْجِدِ الحَرَام، "الكَعْبَةِ" في مَكَّةَ.

 

ويكْونُ عملُ إسحاقَ عليه السلامُ مشابهاً لِمَا قامَ به أبُوه إبراهيمُ وأخوه إسماعيلُ عليهما السلامُ من بناءِ الكعبةِ والمسجدِ الحرامِ بمكةَ.

لقد باركَ اللَّهُ في ذُرِّيَةِ إسحاقَ عليه السلامُ، فقد وُلد له من ابنِه يعقوبَ عليه السلامُ إثنا عَشْـرَ حَفِيدا منهم يوسفُ عليه السلام، وهُم يُسَمَّوْنَ "الأسباطَ" ومعناها القبائلَ، لأنَّهم آباءُ القبائِل التي يتكوّن منها بنو إسرائيلَ.

وإسرائيلُ هو الاسمُ الآخرُ ليعقوبَ عليه السلامُ. ولذا يُقالُ عن إسحاقَ عليه السلامُ إنَّه "أبو أنبياءِ بني إِسرائيلَ" لكَثْرَةِ الأنبياءِ في ذُرِّيَتِه.

 

وقد جاءَتْ الإشارةُ إلى ذلك في قَوْلِه تعالَى عن إسحاقَ عليه السلامُ(وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ) (الأنعام: 84-85).

مات إسحاقُ عليه السلامُ في فلسطينَ ودُفِنَ بمَغَارَة المكفيلةِ التي فيها قبرُ أبيهِ إبراهيمَ عليه السلامُ في مدينةِ "حَبْرُون"، وهي التي سُمَّيَتْ فيما بَعْدُ "مدينةَ الخليلِ" وهو لَقَبُ إبراهيمُ عليه السلامُ.

 

وبالقُرْب من هذه المقبرةِ التي دُفن فيها إبراهيمُ وإسحاقُ عليهما السلامُ أُقيمَ المسجدُ الكبيرُ بالخليل ويُسَمَّى المسجدَ الإبراهيميِّ، وهو أَحَدُ المُقَدَّسَاتِ الإسلاَمِيَّة في فلسطينَ.

أَثْنَى اللَّهُ في القرآنِ على إسحاقَ عليه السلامُ وأبيه وابنه فقال(وَاذْكُرْ عِبَادَنَآ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأيدِي وَالأبصَارِ إِنَّآ أَخْلَصْناَهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ* وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَار* وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ الأخْيَارِ) (سورة ص: 45-47).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى