علم الفلك

تفسير سبب ظاهرة “انفجار المجرات”

1996 نحن والكون

عبد الوهاب سليمان الشراد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

ظاهرة انفجار المجرات علم الفلك

وعلى ذلك يتضح أن بعض المجرات لا تعد مناطق هادئة كما كان يفترض سابقا ، ولكن ما الذي يؤدي الى انفجار المجرة؟

يبدو أن هذا الوضع بحاجة الى كميات هائلة من الطاقة لكي يحدث .

ولعل من الأمثلة المعروفة على المجرات المتفجرة Exploding Galaxies مجرة فرساوس A أو 1275 NGC أو ما يعرفها علماء الفلك الراديوي 84C3 وتقع في كوكبة فرساوس Persus الشمالية. 

 

وتعد ألمع مجرة في عنقود فرساوس المجرى ، وهي مصدر شديد للموجات الراديوية والسينية ، ويبدو في الصور الملتقطة لها خيوط ضخمة من الغازات المندفعة الى مسافة 10 ألف سنة ضوئية بعيدا عن مركز المجرة ، وبعض من الغاز قد قذفته المجرة وهو يندفع بسرعة تعادل 3000كم/ ثانية .

وتدل تلك الظواهر الانفجارية eruption بشكل واضح على حدوث انفجار في الماضي ، وفي الواقع فإن هيئتها مشوهة بشدة وهي أقرب شبها بسديم السرطان Cancer من الشكل المجري.

وقد عمل الأمريكي كارل سيفرت في عام 1943 على دراسة 12 مجرة غير اعتيادية تماما ، ورصد وجود خطوط انبعاث لامعة في طيف تلك المجرات. 

 

وبينت جميع الصور الملتقطة وجودة نواة ساطعة بشكل غير اعتيادي لها شبة كبير بالنجوم ، ومن المعلوم أن لجميع المجرات الاعتيادية خطوط امتصاص في طيفها فقط. 

وتكون مراكزها معتمة ومتداخلة بالنجوم المحيطة بها ، وهي في معظمها مجرات لولبية وتنتقل سحب الغاز بها بسرعة عالية .

ولقد كانت المجرة 1275 NGC تمثل إحدى المجرات السيفرتية المتفجرة .

 

وكذلك المجرة 77 Mأو 1068 NGC ، ومجرة 4151 NGC وهي أقرب سيفرت لنا ويظهر طيفها فوق البنفسجي أنها تميل للسطوح بضعة أسابيع بعد إضاءة المصدر المركزي.

وذلك يدل على أن الغاز المسؤول عن البث يقع في السحب على بعد يعادل بضعة أسابيع ضوئية من المركز المجري ، ويتحرك الغاز بسرعة عالية جدا . ولقد أصبح معروفا لنا حاليا أن نحو 10% من المجرات في السماء هي في الواقع مجرات سيفرت .

 

وفي أواخر السبعينات دلت أرصاد الأشعة تحت الحمراء للمجرة 77M التي أجراها ريكي G.Reicke ولو F.Low من جامعة أريزونا أن تلك المجرات السيفرنية تعد مصادر شديدة الإشعاع لتحت الحمراء.

ونجد أن الاشعاع المنبعث من مركز 77 Mيعادل 100 مليون شمس ، ومما يزيد الإثارة هموما رصده العالمان من تذبذب شديد عند الأطوال الموجية لتحت الحمراء ، وتبدو نواة 77M كأنها تخبو وتتقد بقدرة خارجة تعادل لمعان مجرتنا الكلي في فترة دورية تبلغ بضعة أشهر.

وبجانب وجود نواة عالية اللمعان للمجرة 77M فإنها قد بدأت أيضا ظاهرة انفجارية ، ولقد وجد ميريل ووكر M.Walker دلالة تشير لوجود العديد من سحب الغاز الضخمة مندفعة بعيدا عن مركز المجرة.

 

ومن المفترض أن لكل سحابة قطرا يعادل نحو 1000 سنة ضوئية ، وتتكون من مادة لا تقل مليون مرة مثل كتلة الشمس ، ولقد أمكن من خلال حيودات دوبلر نحو الأحمر للخطوط الطيفية من تبين أن سرعتها تبلغ نحو 500كم / ثانية .

ورغم كل ذلك تعد الظاهرة الانفجارية متواضعة عند مقارنتها بالظاهرة الانفجارية للمجرة 4151  NGC ، ولقد عثر روبرت كرافت R.Kraft وكورت اندرسون K.Anderson من رصد ليك على مؤشرات تدل على وجود ثلاث فشرات هائلة من الغاز مندفعة بعيدا عن مركز المجرة. 

ولقد افترض العلماء أن كتلة المادة المقذوفة سنويا من مركز المجرة 4151NGC تعادل نحو 100 مرة مثل كتلة الشمس .

 

كما افترضوا أيضا أن اندفاع المادة يكون على هيئة سلسلة من التدفقات المتقطعة Sporaddio ، وتبين حدوث تغير قصير الفترة الدورية في مركز المجرة 4151  NGC مماثلا لما تم رصده في المجرة 77 M.

ومع تحليل الصور الملتقطة للمجرة 4151  NGC وجد أنها من النوع سيفرت النموذجي ولها مركز لامع جدا ، ولها طبيعة انفجارية وتغير قصير المدة في لمعانها.

وكما ذكرنا فهي قريبة جدا لنا ، وتبعد نحو 40 مليون سنة ضوئية ، ويعادل قطرها نحو 12 سنة ضوئية .

 

ولكن لنفترض جدلا أن المجرة 4151 NGC تقع على بعد أكبر كثيرا مما هي عليه فعلا ، وعند تلك المسافة البعيدة لن نرى إلا نواة لامعة شبه نجمية.

وسيلاحظ تغير قصير المدة الدورية للنواة شبه النجمية ، فهي تخبو في لمعانها كل سنة أو أسرع من ذلك ، وتظهر أرصاد الطيف أنه يشتمل على خطوط انبعاث شديدة ، ويماثل ذلك تماما طيف المجرة 273C3 ، ومن المؤكد أننا لو افترضنا أن 4151 NGC شبه نجم فسنكون بلا شك على خطأ بين .

 

ولعلنا بدأنا ندرك أننا لو تفحصنا المعطيات لوجودنا سلسلة متصلة من الأجرام السماوية تتفاوت ما بين المجرات الا الاعتيادية مثل التبانة وتباعاً حتى أشباه النجوم عالية اللمعان .

وتقع في أحد طرفي السلسلة المجرات الاعتيادية ، وتظهر العديد من الدلائل على أن لهذه الأجرام تدفقات هادئة ومستوى نشاط منخفض.

ومن الأمثلة على الأوضاع تلك ما قد رصدناه في مركز مجرتنا بافتراض كونه يمثل حالة انفجارية ضعيفة لعلها تكون قد وقعت منذ نحو عشرة بلايين سنة .

ومن المعلوم أن هناك مصادر بث عديدة للأشعة تحت الحمراء المحيطة بمركز مجرتنا ، ورغم ذلك فإن مجرتنا تعد مجرة نموذجية تماما .

 

وكما أشرنا يتمثل أحد طرفي السلسلة بالمجرات الاعتيادية ، ولو تقدمنا في تتبع السلسلة سنرى المجرات النشطة الفعالة مثل 5128 NGC و82M ، وعادة ما يكون هذا النوع من المجرات على شكل أو هيئة مشوشة جدا ، ويدلنا ذلك على أن انفجارا ما قد وقع في مراكزها أدى الى اندفاع الغاز بعيدا.

وتمثل تلك المجرات مصدرا أشد بثا للموجات الراديوية والأشعة تحت الحمراء والأشعة السينية من المجرات الاعتيادية ، ورغم ذلك يتماثل كلاهما في كثير من الخصائص ، وتعد فعاليتها نمطا مبالغا فيه للفعالية المنخفضة المستمرة في مجرتنا .

 

وفيما لو حدث وكانت فعالية ونشاط الرامي A Sagittarius أشد بنحو 10 مرات مما هي عليه حاليا فإن مجرتنا ستصبح مثل 82 . M

وعندما نواصل تقدمنا في السلسلة ستجد المجرات السيفرتية مثل 4151 NGC و 77M ، ولهذه المجرات مستوى فعالية أعلى من الأجرام المتماثلة لنمط 82 M، ولعل للمجرات السيفرتية خصائص تماثل خصائص أشباه النجوم في العديد من الجوانب ، وبالطبع ستكون أشباه النجوم في أعلى مرحلة وفي قمة التسلسل وهي أجرام فائقة السطوع .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى