التاريخ

ماكينة الفونوغراف… من أهم مخترعات إديسون

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول

صبري الدمرداش

KFAS

ماكينة الفونوغراف أهم مخترعات إديسون التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

وريقة من القصدير …تتكلَّم!!

تلك كانت واحدة من اختراعات إديسون الكثيرة.

ولعل من أهم مخترعاته التي تحدث عنها العالم كله في ذلك الوقت كان اختراعه للفونوغراف، وللمصباح الكهربائي، ولآلة التصوير السينمائي، وآلة العرض، والمولِّدات الكهربائية الضخمة التي أمكن بمقتضاها استغلال الكهرباء تجارياً.

ونسرد فيما يلي قصة أحد مخترعاته المهمة وهو الفونوغراف.

لا شك أن بعضنا استمع إلى تلك الآلة ونعرف أنها الآن شيء عادي لا نعجب له، ولكن منذ سنوات قبل اختراعها كان الناس يظنون أن جمع الأصوات وخزنها أمرٌ مستحيل حتى إنه عندما فكَّر مخترعها في إمكان ذلك قال له مساعده: هذا جنونٌ مطبق! ولكن كيف تمكن المخترع العبقري من تحويل هذا الخيال إلى حقيقةٍ واقعة؟.

في ذات يوم من أيام شهر أغسطس عام 1877 جلس إديسون في ورشته يراقب جهازاً تلغرافياً كان قد اخترعه وكان يحاول أن يجعل هذا الجهاز يستقبل الرسالة التلغرافية ويسجلها ثم يعيدها بعد ذلك عند الطلب.

وكان هذا الجهاز يشبه إلى حدٍ ما الفونوغراف الذي نعرفه. إذ كان يتكون من لوحٍ دوَّارٍ من المعدن عليه قطعة مستديرة من الورق ومغناطيسٍ كهربائي مزود بإبرة، فإذا وصلت الإشارات التلغرافية إليها عن طريق أسلاك الخطوط التلغرافية ضغطت الإبرة أثناء دوران الأسطوانة على رقيقةٍ من القصدير تغطيها.

 

هل تؤدي هذه الماكينة هذا العمل أم أن هذا حُلمٌ لا يتحقَّق؟ سنرى.

في هذه الأثناء تجمَّع كل من كان في الورشة حول مكتب إديسون ليروا الماكينة التي تتكلَّم، وأخذوا يتضاحكون ويهزؤون بصوتٍ عالٍ.

وانحنى إديسون إلى الأمام وأدار المرفق بانتظام وصاح بصوتٍ عالٍ في بوق التكلم مغنياً أغنية معروفة في ذلك الوقت من أغاني الأطفال:

(لمارى حَمَلٌ صغير، صوفه ناعمٌ كالحرير. أينما ذهبت مارى، تبعها الغض الغرير).

ثم توقَّف بالمرفق فنظر الحاضرون إلى رقيقة القصدير التي تغطي الإسطوانة، فرأوا عليها علامات وأخاديد.

ولكن ما هذه؟ وما فائدتها؟ وضحك أحد الرجال وقال: هذه خربشات!، وعلَّق آخر: بل نكشُ دجاج!.

 

كل هذا وإديسون لم ينبس ببنت شفه ولكنه كان على يقينٍ من أن نَقشَ الدجاج هذا يمكن منه استخراج بعض الأصوات واضحةً مفهومةً.

ثم أدار الأسطوانة راجعاً وضبط غشاء الإدارة مكانه وأدار المرفق، وهنا حدث ما لم يكن في الحسبان! ما الذي حدث؟ توقف التضاحك والتندُر والاستهزاء فجأة، واتسعت حدقات من كانوا حول المكتب من رجالٍ متعجبين، إذ خرج من هذه الأسطوانة المغطاة برقيقةٍ من القصدير صوت متهاد يقول: لماري حمل صغير. ولم تُغفل أية كلمةً من الأغنية! إن الماكينة تتكلَّم! إن الحديد ينطق! يا للعجب!.

عندما انتهت الماكينة من إذاعة الأغنية، عمَّ المكان سكونٌ مطبق إذ عقد العجب ألسنة العمال.

أما إديسون فلم يكن لديه شيء يقوله بعد أن نجحت تجربته وتحقَّق حلمه وكُلِّل مسعاه بالنصر المبين. وهنا قال أحد الحاضرين: دعني أجرب الماكينة، وتبعه آخر: وأنا أيضاً.. وأنا.. وأنا.. وأنا.

وجرَّب الرجال الماكينة واحداً تلو الآخر. وصاحوا بالتناوب في بوق التكلم ثم أعادوا سماع ما قالوا بين تضاحك العمال وسرورهم. وكان هذا اليوم من أعظم الأيام التي مرت على معمل المخترع الشاب إديسون.

كذلك كان هذا اليوم يوماً عظيماً بالنسبة للبشرية كلها. فلولاه لفقدنا كثيراً من التراث الصوتي في هذا العالم. ولولاه لضاعت منا موسيقى عظماء الفنانين وأصواتهم، وبعضهم يعيش في أقاصي المعمورة وبعضهم تركنا إلى العالم الآخر.

ومع أن الفونوغراف قد تغيَّر اليوم كثيراً واختلف جداً في مظهره، إلَّا أنه لا يزال يعمل على أساس النظرية ذاتها التي بُنيت عليها ماكينة إديسون الصغيرة التي انطلقت يوماً تغني: لماري حمل صغير!. ويُبيِّن شكل رقم (21) حاكية إديسون الصفيحية الأصلية التي ظهرت عام 1877.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى