شخصيّات

نبذة عن حياة الأديب والمفكر “عباس محمود العقاد”

2002 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثالث عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الأديب عباس محمود العقاد شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

عباس محمود العقاد، مفكر وأديب وشاعر، عرف بثقافته الواسعة التي جعلته واحدا من أشهر الشخصيات العربية في القرن العشرين. مثلت حياته قصة كفاح، وعزم وتحد للصعاب. ولد ونشأ في أسوان، في جنوب جمهورية مصر العربية.

درس المرحلة الابتدائية، ثم لم تتح له الفرصة لمواصلة تعليمه النظامي. عرف منذ طفولته بموهبته في الكتابة.

وتروى عنه حادثة طريفة، فقد زار الإمام محمد عبده مدرسة أسوان الابتدائية، واطلع على كراسة للطالب عباس محمود العقاد وفيها موضوع يدافع فيه عن القلم في مناقشته للسيف، فربت الشيخ محمد عبده على كتفه قائلا: «ما أجدر هذا أن يكون كاتبا».

 

توفي والده سنة 1905، والعقاد في السادسة عشرة من عمره، فاضطر إلى العمل في الإدارات الحكومية، ولكنه كان، في الوقت نفسه، منصرفا إلى القراءة المتعمقة في الكتب والصحف، ومتابعة مقالات كبار الكتاب، وخاصة كبار كتاب المقالة العرب والأجانب.

وساعدته إجادته للغة الإنجليزية على توسيع  إطار قراءاته التي شملت كل جوانب المعرفة. وهذا كان له أكبر الأثر في مؤلفاته فيما بعد، فقد كان يتطلع إلى أن يكون كاتبا موسوعيا.

انصرف العقاد إلى الكتابة والعمل في الصحف المشهورة في عصره، فعمل في صحيفة «الدستور» التي كان يصدرها محمد فريد وجدي. وتوثقت صلته بالوسط الصحافي والثقافي.

 

وتعرف على صديقيه إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري، فشكل الثلاثة مدرسة أدبية شنت حملة على الأساليب الأدبية التقليدية السائدة، ودعوا إلى أن يكون الشعر صورة معبرة عن شخصية الشاعر.

أطلق على هذه المجموعة اسم «جماعة الديوان»، نسبة إلى الكتاب الذي جمعت فيه مقالات كل من العقاد والمازني، وسمي باسم "الديوان في الأدب والنقد».

واستمر العقاد يعمل ويكتب في الصحف، فكان محررا في صحيفة «المؤيد» و«الأهالي». وكان في الوقت نفسه، يواصل الاطلاع وكتابة الكتب، فأصدر في عام 1912 كتابه الأول «خلاصة اليومية».

 

وهو عبارة عن ملاحظات وخواطر وتعليقات حول بعض الموضوعات، وأتبعه بكتابه الثاني «ساعات بين الكتب»، وكان يهدف منه إلى أن يصل بين عالم الكتب وعالم الحياة.

وانعكس اهتمامه بالأفكار المعاصرة وتطور التفكير البشري في كتابه «مجمع الأحياء»، وفيه يلخص الآراء في فلسفة النشوء وفلسفة القوة. وفي الوقت نفسه، استمر نشاطه الشعري في هذه المرحلة حيث واصل كتابة الشعر وأصدر ديوانه الأول «ديوان العقاد» (1916).

وفي تلك المرحلة ـ أي مرحلة الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918) وما أعقبها، شهدت مصر نشاطا سياسيا معاديا للاستعمار الإنجليزي، وقامت ثورة 1919 بقيادة سعد زغلول، فما كان من العقاد إلا أن انضم إلى هذه الثورة، وجرد قلمه للدفاع عنها، وأصبح من أهم الكتاب المدافعين عن سياسة حزب الوفد، وهو حزب حظي بشعبية كبيرة. واستمر العقاد يحارب الاستبداد السياسي.

 

ويشارك في النشاط السياسي. ولم يكتف بالكتابة، بل إنه دخل المعترك السياسي، فأصبح عضوا في البرلمان، وكانت له مواقف عنيفة ضد الملك فؤاد، فأدت هذه المواقف إلى تدبير تهمة العيب في الذات الملكية، فحكم عليه بالسجن لمدة تسعة أشهر.

وهذا الاهتمام السياسي دفعه إلى تأليف الكتب ذات الطابع السياسي، مثل كتابه «الحكم المطلق في القرن العشرين»، وكتابه «عالم السدود والقيود» الذي حكى فيه تجربته في المعتقل.

وفي منتصف الثلاثينات اختلف العقاد مع زعيم حزب الوفد، فترك النشاط السياسي المباشر وانصرف إلى الكتابة في الصحف والمجلات، وتأليف الكتب حتى وفاته عام 1964.

 

كان العقاد كاتبا متعدد المواهب واسع الثقافة دائم الاطلاع، لذلك تنوعت كتاباته، وتعددت موضوعات مؤلفاته:

فله في الشعر عدد من الدواوين منها:

ديوان العقاد، وحي الأربعين، هدية الكروان، عابر سبيل، أعاصير مغرب، بعد الأعاصير.

وله من الكتب النقدية والأدبية.

"الديوان في الأدب والنقد"، بالاشتراك مع المازني، و"شعراء مصر وبيئاتهم"، إضافة إلى عدد من الدراسات المتفرقة في كتبه: بين الكتب والناس، ساعات بين الكتب، الشذور، الفصول، في بيتي، مراجعات في الآداب والفنون، مطالعات في الكتب والحياة.

 

وقد اهتم العقاد اهتماما خاصا بدراسة الشخصيات الخالدة في تاريخ البشرية، أهمها دراسته للعبقريات، مثل: عبقرية محمد، عبقرية الصديق، عبقرية عمر، عبقرية الإمام علي، عبقرية خالد، محمد عبده.

ومن الشخصيات الأدبية: ابن الرومي: حياته من شعره، شاعر الغزل: عمر بن أبي ربيعة، جميل بثينة، أبو نواس.

ومن الشخصيات العالمية: حياة المسيح، غاندي، محمد علي جناح، برنارد شو.

 

وكتب في العقائد والدراسات الدينية والحضارية: الله، إبليس، حقائق الإسلام وأباطيل خصومه، الإسلام دعوة عالمية، اثر العرب في الحضارة الأوروبية.

كتب رواية واحدة: سارة. وله في السيرة الذاتية: كتاب «حياة قلم» و«أنا».

وصدرت متابعاته الصحفية التي كان يكتبها في جريدة الأخبار وغيرها من الصحف والمجلات في ثلاثة مجلدات بعد وفاته باسم «يوميات».

 

لقد قضى العقاد حياته وهو يكتب ويصدر الكتب في شتى المعارف محققا قوله: «إنني منذ أن بلغت سن الطفولة وفهمت شيئا يسمى المستقبل، لم أعرف لي أملا في الحياة غير صناعة القلم».

وهكذا كرس هذا الكاتب، الذي لم يحصل من التعليم النظامي إلا على الشهادة الابتدائية، حياته لتعليم الناس، كل الناس.

لقد كرم العقاد في حياته، فاختير عضوا في مجمعي اللغة العربية في القاهرة ودمشق. وحصل على أعلى جائزة في بلده، في ذلك الوقت، وهي جائزة الدولة التقديرية.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى