الفيزياء

كيفية اكتشاف القوتين الشديدة والضعيفة

2011 مكتبة الفيزياء القوى في الطبيعة

ليز سونبورن

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

القوة الشديدة القوة الضعيفة الفيزياء

ساد بين الفيزيائيين مفهوم راسخ عن قوة الجذب والقوة المغناطيسية لأكثر من مئة عام.

لكنهم لم يؤكدوا النظريات السابقة حول القوى الأساسية الأخرى المتمثلة بالقوة الضعيفة والقوة الشديدة إلا عبر العقود القليلة الماضية فقط.

إذ لم يتحقق فهم هاتين القوتين إلا بعد ظهور ميكانيكا الكمّ، ويتناول هذا الفرع من الفيزياء سلوك الجسيمات الأولية التي تتكوّن منها كل المواد.

 

اكتشاف القوة الشديدة

بدأت الدراسة العلمية للذرّات كجسيمات أساسية في القرن التاسع عشر، لكن الفيزيائيين أكدوا في العقد الثاني من القرن العشرين أن الذرّات نفسها تتكوّن من جسيمات أصغر حجماً.

وتم تحديد هذه الجسيمات في النماذج الأولى للذرّة على أنها بروتونات (موجبة الشحنة) وإلكترونات (سالبة الشحنة) ونيوترونات (متعادلة كهربائياً، أي لا شحنة لها ).

غير أن هذا النموذج طرح مشكلة بالنسبة للفيزيائيين، إذ ينبغي أن تتنافر البروتونات ذات الشحنة الموجبة الموجودة داخل نواة الذرّة مع بعضها بعضا وفقاً لقوانين القوة المغناطيسية.

 

وفي الوقت نفسه ايضاً لابدّ أن تنجذب البروتونات إلى بعضها بعضا بفعل قوة الجذب، لكن هذه القوة تُعدّ أضعف من القوة الكهرومغناطيسية بشكل ملحوظ، ولو كانت هذه القوى هي القوى الوحيدة الناشطة في الذرّة لما تمكنت الذرّة من المحافظة على تماسكها لفترة طويلة.

لم يتم حلّ هذا اللغز إلا عندما أصبح نموذج الذرّة الذي وضعه الفيزيائيون أكثر تطوراً، وباتوا على يقين الآن من أن البروتونات والنيوترونات مكوّنة أيضاً من جسيمات أدقّ يُطلق عليها اسم "كوارك" (أو كواركات)، حيث يتألف كل بروتون ونيوترون من ثلاثة كواركات.

 

لكن ثمة جسيم أخر يرتبط بالقوة التي تجذب الكوراكات في البروتون الواحد إلى كواركات البروتون الآخر، ويُطلق على هذه الجسيمات اسم "جلوون" وخلال تبادل هذه الجلوونات تتماسك كواركات البروتونات مع بعضها بواسطة قوة الجذب، ما يجعلها تتغلب على قوة تنافر شحناتها الكهربائية المتماثلة.

لقد أصبحت هذه القوة التي تحافظ على تماسك النواة تُعرف الآن باسم "القوة الشديدة" والتي يدوم أثرها لفترة زمنية قصيرة جداً فقط، لكن كما يشير اسمها فإنها تتصف نسبياً بالقوة.

 

اكتشاف القوة الضعيفة

تعمل "القوة الضعيفة" مثل القوة الشديدة، على المستوى دون الذرّي فقط، مثل القوة الشديدة أيضاً، افترض الفيزيائيون وجود القوة الضعيفة منذ زمن طويل قبل أن يتمكنوا من إثبات ذلك.

أشارت تجارب الفيزيائي الإنجليزي إرنست رذرفورد في السنوات الأولى من القرن العشرين إلى وجود ثلاثة أنواع من الأشعة وهي: ألفا، وبيتا، وغاما.

وبعد أن أجرى الفيزيائيون مزيداً من التجارب على تلك الظواهر اكتشفوا أن أشعة ألفا وغاما يمكن تفسيرهما وفقاً للقوانين التي تخضع لها قوة الجذب والقوة الشديدة.

 

لكن تبين أن اضمحلال بيتا ينطوي على الغموض، فالعنصر المشع يواجه اضمحلال بيتا عندما تكون نُوى ذرّاته غير مستقرة بسبب زيادة عدد النيوترونات.

وعند اضمحلال (أو تفكك) النيوترون فإنه يقذف إلكتروناً سالب الشحنة ويتحول خلال هذه العملية إلى بروتون موجب الشحنة، غير أن المشكلة التي واجهها الفيزيائيون تمثلت في عدم معرفة مصير كمية محددة من الطاقة المحررة أثناء التبادل.

افترض الفيزيائي الألماني ولفغانغ باولي أول الأمر أن جسيماً آخر،  لم يكن معروفاً من قبل، يتحرر أثناء اضمحلال بيتا، وأن هذا الجسيم هو الذي يفسّر سبب الطاقة الزائدة، واعتماداً على فرضيات باولي، أطلق الفيزيائي الإيطالي إنريكو فيرمي على هذا الجسيم الجديد اسم "نيوترينو" لأنه متعادل كهربائياً، أي لا شحنة له.

 

كما افترض فيرمي وجود قوة رابعة في الطبيعة تعمل على تنظيم تحوّل النيوترون إلى إلكترون، ومن ثم إلى بروتون وأخيراً إلى نيوترينو.

وفي العام 1959 أكدت التجارب وجود النيوترينو، مما أثبت صحة أفكار فيرمي، وأصبحت القوة الرابعة معروفة باسم "القوة الضعيفة".

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى