التاريخ

منهج ابن الهيثم

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول

صبري الدمرداش

KFAS

ابن الهيثم التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

يقول مصطفى نظيف في كتابه (الحسن بن الهيثم: بحوثه وكشوفه البصرية) عن طريقة ابن الهيثم في البحث العلمي : … تلكم بإيجاز الطريقة الحديثة عن البحث العلمي وعناصرها الثلاثة هي: الاستقراء، والقياس، والتمثيل، ويلتئم بعضها بالآخر، كما تختلف فيها أوضاع هذه العناصر وقيمها النسبية عن الطريقة القديمة في البحث العلمي.

فالاستقراء مثلاً أصبح ذا الشأن الأول ولم يكن يُعن به العناية الكافية في الفلسفة القديمة، والقياس أصبح أداة تأتي بعد الاستقراء بعد أن كانت له المنزلة الأولى.

والتمثيل أصبح أداة نافعة ولم يك من قبل وسيلة معتمدة. ولا يُبَت في أمر النتائج القياسية إلا بعد أن تتحقق بالتجربة أو المشاهدة.

ويستطرد مقارناً بين المنهج العلمي الحديث وطريقة البحث عند ابن الهيثم بقوله: (هذه هي الطريقة في البحث التي تعد من مبتكرات العصر الحديث، وهي ذات الطريقة التي لا نتردد في القول بأن ابن الهيثم اتبعها في بحوثه وكشوفه الضوئية.

 

فابن الهيثم أخذ في بحوثه بالاستقراء كما أخذ بالقياس وعُني في بعضها بالتمثيل، وأخذ بهذه العناصر على المنوال المتبع في البحوث الحديثة، وجعلها في منازلها النسبية التي تُراعى حالياً، وهو في ذلك لم يسبق فرانسيس بيكون إلى طريقته الاستقرائية (تعرف أحياناً بالطريقة البيكونية) فحسب، بل سما عليه. إذ كان أوسع منه أفقاً وأعمق تفكيراً، وإن لم يُعن – كما عُنى بيكون – بالتفلسف النظري).

ويؤكد جوزيف هيل في كتابه (الحضارة العربية) هذا المعنى بقوله : (إن الطريقة التي اتبعها ابن الهيثم في بحوثه وكشوفه هي المنهج العلمي، ويكون بهذا قد سبق بيكون الذي ينسب إليه هذا المنهج).

ويضيف مؤرخ العلم الشهير (فلورين كاجوري) في كتابه (تاريخ الفيزيقا): (إن علماء العرب والمسلمين هم أول من بدأ المنهج التجريبي ودافع عنه بجدارة، ذلك المنهج الذي يعد بحق مفخرة من مفاخرهم، فهم أول من أدرك فائدته وأهميته للعلوم الطبيعية، ويجيء على قمة روَّاد هذا المنهج ابن الهيثم).

 

والحق أنه ساعد ابن الهيثم على انتهاجه هذا المنهج العلمي الصحيح في بحوثه ودراساته عوامل ثلاثة مجتمعة هي:

1- معرفته الفائقة بالرياضيات مما مكَّنه من الدقة والمنطقية في أعماله.

2- تمكنه من الفلسفة التي مكَّنته بدورها من حسن تحليله للأمور.

3- ذكاؤه الفطري وعبقريته الفذَّة.

وهو – كما يقرر مصطفى نظيف- يعد من فرقة الواقعيين من العلماء الذين يصح أن نجمل مذهبهم في أنهم يرون العالم الطبيعي موجوداً في ذاته وجوداً عيانياً، خارج الذهن أو العقل، وأن الحواس أدوات إدراكه.

فهو يجعل همه الأول في بحوثه ونظرياته الكشف عن أحكام الطبيعة وقوانينها، إذ هو من المقتنعين بأن الأمور الطبيعية تنظمها قوانين يستوي في ذلك ما يدركه الحس وما يتعذر عليه إدراكه.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى