البيئة

نبذة تعريفية عامة حول “الطقس”

2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الطقس البيئة علوم الأرض والجيولوجيا

نَحْنُ نَتَكَلَّمُ كَثيرًا عَنْ الطَّقْسِ في أحاديثِنا اليَومِيَّةِ دُونَ أَنْ نَدْرِي. فَعِنْدَما نَقُولُ إِنَّ الجَوَّ اليَومَ حارٌّ، أو إِن السَّماءَ مَليئَةٌ بالغُيومِ، أو الرِّياحَ عاصِفَةٌ والأَمْطارَ غزيرَةٌ، فإنَّنا نَتَحَدَّثُ عَنْ أحوالِ الجَوِّ في الوَقْتِ الحاضِرِ؛ وهَذا هُوَ الطَّقْسُ.

وأحْيانًا يَمْتَدُّ وَصْفُنا لِحالَةِ الجَوِّ أو الطَّقْسِ إلى بِضْعَةِ أيَّامٍ فَاتَتْ أو بِضْعَةِ أيَّامٍ قَادِمَةٍ. والطَّقْسُ لا يَسْتَمِرُّ عَلَى حالِهِ مُدَّةً طَويلَةً، فَهُوَ يَتَغَيَّرُ مِنْ يَوْمٍ إلَى آخَرَ.

أمَّا المُنَاخُ فلا يَرْتَبِطُ بالتَّغَيُّراتِ اليَوْمِيَّةِ، وإنَّما يَصِفُ حَالَةَ الجَوِّ بِشَكْلٍ عامٍّ في مُدَّةٍ زَمَنِيَّةٍ طَويلَةٍ، كَأَنْ نَقُولَ إِنَّ المُناخَ في دَوْلَةِ الكُوَيْتِ يكونُ دافِئًا قَليلَ المَطَرِ في فَصْلِ الشِّتاءِ، شديدَ الحرارَةِ وجافًّا في فَصْلِ الصَّيْفِ.

 

وقَدْ أَدْرَكَ الإنْسانُ مُنْذُ آلافِ السِّنينِ أَهَمِّيَّةَ الطَّقْسِ في حَياتِهِ، ولَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ شيئًا عَنْ العوامِلِ المُؤَثِّرَةِ فيهِ.

ثُمَّ تَطَوَّرَتْ مَعْرِفَةُ الإنْسانِ بِظَواهِرِ الجَوِّ شَيْئًا فَشَيْئًا، خَاصَّةً بَعْدَ أَنْ اخْتَرَعَ بَعْضَ الأَجْهِزَةِ الّتي سَاعَدَتْهُ في قِياسِ بَعْضِ الظَّواهِرِ، مثل جِهازِ التِّرْمومِتْر لقِياسِ دَرَجَةِ الحَرارَةِ، والبارُومِتْر لِقياسِ الضَّغْطِ الجَوِّيِّ وغيرهما.

وساهَمَ اخْتِراعُ البَرْقِ (التِّلِغْرافِ) في القَرْنِ التَّاسِعَ عَشَرَ في تَبادُلِ الأَخبارِ المُهِمَّةِ عَنْ الطَّقْسِ في الوَقْتِ المُناسِبِ، مثلِ إِرْسالِ تَحذيراتٍ عَنْ عَواصِفَ قادِمَةٍ إلَى بَعْضِ البِلادِ.

 

أمَّا في الوَقْتِ الحاضِرِ فَقَدْ أَصْبَحَ الإنْسانُ أَكْثَرَ عِلْمًا بالعوامِلِ المُؤَثِّرَةِ في الطَّقْسِ، وأَصْبَحَ يَسْتَطيعُ التَّنَبُّوَ بِتَغَيُّراتِهِ بِدِقَّةٍ كبيرَةٍ. بَلْ إنَّ هناكَ مُحاوَلاتٍ مِنَ العُلماءِ للتَّحَكُّمِ في حَالَةِ الطَّقْسِ، مِثل حَفْزِ السُّحُبِ لإسْقاطِ المَطَرِ، ولَكِنَّها مُحاوَلاتٌ لم تَنْجَحْ تَمامًا حَتَّى الآنَ.

ويَشْمَلُ الطَّقْسُ عَدَدًا مِنَ العَناصِرِ، مثل الحَرارَةِ، والرُّطوبَةِ، والضَّغْطِ الجَوِّيِّ، والرِّياحِ، والسُّحُبِ، والتَّسَاقُطِ (الأَمطارِ والثُّلوجِ)، وغَيْرِها.

وتُوجَدُ مَراكِزُ مُتَخَصِّصَةٌ في قِياسِ هَذِهِ العَناصِرِ بِشَكْلٍ دائِمٍ، باسْتِخْدامِ أَجْهِزَةٍ مُتَطَوِّرَةٍ تُعْطِي نَتائِجَ دَقيقَةً. وتُسَمَّى هذهِ المَراكِزُ مَحَطَّاتِ الأَرْصادِ الجَوِّيَّةِ.

 

وتَنْتَشِرُ هَذِهِ المَحَطَّاتُ بَرًّا وبَحْرًا في جَميعِ أنْحاءِ العَالمِ، ويُقَدَّرُ عَدَدُها بالآلافِ. كما أنَّ هناكَ أقمارًا صِناعِيَّةً خَاصَّةً تَجْمَعُ بياناتٍ عَنْ حالَةِ الطَّقْسِ باسْتِمرارٍ وتُرْسِلُها إلَى المَحَطَّاتِ الأَرْضِيَّةِ.

ونَظَرًا لأَنَّ الطَّقْسَ في مَكانٍ ما يَتَأَثَّرُ بالطَّقْسِ في المَنَاطِقِ المُحيطَةِ بِهِ، كانَ مِنَ الضَّرورِيِّ جدًّا أنْ تَقومَ مَحَطَّاتُ الأَرْصَادِ الجَوِّيَّةِ في العَالَمِ كُلِّهِ بِتَبادُلِ المَعْلومَاتِ الطَّقْسِيَّةِ فيما بَيْنَها عَلَى مَدَارِ اليَومِ.

وتُشْرِفُ عَلَى هذهِ العَمَلِيَّةِ هَيْئَةٌ تابِعَةٌ للأمَمِ المُتَّحِدَةِ تُسَمَّى مُنَظَّمَةَ الأَرْصادِ الجَوِّيَّةِ العالَمِيَّةِ، ومَقَرُّها مَدينَةُ جِنيف في سُويسْرا.

 

ومِنَ المَعْلوماتِ الّتي تَصِلُ إلَى مَحَطَّةِ الأَرْصادِ الجَوِّيَّةِ مِنَ المَحَطَّاتِ المُجاوِرَةِ لَهَا، يَسْتطيعُ العَامِلونَ المُتَخَصِّصونَ وَصْفَ حَالَةِ الجَوِّ الرَّاهِنَةِ، والتَّنَبُّؤَ بِما يَطْرَأُ عَلَيْها من تَغَيُّراتٍ خِلالَ السَّاعاتِ أو الأيَّامِ القَليلَةِ القَادِمَةِ.

وتُذاعُ هذهِ المَعْلوماتُ في وسائِلِ الإعْلامِ باسْتِمرارٍ لأَهَمِّيَّتِها البَالِغَةِ. فالتَّنَبُّؤاتُ الجَوِّيَّةُ تُساعِدُنا في الإجابَةِ علَى أسْئِلَةٍ عَديدَةٍ مثل: ما الملابِسُ المُناسِبَةُ الّتي يُمْكِنُ أنْ نَرْتَديها؟ أو هَلْ مِنَ المُمْكِنِ الخروجُ للتَّنَزُّهِ في الهواءِ الطَّلِقِ (في البَرِّ)؟ أو هَلْ يَصْلُحُ الجَوُّ للقيامِ بِرِحْلَةٍ بَحْرِيَّةٍ بالقارِبِ أو للسِّباحَةِ؟

 

وهُناكَ مَجالاتٌ أُخْرَى أَكْثَرُ أَهَمِّيَّةً من ذَلِكَ تَتَأَثَّرُ تَأَثُّرًا شَديدًا بحالَةِ الطَّقْسِ، مثل انْتِشارِ أنواعٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ أَمْراضٍ في فَصْلِ الصَّيْفِ وأنواعٍ أخْرَى غَيْرِها في فَصْلِ الشِّتاءِ، ومثل تَأَثُّرِ الزَّرْعِ بِكَمِّياتِ الأَمْطارِ السَّاقِطَةِ أو بالصَّقِيعِ.

ومِنْ قَبيلِ ذَلِكَ أيضًا حُدوثُ الكَوارِثِ البَشَـرِيَّةِ بِسَبَبِ الأعَاصِيرِ المُدَمِّرَةِ والفَيضَاناتِ، وغَرَقُ السُّفُنِ وسُقُوطُ الطَّائراتِ. وهَذهِ أمْثِلَةٌ قليلَةٌ نَتَعَرَّفُ مِنْها أَهَمِّيَّةَ الطَّقْسِ في حَياتِنا اليَوْمِيَّةِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى