علوم الأرض والجيولوجيا

تكنولوجيات التعامل مع مخاطر وعدم اليقين لتحليل الكلفة – العائد

2014 الاقتصاد وتحدي ظاهرة الاحتباس الحراري

تشارلزس . بيرسون

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

عملية تحليل الكلفة – العائد تكنولوجيات التعامل مع عملية تحليل الكلفة – العائد علوم الأرض والجيولوجيا

عند هذه النقطة، إذا كان تحليل الكلفة – العائد لهدف التخفيف محدد هو موضع بحث، فعلى سبيل المثال، إمّا المسار الزمني لخفض الانبعاثات أو [تحديد] سقف للتركيزات في الغلاف الجوي، فإن خيارات التخفيف لا بد من تحديدها وتحديد تكاليفها.

فهناك حاجة إلى الافتراضات فيما يتعلق بمدى كفاءة التخفيف التي يتعين إنجازها، وكيف يمكن توزيع عبء التخفيف بين القطاعات والبلدان.

فبعض إجراءات التخفيف قد تقلل من الأضرار الجانبية، على سبيل المثال تقلل من ملوثات الهواء المحلية من مثل الجسيمات الصغيرة، والجزء الأدنى من غلاف الأوزون.

 

فالقيمة النقدية لتجنب هذه الأضرار ينبغي إدخالها، لكونها تخفض تكاليف التكييف، أو تضاف إلى منافع التخفيف.

إذا كان المطلوب بدلاً من تحديد الهدف هو سياسة ديناميكية "مثلى"، فإن الخطوة التالية ستكون استخدام تكنولوجيا الرياضيات للحساب، و[تنفيذ] مشروع إعادة توجيه المسار الزمني لتخفيض الانبعاثات الناتجة من مسار العمل كالمعتاد، التي من شأنها تعظيم العوائد المنخفضة(7)؟

ففي كلتا الحالتين، من الواضح أننا نود معرفة شيء عن تكنولوجيات المستقبل الخاصة بالتخفيف والتكيف وتكاليفها، والهيكل المستقبلي للاقتصاد العالمي واختلافاته الإقليمية، والأفضليات في المستقبل. وهي مهامة هائلة، ومحاولات العثور على أرقام للدفاع عنها، ستعالج في الفصل الرابع.

 

وتفاقم حالة عدم اليقين في كل وصلة من وصلات هذه السلسة التحدي الرئيسي لتحليل المكلفة–العائد(8).

لقد تم تطوير عدد من التكنولوجيات للتعامل مع المخاطر وعدم اليقين في تحليل الكلفة – العائد. فهل هذا سيكون كافياً لتغيير المناخ؟

وأكثر [هذه التكنولوجيات] شيوعاً هي تحليل حساسية [المشروع]، التي تستبدل فيها القيم غير اليقينية لمتغير بقيم ضعيفة ، إلا أنها مقبولة، والنتائج غالباً ما يتم تمثيلها بـ "القيمة الحالية الصافية" (Net Present Value: NPV) قيد الاختبار.

 

فإذا لم تتغير القيمة الحالية الصافية، فهناك نقطة صغيرة لتفسير ذلك التقدير مع بيانات أفضل.

يساعد تحليل حساسية المشروع على التخلص من الافتراضات غير المهمة، ويسمح للمحلل بالتركيز على الفرضيات المفتاحية الأساسية. فنقاط الضعف تكمن في الحكم على ما هو "معقول" (Plausible) وإهمال أي معرفة بالنتائج المحتملة.

ومعامل القيمة الحالية الصافية المتوقعة هو أكثر تطوراً ولو بمقدار قليل، إذ يتم احتساب القيمة المتوقعة بواسطة وزن نتائج المشروع (سياسته) مقاساً بواسطة القيمة الصافية الحالية واحتمال حدوثها.

وهذه الاحتمالات يمكن استخلاصها من بيانات موضوعية (مثل سجلات هطول الأمطار) أو بيانات ذاتية مستندة على رأي الخبراء.

 

فإذا ارتبط المتغيران بعلاقة وطيدة، فهناك حاجة للتغاير فيما بينهم. وبشكل عام، يتطلب هذا المعامل أن تكون صافي القيمة الحالية المتوقعة إيجابية لغرض الاستثمار، أو للمضي قُدماً في السياسة [المتبعة].

مونت كارلو (Monte Carlo) هي تطبيق قائم على تكنولوجيا المحاكاة، حيث تنتقل بتحليل حالة عدم اليقين إلى مستوى تالٍ.

فيحدد المحلل التوزيعات المحتملة للمكونات غير اليقنية في سياسة أو مشروع ما، كما يحدد طبيعة العلاقات المتبادلة ما بين المكونات.

 

ومن ثم هناك برنامج حاسوبي يقوم برسم مخططاً بصورة متتالية للبيانات التي ستخضع للتوزيعات المحتملة، مع وجود عدد كافٍ من المخططات التي تبني التوزيعات المحتملة لصافي القيمة الحالية.

وسيظهر التوزيع للقيمة المتوقعة والتباين في توزيع المحاكاة، بما في ذلك خطورة أن يكون المشروع له قيمة حالية صافية سلبية.

لا القيمة الحالية الصافية المتوقعة ذاتها ولا القيمة الحالية الصافية المتوقع تعزيزها بتحليل مونت كارلو يأخذان في الاعتبار "أفضليات المجازفة" (Risk Preferences).

 

فالافتراض في تحليل الكلفة– العائد بالنسبة لمعظم المشاريع هو ممكن أن تكون الحكومة في وضع محايد بخصوص المخاطر، ويجب ألا تبحث أو تلتمس المخاطر.

وهذا يعتمد على افتراض أن معظم المشاريع هي نسبياً صغيرة بالنسبة لحجم الاقتصاد، وأن بإمكان الحكومة توزيع المخاطر على عموم السكان، في الوقت الذي قد يكون فيه الفرد متجنباً بصورة جيدة المخاطر، ويطالب بعلاوة لتنفيذ مشروع محفوف بالمخاطر(9).

إن فرضية حيادية المخاطر تنهار عندما يكون المشروع "كبير" نسبياً بالنسبة للاقتصاد، حيث تتركز الآثار لغايات حسب المنطقة، أو فرص دخل  تلك المنطقة وإعادة توزيعها المحدود، أو نسبة إلى المشاريع التي توفر السلع العامة.

 

ففي هذه الحالات، تشير أدبيات حساب علاوة المخاطر إلى لتعديل القيمة الحالية الصافية المتوقعة، مع تحديد جزء من العلاوات بواسطة "معامل تعسف نفور المخاطر النسبي"(10) (Arbitrary Relative Risk Aversion Coefficient).

فتغير المناخ بالتأكيد أمر كبير، وسوف يؤثر في مناطق معينة، وعلى فئات ذات دخل غير متناسب، وينطوي على الصالح العام.

فدراسات الكلفة– العائد لظاهرة الاحتباس الحراري هي مجرد استخدام القيمة الصافية الحالية المتوقعة كمعامل مناسب للعمل من دون النظر لأفضليات المخاطر التي هي موضع التساؤل.

 

البديل لإضافة علاوة المخاطر للقيمة الصافية الحالية المتوقعة هو استخدام "نظرية المنفعة المتوقعة" (Expected Utility Theory).

فهذه الفائدة ترفق بالنتيجة المعاملة باحتمالية وجوده. فوظيفة المنفعة من حيث المبدأ هي التقاط نفور الناس في المجتمع الخطر.

وبطريقة المخاطر هذه والفائدة المرفقة بالنتائج النقدية يمكن أن تحتسب لها، رغم الحاجة للمعلومات حول تلك الاحتمالية مازالت قائمة. فمعامل النفور يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمعدل سعر الخصم، الذي سنركز عليه في الفصل القادم.

 

يجب أن نتبنى النهج التحوطي فيما يتعلق بالآثار المرتبة على عدم اليقين، والحدود القصوى، والنقاط الحاسمة، وعدم الرجوع.

فإذا كان هناك احتمال أفضل للحصول على معلومات متاحة، فمن المستحسن أن يتم تجنب اتخاذ أية خطوة حالية تؤدي إلى تغيرات لا رجعة فيها وغير قابلة للتغيير. كما أن هذه المعلومات قد تظهر تلك الخطوات غير الحكيمة والمكلفة(11).

وهذه هي القيمة الإيجابية المرتبطة بخيارات المحافظة(12). فيمكن لتحليل الكلفة– العائد استيعاب قيم الخيار، إلا أنه من الصعب توثيقها وغالباً ما تُهمل.

 

علاوة على ذلك، بالنسبة لقيم الخيار فهي في الواقع تتطلب منا تجسيد تعلمها، وهو ما يعني ضمناً البحث. فالحكمة التقليدية هي إدراج قيم الخيار بدعم مبكر وتخفيف كبير.

تكشف لحظة التفكير، على أية حال، إن النهج التحويطي لا يشير بالضرورة إلى تخفيضات انبعاث أكبر. إنه من الصحيح والمرجح أن ظاهرة الاحتباس الحراري  ستسبب أضراراً لا رجعة فيها على شكل فقدان الأنواع، وارتفاع مناسيب البحر، وفقدان الزراعة، ومشكالها من أضرار.

فهذه هي التكاليف التي لا يمكن استردادها بمجرد حدوث [فقدانها] وستكون "التكاليف الهائلة" (Sunk Costs) لظاهرة الاحتباس الحراري.

 

ومع ذلك، فإن الجهود المبذولة للحد من الانبعاثات مثل إلغاء رأس مال الطاقة- غير الكفوءة، والتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة التي تتطلب أيضاً تكاليف هائلة.

وإذا كان المستقبل يحل معضلة عدم اليقين وتكون ظاهرة الاحتباس الحراري أقل خطورة مما كان متوقعاً، فإن هناك سوءً في توزيع الموارد.

فهناك تكاليف هائلة في استثمار الحدّ [من انبعاث الغازات] كذلك. وباختصار، فإن عدم الرجوع يحدث فكلا الجانبين، التكلفة والعائد، على حدٍ سواء، وهو ما يسبب بلبلة ذات مفهومية في السياسة الوقائية.

 

ليس هناك رجعة محتملة أخرى، تبعث على القلق، وهذه هي تركيزات غاز الدفيئة في الغلاف الجوي. فبعض الغازات تقيم في الغلاف الجوي لفترة قصيرة ثم تضمحل بسرعة، وتركيزاتها يمكن إعادتها.

فالكربون، على أية حال، يمتلك معدل اضمحلال منخفض في الغلاف الجوي، وتركيزه يمكن إعادته ولكن ضمن فترة زمنية طويلة (الفصل الأول).

إن آثار تغير المناخ غير مؤكدة، وقد نتمنى في مرحلة ما من الزمن أن تكون تركيزات [الغازات] أقل من واقعها الموجود في ذلك الوقت.

 

مع ذلك، فمن الناحية العملية، لا يمكن وضع الانبعاثات تحت الصفر في المدى القصير وبكلفة معقولة، على الأقل وفقاً للتكنولوجيات الراهنة (13).

فيصبح (بعد ذلك) التركيز القائم عائقاً شبه لا رجعة فيه. وهذا يتفاقم لاحقاً نتيجة للقصور الذاتي في نظم الأرض، خصوصاً امتصاص الحرارة من قبل المحيطات.

هذا القصور الذاتي يعني أن درجة الحرارة التي شهدناها عند نقطة من الزمن هي، نتيجة لتركيزات غازات الدفيئة التي وجدت في الماضي. فإذا كان الأمر كذلك، فبطبيعة الحال من المستحيل العودة لما كان عليه الحال سابقاً وتقليل انبعاثات [الغازات] الماضية.

 

إن غاية ما يمكن القيام به هو محاولة الحد من التركيزات الحالية، وبالتالي فالمحافظة على  درجات الحرارة في المستقبل لتكون أدنى مما كانت عليه. وتشير هذه الاعتبارات إلى تعديل حسابات الكلفة–العائد نحو المزيد من التخفيض في وقت مبكر(14).

وحتى لو كان قيد تركيز الغلاف الجوي لا "يخترق" (Bite) في المستقبل، فقد يكون الحد من الاستثمارات في وقت مبكر مسوغا لخفض التكاليف، خاصة لرأس المال الطويل الأجل.

لكن هذا يجب أن يتم تحديده مقابل تخفيضات في التكلفة المحتملة، التي من (غير المؤكد) أن تحد منها التكنولوجيا المتقدمة، إلا إذا تمكنت من اللحاق بها عن طريق البحث والانتظار لفترة زمنية طويلة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى