علوم الأرض والجيولوجيا

حركات الرفع التكتونية العظمى خلال الأزمنة الجيولوجية

1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الثالث

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

حركات الرفع التكتونية العظمى الأزمنة الجيولوجية علوم الأرض والجيولوجيا

يتضح مما سبق أن هناك أجزاء واسعة من القشرة الأرضية ظلت ثابتة مستقرة طوال فترات العصور الجيولوجية المختلفة، وهي التي سميت باسم «الكتل القارية».

في حين تشكلت المناطق الحوضية البحرية العظمى والتي تجمعت فيها كميات عظيمة من الرواسب بحركات رفع تكتونية، خلال فترات مختلفة من التاريخ الجيولوجي أدت إلى بناء السلاسل الجبلية التي نراها تشكل سطح الأرض اليوم.

ولا يتوقف تأثير حركات الرفع التكتونية على السلاسل الجبلية العالية التي نراها فوق سطح الأرض اليوم، بل هناك آثار لحركات تكتونية قديمة جداً (خلال فترة ما قبل الكمبري). 

 

عملت عوامل التعرية على تشكيل مظهرها، وإزالة محدباتها وثنياتها، وأصبحت تبدو على شكل سهول عظمى، وتمثل نطاقات واسعة من الكتل القارية القديمة.

وعلى الرغم من تعرض هذه السلاسل الجبلية القديمة لفعل عوامل التعرية خلال فترة طويلة من الزمن الجيولوجي، وأصبحت تظهر على شكل سهول عظمى، إلا أن تركيبها الجيولوجي لا يزال يدل على مظهرها الأولى القديم.

ويمكن للباحث الجيولوجي أن يدرك الصورة الأصلية لمثل هذه التكوينات الالتوائية القديمة، عند دراسته للتركيب الصخري وبنية طبقات تلك المناطق.

 

‌أ- التواءات ما قبل الكمبري: Pre–Camberian Orogenesis

وهي عبارة عن الحركات التكتونية القديمة جداً، والتي حدثت فيما قبل الزمن الجيولوجي ومن ثم فإن عوامل التعرية عملت على إزالة ارتفاعات السلاسل الجبلية خلال الفترة الزمنية الطويلة.

وأصبحت على شكل سهول مستوية فوق سطح الأرض، ويستدل على هذه الالتواءات القديمة من دراسة البيئة الجيولوجية القديمة لصخور قشرة الأرض.

وقد أشار الجيولوجيين إلى حدوث التواءات ما قبل الكمبري في الجزر البريطانية وكندا وأواسط وجنوب أفريقيا.

 

‌ب-الالتواءات الكاليدونية: Caledonian Orogeneis

شغلت هذه الالتواءات الفترة الجيولوجية الممتدة فيما بين السيلوري والديفوني. واشتق اسمها من مرتفعات كاليدونيا في اسكتلندا، والتي تمثل أحسن أمثلة هذه المجموعة من الالتواءات القديمة.

ومن ثم تمتد سلاسل الحركة الكاليدونية في شمال غرب أوربا في اتجاه عام من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي، وتظهر مرتفعاتها في جزيرة إيرلندا، واسكتلندا، والقسم الشمالي من انجلترا، وشمال ويلز، والقسم الغربي من شبه جزيرة اسكنديناوة وخاصة في مرتفعات اسكنديناوة.

ويحد هذه الجبال الأخيرة خط بحيرات جلينت (Glinte Line) الذي يفصل بين مناطق المرتفعات الالتوائية الكاليدونية والكتلة البلطية القارية القديمة.

 

أما في قارة آسيا فتظهر نتائج الالتواءات الكاليدونية في بعض أجزاء من مرتفعات سيبيريا، وخاصة مرتفعات كوليما في الشمال الشرقي ومرتفعات جنوب بحيرة بيكال ومرتفعات بوريات (Buryat)، ومرتفعات سايان (Sayan) التي تشغل الحوض الأعلى لنهري أوكا وأنجارا.

وفي السلاسل الجبلية التي تتمثل على الجانب الشرقي من الحوض الأوسط لنهر لينا.

 

وتظهر السلاسل الجبلية الكاليدونية في افريقية خاصة في الصحراء الكبرى بمنطقة مرتفعات جورارة، كما تظهر في مرتفعات جنوب شرق استراليا.

وفي أمريكا الشمالية تمتد سلاسل الالتواءات الكاليدونية في هضبة بيدمنت والمناطق الجنوبية الشرقية من مرتفعات الأبلاش.

 

‌ج- الالتواءات الهرسينية: Hercynian Orogenesis

حدثت هذه الحركات التكتونية خلال فترة طويلة من الزمن الجيولوجي امتدت من العصر الفحمي أو الكربوني Carboniferous، حتى بداية العصر البرمي Permian.

ومن ثم لم تحدث هذه الحركات على دفعة واحدة، بل ظهرت دورتها خلال مراحل متعاقبة فيما بين هذين العصرين.

ويطلق على هذه الحركة الالتوائية العظمى أسماء متعددة منها الحركات الأرموريكية (Armorican) وخاصة في الجزر البريطانية وفرنسا، في حين يطلق عليها اسم الحركات الهرسينية (Hercynian) أو الحركات الفارسكية (Variscan) في بقية أجزاء أوربا.

 

تمتد نتائج الالتواءات الهرسينية في قارة أوربا إلى الجنوب من نطاق الالتواءات الكاليدونية على شكل هضيبات صدعية متوسطة المنسوب فوق سطح البحر الحالي.

ومن بين أظهر هذه الهضبات كورنول (Cornwall) في جنوب غرب انجلترا، والقسم الغربي من هضبة المزيتا في شبه جزيرة ايبريا، وهضاب فرنسا الوسطى إلى الغرب من ليون (أوفرن Auvergne – كليرمون فران Clermont Ferrand – سفن Cavennes). 

ومرتفعات بريتاني في غرب فرنسا، ومجموعة الهضاب الصدعية الوسطى في أوربا وخاصة هضاب الفوج Voages) والغابة السوداء، وبوهيميا، والسبوديت، وتاترا (Tatra) في تشيكوسلوفاكيا، وهضاب مكيفكا (Makeyevka) المتوسطة الارتفاع إلى الشمال من بحر آزوف (Azov) في الاتحاد السوفيتي سابقاً.

أما في قارة آسيا فتتمثل أهم الطبقات والمرتفعات الهرسينية في المناطق المرتفعة من الصين الداخلية وخاصة مرتفعات التاي (Altai) حول حوض زونجاريا، ومرتفعات سايان (Sayan Mts) ومرتفعات خنجان (Khingan) ويابلونوي (Yablonovy) حول حوض شامو (Shamo) (جوبي Gobi) ومرتفعات ستانفوي (Stanovoy).

 

‌د- الالتواءات الألبية: Alpine Orogenesis

تعتبر أحدث الحركات التكتونية التي تعرضت لها قشرة الأرض خلال الزمن الجيولوجي الطويل، وامتدت دوراتها من نهاية الزمن الثاني، وبلغت أعظم قوة لها خلال عصر الميوسين في الزمن الجيولوجي الثالث.

وعلى ذلك يقسم الجيولوجيون المراحل الثانوية التي أدت إلى تكون السلاسل الألبية إلى مراحل ما قبل الزمن الثالث. 

وكانت الحركة الالتوائية في بدايتها وتميزت بضعفها العام، ثم مرحلة عصر الميوسين الذي عظمت خلاله درجة نمو هذه السلاسل الالتوائية، ثم نهاية مرحلة نمو السلاسل الالتوائية بنهاية عصر الميوسين.

 

ومن دراسة التوزيع الجغرافي للسلاسل الجبلية الألبية في العام يتضح أنها تتكون على شكل أقواس عظمى حول الكتل القارية القديمة، وتظهر في اتجاهين مختلفين (شكل 2).

ففي العالم القديم تمتد هذه السلاسل الالتوائية في اتجاه عام من الغرب إلى الشرق. 

أما في الأمريكتين فتمتد من الشمال إلى الجنوب وقد حاول فجنر (Wegener) ودالي (Daly)، وتايلور (Taylor) تفسير اختلاف اتجاه الامتداد العام للسلاسل الالتوائية وذلك عن طريق زحزحة الكتل القارية القديمة من مناطق القطبين نحو خط الاستواء، ونتج عن ذلك تكوين السلاسل الجبلية العرضية (الغربية الشرقية) في حين نتج عن زحزحة الأمريكتين غرباً تكوين سلاسل الكورديلرا – الانديز الطولية (الشمالية – الجنوبية).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى