علوم الأرض والجيولوجيا

مجموعة من المؤشرات التي تسبق حدوث “الزلازل”

2001 الزلازل

فريال ابو ربيع و الشيخة أمثال الصباح

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الزلازل المؤشرات الدالة على حدوث زلزال علوم الأرض والجيولوجيا

المقصود بالتنبؤ العلمي بالزلازل هو دراسات تحديد زمن ومكان وقوع الزلازل قبل حدوثها.

وفي حين أصبحت عمليات التنبؤ بالأحوال الجوية أمراً ممكناً بل روتينياً وذلك من خلال تقنيات الأقمار الصناعية وغيرها من التقنيات التي تمكن علماء الأرصاد الجوية من المعرفة شبه التامة بالنشاطات الجوية في أي منطقة

إلا أن عملية التنبؤ بالزلازل ما زالت أمراً في غاية الصعوبة، وذلك بسبب عدم معرفتنا الكاملة بالظروف السائدة في باطن الأرض، ولعل عملية التنبؤ الناجحة الوحيدة التي حدثت حتى الآن هي التي وقعت في الصين في مدينة هايشنج.

 

وربما يعود نجاح هذا التنبؤ الزلزالي إلى أن علماء الزلازل الصينيين لاحظوا حدوث هزات أرضية في المناطق المجاورة خلال أعوام 1966، 1967،1969

وكان التوزيع الجغرافي لمراكز الزلازل يتركز حول مدينة هايشنج مما دعا هؤلاء العلماء إلى توقع زلازل ذات قوة بين 5 إلى 6 درجات بمقياس رختر خلال عامين من طلع السبعينات، وعلى إثر ذلك تم تكثيف شبكات الرصد الزلزالي في المنطقة.

وفي بداية عام 1975 بدأت تلك الشبكات في تسجيل نشاط زلزالي خفيف ومتواصل، رجح العلماء من خلاله أن تلك الهزات تسبق الزلزال المتوقع .

 

وفي يوم 4 فبرايز 1975 أُعلن لعامة الناس أن زلزالاً قوياً سيحدث في المنطقة خلال 24 ساعة وعلى إثر ذلك خرج الناس إلى الخلاء والحقول ومعهم حيواناتهم حاملين معهم الثمين من أمتعتهم.

وفي الساعة 7:36 مساء وقع الزلزال بالفعل وبلغت قوته 7,3 درجة وأحدث دماراً هائلاً إلا أن الخسائر البشرية كانت محدودة جداً بفضل التحذير المسبق (التنبؤ) عن هذا الزلزال.

وعلى الرغم من نجاح التنبؤ بهذا الزلزال إلا أن العلماء الصينيين أنفسهم قد فشلوا في التنبؤ بزلزال تانجشان (Tangshan) الذي وقع عام 1976 وأدى إلى مقتل أكثر من 240000 نسمة.

 

وعلى الرغم من عدم وجود أسلوب واضح وفعال للوصول إلى التنبؤ بالزلازل إلا أن نتيجة الأبحاث في هذا الموضوع أدت إلى تحديد العديد من المؤشرات التي تسبق عادة حدوث الزلازل وسنعرضها فيما يلي:

1- مؤشرات التنبؤ الزلزالي طويلة الأمد

من خلال دراسة سجل النشاط الزلزالي (المسجل في الوثائق التاريخية) للمنطقة المحددة، وكذلك دراسة الشواهد الجيولوجية والتكتونية الدالة على نشاط زلزالي قديم يمكن تحديد تكرارية حدوث هذه الزلازل.

وبمقارنة الدراسة السابقة مع النشاط الزلزالي المعاصر والمسجل بواسطة شبكات الرصد الزلزالي في المنطقة نستطيع تحديد الأماكن التي شهدت نشاطاً زلزالياً تاريخياً دون أن تحدث بها أي تسجيلات حديثة.

 

وتسمى هذه النطاقات بالفجوات الزلزالية (Seismic Gaps) كما أن هذه الفجوات يمكن أن تظهر في التاريخ الزلزالي المعاصر خصوصاً في الدول التي بدأت التسجيل الزلزالي بالأجهزة منذ أمد بعيد .

وتعتبر تلك الفجوات الزلزالية مؤشراً على إمكانية حدوث زلازل في هذه المنطقة مستقبلاً وذلك على الأمد البعيد.

 

2-مؤشرات التنبؤ الزلزالي متوسط الأمد

أظهرت البحوث أن هناك عدداً من الظواهر الفيزيائية تسبق عادة وقوع الزلازل بفترات زمنية متوسطة قد تتراوح بين عدة أيام إلى عدة أسابيع.

ويمكن الاستدلال بها أحياناً على إمكانية حدوث نشاط زلزالي مستقبلي في المنطقة خصوصاً لو أنها حدثت مجتمعة في الوقت نفسه ويمكن تلخيص هذه الظواهر كما يلي:-

 

أ-التغير في سرعة الموجات الزلزالية

يؤدي تراكم الإجهادات في منطقة ما إلى تغير الصفات الطبيعية للطبقات تحت السطحية مما يؤثر بدوره على سرعة الموجات في المنطقة المدروسة، وبالطبع فإنه يمكن ملاحظة هذا بدراسة تسجيلات الزلازل في المحطات الموزعة في المنطقة.

 

ب-التغير في معدل النشاط الزلزالي في المنطقة

في كثير من الأحيان يلاحظ أن الزلازل القوية تكون مسبوقة بحدوث العديد من الهزات الثانوية والتي تتزايد باستمرار لتصل أحياناً إلى عدة مئات قبل حدوث الزلزال الرئيسي بساعات. إلا أنه كثيراً ما تتكرر الزلازل الثانوية دون حدوث زلزال رئيسي.

 

ج-التغيرات في قيمة المغناطيسية الأرضية

تؤثر أحياناً الإجهادات الشديدة داخل باطن الأرض في مناطق النشاط الزلزالي على قيم المغناطيسية الأرضية، وتؤدي إلى حدوث شذوذ ملحوظ في تلك القيم عن القراءات الطبيعية المعهودة في المنطقة .

إلا أن هذا المؤشر لا يصلح منفرداً للتنبؤ بالزلازل حيث إن الشذوذ في قيم المغناطيسية الأرضية يحدث أحياناً نتيجة للنشاطات الشمسية مسبباً ما يسمى بالعواصف المغناطيسية الأرضية.

 

د-التغيرات في المجال الكهربي الجوي

بعض الزلازل القوية تكون مسبوقة باضطرابات كهربائية في طبقات الجو العليا يمكن رصدها بالأقمار الصناعية .

وتحدث هذه التغيرات نتجية تحرك الكتل الصخرية الضخمة تحت القشرة الأرضية وما يرافقها من انطلاقات كهرومغناطيسية ، وعادة لا تولد الزلازل الضحلة العمق مثل تلك النشاطات الكهربية.

 

هـ-تحركات وتشوهات القشرة الأرضية والقياسات الجيوديسية

نتيجة تراكم الإجهادات الهائلة في صخور باطن الأرض وخصوصاً في القشرة تستجيب الصخور تجاه هذه الإجهادات استجابة لدنة (أي انثناء دون حدوث كسر) وذلك حتى حد معين ثم يحدث الصدع (الفالق) وتنطلق الطاقة في هيئة موجات زلزالية .

ونتيجة لهذه الاستجابة اللدنة فإن سطح الأرض في مواقع تراكم الإجهادات يتشوه ببطء شديد وبشكل غير ملحوظ للإنسان وتزداد هذه التشوهات والتحركات قبل حدوث الزلازل .

 

وبمرور ملايين السنين فإن هذا التشوه يتراكم ويظهر في هيئة ملامح طبوغرافية بارزة مثل جبال الهيمالايا والألب وزاجروس وفي هيئة أغوار عميقة في المحيطات .

وعلى الرغم من أن هذه التشوهات وخصوصا الرأسية تكون صغيرة جداً إلا أن تكنولوجياً الليزر والأقمار الصناعية قد أتاحت القياس الدقيق لتحركات القشرة الأرضية (الأفقية والرأسية) (وتسمى القياسات الجيوديسية) وخصوصاً على الفوالق النشطة لدراسات التحركات السابقة لحدوث الزلازل والتي تعتبر أحد المؤشرات المهمة على حدوث الزلازل.

 

ز-التغيرات في نسبة غاز الرادون

أظهرت الدراسات أن تراكم الإجهادات في باطن الأرض يغير من نسبة غاز الرادون في الجو فوق تلك المناطق وكذلك في المياه الجوفية، كما لوحظ أيضاً تغيرات في نسبة غاز الهليوم.

 

و-التغيرات في منسوب المياه الجوفية في الآبار

نتيجة الضغوط الهائلة في المناطق المعرضة لحدوث الزلازل فإنه يحدث تغيرات في منسوب المياه الجوفية في الآبار وذلك بفعل التحركات التكتونية في باطن الأرض قبل حدوث الزلازل.

وتعتبر شبكات رصد مستوى الماء الجوفي (شبكات البيزومترات) إحدى الوسائل المهمة في عملية التنبؤ بالزلازل حيث إن بياناتها مرتبطة مباشرة بالتغيرات في الضغوط التي تتعرض لها صخور الخزان الجوفي.

 

ن– لوحظ أن بعض الزلازل القوية التي حدثت في عرض البحار أو قريبة من البحار كانت مسبوقة بتغيرات في مستوى سطح البحر في تلك المناطق، مما يجعل التغير في مستوى سطح البحار غير الناتج عن عوامل الجاذبية مؤشراً على احتمال حدوث الزلازل في الأماكن التي يظهر فيها هذا التغير.

كما أن التغيرات في درجة حرارة المياه الجوفية التي تحدث نتيجة تحركات الكتل الصخرية الضخمة في باطن الأرض يمكن اعتبارها أحد المؤشرات لاحتمال حدوث الزلازل.

 

3-مؤشرات التنبؤ قصيرة الأمد

على الرغم من أن محاولات الإنسان في التنبؤ بالزلازل لم تصل بعد إلى كونها حقيقة علمية ثابتة، إلا أن الحيوانات غالباً ما تنجح فيما فشل فيه الإنسان حيث يكون لها سلوكيات غير عادية قبل حدوث الزلازل بوقت قليل.

وتعتبر هذه السلوكيات الشاذة مؤشرات قصيرة الأمد ويعتقد الباحثون أن حواس الحيوانات ذات حساسية شديدة تمكنها من التقاط التغيرات الفيزيائية التي تحدث في صخور القشرة الأرضية وفي الجو قبل حدوث الزلازل، وعليه فإنها تستشعر الخطر وتفر هاربة من مكانها.

ومن السلوكيات الغريبة للحيوانات هروبها من خظائرها وإصدار أصوات غريبة وخروج الفئران والثعابين من أوكارها وهروب الأسماك من مكانها، ونباح الكلاب المستمر دون سبب واضح.

 

وقد استخدم الصينيون تلك الظواهر لتحذير الفلاحين من إمكانية حدوث الزلازل بعد هذه السلوكيات الشاذة للحيوانات، وتجري العديد من الدراسات لمعرفة الظواهر الطبيعية التي تحدث قبل حدوث الزلازل وتستشعرها الحيوانات ولا يحس بها البشر.

وعلى الرغم من أهمية دراسات التنبؤ بالزلازل إلا أنها ما زالت وسيلة غير فعالة في تقليل مخاطر الزلازل وتبقى الوسيلة الأكثر فعالية هي إقامة المنشآتذات التصميمات المقاومة لقوى الزلازل عند حدوثها وكذلك توعية أفراد المجتمع بالسلوك الشخصي الأمثل قبل الزلازل وفي أثنائها وبعدها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى