الكيمياء

مدى تأثير “المركبات الكيميائية” المتواجدة في القهوة على صحة الإنسان

2002 في رحاب الكيمياء

الدكتور نزار رباح الريس , الدكتورة فايزة محمد الخرافي

KFAS

تأثير المركبات الكيميائية المتواجدة في القهوة على صحة الإنسان الكيمياء

كانت القهوة ولا تزال جزءاً من حياة العرب الاجتماعية ، وهي تتمتع عندهم بمنزلة خاصة ، فغنوا لها وكتبوا عنها ونظموا لها القصائد ، وتغنوا في طرق إعدادها وتقديمها.

وأول مكان عرفت فيه شجرة القهوة هو أرض اليمن ، وهي شجرة دائمة الخضرة طوال العام ويصل ارتفاعها إلى 10-7 أمتار وتنمو في المناطق الاستوائية ، لذا فإننا نجدها الآن في سيلان والحبشة والبرازيل.

وقد انتشر شرب القهوة بين معظم شعوب الأرض ، ولا ينافسها في ذلك سوى شرب الشاي ، لذا أصبحت تجارة القهوة من الناحية الاقتصادية ثاني تجارة في العالم بعد تجارة النفط ، وقامت في كل ارجاء العالم صناعات عديدة لمعالجة القهوة وإعدادها بأشكال ومواصفات عديدة منها القهوة الخالية من الكافئين والسريعة الذوبان وغير ذلك .

 

ونظراً لما تتمتع به القهوة من مزايا وما توفره لشاربها من فوائد اعتبرها البعض حليب المفكرين ، وقال عنها بلزاك، الروائي الفرنسي الشهير "أنا لا أعرف شراب الآلهة الذي تحدث عنه اليونانيون … ولكني أحب أن يكون القهوة" وقد عرف عن فولتير الكاتب الفرنسي العظيم ، وبيتهوفن الموسيقار الألماني الخالد غرامهما بشرب القهوة.

اما الطبيب الإنجليزي المعروف ومكتشف الدورة الدموية … هارفي (Harvy) فقد قال عن القهوة "من هذه ياتي الحظ والنجاح والذهن الصافي".

وقد زاد تعاطي القهوة في الكثير من البلاد المتقدمة ، ففي المانيا مثلاً بلغ متوسط ما يشربه الفرد الألماني الواحد من القهوة في العام 190 لتراً ، وهي بذلك تحتل المكان الأول بين المشروبات التي يتعاطاها الشعب الألماني .

 

وقد عرف عن القهوة منذ زمن ان لها تاثيراً حيوياً في الجسم ، فاهتم بها الأطباء القدامى والمحدثون.

وفي هذا المجال يقود داود الأنطاكي .. " أجود البن الرزين الاصفر ، وأردؤه الأسود ، ومن فوائده تجفيف الرطوبات والسعال البلغمي والنزلات وإدرار البول…  ولكنه أيضاً يجلب الصداع الدوري ويهزل ويورث السهر ويولد البواسير ويقطع شهوة الباه".

أما الأطباء المحدثون فيذهبون إلى أن تناول القهوة بقدر قليل مفيد ويؤدي إلى الشعور بالراحة بسبب تاثير الكافئين في الجهاز العصبي ، وهو يزيد خمائر الهضم وحموضة المعدة ، لذا فإن شرب فنجان من القهوة بعد الأكل يساعد على الهضم . 

 

وتزيد القهوة من النشاط العقلي وتنبيه المخيلة وتجعل الأفكار واضحة متسلسلة .  لكن الإفراط في تناولها يسبب الامراض والعلل … إذ أن بلزاك الذي أكثر من تناول القهوة أصيب بمرض في قلبه ،  والإفراط يؤدي كذلك إلى رجفة في اليدين وخفقان في القلب وارتباك في النطق وشحوب في اللون واضطراب في الجهاز الهضمي بزيادة الحموضة وضعف في الشهية وتهيج في المثانة . 

ويروى في هذا المجال أن الأمريكي " جيري ميلكرت" (J. Milkert) كان يتناول ما يقرب من ثلاثين فنجاناً من القهوة في اليوم وعلى امتداد عشرين عاماً مما أدى إلى عطب جزء من دماغه كان نتيجة فقدانه القدرة على النوم … وهكذا قضي هذا المسكين بقية حياته دون أن يغمض له جفن أو يذوق طعم النوم .

وإذا أردت أن تتعرف على الأسباب الكامنة وراء فوائد ومضار فنجان القهوة الذي تحتسيه كل صباح .  فما عليك إلا ان تفكر فيما نسميه "بكيمياء القهوة".

 

إن مفعول القهوة الرئيس يعود إلى وجود الكافئين الذي قام بفصه كيميائي ألماني عام 1820 وتحتوي حبات القهوة على حوالي %2م وزنها من الكافئين .

ولا بد لنا أن نلاحظ أن كيمياء القهوة تختلف اختلافاً كبيراً بعد تحميصها .  إذ ترتفع نسبة الكافئين في هذه الحالة نظراً لأن حبات البن الخضراء تفقد نسبة من وزنها نتيجة للتحميص على شكل بخار ماء وثنائي أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون .  ومن التغيرات المهمة التي تحدث نتيجة التحميص تكون مركبات ملونة وزيادة مرارة طعم القهوة .

ويلاحظ أن الكافئين يعدّ مسؤولاً عن%30  فقط من مرارة الطعم ، وأما ما تبقى فيعزى إلى وجود مواد عضوية أخرى .  أما حموضة طعم القهوة فتعود إلى وجود بعض الأحماض بها . 

 

وقد وجد أن حمضي الخل والليمون مسؤولان عن حوالي %25 من حموضة الطعم ، أما حمض التفاح فهو مسؤول عن %10 من هذه الحموضة وحمض الفسفور عن %6 منها ، أما ما تبقى من الحموضة فيعود إلى عدد كبير من الأحماض الأخرى .

وتحتوي القهوة على عدد كبير آخر من المركبات المختلفة منها على سبيل المثال أحماض الكلوروجين والنبيريدين والنيكوتين (فيتامين ب) إضافة إلى مواد سكرية ودهنية ومعادن مختلفة . 

 

وتدل التحاليل الحديثة على أن المواد التي تسبب نكهة القهوة بعد تحميصها تزيد عن 700 مركب مختلف .

هذا هو فنجان القهوة الذي تحتسيه … إنه مخزن لعدد كبير من المركبات الكيميائية يقوم كل منها بدور معين ، فيضيف شيئاً إلى مذاق القهوة أو لونها أو رائحتها او آثارها الفسيولوجية .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى