علوم الأرض والجيولوجيا

الصحارى في السِّجل الصخري

2013 دليل الصحارى

السير باتريك مور

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علوم الأرض والجيولوجيا

خلال الآلاف من السنين القليلة الماضية لم تكن تغيرات المناخ غير عادية على الإطلاق في الزمن الجيولوجي.

وثمة فكرة بوجود سببين على الأقل وراء تحديد تغير المناخ الدولي (عند هذا المقياس). الأول هو مجموعة معقدة من الدورات من دوران الأرض حول الشمس، زاوية ميلانها، وطريقة تناوب دوران ميلانها، والتي تعرف بإسم «دورات ميلانكوفيتش» تيمناً بإسم عالم الفلك الصربي الذي اقترح هذه النظرية.

وتتحكم الدورات الكمية والتوزيع العالمي للحرارة التي تطرحها الشمس في جو الأرض. وتتمثل العملية الثانية التي تؤثر في المناخ في توزع المحيطات والقارات، والتي تخضع لتحكم الإنجراف القاري.

وفي بعض الفترات الجيولوجية كانت هناك قارات ضخمة ضمنت مناطقها القارية الداخلية هطول كميات قليلة جداً من المطر. ويحدد توزيع القارات أيضاً مسار التيارات البحرية التي تحمل الهواء الدافىء والرطب نحو بعض الأماكن، وكذلك التيارات الباردة التي تساعد على تشكيل بعض الصحارى الحديثة.

وبسبب هذه التغيرات كلها فإن صحارى الماضي، مثل صحارى اليوم، كانت بصورة عامة في المناطق شبه الإستوائية، وكانت أسباب وجودها واحدة. وعلى اي حال فإن حركة القارات تعني أن صخور الصحراء القديمة توجد اليوم في أي مكان تقريباً على سطح الأرض، كما كانت في شمالي كندا أو في ميدلاندز في إنكلترا.

 

الصحارى في السِّجل الصخري: 

سِجل الماضي ليس كاملاً لأنه تآكل، أو لأنه تغير ولم يعد بالإمكان تمييزه من خلال عمليات التحول Metamorphism في البيئة الصخرية، أو لأنه مدفون بعمق كبير الآن. وعلى الرغم من ذلك، توجد أماكن عديدة تم فيها حفظه ومن الممكن الوصول اليه.

وقد استخدمنا هذه البقايا من أجل الإستدلال على وجود الصحارى القديمة وخصائصها. والصخور الأكثر فائدة في هذا الشأن هي الرسوبية، ويجري علماء جيولوجيا الرواسب سلسلة من عمليات التحليل التي تمضي في بعض الأحيان على النحو التالي: إنهم يظنون أن الصخور الرملية (على سبيل المثال) كانت ذات مرة مجرد كثبان رملية (أو رواسب نهرية)، ثم يقومون بفحص الطريقة التي من خلالها تكونت (bedded) تلك الكثبان الرملية الحديثة (أو الرواسب النهرية) في طبقات رقيقة أو سميكة وأحجام ونسيج سطوح رمالها. وهم في حاجة الى أكبر عدد من التجارب على هذه الرواسب الحديثة. ويقومون بعدئذ بقياس الخصائص ذاتها في الصخور القديمة.

ويتعين أن يتمكنوا عندئذ من الاستدلال على أنواع الكثبان –أو نهر الصحراء– الذي تسبب في تشكل الصخور القديمة، إضافة الى إتجاه وقوة الرياح –أو الأنهار– التي كوّنتها. وعلى سبيل المثال نحن نعلم الآن إتجاهات الرياح التي شكلت صخور الكثبان في وسط إنكلترا، وغرينلاند وغراند كانيون إضافة الى إتجاه أنهار الصحراء التي كوّنت «اولد ريد ساندستون» في ديفون وفي أماكن أخرى.

 

والأكثر من ذلك فإن هذه الرسوبيات الصحراوية القديمة تساعد الجيولوجيين على تحديد الطرق التي أفضت الى تحرك القارات وتقسيمها وتصادمها عبر الزمن الجيولوجي. وعلى سبيل المثال فإن «نيو ريد ساندستون» في ميدلاندز وشمال شرق إنكلترا تظهر لنا انها تكونت في مناطق أقرب الى خط الإستواء مما هي عليه الآن.

كما تم التعرف أيضاً على رواسب ومتبخرات فيضانات الصحراء القديمة التي تحوي على تركيزات ملحية عالية، وحدث ذلك في بعض الأحيان في علاقة وثيقة مع الكثبان الرملية القديمة، كما هو الحال في صخور صحراء روتليجند في حوض بحر الشمال الذي يعود الى العصر البرمي (منذ حوالي 290 مليون سنة).

وقد كونت الإنجرافات القارية حالات شاذة اخرى في صحارى اليوم. وفي وسط الصحراء الكبرى، وفي أجزاء من سلطنة عمان توجد رسوبيات جليدية (ركام وخطوط) كانت قد تشكلت عندما كانت الصخور على مقربة من القطب الجنوبي في العصر البرمي-الكربوني (قبل حوالي 290 مليون سنة).

وصخور صحراء روتليجيند تحت بحر الشمال معروفة الآن، لأنها مثل كثير غيرها من كثبان الحجارة الرملية القديمة، تحوي على كميات كبيرة من النفط والغاز في بنيتها المسامية.

وتعتبر كثبان الرمال القديمة في كولورادو و وايومينغ وحوض كوبر في جنوب استراليا وشمال غربي أوروبا أمثلة مهمة اخرى على رواسب الصحراء القديمة التي تشكل اليوم مصادر رئيسة للنفط والغاز.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى