شخصيّات

نبذة عن حياة العالم “فردريك بانتنج”

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول

صبري الدمرداش

KFAS

العالم فردريك بانتنج شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

أي شأن لبانتنج، بل أي صلة له بالبول السكري؟ إنَّها لَجرأةٌ على العلم من هذا الجراح!

فقد جمع العلماء قدراً كبيراً من الحقائق المتصلة بهذا المرض، ولكن بانتنج (شكل رقم 122) كان منها جميعا براء.

 

لا.. لن تبتروا ذراعي!

القنابل تنفجر وقذائق المدافع تنهمر في كل مكان ومن كل مكان. ولِمَ لا؟ أليست هذه هي الحرب العالمية الأولى؟.

وكان الجنود الكنديون يكيلون للبوش الصاع صاعين. وكان الرجال في منطقة كامبريه شمالي فرنسا يحملقون حولهم: أشكالهم قبيحة، ومناظرهم منفرة وهم في الوحل مغمورون.

ومنهم من فقد عينيه، ومنهم من فقد أطرافه ومنهم من فقد حياته. كانت الأجساد مختلط بعضها ببعض في فوضى تامة، وقد تعانقت العناق الأخير.

وسال جدول من الدم صغير من بين شفتي الشاب فردريك. كان يتنفس بصعوبة ويحلم أحلاماً مضطربة متقطِّعة، وكان في هذيان أحلامه يتخيَّل نفسه منحنياً وفي يده الفأس في مزرعة والده بمقاطعة أونتاريو بكندا.

 

وتوقَّف قليلاً ليمسح شفتيه بظهر ذراعه، ثم بدأ بصره يصفو شيئاً فشيئا. إنها ليست مزرعة حقاً، أنها مستشفى! ورأى نفسه يرقد على ظهره متصلباً بينما يرقد حوله مرضى آخرون يتألمون.

(هيا يا بني، إننا يجب أن نجري لك عملية جراحية) – هكذا وصل إلى أذن فتانا صوت طبيب الجيش. واستدار فردريك على جانبه قائلاً: (إنكم لن تنتزعوا مني ذراعي إذا كان في وسعي أن أمنع ذلك يا سيدي) .

وكان يمكنهم أن يخبروه بالحقيقة فقد كان يعمل في القسم الطبي الفرقة الرابعة والأربعين، وأمثاله من الفتية المستنيرين يعرفون كيف يواجهون الحقائق.

وقال الطبيب: (يجب أن نقوم بعملية البتر يا بني، وإلَّا فلن نتمكن من إنقاذ حياتك) وأجاب الفتى: (لا لن تبتروا ذراعي، إنني سأجازف وأواجه الموت. إنني أنا نفسي جرَّاح، وإني لمحتاج لكل الأطراف التي أعطانيها الله لكي أقوم بعملي).

 

مريضٌ واحدٌ.. في الشهر!

كان فردريك يدرس الطب في جامعة تورنتو حتى عام 1915، وعندما قامت الحرب تطوَّع في الجيش كجندي عادي، ولكنهم أمروه بالعودة إلى دراسته لأنه يستطيع أن يخدم وطنه بشكلٍ أفضل عندما يحصل على درجته الطبية. وفي عام 1916 كان قد التحق بالجيش من جديد كطبيب.

وبعد الحرب عاد إلى وطنه بنفس الهدوء الذي ذهب به، والتحق بمستشفى تورنتو للأطفال كطبيب مقيم. وكان يرى في ترميم الأجسام المريضة وإعطاء الناس فرصة ثانية للحياة مجرد تسلية لطيفة! ومن ثم راح يجبر العظام المكسورة ويربط العضلات المقطوعة ويقوِّم الأرجل والأذرع المصابة. ومع هذا فقد كان مهموماً بمشاكله الخاصة.

وكان عزمه على الاستقالة ليستقل بعمله، وذهب إلى بلدة صغيرة في أونتاريو ليمارس فيها الجراحة، وعلَّق لافتة على عيادته وانتظر، وطال انتظاره ثمانية وعشرين يوماً قبل أن يدخل عليه مريضه الأول.

وهكذا ختم الشهر الأول من ممارسته الجراحة في عيادته الخاصة بمريض واحد ودخل قدره ثمانون قرشاً!! فقال، وهو يبتسم: (يبدو أنني لن أنجح في ذلك العمل. ولكن على أية حال فإن لدي من الجنون ما يجعلني عنيداً). وحقأ سيظل عنيداً حتى النهاية…

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى