الكون بودكاست

عملاق المجموعة و حامي الأرض

السلام عليكم .. في الموسم الماضي ابتدأنا في سلسلة حلقات عن المجموعة الشمسية .. بداية شرحنه طريقة تشكل المجموعة بشكل عام وكيف تكونت الشمس و بعدها انتثرت الكواكب من حولها .. و بعد ذلك انطلقنه برحلة في عرض المجموعة الشمسية ..  و كانت محطات توقفنا عند كل كوكب بداية من عطارد و مررنا بالزهرة و الأرض و انتهينا بخمس حلقات فصلنا فيها كل شيئ يخص الكوكب الأحمر ..  المريخ ..  و جاء الوقت  الان لكي نستكمل هذه الرحلة و نبدي بالغوص داخل الكواكب العملاقة و الغازية و نتعرف على عوالم اقمارها العجيبة واحدا تلو الاخر .. و اليوم محطتنا هي كوكب يعتبر من اميز الكواكب في المجموعة الشمسية  .. فهو الاضخم و الأكبر و الاثقل بكثييير من باقي اجرام المجموعة الشمسية و لديه الكثير من المعلومات المدهشة التي سوف تثير اعجابك .. و بالطبع لن يكون الكلام فقط في ما نعلم و لكن كيف علمنا ما نعلم من خلال المركبات التي ارسلناها و دراسة هذا الكوكب عبر مئات السنين .. والذي سوف يزيد الموضوع جمالا .. كيف انك انت أيها المستمع العزيز تستطيع رصد و معاينة كثير من هذا الكلام بنفسك دون الحاجة للجامعات او وكالات الفضاء للتعرف على الجمال الموجود هذا الكون.

عندما نقول بان كوكب المشتري يعد هو العملاق في المجموعة الشمسية .. فهو يأخذ هذا اللقب عن جدارة و استحقاق ..  فاذا جمعنه كتل جميع الكواكب و الأقمار و الكويكبات و المذنبات  و جميع الاجرام  الموجودة في المدارات داخل  مجموعتنا الشمسية باستثناء الشمس طبعا  .. فان كتلته المشتري تعادل ضعفين و نصف مجموع تلك الكتل .. فالوضع بوصف اخر كأننا في مجموعة..  فيها الشمس و المشتري ومجموعة من الصخور هنا و هناك .. و لكي أوضح صورته اكثر في ذهنك ..  لنقارنه مباشرة بكوكبنا الأزرق .. فالمشتري لديه وزن يعادل ٣٠٠ ضعف وزن الكرة الأرضية اما قطره عند خط الاستواء فيعادل ١١ كرة أرضية مصفوفة بجانب بعض و هذا يعطيك مؤشر على ضخامة هذا الكوكب .. و بسبب حجمه استطاع البشر رصده بسهولة من قديم الزمان فهو من المع الاجرام في السماء .. فاذا اصبح في وضع التقابل مع الشمس يكون المع بثلاث مرات من نجم الشعرى و اهم المع النجوم في سمائنا ولا يكون المع منه سوى القمر و كوكب الزهرة ..

فتخيل لو كان المشتري اكبر  فقط ب ١٣  مرة  فقط من كتلته الحالية .. لأزداد الضغط في الكوكب و  دخل في طور حرق الديتريوم كما يحدث في  النجوم .. و لكن عند هذه المعلومة دعني ابين مغالطة او معلومة خاطئة منتشرة عند الكلام عن حجم المشتري .. فالبعض يسمي المشتري بنجم فاشل .. أي بانه كان بإمكانه ان يكون نجم لو كان يمتلك كتلة اكبر بقليل وبذلك يكون عندنا شمسين بالمجموعة الشمسية .. و هذا الكلام غير صحيح او بالأحرى غير دقيق.. وربما ما ساعد انتشارها هو تركيب المواد في المشتري التي تمثل الهيدروجين بنسبة ٧٥ ٪ والهيليوم ٢٤ ٪ وواحد ١٪ يكون كل باقي المواد على سطح الكوكب مما يكون مقارب لتركيب النجوم .. ولكن الامر مختلف تماما .. فكتلته المشتري تمثل ١ من الف من كتلة الشمس .. فالشمس لا تقارن بكواكب المجموعة و عندما نقول بان المشتري كان ممكن ان يكون مثل النجوم .. فالقصد مثل النجوم الصغيرة و ذلك بعد ان يزيد ١٣ ضعف كتله و ذلك أيضا ليس بالقليل فكتلته بالأساس كبيرة جدا ..   و بسبب هذه المواصفات فان رصد الكوكب لا يحتاج الى معدات كبيرة او تعقيدات .. و دعني بين قوسين انقل لك هنا تجربتي الشخصية مع رصد المشتري .. فبمجرد ان تضع انظارك داخل العدسة بعد ان تكون صوبت التلسكوب باتجاه الكوكب .. سوف تشعر بنوع من الرهبة و العظمة بمجرد ان تسقط عينيك على الكوكب .. فألوانه الزاهية و خطوط العرض الملونة تجعلك تسرح و تفكر في تركيب هذا العالم .. و ستغمرك الفرحة عندما ترصد اقماره الأربع المسميين بأقمار جالاليو عندما تراهم يدورون بانتظام حول الكوكب..  و في الواقع يمكنك بسهولة رصدهم و هم يدورون حوله .. كل ذلك اعطاني إحساس جميل جدا و مساحة كبيرة للتفكير في صغر حجمنا داخل هذا الكون مترامي الأطراف  .. و من جانب اخر سيغمرك  شعور جميل كيف انك بصغر حجمك و بقطعة من الزجاج يمكنك ان ترصد اجرام على بعد مئات الملايين من الكيلومترات..  خصوصا بان لا ذلك لا يستلزم اكثر من منظار بمواصفات جيدة او تلسكوب بقطر ٥ انشات ..  فانصحك جدا بتجربة الرصد و مشاركتها الأصدقاء و الأطفال كذلك لكونه حدث مميز بطبعه .. ولكن و كالعادة لا تشبع هذه النظرة العلماء بل تعطيهم الدافع لاسكتشاف الكوكب عن قرب عن طريق ارسال الرحلات واحدة تلو الأخرى و هو ما سنفعله بعد قليل باانطلاق نحو المشتري لمعاينته عن قرب.

انطلقت أولى الرحلات الى المتشري في العام ١٩٧٣ وكان ذلك عن طريق المركبة بيونير ١٠ حيث كان هذا اول مرور لمركبة الــي المشتري ..  و أكملت المسير الى كوكب زحل .. و تبعها بعد ذلك بسنة بيونيير ١١ .. وبعد ذلك ببضع سنوات في عام ١٩٧٩ تم ارسال المركبتين فويجر ١ و فويجر ٢ تباعا لمرور بجانب المشتري العملاق .. و قد ابلو بلاء حسنا بارسال صور جميلة جدا و تفصيلية للمشتري تبين العواصف و الطبقات بشكل لم يسبق ان رآه البشر .. اما عن الرحلة الفريدة فكانت للمركبة جالاليلو التي أرسلت عام 1989 و وصلت الى المشتري بحلول العام 1995 ، فهذه المركبة عملت دراسات و برنامج مكثف لاستكشاف تفاصيل المشتري من حركة و مواد و خصائص .. الى ان انتهي بها المطاف بحدث مميز عام ٢٠٠٣  بعد ان قرر العلماء انهاء خدماتها بشكل جديد سوف نستعرضه بعد قليل عند الحديث عما يوجد داخل المشتري .. اما عن اخر الرحلات فكانت للمركبة جونو التي انطلقت  في عام ٢٠١١ ووصلت قبل ثلاث سنوات لتستكمل رحلة دراسة الكوكب و لازالت حتى هذه اللحظة ترسل المعلومات و الصور و تصحح و تأكد المعلومات التي نستعرضها في حلقة اليوم .. بل زادت على ذلك بارسال صوت المشتري ..

هذا الصوت عبارة عن تسجيل للموجات التي استقبلتها المركبة جونو خلال عبورها الى المشتري .. و الصوت في المنتصف كان عبارة عن تصادم اشعة الشمس مع الغلاف المغناطيسي العظيم لكوكب المشتري

ومن أوائل  الملاحظات التي سجلتها رحلات الفضاء الى المشتري هي الحلقات ..  عندما نتحدث عن الحلقات حول الكواكب .. فيتبادر الى اذهاننا لحظيا كوكب زحل و الحلقات التدور حوله .. و لكن المفاجآة.. في انه حتى كوكب المشتري لديه حلقات تحيط فيه .. و لكن الفرق يكمن فيك انك لن تستطع تمييزها بسهولة  و التعرف عليها في التلسكوبات الأرضية مثل حالة كوكب زحل .. في الواقع حتى عند رصد الكوكب بتلسكوب هابل الفضائي لا تظهر هذه الحلقات بوضوح ..و ذلك لانه  مكونات الحلقات عبارة عن غبار خفيف جدا لا يمكن ان يعكس اشعة الشمس لكي نرصده بسهولة .. و يكون منشأ هذا الغبار هو نتيجة  لاصدام الاجرام من مذنبات و شهب في الأقمار المصاحبة لكوكب المشتري .. فيتطاير الغبار و بفعل محصلة الجاذبية المتبادلة بين الأقمار و كوكب المشتري .. يدور الغبار في افلاك حول الكوكب .. و كمية كبيرة من هذا الغبار يدور بشكل حلزوني باتجاه الكوكب .. أي انه غير مستقر فيه مداره بل يتحرك باتجاه الكوكب و يكون مصير  ابتلاع داخل الكوكب .. و في المقابل يوجد هناك من ذرات الغبار ما يكون قد تطاير بالزاوية الصحيحة و القوة الصحيحة من سطح احد أقمار المشتري لينتهي به في الحال يدور في مدار مستقر حول الكوكب .. فلذلك عندما  نرصد هذه الحلقات دائما سنلاحظ وجوها و لن تختفي من حول الكوكب ابدا .. و ذلك بسبب وجود الاصطدامات المتكررة بين المذنبات و الكوكيبات باقمار المشتري ال ٧٩ .. اما  بالنسبة للتفصيل العلمي لتكون هذه الحلقات ساتركة للحلقة القادمة عندما نستكشف كوكب زحل .. فبالنهاية الحلقات هي من سماته و مميزاته المعروف بها

اذا اقتربنا من كوكب المشتري و رآيناه ..  فنحن لا نرى سطح الكوكب  .. فالألوان المميزة  التي تزين الكوكب عبارة عن الغيوم التي تحيط فيه .. و نراها مقسمه على عدة طبقات من القطبي الشمالي نزولا الى القطب الجنوبي .. و في الأوساط الفلكية و في الدراسات تقسم هذه المناطق حسب لونها .. فاذا كانت الطبقة تميل الى الألوان الفاتحة تسمـي بالمناطق او زونز بالانجليزية  و اذا كانت تميل الى اللون الأصفر او البرتغالي او الألوان الادكن فتسمى بالاحزمة .. و يمكنك تمييزهم في أي صورة للمشتري او حتى اذا رصدتهم انت بنفسك .. وقد وضعت لك على حساب التويتر الموجود في الرابط او اكتب sherazusو و ستجد اهم الصور المرتبطة في هذه الحلقة و من ضمنها تقسيم الطبقات .. و اذا امعنا النظر داخل هذه الطبقات .. فسنتعرف على واحدة من من اهم مميزات كوكب المشتري..  و التي يشتهر بها و فعلا يذهل الانسان عندما يتعرف عليها .. و هي العواصف الضارية و القاسية التي تلعب على سطحه .. و أهمها بلا شك..  البقعة الحمراء العظيمة فهي اميز العواصف في جميع كواكب المجموعة الشمسية .. وسنتعرف على تفصليها ولكن قبل ذلك لنبين لماذا تكون العواصف من السمات المميزة للمشتري..  فالمشتري كوكب يدور بسرعة كبيرة جدا حول نفسه و هي اكبر من سرعة دوران الأرض حول نفسها  .. لنتفكر في هذه المعلومة قليلا .. كتلة المشتري تعادل ٣٠٠ مرة ضعف الأرض ولكن بالمقابل..   اليوم هناك يعادل تقريبا 9 ساعات في حين 24 ساعه هنا في الأرض .. فهذا يعطيك دلالة على السرعة الرهيبة التي يدور فيها حول نفسه على الرغم من امتلاكة كل هذه الكتلة  .. و هذه السرعة التي تصل الى 45 الف كيلو متر في الساعه عند خط استواء الكوكب ..تعمل على خلق أجواء رهيبة بالنسبة  لمناخ المشتري .. ولكن هذه السرعات مختلفة من منطقة الى منطقة أخرى .. فتكون في اقصى سرعتها عند خط الاستواء و تقل هذه السرعة كلما اتجهنا ناحية الأقطاب .. مثل حالنه في الأرض .. فسرعة دوران الأرض حول نفسها مختلفة وتعمل بنفس الميكانيكية تكون قصوى عند خط الاستواء و اقل قيمة لها عند الأقطاب الشمالية و الجنوبية .. و لكن ولان المشتري كوكب غازي يدور بهذه السرعة  .. نلاحظ تكون طبقات مختلفة على السطح و كل طبقة  تمثل سرعة دوران مختلفة يدور فيها الغلاف الجوي هناك .. و لسلل هذه السرعات الكبيرة و المختلفة تنشآ العواصف و من أهمها التي ذكرناها قبل قليل ..  البقعة الحمراء العظيمة (تفصيل اكثر شوي) ..  و هذه البقعة عبارة عن عاصفة كانت موجودة تقريبا من وقت تمكن البشر من رصد المشتري بتفصيل جيد قبل ٣٠٠ سنة  وهي  تسير بسرعة تقارب ٥٠٠ كيلومتر في الساعه  .. اما عن حجمها فهو كبير جدا بحيث يتسع لثلاث كرات أرضية في داخلها ..  و هذا يعطيك مؤشر على عظمة هذه العاصفة العظيمة ..  من العواصف المهمه او البقع ان صح التعبير هي بقع بيضاء كبيرة بيضاوية الشكل .. التي رصدت في الجزء الجنوبي لكوكب المشتري في ثلاثينيات القرن الماضي .. و تم تسميتها ب بالأحرف الابجدية الإنجليزية a , b , c , d  و هكذا .. و في الثمانينات ٢ من هذي العواصف اندمجا مع بعضهم البعض مكونين عاصفة اكبر سميت بدمج الحرفين ( العاصفة BE  ) و تمكنا أيضا من متابعتهم عن كثب .. حيث في العام ٩٩  لاحظنا اقتراب اعصارين اثنين من بعضهم البعض الى ان اندمجا في العام ٢٠٠٠ و مع الوقت ازداد الاهتمام بهذه الظاهرة حتى ان الهواة استطاعوا تصوير المتشري بمراصدهم من البيوت..  فتمكن مصور فلكي من الفلبين يدعى  ( كريستوفر قو عام ٢٠٠٦  ) من ملاحظة تغير مهم جدا طرآ على هذه العاصفة .. و هو تحول لونها من الأبيض الى الأحمر المشابه للبقعة الحمراء العظيمة .. و منذ حينها اخذت هذه العاصفة  تكبر و تكبر بالحجم امام اعيننا ..  وتم تسميتها بالبقعة الحمراء الصغيرة .. و فقط الزمن كفيل بان يرينا الى متى سوف تستمر هذه العاصفة في الهيجان .. موقع هذه البقعة قريب من البقعة الحمراء العظيمة و في كل مرة يمرون بجانب بعضهم تكون هناك فرص لاتحامهم مع بعض مكونين إعصار لا مثيل له في المشتري و المجموعة الشمسية مما يثير العلماء و هواة التصوير الفلكي في كل مرة .. ولكن حتى الان لم يحدث مثل هذا الشيئ فقط تكتفي العاصفتين من المرور بجانب بعضهما البعض ..

ننتقل الان الى موضوع مهم في كوكب المشتري و هو الحرارة.. فعندما نصور المشتري بالأشعة تحت الحمراء سنكتشف امرا مهما مرتبط في العواصف أيضا ..  فالحرارة في المشتري داخلية اكثر منها خارجية .. فنحن في كوكب الأرض مصدر الحرارة الرئيسي لدينا هو الشمس تمدنا في كل يوم .. و لكن في المشتري الوضع مختلف ..فعلى الرغم من الحرارة التي يستقبلها من الشمس فان فهناك حرراة داخلية تتولد من داخل الكوكب و درجتها و قيمتها اعلى من الحرارة التي يستقبلها من الشمس ..  و هي ناتجة عن عملية حدثت للمشتري منذ بداية تكونه .. فكما علمنا بان المشتري عبارة عن كوكب غازي .. وبعد ان تشكل في البدايات قبل ٤ و نصف مليار سنة .. بدء الكوكب بفقدان الحرارة شيئا فشيئا و لا زال ..  عن طريق الاشعاع .. فنتيجة لفقدان الحرارة .. فيبرد نسبيا و هذه البرودة تكون مسؤولة عن عملية  تقلص الغازات في المشتري و بالتالي يزيد الضغط .. و هذا الضغط يزيد من الحرارة  الناتجة من الكوكب..  و هذه الحرارة هي من الأسباب الرئيسية لتحريك كل هذه العواصف الضارية في المشتري  التي شرحناها قبل قليل .. و تجعل الغلاف ديناميكي حركي بشكل كبير في المشتري  ..و هذه العملية مستمره منذ نشأة المشتري و تكونه .. الى يومنا هذا

 بدراسة هذا الغلاف الجوي للمشتري و العواصف الضارية تمكن العلماء من تحديد بعض السمات المميزة هناك  .. فالغيوم في الغلاف الجوي تنقسم و تمتد على مدى طبقتين مختلفتين في الارتفاع و يمكن تقسيمهم عليا و سفلى و تكون المسافة بين هتين الطبقتين ٥٠ كيلو متر تقريبا .. في الطبقة السفلى .. تكون الغيوم كثيفة و غليظة و غالبا مكونة من الامونيا  و تعلوها في الطبقات العليا غيوم من بخار الماء .. ولكن السؤال المطروح هنا كيف تمكن العلماء الكشف عن وجود الامونيا في الطبقات السفلى و عن بخار الماء في العليا ؟ ..فالكوكب بعيد جدا و كما علمنا غلافه مليء بالعواصف و الوضع معقد و صعب جدا ..  في الواقع هذه المعلومة كانت غير مدركة لدى العلماء حتى ارسلوا المركبة جاليليو التي تحدثنا عنها في البداية فاستمرت هذه المركبة في دراسة الكوكب و اقماره أيضا مدة طويلة من الزمن..  و انتظر العلماء حتى عام ٢٠٠٣ عندما قرروا انهاء المهمة بطريقة لم يكن مخطط لها سابقا .. بحيث انه يدخلون هذه المركبة داخل المشتري حتى يتمكنوا من دراسة و معرفة مكونات الغلاف بعمق اكبر من التصوير الخارجي .. و بالفعل هو ما حدث عندما تغلغلت المركبة شيئا فشيئا داخل الكوكب كاشفة عن كميات كبيرة جدا من غاز الامونيا في الغيوم السفلية .. الى ان اختفت بين عواصف الكوكب الشرسة .. اما بالنسبة لوجود بخار الماء .. فما يدعم وجوده هو استطاعت العلماء رصد البرق في الغلاف الجوي للمشتري .. وعادة هذا مؤشر لوجود بخار الماء .. لأنه الماء يستطيع حمل شحنات كهربائية و مع وجود بخار الماء تزداد نسبة حدوث ظاهرة البرق .. والسؤال التالي الذي يجب ان نتساءله .. كيف سيبدو الكوكب من الداخل ان سنحت لنا الفرص و استطعنا الدخول اليه .. في الحقيقة ليس من السهل ابدا الكشف عن إجابة مثل هذا السؤال .. فدراسة الطبقات تحت الغلاف صعبة جدا لصعوبة الظروف .. والاصعب من ذلك معرفة ما يحتويه لب الكوكب .. فحتى الان لا يمكننا الجزم ١٠٠٪ في ما اذا كان اللب مكون من مواد صلبة ام لا .. و لكن الأكيد هو وجود مادة مسؤولة عن المجال المغناطيسي الرهيب حول الكوكب .. فكما ان في الأرض الحديد في قلب كوكبنا هو المسؤول عن مجالنا المغناطيسي  .. في المشتري هناك بالقرب من لب الكوكب .. يوجد الهيدروجين المعدني .. بالعادة الهيدروجين كما نعرفه من الغازات و من اكثر الغازات التي تم دراستها بسبب انتشاره الكبير في كوننا .. و لكن عند ظروف ضغط كبيرة كالتي موجودة في المشتري .. يمكن ان يتحول الى مركب شبيه بالمعادن .. و فيما يدور هذا الهيدروجين المعدني حول لب المشتري فانه يكون المسبب الرئيسي لتوليد المجال المغناطيسي بل اكبر مجال مغناطيسي في المجموعة الشمسية .. و بسبب هذا المجال تتكون عند اقطاب المشتري ظاهرة الشفق القطبي .. التي تحدث عندنا في كوكب الأرض و لكن في الأرض هذه الظاهرة كما نعلم تحدث بسبب اصطدام الجزيئات القادمة من الانفجارات الشمسية و تفاعلها مع الغلاف المغناطيسي في الأرض .. و لكن في المشتري لا تحدث هذه الظاهرة بسبب الانفجارات الشمسية فقط .. بل يزيد على ذلك المواد التي تصدر من اقماره و تتفاعل مع غلافه المغناطيسي .. فتكون النتيجة شفق قطبي بلون بنفسجي مميز يبهر الناظر اليه .. وبما اننا لازلنا عند اقطاب المشتري ….  فهناك ينشآ أيضا  الميزر ..  و هو شعاع ليزر طبيعي ينشآ بسبب تسارع جزيئات الذرات لتعطي موجات الميزر اذا رصدت في نطاق الاشعة المايكروية ..  وكل ذلك يحدث بسبب الغلاف المغناطيسي الرهيب لكوكب المتشري

نآتي الان الى  اخر موضوع يخص المشتري وهو حماية الأرض .. في الواقع هو من المواضيع الخلافية بين العلماء .. فهم يختلفون في ما اذا كان فعلا يحمي الأرض من الاخطار ام لا .. ولكي نستوعب وجهات النظر لنبدا بطرح وجهة النظر التي تؤيد فكرة حماية الأرض ..  الكواكب تدور في مدارات و فيما بين المدارات هناك اجسام صخرية لها مداراتها الخاصة و هناك أيضا حزام كامل لهذه الكوكيبات يقع ما بين المريخ و المشتري تدور فيه عشرات الاف من الاجسام الصخرية .. و لكن بين الحين الاخر نسمع عن كويكبات او مذنبات تقترب من الأرض .. أحيانا اقتراب كبير جدا و في أحيان كثيره تدخل في كوكب الأرض ويتم تخفيف سرعتها عن طريق الاحتكاك بالغلاف الجوي .. و ان كانت اجسام كبيرة تصطدم  بالأرض و تسبب الدمار على حسب موقع احجامها و موقع السقوط .. و لكن في أحيان كثيرة جدا وبسبب وجود المشتري في هذه الابعاد و بسبب حجمه و كتلته الكبيره كما ذكرنا .. فانه يعمل على تنظيف مدار الأرض من كثير من هذه الاجسام و كأنه يحمي الأرض من هجوم هذه الاجرام عن طريق جذب هذه الكويكبات او الاجسام الى ناحيته او عن طريق ابعادها كليا عن الأرض بجعل مداراتها بعيدة جديدة بحيث و تكون اكبر و ابعد من ان تصطدم في الأرض .. وفي المقابل هناك من العلماء من يفترض انه أساسا لو لم يمكن المشتري موجود ..  لما أتت بالأساس هذه الاجرام لتحوم حول الأرض .. و تدعم وجهة النظر هذه بمحاكاة كمبيوتر أجريت في احد الدراسات لتبين انه فعلا لا شيئ سيحدث لو لم يكن موجود في الأساس .. و في نفس المحاكاة اذا لو استبدلنا المشتري بكوكب بحجم زحل ووضعناه في مدار المشتري لفعلا تضررت الأرض كثيرا من ذلك و ستكون واقعة في مدار يجلب لها الدمار من الاصدامات بشكل كبير جدا .. و لكن ولله الحمد في واقعنه اليوم و مع وجود المشتري فهو يعمل فعلا على تنظيف مسار الأرض من الاجرام والاخطار الفلكية لننعم بالراحة و الاطمئنان هنا في كوكب الأرض.

و عند هذا الحد نصل الى نهاية الحلقة اليوم و أكون قد بينت اهم معالم و تفاصيل هذا العملاق .. باستثناء طبعا الأقمار و العوالم ال 79 التي تدور حوله لنستكشفها في حلقة منفصله لاحقا باذن الله .. فحتى ذلك الحين اودعكم على الخير و المحبة الى اللقاء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى