شخصيّات

نبذة عن حياة وإنجازات المفكر “أرسطو”

2016 علوم العصر الكلاسيكي وأوائل العصور الوسطى

جون كلارك مع مايكل ألابي وإيمي جان بيير

KFAS

شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

هناك عددٌ يسيرٌ من الأفراد أثروا في التاريخ البشري في مجالات شتى، وأرسطو واحدٌ من هؤلاء إذ غطت انجازاته كل حقل معروف في زمانه وتعلمت الأجيال منه في حقول متشعبة شملت السياسة وعلم المنطق وعلم الأرصاد والفيزياء والعلوم اللاهوتية.

ولد أرسطو في مرفأ ستاجيروس في مقدونيا عام 384 ق.م.، ولعله أكثر مفكرٍ تأثيراً على مر العصور، كان والده الطبيب الخاص لملك مقدونيا إمينتاس الثالث وتوفي والداه عندما كان طفلا.

أرسله الوصي عليه عام 367 ق.م. إلى أثينا ليلتحق بالمعهد الذي أسسه الفيلسوف العظيم أفلاطون (حوالي 428 -حوالي 348 ق.م. ).

توفي أفلاطون عام 348 ق.م. في وقت اجتاحت أثينا مشاعر العداء للمقدونيين، مما دفع أرسطو إلى مغادرتها ليقضي بضع سنوات متنقلاً في آسيا الصغرى عاكفاً على دراسة التاريخ الطبيعي.

بوفاة الملك أمينتاس الثالث عام 342 ق.م. خلفه ابنه فيليب الثاني الذي دعي أرسطو ليكون معلم ابنه البكر ذي 14 ربيعاً – إسكندر – الذي أصبح فيما بعد الإسكندر الأكبر. لكن، وبعد اغتيال فيليب الثاني عام 336 ق.م، لم يعد لدى الإسكندر وقت للدراسة، وبذلك عاد أرسطو إلى أثينا مجددا.

 

أنشأ أرسطو عام ٣٣٥ ق.م. مدرسته الخاصة في أثينا وأطلق عليها اسم لايسيوم نظراً لقرب موقعها من موقع معبد لايكويس (أبولو الإله الذئب)، كما عرف المعهد أيضا بمعهد المشائيين (أو الأرسطوطاليسيين) نسبة إلى عادة أرسطو بإلقاء محاضراته وهو يتمشى في الحديقة.

لكن مشاعر العداء للمقدونيين عادت مرة أخرى بعد موت الإسكندر الأكبر فاضطر أرسطو إلى الفرار إلى تشاليسس (خاليكس حاليا) في جزيرة أوبيا، مسقط رأس أمه، وبقى أرسطو هناك حتى وفاته عام ٣٢٢ ق.م.

تشعبت اهتمامات أرسطو بشكل كبير وخلدت تعاليمه في ٤٧ دراسة في الفلسفة وعلم المنطق والفيزياء وعلم الأرصاد والكونيات، وقد نقحت أعماله بعد فترة طويلة من وفاته.

وضع أرسطو القواعد الرسمية لعلم المنطق في مدونته المعنونة أورغانان – فن التفكير المنطقي- بداية من وضع نصٍ للقضية وصولاً إلى الاستنتاج الحتمي، وبقى هذا المنهج أساس علم المنطق إلى أن استحدث أسلوب المنطق الرمزي، وهو منطق قريب إلى الأسلوب الرياضي، في القرن التاسع عشر ميلادي، ومازال طلاب المنطق حتى يومنا هذا يدرسون منهج أرسطو كمدخل للأسلوب الرمزي.

ويحتوي كتابه فيزيكا (الفيزياء أو الطبيعة) على دراساته في علمي الفيزياء والكونيات، وحاول أرسطو في تحفته ميتورلوجيكا (علم الأرصاد) تقديم تفسيراتٍ طبيعية لظواهر الطقس، ومن عنوان هذا العمل نشتق اليوم مفردة «ميترولوجي» (علم الأرصاد).

 

من بين أعماله الأقل نجاحاً كتاب دي كالو (حول السموات) والذي بسط فيه أفكاره في علم الكونيات، يبين أرسطو في هذا الكتاب رفضه لمفهوم المالانهاية واعتقاده أن الكون يتكون من مجموعة من الأشكال الكروية متحدة المركز حول الأرض (مركز الكون).

واستند نقاش أرسطو على أن افتراض وقوع الكرة الخارجية الأبعد على مسافة لامتناهية عن المركز يعني استحالة أن تكمل دورتها في زمن محدود. كما رفض أرسطو مفهوم وجود الفراغ بانياً ذلك على الاعتقاد بأن الجسم المتحرك في الفراغ تزيد سرعته إلى مالانهاية لعدم وجود مقاومة لحركته.

وفيما يتعلق بتركيب المادة قبل أرسطو الأفكار السائدة حينئذ باعتبار العناصر الرئيسة أربعة – الأرض والهواء والماء والنار، لكنة أضاف إليها عنصراً خامساً «الأثير» وهو العنصر الذي تتشكل منه السموات.

واعتنق أرسطو فكرة وجود قوانين تتحكم في مسار الأرض تختلف عن تلك المتعلقة بالسموات، فكل شيء على الأرض دنسٌ ومتغير، بينما السموات أزليةٌ ثابتةٌ وكاملة.

أثبت أرسطو كروية الأرض بملاحظة أن شكل ظل الأرض على القمر وقت خسوفه مقوس، كما لاحظ أيضا أنه خلال السفر شمالاً أو جنوباً تظهر نجوم جديدة في أفق البصر وتختفي أخرى في الأفق المقابل.

 

ونظراً لأن هذه الظاهرة تبدو جلية للعيان بعد قطع المرء مسافات قصيرة، استنتج أرسطو أن الأرض ليست كبيرة جداً، وبناء على حساباته قدر أرسطو قطر الأرض بحوالي ٥٠٪ من طوله الفعلي.

كان أرسطو أكثر نجاحاً كعالم أحياء، فقد كان ملاحظاً شديد الدقة في مشاهداته وصنف أكثر من ٥٠٠ نوعٍ من أنواع الحيوانات ووضعها ضمن تسلسل هرمي، ومع ملاحظته أن أجنة الدلافين تتغذى عبر المشيمة في رحم أمها وتبقى حية حتى الولادة صنفها ضمن الحيوانات البرية وليس الأحياء المائية، وعلى عكس ذلك صنف سمك القرش ضمن الأسماك نظراً لأن صغارها تولد دون مشيمة.

كما لاحظ أيضاً عدم وجود حيوانٍ يمتلك الناب والقرون معاً في آن واحد. ووصف أرسطو أيضا آلية نمو الصيصان وكذلك الحجرات الأربع لمعدة البقر.

استخدم أرسطو عدداً من أساليب التصنيف أهمها المبنية على «الحركة أو القدرة على الانتقال» وآلية التكاثر، اعتنق أرسطو فكرة مفادها أن الحركة مصدرها ما أسماه «الحرارة الداخلية» التي تنبع من القلب وتسري مجرى الدم إلى بقية أجزاء الجسد لتبرد عند وصولها المخ.

 

من هذا المنطلق قسم الأحياء إلى نوعين: نوع يمتلك الدم وآخر لا يمتلكه، هذا الأسلوب في التصنيف يتوافق في نتائجه بشكلٍ تقريبي مع تقسيم الأحياء إلى فقاريات ولافقاريات.

وفي مجال التكاثر اعتقد أرسطو أن الذكر يمنح الروح بينما توفر الأنثى المادة التي تسكنها الروح. واعتبر أنه كلما زادت الحرارة الحيوية للوالدين كان الشبه مع أنسالهما أكبر.

ووضع الحيوانات التي تلد صغاراً مكتملي النمو في أعلى سلم التصنيف، تليهم الحيوانات البياضة وبعد ذلك التي يفقص بيضها داخل أجسامها تتبعها التي تلقح بيضها خارجياً ثم التي تتكاثر بالتبرعم وأخيراً المخلوقات التي تنبثق تلقائيا من بين الطمي أو المادة العفنة.

ومن هذه القائمة وضع أرسطو «السلم الطبيعي» للمخلوقات ليبقى أساس تصنيف عالم الحيوانات حتى إلغائه في القرن الثامن عشر الميلادي. وبالطبع يستبعد هذا التصنيف أي فكرة تتعلق بالتطور.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى