أدوات

نبذة تعريفية عن أهمية استخدام “الزجاج” في حياتنا وأنواعه المختلفة

1999 موسوعة الكويت العلمية الجزء العاشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

أهمية استخدام الزجاج أنواع الزجاج أدوات علوم الأرض والجيولوجيا

للزُّجاج أهميةٌ خاصَّةٌ في حياتِنا، فهوَ يسمحُ لضوءِ الشمس بالدخول عبر نوافذنا دونَ أنْ نتعرّضَ لتياراتِ الهواءِ، ويمدُّنا بالضوء الاصطناعيِّ من خلالِ المصابيحِ الكهربائيّةِ الزجاجيَّةِ.

وتُصْنَعُ من الزُّجاج المرايا التي يرى فيها الإنسانُ صورتهُ، والعدساتُ التي يُقوِيّ بها نظره. كما تصنع  منهُ مرايا التلسكوبات (المناظيرِ المقرِّبَة) ويفتحُ بذلكَ آفاقاً جديدةً أمام الإنسان.

كذلكَ تُصقلُ من الزجاجِ عَدساتُ المجاهِرِ (الميكْروسْكوبات) التي تُمَكِّنُ الإنسان من الاطلاع على عالمِ الكائناتِ الدقيقة.

هذا إضافةً إلى استخدام بعض أنواعِه في صُنعِ مقدِّماتِ الصواريخ، والأليافِ الزُّجاجيةِ التي تنقُلُ نبضاتِ الضوءِ في مساراتٍ غيرِ مستقيمةٍ.

 

وقد عُرِفَ الزجاجُ منذُ زمنٍ بعيدٍ في أرضِ ما بينَ النهريْن منذُ زمنٍ بعيدٍ في أرضِ ما بينَ النهرينِ منذُ نحوِ 2500 عامِ قبل الميلادِ. كذلك كانَ الصُّنَّاعُ المصريونَ يستخدمونه في صنع بعض الحليِّ والأواني المُزَخرفةِ.

وقد عُثرَ على حليِّ زجاجية بها رسم أمينوفيس الأوَّل (1555 قبل الميلاد)، وكان للزجاج في تلك الأيامِ منزلةُ الأحجارِ الكريمةِ.

وقد انتقلت صناعةُ الزجاج من مصر إلى الإمبراطورية الرومانيّةِ، ويُعتقدُ أن الرومانَ همْ أوّلُ من اكتشَفوا نَفخَ الزجاج لصنع الأواني المجوّفة.

 

وقد ازدهرت صناعةُ الزجاج بعد ذلك في البندقية، ومنها انتقلتْ إلى جزيرةِ مورانو التي يحملُ اسمَها زجاجُ المورانو حتّى الآنَ.

ويتكوّنُ الزجاجُ أساساً من سليكاتِ مزدَوَجةٍ للصوديوم والكالسيوم، ويُحضَّرُ بصهرِ الرملِ والجيرِ وكربوناتِ الصوديوم معاً عند درجة حرارةٍ عاليةٍ قد تصِلُ إلى نحو º1500ﹾ سيليزيَّةٍ.

وعندَ تبريد الزجاج المنصهر تزداد لزوجتهُ زيادةً هائلةً، وقد تصلُ لزوجتهُ عندَ 500ﹾº سيليزيةٍ عدةَ ملايينَ من المرّات قدرَ لزوجتِهِ عند 1300ﹾº.

 

ولذلكَ لا تسنحُ الفرصةُ لجزيئاتِ الزجاج كي تترتَّبَ بانتظام عندما يتحوّلُ إلى مادةٍ جامدةٍ، بل تتوزعُ فيه بطريقةٍ عشوائيَّة، مثلُها في ذلك مثلُ جزيئاتِ السوائل. ولهذا يوصفُ الزجاج بأنّهُ «سائلٌ فوقَ مُبَرَّدٍ» أو يوصفُ بأنّهُ «محلولٌ جامدٌ».

وهذا الترتيب العشوائيُّ لجزيئاتِ الزجاج هو الذي يجعلُهُ شفَّافاً ولامع السّطح، ويسهلُ تشكيلهُ بالحرارةِ ويمكن سحبُهُ إلى أليافٍ دقيقةٍ، كما أنّهُ يستطيعُ أن يذيبَ أيَّ قدرٍ من الموادِّ الملوّنةِ.

ولو كانَ توزيعُ جُزيئاتِ الزجاج منتظماً كما في الموادِّ المتبلورة لما كان من الممكنِ ضغطُهُ أو نفخُهُ أو سحبُهُ.

 

ويُعرفُ الزجاجُ العاديُّ باسم «زجاج الصُّودا»، وهو يُحضَّرُ من الرملِ والجير وكربونات الصوديوم، وهو رديءُ المقاومة للحرارة.

وفي عام 1884 اكتشفَ كيميائيٌّ ألمانيٌّ يُدعى «أوتوشوت» أنَّ إضافةَ أُكسيد البورونِ إلى الزجاجِ في أثناءِ صهرهِ يحسِّنُ كثيراً من خواصِّهِ الحراريِّةِ، وأقام مصنعاً في مدينة «يينَّا» لصنعِ هذا النوعِ من الزجاج عُرفَ باسم «زجاجِ يينّا».

وقد قامتْ «شركة كورتنج» الأمريكية بإنتاج نوعٍ جديدٍ من زجاج البوروسليكات عام 1915 أُطْلِقَ عليهِ اسمُ «بَايْرِيكْس»، ويقلُّ معاملُ تَمددِهِ بالحرارةِ عن زُجاج يينّا، واستُخدمَ في صنعِ أواني الطهو وأجهزةِ المعامل وغيرها.

 

وعندما يحتوي الزجاج على نسبةٍ عاليةٍ من السليكا يُصبحُ شفّافاً بالنسبة للأشعة فوق البنفسجيةِ، وهو يمتازُ بمُعاملِ تمدُدٍ صغير للغاية ولا يتأثرُ بالتغيّراتِ الكبيرةِ في درجة الحرارة.

وعندما تُضافُ إلى الزجاج عناصرُ الفلور والزنك والألومنيوم، يَنتجُ زجاجٌ أبيضُ غيرُ شفّافٍ، يُعرفُ باسم زجاج «الأُوبال» ويُستخدمُ في صنعِ بعضِ المصابيح الضوئية.

أمّا الزجاجُ البلوريُّ الذي يُعرفُ باسم «الكريستال» فهوَ يحتوي على نسبةٍ عاليةِ من الرصاصِ قد تصلُ إلى نحو 65% من وزنهِ، وهو يتميّزُ بقدرتهِ على نَشرِ الضَّوءِ وعكسِ الألوان، ويزداد تلألأُ هذا الزجاجِ إذا أضيف إليه أكسيد الباريوم عند تصنيعه.

 

وهناك نوعٌ آخر من الزجاج يعرف باسم الزجاج السيراميكي يُستخدم في تكوينه أكسيدُ التيتانيوم أو أكسيدُ الزِّرْكونيوم وهو يتميَّزُ بصلابته وبخواصه الضوئيةِ الجيدةِ، وتُصنعُ منهُ المرايا العاكسةُ للتلسكوباتِ.

ويعرفُ أحدُ أنواع الزجاج السيراميكيِّ باسم «ماكور»، وهو شديدُ الصلابة ويمكن قَطعُهُ وتشكيلهُ على المخرطة مثل الصُّلبِ وتُصنعُ منهُ إطاراتٌ خاصةٌ لنوافذِ مكُّوك الفضاء.

كذلك هناك نوعٌ آخر يعرفُ باسم «ديكور» يفوقُ البورسلينَ (الخزف) في صلابتهِ ويستخدمُ في تغليفِ مُقدمات الصواريخ ومقدّمة مكوكِ الفضاء بمكعّباتٍ من الزجاجِ الرغويِّ المصنوع منه لحمايتها من درجات الحرارة العالية.

 

وتحتوي هذه المكعَّباتُ على نحو 93% من وزنها من الهواء، ولها قدرةٌ عاليةٌ على العزلِ حتى أنهُ يمكنُ إمساكُها بأصابعِ اليد من أركانِها فَورَ خُروجها من فرنِ الصّهر رَغْمَ أنّ حرارةَ أجزائها الداخلية تزيدُ على º1000ﹾسيليزية.

وهناك أيضاً أنواعٌ من الزجاج المُقَسَّى تتحمَّلُ ضغوطاً هائلةً، وتُصنعُ منها عدساتُ النظاراتِ، وزُجاج أفرانِ الطهو، وزجاجُ السيارات ومرمى كرةِ السلةِ، وغيرها.

وقد أمكن سحبُ الزجاج المنصهرِ إلى خيوطٍ رفيعةٍ عام 1931، وذلك بدفعه في حوضٍ من البلاتين بهِ ثُقوبٌ دقيقة، ثمَّ سحبُ الخيوطِ النّاتجة بسرعةٍ كبيرةٍ في تيّارٍ من البُخارِ حتى تتجمّدَ إلى خيوطٍ أو أليافٍ مستقلّةٍ يمكن لفُها على بكرةٍ.

 

والأليافُ الزجاجية لها قوّةُ شدٍّ هائلةٍ تصلُ إلى نحو 150 كيلوجراماً للملّيمتر المربَّعِ. وهي تزيدُ على قوّةِ شدِّ خيوطِ النايلون بنحو ثلاثِ مرّاتٍ.

وقد رشّحَتْها هذه الخاصيةُ، بالإضافةِ إلى مُقاومة الزجاج للأحماضِ وعدم قابليته للاشتعال، للاستعمال في كثيرٍ من المجالات مثل صُنعِ بعضِ المنسوجاتِ، وخراطيمِ المياهِ والأحماضِ، وفي بعض عملياتِ العزلِ الحراريِّ والكهربائي.

كذلك يصنعُ من هذهِ الألياف «الزجاجُ الرقائقيُّ» بعدَ أن تُضافَ إليها مادّةٌ رابطةٌ من نوعِ البوليمرات. ويُستعملُ هذا الزجاجُ الذي يُداني الصُّلْبَ في متانتهِ في صُنعِ بعضِ هياكل السياراتِ والطائرات وسُفنِ الفضاء.

 

وقد استُخدمتْ الأليافُ الزجاجيةُ حديثاً لنقل إشارات التليفون والتلفزيون كما استُخدمت في الطبِّ في صنع المناظير لرؤيةِ ما يدور في داخل الجسم دون الحاجة إلى فتح جراحيِّ.

كذلكَ استُخدِمَتْ في صنعِ ميكروسكوباتٍ تستطيعُ أن تُحللَ صُوراً في حدودِ جزءٍ من مليون جزءٍ من البوصة حتـى إنّه يُقالُ إنها قد تجعلُنا نرى مستقبلاً ما يدورُ في داخل الخلية الحية.

 

ومن المنتظرِ أن تُستخدمً الأليافُ الزجاجيةُ في بعضِ الأجيالِ الجديدةِ من الحاسباتِ الآليةِ، وسوفَ تُستخدمُ فيها نبضاتٌ من الليزرِ بدلاً من الإلكترونات، ويُنتظرُ أن تعمل هذه الحاسباتُ بسرعةٍ تزيدُ مئاتِ المرّاتِ عن سرعةِ الحاسبات الحالية.

وهناك من يعتقدون أنّهُ قد يمكنُ مستقبلاً صنعُ أنواعٍ جديدةٍ من الزجاج تحقِّقُ بعضَ أحلام الإنسان مثل الزجاج الذي يتحوَّلُ من الشفافيةِ إلى العتمامةِ بالضّغط على زرِّ خاص، أو مثل الزجاج الذي يوصلُ التّيارَ الكهربائيَّ، أو مثلُ الزجاجِ الذي يُقاومُ الحرارةَ ولا يتمددُ بها، وقد يَصلُحُ عندئذِ لصنعِ محرِّكاتِ السيارات.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى