التاريخ

كتاب “نُزهةُ المشتاق في اختراق الآفاق” وانجازات جغرافية أخرى للإدريسي

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول

صبري الدمرداش

KFAS

انجازات جغرافية كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق الإدريسي التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

وكانت الثمرة، حلوة وكبيرة، كتاباً ضخماً عنوانه (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق). وهو الكتاب الذي طارت شهرته بين العلماء من شرقٍ وغرب من الجغرافيين على مر العصور.

وزوَّد الإدريسي مؤلَّفه بخريطه عامة للأرض، وبسبعة خرائط تمثل أقاليم العالم السبعة المعروفة آنذاك.

وزاد في خرائطه، فقسَّم كلاً من الأقاليم السبعة إلى عشرة أقسام، تتجه من الغرب إلى الشرق مع خطوط الطول. ووضع لها مجتمعة سبعين خريطة أخرى.

وكانت خطوط الطول والعرض قد أهملت في عمل الخرائط بعد الخوارزمي، الذي فعل مثلما فعل بطليموس من قبله، حتى جاء الإدريسي فأحياها في خرائطه وأكَّدها إلى الأبد.

وفي هذه الخرائط جاء اعتراف الإدريسي بكروية الأرض تتويجاً لعلم المصورات (الخرائط) الجغرافية في العصر الوسيط.

 

وصارت هذه الخرائط نموذجاً لأهم أطلس مأثور في علم رسم الخرائط العربية، بل وأهم أثر لعلم الخرائط الجغرافية شرقاً وغرباً في ذلك العصر.

نعم لقد كان كتاب (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) تجميعاً وافياً للمعارف التي جمعها علماء بعثة الإدريسي العلمية ورسَّاموها من أقطار العالم الوسيط وأقاليمه، فضلاً عن معارفه هو التي اكتسبها من خلال مشاهداته والمعارف المتداولة في عصره وبعض معارف الأقدمين الجغرافية.

وكان عالمنا أميناً في نسبة ما أخذ من المعارف الجغرافية القديمة إلى ذويها وأصحابها من عُربٍ وفُرسٍ ويونانيين.

ولم يخل الكتاب من رواية بعض الخرافات التي نقلها المؤلِّفون والرَّحالة عن الرواة، من مثل رواياتهم عن فيلة الهند والإناث اللائي يلدن صغارهن في المياه الراكدة، وعن شجرة الوقواق التي تثمر أشجارها نساء بدلاً من فاكهة!.

ولعله حرص على تدوينها في الكتاب لسببين: الاستطراف لتخفيف جفاف المعلومات العلمية من جهة، وتفنيدها وبيان خطئها من جهةٍ أخرى. وكان الإدريسي في (النزهة) بمثابة المؤرِّخ الجغرافي في آن.

 

ومما يذكر أنه قد لا يكون هناك مؤلَّفٌ جغرافي حفظ لنا معلومات وفيرة ذات قيمة كبرى عن أوروبا الشمالية والغربية، واسكتلندا، وسواحل بحر الشمال، وبلاد البلطيق، وبولندا، ورومانيا، وشبه جزيرة البلقان، أرضاً وشعوباً، اقتصاداً وحياة، مثلما فعل الإدريسي .

وبعضهم يذكر أن كشف أمريكا كان متعذراً بدون ارتقاء علم الجغرافيا على يدي الإدريسي خاصة، بفضل خرائطه وآرائه النظرية عن الكرة الأرضية.

ولعل القيمة الحقيقية لكتابه تكمن في معلوماته الغزيرة الدقيقة وخرائطه السبعين التي تقدم للعالم صورة لا تضاهيها في دقتها كل الخرائط التي كانت معاصرة أو سابقة. وبقيت جامعات أوروبا تدرِّس موجز (النزهة) لطلابها زهاء قرونٍ أربعة.

حقاً لقد كان الإدريسي – في نظر الكثيرين- أفضل من ألَّف في الجغرافيا في العصور الوسطى.

 

والحق أنه كانت للإدريسي، فضلاً عن الكتاب، إنجازاتٌ جغرافيةٌ لا تُنكر منها:

1-تصوره لكروية الأرض وأنها معلَّقةٌ في الفضاء (كالمح في البيضة)، وهي تجذب كل ما عليها ومن عليها صوب مركزها كجذب مغناطيسٍ لحديد!.

2-تقديره طول محيط الأرض بنحو اثنين وعشرين ألفا وتسعمائة ميل وهو ما يعادل نحو 45185كم. وهو رقمٌ ليس ببعيد عن محيطها الحقيقي وهو 40068كم!.

3-قياسه خطوط العرض التي ينسبها الغربيون، جوراً وهضماً، إلى أوروبي يدعى (مركاتور) أتى من بعد الإدريسي بقرون.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى